ظهرت الـNFTs (الرموز غير القابلة للاستبدال) بين عامي 2021 و2022، كواحدة من أهم الاتجاهات في مجال العملات المشفرة والفن الرقمي، وضخ المستثمرون وهواة الجمع الملايين فيها، وبفضلها جنى البعض ثروات مهولة في وقت قياسيّ، لكن تلك الفقاعة انفجرت فجأة وخسر من راهن عليها الكثير.
انتشار ناري
كانت الرموز الرقمية NFTs، التي غالبًا ما تكون مرتبطة ببيع وشراء قطع فنية عبر الإنترنت على شكل صور أو فيديوهات أو عناصر رقمية أخرى، مربكة أو غير مفهومة لأغلب مستخدمي الإنترنت، مع ذلك كان ثمّة شيء واضح للجميع، هو تزايد شعبيتها بسرعة، ولا يمكن تجاهل النجاح الهائل الذي حققه الكثيرون وسهولة صنع الثروات عبرها.
عام 2022، بلغ حجم التداول في سوق NFTs عبر مختلف المنصات المختلفة ما يقرب من 25 مليار دولار، وحققت منصة BAYC حجم تداول يبلغ نحو 1.6 مليار دولار وفقًا لـcryptoslam.
أغلى NFT جرى بيعه على الإطلاق هو العمل الفني المعروف باسم (the merge) الذي بيع بـ91.8 مليون دولار.
وهكذا، سطعت نجومٌ بين عشيةٍ وضحاها، وصنعت ثرواتٌ هائلة، لكن سرعان ما تبخَّرت قيمتها فجأة محدثةٌ خسارات هائلة بملايين الدولارات لمشتريي تلك الأعمال الفنية.
على سبيل المثال، فإن العمل الفني “Winter Bear #1178” الذي بيع بأكثر من 35000 دولار في عام 2021، لا تصل قيمته الآن إلى 35 دولارًا.
أسباب الانهيار الكبير للـNFTs
تقلبات سوق العملات الرقمية
كان سوق العملات المشفرة في اتجاه هبوطي منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2021، وكان لهذا تأثير كبير على سوق NFT، إذ يتم شراء العديد من عمليات NFTs وبيعها باستخدام العملات مثل البيتكوين والإيثريوم.
عندما تشهد هذه العملات تقلبات كبيرة في الأسعار، يمكن أن ينتقل هذا التأثير إلى أسعار الـNFTs، فعلى سبيل المثال، إذا انخفض سعر البيتكوين بشكل حاد، قد يؤدي ذلك إلى انخفاض قيمة الـNFTs التي تم تداولها باستخدامه، ما من شأنه أن يؤثر بشكل كبير على استدامة هذه النماذج وقدرتها على البقاء في السوق.
تضخم المعروض
كان هناك تدفق كبير لمشاريع NFTs الجديدة في الأشهر الأخيرة، ما أدى إلى زيادة المعروض من NFTs في السوق وتقليل ندرة العناصر، وهذا أدى إلى تشتيت الاستثمارات والتركيز على العناصر التي ليس لديها قيمة فعلية، ما قلل من ثقة المستثمرين في السوق، ومن فرص الفنانين الجدد للتألق والنجاح.
تراجع الموجة
بعد ذروة الاهتمام، انخفض الطلب على الـNFTs مع انحسار الإثارة المحيطة بها، ما أدى إلى نقص التنوع وقلة العروض المبتكرة والمثيرة.
ارتفاع الرسوم
ارتفاع رسوم معاملات عقود الـNFTs يؤدي إلى ارتفاع تكلفة إصدارها وتداولها ويؤثر سلبًا على تجربة المستخدمين وقدرتهم على التداول بكفاءة.
وهناك العديد من أسباب ارتفاع رسوم معاملات الـNFTs، على رأسها:
- اعتماد Ethereum: معظم الـNFTs يتم إصدارها وتداولها على شبكةEthereum ، وهو إحدى أكبر وأشهر شبكات العملات الرقمية المشفرة، وهي مصممة خصيصًا لدعم تنفيذ عقود ذكية وإصدار الرموز غير القابلة للاستبدال التي تشهد حركة مرور مرتفعة، وتصبح رسوم المعاملات أعلى عندما يكون هناك ضغط كبير على الشبكة.
