ترجمة حفصة جودة
تزوجت فاطمة الخليدي وهي بعمر الـ15 عندما كانت تعيش في اليمن، تقول فاطمة – 21 عامًا الآن -: “كنت أعتقد أنه سيكون نصفي الآخر، يحبني ويدعمني، لم أكن أعلم ما يخبئه القدر لي”، وتواصل فاطمة حديثها: “لم يكن الزواج مشكلة حتى أدركت كمية الأموال التي حصل عليها من أسرتي، كنت ساذجة ولم أفكر في الأمر كثيرًا في بدايته، بعد ذلك وصل الأمر للضرب واحتجت لإنهاء الأمر، لكن والدي رفض طلاقي بسبب العار الذي سيجلبه”.
تقول فاطمة: “بعد تخرجي أرغب في افتتاح جمعية خيرية لمساعدة المطلقات القاصرات على تجاوز الاكتئاب”
ظل الوضع هكذا حتى أصبحت فاطمة حاملًا وكانت قادرة على التنقل بين اليمن والمملكة المتحدة، لأن والدها كانت يدعم الطفل ماديًا، عندما أصبحت فاطمة في إنجلترا استطاعت الحصول على الطلاق بعد الضغط على والدها كثيرًا ورفضها القبول بـ”لا” كإجابة، أكدت فاطمة أن سبب “نجاتها بأعجوبة” هو جواز سفرها البريطاني.
حتى الآن ما زال والدها يؤكد بأنه لم يكن ليسمح بطلاقها في اليمن، بسبب الوضع الاجتماعي المتدني للمرأة المطلقة هناك، تقول فاطمة: “لم أستطع أن أتحمل أكثر من ذلك، كنت أشعر أنني مستعبدة”.
الطلاق كما لو أنه خطأ النساء!
يعتبر اليوم العالمي للمرأة يومًا للاحتفال بإنجازات المرأة وقدرتها على الانتفاض ضد كراهية النساء الممنهجة، وبينما تتشارك الكثير من النساء في العالم العربي هذا الشعور، هناك مجموعة ما زالت منسية وتشعر بالعار دائمًا: “المطلقات”.
في كثير من الأحيان عند مناقشة قضية الطلاق في العالم العربي، يتم اعتبار المرأة بأنها مصدر التفكك وسببه، في أواخر العام الماضي في المملكة العربية السعودية، أصدرت الهيئة العامة للإحصاء أرقامًا تشير إلى أن النساء اللاتي يجلسن في المنزل أقل عرضة للطلاق من النساء اللاتي يخرجن للعمل.
صحيفة الرياض:
السعوديات الموظفات أكثر طلاقاً من العاطلات
الإحصاء: 72 ألف زوجة طلقت بسبب عملها عام1437هـ
.
ما السبب في ظنك ؟— د. محمد #العريفي (@MohamadAlarefe) December 21, 2016
ذكر التقرير أن عدد النساء العاملات اللاتي حصلن على الطلاق عام 2016 كان 72.895، بينما بلغ عدد الزوجات اللاتي لا يعملن وحصلن على الطلاق 14.856، ومن هنا بدأت الصحف السعودية في الربط بين عمل المرأة وارتفاع معدلات الطلاق، فبدأت حملة على الإنترنت تحت هاشتاج #الوظيفة_ليست_سبب_طلاق
هذه الحملة دفعت الهيئة العامة للإحصاء إلى إقالة هؤلاء الذين استخدموا الإحصاءات المنشورة في خلق أجواء سياسية مشحونة.
الطلاق هنا ليس سهلاً
قصة فاطمة ليست فريدة من نوعها، تقول حنين – 26 عامًا، بريطانية فلسطينية، ظلت مخطوبة لمدة 4 سنوات قبل زواجها -: “المشكلة أن التيار السائد في المجتمع العربي هو أننا نحكم على الرجل من خلال مؤهلاته العلمية، زوجي السابق كان طبيبًا، وعليه أعتقد الجميع أنه سيكون شخصًا مناسبًا ومتفتحًا، لكنه كان خطأً كبيرًا”.
قالت حنين إنها تعرضت لسوء المعاملة العاطفية في أثناء الزواج، وعندما تحدثت إلى أسرتها أخبروها أنها مضطرة للتعامل مع ذلك حتى تحافظ على زواجها، وتضيف حنين: “عندما تمت الخطبة (كتب الكتاب) كان العرس إسلاميًا مما يعني أن لدي كامل الحق في الحصول على مهري في حال انفصالنا، في البداية كان زوجي مذهلاً، لكنني كنت أشعر دائمًا أنه يريد الزواج مني بسبب جواز سفري البريطاني”.
