جنوب شرق المغرب، تطل مدينة “مرزوكة” التي يلقبها السياح بـ”بحر الرمال” و”درة الصحراء المغربية “، تبعد مسافة 130 كيلومترًا عن مدينة الراشدية التي تتمتع بمساحات رملية واسعة يقصدها الزوار للتداوي من داء الروماتيزم.
تتيح كثبان “مرزوكة” الممتدة على طول 22 كيلومترًا وعرض خمسة كيلومترات، فرصة التأمل في تبدل ألوان الرمال بحسب تغير ضوء النهار، خاصة عند التربع على قمة تلك الكثبان التي تعد الأعلى في المغرب، يجد أغلب قاصدي مرزوكة ضالتهم في البساطة بعيدًا عن صخب الحياة المعاصرة، لا سيما بفضل الموسيقى التقليدية وكرم الضيافة وغير ذلك مما توارثه السكان عن أسلافهم.
يمكن الوصول إلى المدينة برًا أو جوًا، الطريق البرية تنطلق من مدينة الراشدية التي تشكل نقطة عبور لأي مسافر إلى المنطقة، ونظرًا لمكانة المدينة وجاذبيتها، جرى تشغيل خط مباشر بين الدار البيضاء ومرزوكة بواسطة حافلة النقل العمومي خلال فصل الصيف.
أما الطريق الجوية، فتتم عبر الخط الجوي الذي انطلق مطلع الصيف الماضي بين الدار البيضاء والراشدية، ولدى وصول المسافر إلى مطار مولاي علي الشريف، يحتاج أن يستقل سيارة أجرة لبلوغ منطقة مرزوكة.
عند الوقوف على تاريخ المدينة وسكانها، نكتشف أن المنطقة كانت في الماضي غير مأهولة وشكلت نقطة عبور للتجار المتوجهين إلى “تمبكتو” في مالي أو القادمين منها
بين الراشدية ومرزوكة، يأسر ناظريك خلاء المكان وسكونه الذي تكسره أمواج الرمال، عندما تصل إلى المدينة التي تبعد عن الحدود الجزائرية نحو 20 كيلومترًا، يفرض عليك مناخها وحبات الرمال التي تمتزج بالهواء وضع لثام على وجهك، حتى لا تزعجك العواصف الرملية التي تفاجئك بين الحين والآخر.
عرق الشابي عند غروب الشمس
وعند الوقوف على تاريخ المدينة وسكانها، نكتشف أن المنطقة كانت في الماضي غير مأهولة وشكلت نقطة عبور للتجار المتوجهين إلى “تمبكتو” في مالي أو القادمين منها، كما أنها تنتمي إلى كتلة صحراوية تدعى “عرق الشابي”، ذات الخصوصيات الطبيعية والإثنوغرافية والتاريخية الفريدة، كما أنها شكلت نقطة وصول قوافل التجارة الصحراوية (تجارة الذهب – العبيد) التي ربطت الحوض المتوسطي ببلاد إفريقيا جنوب الصحراء.
ففي القرن الثالث الميلادي، كانت “سجلماسة” المدينة القديمة التي أصبحت مجرد أطلال في ضاحية مدينة “الريصاني”، العاصمة التجارية والروحية للمنطقة، وورد ذكرها في كتابات رحالة كبار من أمثال ابن بطوطة وأيون الإفريقي.
تتميز طبيعتها بأنها مصدر سياحي من حيث السياحة الاستشفائية والاستكشافية والرياضية، على طول أيام السنة، فالسياح يتدفقون إلى القرية طالبين الشفاء من أمراض المفاصل المختلفة
ومناخ مرزوكة حار ويتضح من شكل الصحراء مدى صعوبة الحياة بها، ولكنها تظهر لنا تجربة إنسانية صامدة على مر القرون، ففي الصيف تشكل مرزوكة التي يقطنها ما يقارب 3000 نسمة مزارًا يتوافد عليه عدد كبير من السياح، وفيما ارتبط ذكر اسم الحمام بالماء، مرزوكة تمكنك من الاستحمام في الرمال، إذا كنت تعاني مرضًا في المفاصل.
تتميز طبيعتها بأنها مصدر سياحي من حيث السياحة الاستشفائية والاستكشافية والرياضية، على طول أيام السنة، فالسياح يتدفقون إلى القرية طالبين الشفاء من أمراض المفاصل المختلفة، في جوف الكثبان التي تحتضنها درجات الحرارة وسخونة الرمال.
فتنتشر الخيام الصغيرة التي تشبه العيادات، والتي يقيمها أبناء المنطقة الذين يعلمون مدى تأثير تلك الرمال، فرمالها ربحت عبر السنوات مصداقية علاجية أكيدة جعلتها مقصدًا للآلاف من مجمل مناطق المغرب، بل ومن بلدان عديدة، للاستمتاع والاستشفاء بعمليات الاستحمام الرملي.
وعن تفاصيل عمليات الاستحمام الرملي، يُطمر الشخص الراغب في الاستحمام كاملًا في الرمل، باستثناء رأسه الذي تتم تغطيته بقبعة كبيرة ودائرية، تعرف بالعامية بـ”التارازا”، وهي شبيهة بقبعات المكسيكيين تفاديًا لضربة شمس.
تدوم عملية الطمر أو ما يطلق عليها بالعامية “الردم” بين 10 و15 دقيقة، خلال هذه الفترة، يقدم أحد المشرفين المرافقين للشخص المستفيد من عملية الاستحمام الرملي، جرعات قليلة من الماء حتى لا يصاب بالجفاف جراء عملية الامتصاص التي تقوم بها الرمال.
يسبق عملية الطمر، تهيئة أماكن الدفن الشبيهة بالمقابر، يقوم بهذه العملية أبناء المنطقة منذ الصباح الباكر، حتى يتسنى لهذه الحفر اكتساب حرارة أكبر من أشعة الشمس وتكون جاهزة لاستقبال الراغبين في العلاج.
وبعد قضاء ما يقارب 15 دقيقة في الخيمة، يتوجه من قام بالعلاج إلى أحد الحمامات التقليدية الموجودة في المنطقة للاستمتاع بحمام دافئ في المياه الساخنة.
يُطمر الشخص الراغب في الاستحمام كاملًا في الرمل، باستثناء رأسه الذي تتم تغطيته بقبعة كبيرة ودائرية، تعرف بالعامية بـ”التارازا”، وهي شبيهة بقبعات المكسيكيين تفاديًا لضربة شمس، تدوم عملية الطمر أو ما يطلق عليها بالعامية “الردم” بين 10 و15 دقيقة
وعن فوائد الحمام الرملي في أمراض الروماتيزم، فجودة رمال المدينة ومناخها القاري الذي تتمتع به وارتفاع درجة الحرارة، يساعد على الاستفادة من فيتامين “د”، الذي يساعد على تقوية العظام، كما أن وجود المدينة في منطقة مرتفعة عن البحر 3000 متر يساعد الزوار على الاستفادة من أشعة الشمس الحارقة التي توفر لهم علاجًا مهمًا لآلام الروماتيزم.
وتنتشر عند أقدام تلال “مرزوكة” سلسلة من دور الضيافة والفنادق متفاوتة المستويات، وإن كانت في مجملها تقدم خدمات بأسعار في المتناول، مقارنة مع الوجهات السياحية التقليدية في المملكة.