- مكلفة بحسابات الذكاء الاصطناعي: بعض الـNFTs تتضمن عقود ذكاء اصطناعي تقوم بأنشطة معقدة، وهذا يستدعي رسومًا أعلى لتنفيذ هذه العمليات.
- زيادة الطلب: مع انتشار شهرة الـNFTs، زاد الطلب على هذه العناصر بشكل كبير، ما أدى إلى ارتفاع الرسوم نتيجة التنافس على المساحة في الكتل.
- الحفاظ على أمان الشبكة: تعتمد Ethereum على آلية تسمى “Proof of Stake” للانتقال إلى شبكة أمان أقل استهلاكًا للطاقة، هذا التحول يمكن أن يتطلب تكاليف إضافية ويؤثر على رسوم المعاملات.
- متوسط القيمة: بعض الـNFTs تأتي مع قيمة عالية، وهذا يجعل أصحابها على استعداد لدفع رسوم أعلى للمعاملات.
الاحتيال والتداول المزيف
رغم وجود بعض الجهود لتعزيز الرقابة والأمان في سوق الـNFTs، فإنها لا تزال سوقًا ناشئًا وغير مراقب بالكامل، ما أدى لانتشار الاحتيال والتداول الزائف.
الاحتيال يكون في إصدار NFTs مزيفة تبدو كأنها أعمال فنية أصلية، لكنها في الواقع لا تمتلك أي قيمة، يقنع المحتالون المشترين بأن هذه العناصر نادرة وقيمة ويبيعونها بأسعار مرتفعة، هذا بالإضافة إلى الترويج المضلل وتقديم عروض استثمارية وهمية على وسائل التواصل الاجتماعي بهدف جذب المستثمرين وسرقة أموالهم.
والتداول الزائف يتمثل في زيادة حجم التداول على منصات NFT بوساطة إجراء صفقات وهمية ونشر قوائم لـNFTs بأسعار مزيفة ومرتفعة، لكنها في الواقع لا تتوافر للبيع، يتم ذلك لجذب المستثمرين وتحفيزهم على التداول وخلق انطباع بأن السوق نشط ومزدهر.
تشبيهها بالفقاعة
تشبه مؤشرات سوق NFTs وأنماط سلوك المهووسين به فقاعات اقتصادية حصلت في الماضي، ففي بعض الحالات شهدت NFTs زيادة هائلة في القيمة بشكل سريع ومفرط.
هذا التضخم في الأسعار دون وجود أساس اقتصادي يدعمها يُشبه تضخم الأصول الذي شهدته بعض الفقاعات الاقتصادية السابقة، ما حدا ببعض المستثمرين إلى وصف زيادة نشاط التداول وحجم المعاملات في سوق الـNFTs بشكل متزايد ومفرط، بالفقاعة التي ستنفجر عاجلًا أو آجلًا، ما يؤثر بشكل كبير على ثقة المستثمرين وعلى قيمة الـNFTs، وبالتالي يحفّز المستثمرين لبيع NFTs بسرعة وخفض أسعارها.
قيمة محدودة
العديد من الـNFTs يكون محتواه محصورًا في العالم الرقمي وليس لديه استخدامات واضحة عدا عرضه للبيع، مثل الصور والفيديوهات الرقمية، ويمكن أن يتساءل المستثمرون عن قيمة هذه العناصر في الواقع وإذا كان بإمكانها توفير فوائد حقيقية.
رغم كل تلك العيوب وما يبدو أفولًا لهذا السوق، فإن تقديرات الخبراء تشير إلى نمو محتمل لهذا السوق وازدهاره، فمن المتوقع أن ينمو سوق NFTs من 48.74 مليار دولار أمريكي في عام 2023 إلى 342.54 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2032، ما يظهر معدل نمو سنوي يقدر بـ27.60% خلال الفترة بين (2023 – 2032).
العيوب التي سقناها في هذا التقرير أسفرت عن تراجع سوق الـNFTs بشكل واضح، إلا أن هذا قد لا يعني انتهاءه في حال جرى سد تلك الثغرات وحماية المستخدمين، كما فعلت BNB CHAIN بإطلاق منصة DappBay لاكتشاف مشاريع web3 الجديدة وتجهيزها بميزة RED ALARM (إنذار أحمر) وهي أداة مسح مخاطر تساعد المستخدمين على تحديد المشاريع عالية المخاطر لحماية استثماراتهم، وتمكنهم من التحقق مما إذا كان عنوان العقد يحتوي على عيوب أو مخاطر احتيال.