“استمر الأمر كذلك حتى وجد طريقه إلى ألمانيا، حينها أحسست أن لم يعد يرغب فيّ وبدأ في إساءة معاملتي، أعلم أن السبب الوحيد لعدم تطليقه لي هو عدم رغبته في دفع مهري”، تواصل حنين حديثها قائلة: “في النهاية، بعد 4 سنوات من الخطبة تزوجنا وانتقلنا إلى ألمانيا، وحينها ازدادت إساءته لي، والأسوأ من ذلك أن عائلتي لم تكن تدعمني، ففي إحدى المرات قالت جدتي إنني يجب أن أشكر الله أنه يسيء معاملتي عاطفيًا فقط، دون الشعور بمدى تدهور صحتي النفسية”، بعد عام من ذلك استطاعت حنين الحصول على الطلاق.
I hate how in Arab culture, if a woman gets a divorce, the community finds this need to "shame" her
— ~إيمان~ (@emansamara95) October 22, 2016
أكره الثقافة العربية التي تعتبر المرأة عارًا عند طلاقها
بالنسبة لروان طه – لبنانية، 28 عامًا – كان الطلاق سريعًا، تقول روان: “أحببته لـ4 سنوات لكن زواجنا لم يستمر سوى 6 أشهر، لم أتمكن حتى من مشاهدة فيديو حفل الزواج لأنه وصل في اليوم الذي انفصلنا فيه”، كان زوجها طلقها ببساطة عندما أخبرها أنها طالق 3 مرات، تواصل روان حديثها قائلة: “الطلاق هنا صعب، فثقافة المجتمع تمنح كلمة الطلاق دلالات خاطئة، ليس من السهل أبدًا الطلاق هنا، فبالكاد نحصل على الدعم لنتمكن من الوقوف على أقدامنا ثانية”، تضيف روان: “كانت الأمر أكبر من مجرد خيانة عاطفية، فلم أتمكن من الحصول على مهري، فبدافع الحب والثقة تنازلت عن حقوقي عند زواجي منه، لقد كان خطأً كبيرًا”.
النظر إلى المستقبل
تتفق هؤلاء السيدات الثلاثة على أنهن الملومات في طلاقهن، تقول حنين: “بعد طلاقي، كنت أعُامل كشخص فاشل وخاسر”، وتقول فاطمة: “لا يهم بقية القصة فأنتِ الملامة دائمًا وليس هو، كانوا يلومنني لأنني لم أتمكن من الحفاظ على زواجي ولم أغلق فمي عندما تعرضت للإساءة، في إحدى المرات ذهبت إلى حفل زفاف واقتربت مني امرأة وأثنت على جمالي، وعندما أخبرتها أنني مطلقة تغيرت لهجتها معي تمامًا”.
“يتعامل المجتمع العربي بأكمله مع النساء المطلقات بعنصرية وتمييز وتهميش، وهو ما لا يحدث للرجال أبدًا، فالثقافة العربية تنظر للمطلقة على أنها نصف امرأة وأنها الخيار الأخير للرجال دائمًا”، حسبما تقول فاطمة.
Sudanese(Arab) society: where a man can marry four wives but god forbid a divorced woman gets remarried #misogynyon100 #hypocrisyonfleek
— thuraya (@thurayatarig) September 10, 2016
في السودان يتزوج الرجل من 4 نساء، أما المطلقة فلا تستطيع الزواج ثانية
على الرغم من الصدمات النفسية التي تعرضن لها، لم تستسلم هؤلاء النساء، فقد شققن طريقًا صعبًا للتعافي، بمعرفتهن أن الشفاء يأتي بداية من حب الذات، تقول فاطمة: “أواصل دراستي الآن وأقوم بدور الأم والأب لطفلة ذات 5 سنوات”، بينما دعت حنين جميع النساء إلى الدفاع عن أنفسهن عند الوقوع في علاقة مهينة، حيث تقول: “أنتِ تستحقين أكثر مما تعتقدين، إذا كنتِ تواجهين معاملة سيئة فتخلصي من تلك العلاقة، لا تستمعي لهؤلاء الذين يلقون بالذنب عليكِ، إذا كنتِ مسلمة فقد شرّع الله الطلاق حتى لا تستمري مع زوج يسيء معاملتك، لا تتركي المجتمع أن يكون إلهك”.
ترفض روان أن تكون ضحية أيضًا، حيث تقول: “لقد طلقني ببساطة عندما أخبرني 3 مرات أنني طالق، لذا فإنني في كل يوم أخبر نفسي 3 مرات أنني صامدة، لذا دعونا نحتفل بالنساء المطلقات في يوم المرأة العالمي، فهن يستحققن الدعم والحب وليس التهميش والشعور بالعار، فالمجتمع يطالبنا أن نقبل بالقليل لأننا مطلقات، لكن في الحقيقة لقد ارتفع سقف توقعاتي كثيرًا فيما يتعلق بالرجال، وإذا لم يكن جيدًا مثلي أو أفضل فلن يستطيع الوصول إليّ”.
المصدر: ميدل إيست آي