ترجمة وتحرير نون بوست
تعتبر المجموعة التي تضم كبار السن من أكثر الفئات العمرية تضررا من الفجوة الرقمية. وعلى الرغم من ارتفاع عدد الكبار في السن في السنوات الأخيرة الذين يستخدمون الانترنت يوميا بشكل كبير، إلا أنه لا يزال هناك جزء كبير من السكان الذين تتجاوز أعمارهم سن 65 سنة غير متمكنين من استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال.
في هذا الصدد، كشف بحث أجراه الباحثان في جامعة زيورخ في سويسرا، ألكسندر سيفرت وهانز رودولف، حول العلاقة بين كبار السن والتكنولوجيا، عن أن “41 بالمائة من الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 65 سنة في سويسرا يواجهون صعوبات عند تشغيل أجهزة إلكترونية جديدة”. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الجمهورية الكونفدرالية هي إحدى الدول الأكثر تقدما في مجال رفاهية الحياة بالنسبة لكبار السن، إلا أنها لا زالت تعاني من فجوة بين الكبار والصغار في مجال التكنولوجيا الحديثة.
تحاول عديد الشركات تقليص الفجوة الرقمية عن طريق تصميم أجهزة مختلفة مخصصة لكبار السن
في الواقع، حاولت العديد من الشركات، بهدف تقليص حجم الفجوة الرقمية بين الكبار والصغار، تصميم أجهزة مختلفة مخصصة لكبار السن. وقد تراوحت المقترحات بين الهواتف، والأجهزة القابلة للإرتداء وأجهزة الكمبيوتر الشخصية، وانتشرت خصيصا في الأسواق لخدمة هذه الفئة العمرية. ومن دون شك، كانت الروبوتات والأجهزة اللوحية (الأكبر من الهاتف المحمول والأسهل استخداما من الحاسوب المحمول)، بمثابة الحل لهذه المشكلة، وهي التي فازت في هذا السباق.
من جهة أخرى، تعتبر اليابان أيضا من البلدان التي لاقت فيها هذه المشكلة اهتماما كبيرا. وأمام عدم توفر أشخاص مؤهلين لرعاية كبار السن، طورت اليابان نماذج مختلفة من الروبوتات القادرة على توفير بعض النقائص في حياة هذه الفئة العمرية التي يفوق سنها الخمسة والستين.
ومن بين هذه الروبوتات المصنعة في اليابان خصيصا لكبار السن، يمكن الحديث عن الروبوت “بارو” (الذي يمكن توظيفه أيضا لرعاية المرضى في المستشفيات، أو أشخاص يعانون من مشاكل نفسية). ويتخذ هذا الروبوت شكل فقمة، كما أنه مصمم من قبل تاكانوري شيباتا، وهو عالم أبحاث بارز في المعهد الوطني للعلوم المتقدمة والتكنولوجيا الصناعية في اليابان، بعد أن كان عالم أبحاث في مختبر الذكاء الاصطناعي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
حاولت العديد من الشركات، بهدف تقليص حجم الفجوة الرقمية بين الكبار والصغار، تصميم أجهزة مختلفة مخصصة لكبار السن
كما يتمتع الجهاز بخصائص تقنية قادرة على تخفيض مستوى القلق والتوتر لدى كبار السن وتحسين حالتهم النفسية. فضلا عن ذلك، استخدمت عديد الهياكل، بعد الزلزال والتسونامي الذي ضرب اليابان في سنة 2011، الجهاز من أجل رعاية المتضررين من الكارثة الطبيعية والعناية بهم.
علاوة على ذلك، تمّ في الآونة الأخيرة إطلاق روبوتات جديدة، قادرة على دعم التقارب بين التكنولوجيا وكبار السن. وقد صممت شركة أسوس هذا الروبوت “زيمبو”، الذي يعتبر مثالا جيدا للروبوتات المنزلية المستقبلية والمخصصة لكبار السن الذين تتجاوز أعمارهم 65 سنة. بالإضافة إلى ذلك، يساعد الروبوت كبار السن على التواصل مع عائلاتهم.
زومبو، روبوت أسوس المنزلي
من جانب آخر، أضحت الأجهزة اللوحية أيضا إحدى أفضل الخيارات التي من شأنها زيادة فرص تعوّد الكبار على التكنولوجيا، وضمان رعاية أفضل لكبار السن. وفي هذا السياق، انضمت شركة “آيسر” التايوانية منذ عدة سنوات إلى شركة غراند باد الأمريكية من أجل تطوير خدمة شاملة قادرة على تلبية جميع احتياجات المسنين، وذلك عن طريق جهاز لوحي.
في هذا الصدد، عملت شركة “آيسر” على جعل أجهزتها اللوحية تتأقلم مع هذه الفئة العمرية، وخفضت خصائص الجهاز إلى أقصى حد ممكن. وبهذه الطريقة، فإن الجهاز اللوحي المخصص لكبار السن، أصبح لا يسمح بتنزيل تطبيقات أو استخدام شبكات التواصل الاجتماعي على غرار الفيسبوك أو التويتر.
في المقابل، أصبحت هذه الأجهزة سهلة الاستعمال، كما أنها أصبحت لا تستهلك الكثير من طاقة البطارية. وفي الحديث عن هذا المنتوج، صرح يودي وانغ العامل بشركة “آيسر” لصحيفة “لافانغوارديا” أن “هذا المنتج مصمم خصيصا لكبار السن الذين لم يستعملوا أبدا أجهزة الهواتف الذكية أو تكنولوجيا مشابهة”.
أمام عدم توفر أشخاص مؤهلين لرعاية كبار السن، طورت اليابان نماذج مختلفة من الروبوتات القادرة على توفير بعض النقائص في حياة هذه الفئة العمرية التي يفوق سنها الخمسة والستين
من بين الأجهزة الأخرى المصممة خصيصا لكبار السن، يمكن الحديث عن “غران باد”، وهو الجهاز اللوحي الذي يسمح لصاحبه بالاتصال الدائم مع شبكة من أفراد عائلته حسب اختياره، وذلك من خلال خدمة خاصة توفرها الشركة باشتراك شهري قيمته تقدر بحوالي 75 دولارا.
عموما، توفر هذه الخدمة “راع” خاص بالمستخدم، كما أن الجهاز يتأقلم حسب أذواق صاحبه (الموسيقى، الفيديو). وقد حققت هذه الخدمة نجاحا باهرا في الولايات المتحدة الأمريكية، مما دفع بشركة “غران باد” إلى التخطيط لاجتياح كل من السوق السويسرية والايرلندية.
الأجداد والأجهزة اللوحية في تايبيه الصينية
للتعرف على كيفية تفاعل كبار السن مع جهاز “غران باد”، اقترب فريق مختص من إحدى الحدائق الأكثر شعبية في تايبيه في الصين. وعند الحديث مع سيدة متقاعدة منذ سنوات وسعيدة بهاتفها البسيط، في محاولة لتعريفها بالجهاز اللوحي المصنع من قبل “آيسر”، بدت السيدة مترددة في بداية الأمر. لكن بعد دقائق قليلة، أصبحت ترى أن الجهاز مريح للغاية.
المصدر: لافانغوارديا