انطلقت اجتماعات الجولة الثالثة من أستانة صباح اليوم الثلاثاء في كازخستان على أن تستمر إلى يوم غد الأربعاء لبحث آليات تثبيت ومراقبة وقف إطلاق النار في عموم سوريا، وعلى الرغم من مقاطعة وفد المعارضة للاجتماع للمرة الأولى إلا أن وزير الخارجية الكازخستاني خيرت عبد الرحمنوف أعلن أن الاجتماع سينعقد بمن حضر.
الوفود تصل إلى أستانة باستثناء المعارضة
أعلن وفد المعارضة السورية أمس الإثنين عدم مشاركته في الجولة الثالثة من المحادثات السورية التي تستضيفها العاصمة الكازخستانية اليوم وغدًا الأربعاء، وكانت المعارضة دعت الأسبوع الماضي لتأجيل المحادثات إلى ما بعد 20 الشهر الحالي بذريعة إن عقد أي جولة جديدة يعتمد على ما إذا كان النظام السوري سيلتزم بوقف إطلاق النار أو لا!.
وقدم وفد المعارضة السورية عددًا من البنود لأي جولة محادثات قادمة كشرط لحضور الوفد وإلا سيتم مقاطعة المحادثات برمتها، ومن تلك الشروط: الاتلزام الكامل بوقف إطلاق النار في المناطق الخاضعة للتشيكلات الثورية، وإيقاف التهجير القسري والتغيير الديموغرافي في حي الوعر بحمص، والشرط الثالث يتعلق بتأجيل موعد لقاء أستانة حول سوريا إلى ما بعد نهاية الهدنة المعلنة في الغوطة الشرقية من 7 – 20 آذار/مارس الحالي إضافة إلى ربط استمرارية الاجتماعات بتقييم نتائج الهدنة، وأخيرًا استكمال مناقشة وثيقة آليات وقف إطلاق النار قبل الذهاب إلى أستانة كما كان متفقًا عليه في أنقرة.
أعلن وفد المعارضة السورية عدم مشاركته في الجولة الثالثة من المحادثات السورية
وأعلنت وزارة الخارجية الكازخستانية عن وصول الوفود الأمريكية والتركية والإيرانية والأردنية وجري مشاورات بين الوفد الروسي والأمم المتحدة، وبحسب المتحدق باسم الوزارة “أنور جايناكوف” ذكر إن الوفد الأمريكي يضم سفير الولايات المتحدة في كازخستان، جورج كرول، ومسؤولا من واشنطن. ويضم وفدا تركيا وإيران نائبي وزيري خارجية البلدين فيما يضم الوفد الروسي المفوض الخاص للرئيس الروسي والمفوض الخاص لوزير الخارجية الروسي بحسب جاينكوف.
وحول مقاطعة وفد المعارضة السورية علق المتحدث باسم الخارجية الكازخستانية “نتوقع اليوم وصول وفد الجبهة الجنوبية للمعارضة ويجري الآن التدقيق في هذه المعلومات”، ولم يصدر أي تعقيب من المتحدث باسم الجبهة الجنوبية الرائد عصام الريس للاستفسار حول مشاركتهم من عدمها.
وفد المعارضة اشترط تنفيذ وقف إطلاق النار
وبانعقاد المؤتمر بمن حضر سيتكون شروط المعارضة السورية قد أجهضت من قبل الحاضرين وعلى رأسهم روسيا، وبخصوص شرط المعارضة حول تفريغ حي الوعر بحمص، فعملية التفريغ جارية على قدم وساق برعاية روسية حيث ستشرف القوات الروسية على التنسيق وتأمين وصول الخارجين إلى الجهة التي يختارها المسلحون، وستتراوح أعداد الخارجين بين 15 – 20 ألف شخص تقريبًا في دفعات ستستمر أسبوعيًا في غضون شهرين ويذكر أن عدد سكان الحي الإجمالي لا يتجاوز 50 ألف نسمة.
