نشرت السلطات السعودية اليوم الجمعة نص “نظام جرائم الإرهاب وتمويله” والذي عُرف باسم قانون الإرهاب والذي كانت السلطات السعودية قد وافقت عليه قبل ما يزيد على الشهر.
اليوم نُشر رسمياً نظام جرائم الإرهاب وتمويله https://t.co/EYjSbdChDc
— وليد أبوالخير (@WaleedAbulkhair) January 31, 2014
وتحتوي فصول القانون على العديد من المواد التي تقيد الحقوق العامة وحق التعبير وغيرها عبر صياغة تعريفات فضفاضة واستخدام كلمات مطاطة لوصف “الإرهاب”.
ففي الفصل الأول والخاص بالتعريفات يُعرف القانون الجريمة الإرهابية على أنها “كل فعل يقوم به الجاني تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي بشكل مباشر أو غير مباشر يُقصد به الإخلال بالنظام العام، … ، والإساءة إلى سمعة الدولة أو مكانتها” وهذا النص مشابه للنص الذي استُخدم في مسودة مشروع القانون التي سُربت لمنظمات حقوقية دولية وهو ما أثار الكثير من الاعتراضات.
فلا يشترط التعريف الوارد في القانون اتجاه نية الشخص المتهم بالإرهاب إلى استخدام وسائل مادية مميتة أو خطيرة وعنيفة بطرق أخرى ضد تجمع سكاني، أو اتخاذ رهائن، وهي الأفعال التي قال مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب إنها الأركان المركزية لأي عمل إرهابي. وبحسب هيومان رايتس ووتش فإن التعريف الجديد يحتوي على إضافات طفيفة إلى التعريف الوارد في مسودة 2011، لكنه يشابهه إلى حد بعيد. كما أن بعض عناصره تتسم بالغموض الشديد، مثل “الإخلال بالنظام العام” و”زعزعة أمن المجتمع واستقرار الدولة” و”الإساءة إلى سمعة الدولة ومكانتها”.
كما أن المادة الثالثة من القانون والتي اندرجت تحت الفصل الثاني (الأحكام العامة) فإنها تعمم أحكام القانون على الأشخاص السعوديين وغير السعوديين المقيمين خارج المملكة جريمة من الجرائم المنصوص عليها في القانون والتي منها “المساس بمصالح المملكة أو اقتصادها أو أمنها الوطني أو الاجتماعي”
وهو تعريف فضفاض قد يوقع الآلاف من النشطاء والمدونين وكتاب الإنترنت تحت طائلة هذا القانون.
وفي المادة الخامسة يعطي القانون لوزير الداخلية الحق في “إصدار أمر بالقبض على من يشتبه في ارتكابه جريمة من الجرائم المنصوص عليها في القانون، وله أن يفوض من يراه وفق ضوابط يحددها” ما يعني إغفال دور القضاء تماما وتجاهل أحكامه، حيث أن وزير الداخلية له الحق في الاعتقال والقبض على “المشتبه بهم”
كما أن القانون يعطي الحق “لجهة التحقيق” أن توقف المعتقل أو “المتهم” لمدة ستة أشهر وتمديدها لستة أشهر أخرى بدون الرجوع إلى المحكمة الجزائية والقضاء، ما يعني أن الاعتقال التعسفي والاحتجاز القسري قد يستمر لمدة عام كامل بدون أي ضوابط. كما أن وزير الداخلية هو من يمتلك حق الإفراج عن المتهم خلال هذه المدة ولا يمكن الإفراج عن المتهم بدون الرجوع للوزير أو من يفوضه.
القانون يعطي الحق كذلك للمحققين ولوزارة الداخلية “بمنع الاتصال بالمتهم مدة لا تزيد على تسعين يوما” في إخلال فج بحقوق الإنسان.
وفي المادة السادسة عشرة من القانون يعطي نص القانون الحق للشرطة في اقتحام المنازل الخاصة بدون إذن القضاء، بل وحتى دون إذن وزير الداخلية “في حالة الضرورة”. أما المادة السابعة عشرة فتسمح لوزير الداخلية أو من ينوب عنه “بمراقبة الرسائل والخطابات والمطبوعاتت والطرود وسائر وسائل الاتصال سواء أكان ذلك في جريمة وقعت أو (يُحتمل) وقوعها”!
وفي مادة أخرى (المادة الثامنة عشرة) يسمح القانون لوزير الداخلية بالتحفظ على الأموال بالأمر المباشر لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتجديد!
ويستمر القانون في انتهاك سلطة القضاء، وكما يعطي الحق له في الاعتقال واقتحام المساكن والمكاتب وتمديد فترات الاعتقال، يعطي القانون الحق لوزير الداخلية في الإفراج عن أي متهم حُكم عليه بقضاء فترة عقوبة في السجن.
وكانت نسخ أولية عن مشروع النظام قد تسربت عام 2011، ودفعت منظمة العفو الدولية من بين منظمات أخرى إلى إصدار تحذيرات اعتبرت فيها أن النظام قد يستخدم لقمع أي تحرك معارض للسلطة ووصمه بالإرهاب، مضيفة أن مواده الفضفاضة تتيح التوسع في تفسيره بما يضر بالحريات.
ومنذ 2011، لجأت السلطات السعودية على نحو متزايد إلى ملاحقة نشطاء حقوق الإنسان والنشطاء الاجتماعيين السلميين، الذين اتهمت النيابة الكثيرين منهم بموجب الاحكام الواردة في تعريف القانون الجديد للإرهاب. وقد قامت المحاكم السعودية في 2013 بإدانة وسجن نشطاء بارزين من جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية (حسم) ـ بينهم عبد الله الحامد، ومحمد القحطاني، وعبد الكريم الخضر ـ بتهم تشمل “الإخلال بالنظام العام”.
كما يخضع فاضل المناسف، وهو ناشط من المنطقة الشرقية، للمحاكمة حالياً أمام محكمة الجزاء السعودية المتخصصة، بتهمة “التواصل مع جهات إعلامية خارجية تسعى إلى تضخيم الأخبار والإساءة إلى حكومة المملكة العربية السعودية وشعبها” ضمن تهم أخرى. ومن شأن قانون الإرهاب الجديد أن يقنن تلك التهم الغامضة والفضفاضة، التي تستغل لملاحقة النشطاء والمعارضين السلميين، في قانون مدون.