أزمة جديدة في الأفق تتفاقم، تطورات متسارعة لما سمِّيت اليوم بالأزمة التركية الأوروبية، رفض استقبال للوزراء وتفريق بالقوة للتجمعات وفعاليات الجالية التركية بشأن التعديلات الدستورية المزمع تنظيم استفتاء عليها منتصف أبريل/ نيسان القادم، كل هذه الممارسات تكون قد كشفت عن وجه أوروبا القبيح ورفضها بل معاداتها لأي تطور ديمقراطي في تركيا أو في أي بلد إسلامي آخر.
فها هي دول أوروبية لطالما حاضرت في الديمقراطية وممارساتها الفعلية أو يفترض أنّها تصدر يوميًا القيم الديمقراطية النبيلة أو هكذا سوقت لنفسها لعقود وأزمنة طويلة، لا تستطيع إخفاء رغبتها الجامحة في استئصال والانتقام من التجربة الديمقراطية التركية، خصوصًا بعد فشل الانقلاب الأخير في منتصف العام الماضي فشلاً ذريعًا، زاد من قوة التجربة وضاعفها إلى أضعاف كبيرة.
فشل الانقلاب الذي كان يعوّل عليه الغرب لإحداث التغيير الذي يريدونه جعلهم يسعون إلى إحداث أزمات اقتصادية في تركيا خصوصًا في الأشهر القليلة الماضية
فشل الانقلاب الذي كان يعوّل عليه الغرب لإحداث التغيير الذي يريدونه جعلهم يسعون إلى إحداث أزمات اقتصادية في تركيا خصوصًا في الأشهر القليلة الماضية، أبرزها سحب منظمات مالية أوروبية لمليارات الدولارات من البنوك التركية، مما نتج عنه تراجع حاد لقيمة العملة التركية (الليرة)، لكنّ تلك الهزة لم تفلح في إثارة الشارع التركي، وسارعت الحكومة التركية في التحرك سريعًا لتعويض ذلك النقص من خلال جذب استثمارات خليجية سعودية وقطرية بالأساس.
بعد كل تلك المحاولات الغربية لإسقاط أردوغان وتجربته، ها هي أوروبا تتحرك للمرة الثالثة في أقل من عام في محاولة جديدة لإسقاط السلطان التركي الجديد رجب طيب أردوغان، تحرك ظاهره معارضة الاستفتاء التركي على الدستور الجديد الذي سيمنح سلطات واسعة للرئيس المنتخب الجديد أردوغان، وباطنه العداء اللئيم للتجربة الإسلامية التركية وغير التركية.
رفضت الدول الأوروبية عقد لقاءات لوزراء ومسؤولين ساميين أتراك بجالياتهم في أوروبا قصد شرح التعديلات والتسويق لها، في حين يسمح للمعارضين لهذه التعديلات بإجراء الفعاليات وتلقي الدعم الرسمي والشعبي لها، في اعتقاد أوروبي أن التصويت ضد الاستفتاء الشعبي على الدستور هو بمثابة نهاية لحكم أردوغان ومشروعه، ذلك أنه لو جاءت النتيجة بالسلب فإن أحزاب المعارضة التركية وبضغط من الدول الأوروبية ستدعو لانتخابات برلمانية مبكرة، بل ستدعو لاحقًا حتى لطرح الثقة من الرئيس، مستغلة تراجع شعبيته وشعبية حزبه الحاكم (العدالة والتنمية)، وبالتالي في تصور أوروبا يمكنها التخلص من الرئيس أردوغان ونظامه عبر انقلاب ديمقراطي بعد أن أفشل أردوغان انقلابها العسكري.
الممارسات الأوروبية الشنيعة كشفت النفاق الأوروبي تجاه الديمقراطية
هذه الممارسات الأوروبية الشنيعة كشفت النفاق الأوروبي تجاه الديمقراطية، فأوروبا التي ترصد مليارات الدولارات لدعم البرامج الديمقراطية في إفريقيا وآسيا، وتسلّط مؤسساتها الحقوقية والبرلمانية ضد التجارب الفتية الديمقراطية، لا تفعل ذلك لعيون الديمقراطية ولا لنشر الحريّة، بل لتحقيق مصالحها وتمرير مشاريعها وأهدافها، وهذه التصرفات الهستيرية ضد التجربة التركية تأتي في وقت يعرف فيه اليمين المتطرّف في أوروبا وغيرها صعودًا كبيرًا، هذا اليمين الذي يعيش تعاطفًا اليوم حتى من الأحزاب الوسطية في أوروبا التي أصبحت تغازل بعضها بالعداء لتركيا.
الهيجان الأوروبي على الاستفتاء على الدستور التركي الجديد، والممارسات القمعية ضد الفعاليات للجالية التركية في أوروبا ستدفع حتمًا الأتراك، معارضين قبل مؤيدين للاستفتاء، إلى التصويت بنعم على هذا الدستور
الهيجان الأوروبي على الاستفتاء على الدستور التركي الجديد، والممارسات القمعية ضد الفعاليات للجالية التركية في أوروبا ستدفع حتمًا الأتراك، معارضين قبل مؤيدين للاستفتاء، إلى التصويت بنعم على هذا الدستور، أوروبا الفاشية كما وصفها أردوغان باتت غبية مقارنة مع ذكاء الزعيم التركي رجب طيب أردوغان، عداء وأزمات حوّلها الأخير إلى حملة تأييد واسعة نحو السير بثبات لنجاح تعديلاته الدستورية.
في الأخير حفظ الله تركيا وزعماءها، ولا فلحت مخططات أوروبا الصليبية، هذه هي أوروبا، عداءٌ تاريخي للديمقراطية.