ستشرف القوات الروسية على تنسيق وتأمين وصول نحو 15 – 20 ألف شخص من الوعر إلى الجهة التي يختارونها
ومن المقرر أن ترتب قوائم من سيتم ترحيلهم اليوم الثلاثاء مع أولوية خروج المرضى والجرحى في الدفعة الأولى، وسيكون الخروج نحو ريف حمص الشمالي ومدينة جرابلس في ريف حلب الشمالي الشرقي ومحافظة إدلب، دون تحديد للمناطق المستهدفة.
أما نقطة وقف إطلاق النار فإطلاق النار لا يزال مستمرًا في مناطق عديدة في سوريا فالمعارك لا تزال مشتعلة في درعا في حي المنشية بين قوات الأسد وحلقاءها مع فصائل المعارضة التي تمكنت من تحقيق تقديم جديد في الحي، بالإضافة إلى مناطق أخرى في عموم سوريا.
إصرار روسيا على عقد “أستانة 3”
بالرغم من عدم حضور المعارضة السورية لأستانة وهو طرف أصيل في المفاوضات إلا أنه هناك إصرار روسي إيراني على عقد المؤتمر، في إشارة إلى احتمالية إقرار أمور تخص مناطق المعارضة السورية، وبرأي مراقبين فإن روسيا قد تمرر خرائط أعدتها القيادة العسكرية الروسية لما تسميه “فصل مناطق المعارضة عن التنظيمات الإرهابية” بالشكل الذي يخلق مشكلة كبيرة لفصائل المعارضة وتضعها في مواجهة مباشرة مع روسيا وإيران والتحالف الدولي.
مواقع تواجد النصرة متداخلة مع المعارضة وفصائلها في كثير من المناطق وبالأخص في إدلب
فكما جاء على لسان المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أشارت فيها أن روسيا لن تبحث في أستانة تثبيت وقف إطلاق النار وحسب، بل ستبحث أيضًا “تحديد خرائط مواقع تنظيمي داعش والنصرة”، وتضيف زاخاروفا أنه” يجب معرفة مواقع الفصائل الموافقة على الهدنة من غيرها”.
بدأ تفريغ حي الوعر في حمص من سكانه
علمًا أن مواقع تواجد النصرة متداخلة مع المعارضة وفصائلها في كثير من المناطق وبالأخص في إدلب، وفي حال سريان هكذا قرار سيضع المعارضة السورية في مواجهة داعش والنصرة أو جبهة تحرير الشام أو بمعنى آخر “محاربة الإرهاب”، وترك الهدف الرئيسي لها وهو إسقاط النظام السوري، الذي يعمل جنبًا إلى جنب مع روسيا وإيران في حربهم ضد الإرهاب، وهو ما قد يُصار في النهاية إلى إعادة تقوية موقف الأسد.
ستبحث روسيا في أستانة تحديد خرائط مواقع تنظيمي داعش والنصرة في سوريا
ويخشى مراقبون من إقرار اقتحام مناطق المعارضة السورية في إدلب وغيرها بحجة القضاء على الإرهاب ومحاربة جبهة تحرير الشام التي تضم (لنصرة سابقًا)، وفي حال تم إقرار أي شيء في ظل غياب المعارضة عن أستانة 3 فإن هذا يدلل على عدم اكتراث القوى الدولية بفعالية المعارضة السورية والتي تتهمها روسيا مليًا بمحاولتها عرقلة المسار السياسي من خلال الشروط التي تضعها.
وأن النظام السوري ومن معه روسيا وإيران تسير بخطوات ثابتة نحو إعادة السيطرة على مناطق سيطرة المعارضة سواء من خلال التهجير أو من خلال الاقتحام بحجة الحرب على الإرهاب، فإما أن تكون المعارضة في صف النظام وروسيا أو تحتسب على الإرهاب وبالتالي يشرعن قتالها.
وترى المعارضة السورية في الاجتماعات المعقودة أنها عبارة عن شراء وقت وابتزاز لها في الوقت الذي تستمر فيه الآلة العسكرية في محاولة إعادة السيطرة على المناطق الخاضعة لها، وأكبر دليل على هذا اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ منذ أشهر ولم يصمد لساعات بسبب انتهاكات النظام وروسيا له مع إبقاء مطالبتهم به وبالذهاب إلى أستانة وجنيف.