على قاعدة “ضربني وبكى.. سبقني واشتكى”، تحاول إسرائيل جاهدة التغطية على الجرائم البشعة التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني وتجاوزت فيها حدود القوانين الإنسانية والحقوقية الدولية، فقررت وبصورة مفاجئة رفع دعوى قضائية ضد نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، الموجود في غزة.
القناة الأولى الإسرائيلية التي أوردت النبأ الذي أثار غضب حركة حماس، ذكرت أن مواطنين إسرائيليين وضباط احتياط كبار بتأييد من جهات يهودية دولية ودعم من منظمة “إسرائيل لي”، بصدد رفع دعوى ضد إسماعيل هنية أمام محكمة الجنايات الدولية.
ورفع المحامي الإسرائيلي ميخائيل كلاب مايرس وهو رئيس حركة “إسرائيل لي”، دعوى ضد هنية، زاعمًا أن له دور في “انتهاك حقوق الإنسان بشكل ثابت تجاه السكان الفلسطينيين في الحرب”، وقالت الدعوى: “حركة حماس تسببت بموت أكثر من ألفي مواطن غزيّ، بسبب الصواريخ التي كانت تطلقها من المناطق السكنية والتي رد عليها الاحتلال”.
حماس تغضب وتتحدى
حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أكدت رفضها واستنكارها للدعوى القضائية التي سترفعها مؤسسة إسرائيلية ضد نائب رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، في محكمة الجنايات الدولية.
تزعم المنظمة الإسرائيلية بأن هنية ارتكب جرائم حرب ضد سكان قطاع غزة وخالف مبادئ حقوق الإنسان
وعبر الدكتور غازي حمد الناطق باسم اللجنة الوطنية العليا للمتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية، عن سخريته من الدعوى القضائية التي تنوي مؤسسة إسرائيلية رفعها ضد نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في محكمة الجنايات الدولية.
وأكد حمد أن هذه الدعوى لا قيمة لها ومحاولة إسرائيلية بائسة للتغطية على الجرائم التي ارتكبت بحق الفلسطينيين خاصة في الحروب الأخيرة على قطاع غزة، مضيفًا: “إسرائيل دولة احتلال وثبت من خلال التقارير الأممية ومنظمات حقوق الإنسان أنها من ترتكب جرائم حرب بحق الفلسطينيين، وهذا الأمر كان واضحًا للجميع، وأعتقد أن الدعوى الإسرائيلية ضد هنية تدعو للسخرية وفي غير مكانها”.
هناك ملفات مهمة موجودة على طاولة المحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل وقادة الاحتلال، والمحكمة تعلم جيدًا أهمية تلك الملفات والخطوات التي يجب اتباعها لتفعيلها على أرض الواقع
وتابع حمد: “إسرائيل تحاول أن تغيب الحقيقة، وهناك حقائق دامغة من قتل المدنيين والأطفال واستهداف المؤسسات المدنية والمنشآت، وهي كلها تدل على أن تلك الممارسات جرائم حرب”، مؤكدًا أن الاتصالات مع المحكمة الدولية مستمرة، وأن الأخيرة من ستحدد من هو مجرم الحرب.
حالة الغضب الحمساوي من رفع الدعوى ضد هنية لم تكن في غزة فقط بل انتقلت للضفة الغربية المحتلة، فقال فتحي القرعاوي القيادي في الحركة والنائب في المجلس التشريعي بالضفة: “رفع هذه الدعوى ضد نتنياهو محاولة من الاحتلال لقلب الحقائق على الأرض والهروب من الجرائم البشعة التي ارتكبها بحق الفلسطينيين في الداخل والخارج”.
وشدد القرعاوي أن هذه الدعوى القضائية ستكون “ساقطة” ولن تتعامل معها محكمة الجنايات الدولية، كون جرائم الاحتلال وما ارتكبه جيشه في قطاع غزة خلال الحرب الأخيرة 2014 باتت واضحة ومكشوفة للجميع.
وأضاف: “الاحتلال الإسرائيلي وحكومته هم من يجب أن تقدم بحقهم شكاوى في المحكمة الدولية، للجرائم التي ارتكبوها بحق شعبنا، والمحكمة الجنائية مطالبة باتخاذ خطوات عملية على الأرض لتقديم قادة الاحتلال ومحاكمتهم على جرائمهم”.
وتزعم المنظمة الإسرائيلية بأن هنية ارتكب جرائم حرب ضد سكان قطاع غزة وخالف مبادئ حقوق الإنسان، وحركة حماس التي تسيطر على غزة استخدمت سكان القطاع دروعًا بشرية خلال الحرب الأخيرة عام 2014 التي استمرت 51 يومًا وأسفرت عن ارتقاء أكثر من 2300 شهيد فلسطيني وآلاف الجرحى.
يشار هنا أن منظمة (إسرائيل لي) الإسرائيلية، تضم العديد من الجنرالات والضباط والجنود الذين خدموا في الجيش الإسرائيلي سابقًا.
هل سيحاكم هنية؟
وعن وجهة النظر القانونية في الدعوى الموجهة ضد إسماعيل هنية في محكمة الجنايات الدولية التي تنوي المؤسسة الإسرائيلية رفعها، تحدث الخبير في القانون الدولي في جامعة الأزهر بمدينة غزة الأستاذ عبد الرحمن أبو النصر، لتوضيح خبايا تلك الدعوى ومدى تأثيرها على هنية.
أكدت حركة حماس رفضها للدعوى القضائية التي سترفعها مؤسسة إسرائيلية ضد نائب رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، في محكمة الجنايات الدولية
حيث أكد أبو النصر أن هذه الدعوى لا قيمة لها من الناحية القانونية ولن تشكل أي خطر على إسماعيل هنية في الوقت الراهن، موضحًا أن إسرائيل بحد ذاتها لن تتعامل بشكل رسمي مع هذه الدعوى.
وأشار أن توقيت رفع الدعوى ضد هنية جاء كمناكفة سياسية وقانونية ضد الفلسطينيين، بعد القرار الأخير الصادر عن السلطة برفع الملفات إلى محكمة الجنيات الدولية من بينها حرب غزة والاستيطان والأسرى، مؤكدًا أن المحكمة الجنائية الدولية لن تتعامل مع هذه الدعوى نظرًا لافتقارها لركائز كثيرة ومهمة.
ولفت الخبير في القانون الدولي أن مثل تلك الدعاوى تحتاج إلى أدلة وبراهين ثابتة ومؤكدة قبل تقديمها إلى المحكمة الدولية، قائلاً: “اعتقد أن ما تنوي فعله مؤسسة (إسرائيل لي) الإسرائيلية، مجرد بروباجندا إعلامية لا أكثر ضد الفلسطينيين والتأثير على الرأي العام الدولي”.
وأشار إلى أن هناك ملفات مهمة موجودة على طاولة المحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل وقادة الاحتلال، والمحكمة تعلم جيدًا أهمية تلك الملفات والخطوات التي يجب اتباعها لتفعيلها على أرض الواقع بعد أن قبلت في السابق التحقيق فيها بشكل رسمي، والدعوى ضد هنية لن تغير مجرى تلك القضايا.
أكد عبد الرحمن أبو النصر أن هذه الدعوى لا قيمة لها من الناحية القانونية ولن تشكل أي خطر على إسماعيل هنية في الوقت الراهن
ووجهت الأمم المتحدة ومؤسسات حقوقية فلسطينية وإسرائيلية ودولية، انتقادات حادة إلى إسرائيل بسبب الحرب الأخيرة على قطاع غزة، مما قد يجعل قبول هكذا دعوى صعبًا.
وشنت إسرائيل حربًا على قطاع غزة، في السابع من تموز عام 2014، أدت إلى استشهاد أكثر 2322 فلسطينيًا، وكان من بين الشهداء 578 طفلاً،و489 امرأةً حسب إحصائيات لوزارة الصحة الفلسطينية.