ترجمة وتحرير نون بوست
يتطلّع مجد الديك، الناشط ومؤلف كتاب “شرق دمشق على حافة العالم” ومؤسس الجمعية الخيرية “نبع الحياة”، إلى المستقبل السوري فيعجز عن رؤية النور في نهاية النفق. وقد عبّر عن ذلك بحزن قائلا إن “جميع الأحلام التي سعينا إلى تحقيقها خلال الست سنوات الأخيرة، نراها الآن تذهب أدراج الرياح، ذلك أن ناشطي الغوطة سيتمّ إجبارهم على الانتقال قسرا إلى محافظة إدلب كما سبقهم إخوانهم من حمص، وداريا، وحلب”.
في الأثناء، يتابع الديك، الذي دخل إلى فرنسا كلاجئ منذ سنة، بحسرة قصف الطيران السوري المتواصل على منطقة القابون منذ ثلاث أسابيع، الذي انتهى بتطويق 270 ألف شخص من أهالي الغوطة على الرغم من تنفيذ قرار وقف إطلاق النار. وفي هذا السياق، انتقد الناشط المحادثات المتعلقة بسوريا حيث قال إن “محادثات جنيف وأستانة ليس لها أي تأثير على أرض الواقع فيما يتعلّق باحترام قرار وقف إطلاق النار وحقوق الإنسان”.
حلب وسقوط قلعة المعارضة
تجدر الإشارة إلى أن مجد الديك يعدّ أحد الثوار الذين شاركوا في الانتفاضة الشعبية في 15 آذار/مارس سنة 2011، والذين تراجع دورهم تدريجيا في خضم ما يحدث في سوريا. في الواقع، تم كبح جماح الثورة السورية وقمعها عن طريق الدم، وذلك حين تحولت إلى صراع مسلح بين النظام السوري والمعارضة، ومن ثم إلى صراع عالمي يُغذّيه الرعاة الإقليميين والدوليين. وفي الحقيقة، نجحت روسيا، التي تعدّ أبرز حلفاء نظام الأسد، في قلب الموازين من خلال تسهيل مهمة القوات السورية في استرجاع حلب.
وفقا لإحصائيات المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد أودت الحرب في سوريا بحياة أكثر من 320 ألف شخصا
بالتالي، أصبح منقذ النظام في نظر العديد من المعارضين، العنصر الذي ليس بالإمكان غض الطرف عنه. وفي هذا الصدد، يؤكد لؤي حسين، العلوي المنشقّ والبالغ من العمر 53 سنة، أن “معركة حلب تعدّ بمثابة الحدث الذي غيّر كل شيء، ذلك أنها لم تكن مجرد مدينة فحسب، بل مثّلت قلعة المعارضة التي سرعان ما سقطت في يد النظام”. والجدير بالذكر أن حسين قد شارك في تأسيس حزب المعارضة الجديد المُسمى “بالكتلة الوطنية” في العاشر من شباط/فبراير الماضي في بيروت.
المعارضة السورية في مواجهة القوات الموالية للنظام والمجموعات المتطرفة
في هذا السياق، يشير لؤي حسين، إلى أنه “منذ ذلك الحين، تستخدم روسيا دورها كراع للنظام بطريقة إيجابية من خلال فرض وقف إطلاق النار والمفاوضات”. ويُذكر أن المعارض للنظام السوري، قد سافر إلى موسكو في 27 كانون الثاني/يناير للقاء وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف. كما بيّن حسين، المنفي في إسبانيا، قائلا: “أنا أؤيد المفاوضات الجارية في جنيف بالإضافة إلى قرار مجلس الأمن عدد 2254. ففي حال اقتصر الأمر على النظام السوري، فلن نشهد حدوث انتخابات أو وقف للقتال”.
من ناحية أخرى، يأمل الباحث في مركز كارنيغي، يزيد صايغ، في أن تنجح عملية جنيف التي اعتبرها الملاذ الأخير للمعارضة “التي تقف أمام خيارين أحلاهما مر؛ إما اضمحلالها أو إعادة دمجها داخل هياكل الدولة التي لم تخرج يوما عن سيطرة الرئيس السوري، بشار الأسد”. ومن جهتها، تواجه المعارضة القوات الموالية للنظام والمجموعات المسلحة المتطرفة على حد السواء.
المجتمع المدني لن يتخلى عن مهمته حتى وإن أسفرت المحادثات عن حل ما. في المقابل، نقف نحن عاجزين عن السيطرة على الوضع في ظل القصف المتواصل
القصف المتواصل
يرى مدير مركز عمران للأبحاث الإستراتيجية، عمار كهف، أن فكرة تعزيز المجالس المحلية تُمثّل الحل الأخير حيث اعتبرها “الهيئات الوحيدة الممثلة للسوريين في الوقت الراهن”. فضلا عن ذلك، تشير ‘الدراسات الميدانية إلى العلاقة الإيجابية بين المشاركة في المجالس المحلية واستبعاد الجماعات الإرهابية” وذلك وفق ما صرح به كهف على موقع “مركز عمران” الإلكتروني.
في الحقيقة، تتعرض المجالس المحلية في مدينة إدلب والتي يبلغ عددها 144 إلى تهديدات مزدوجة. فمن ناحية، تمثّل هيئة تحرير الشام، التي تُسيطر عليها جبهة فتح الشام (الفرع السابق لتنظيم القاعدة في سوريا) خطرا على المجالس، ذلك أنها في صراع مفتوح مع كتائب الثوار التابعة لحركة أحرار الشام الإسلامية المدعومة من المملكة العربية السعودية وتركيا. ومن ناحية أخرى، تتلقى المجالس تهديدات من قبل الجيش السوري.
وفي شهادته حول التطورات الحاصلة، قال الناشط الإعلامي، رائد فارس، إن “الطائرات الروسية والسورية لم تتوقف عن قصف منطقة كفرنبل التابعة لإدلب منذ أسبوع”. كما أضاف قائلا أن: “المجتمع المدني لن يتخلى عن مهمته حتى وإن أسفرت المحادثات عن حل ما. في المقابل، نقف نحن عاجزين عن السيطرة على الوضع، المتأزم أساسا نتيجة تواجد النازحين الوافدين من حلب وضواحي دمشق، في ظل القصف المتواصل”.
بلغت أعداد اللاجئين السوريين مليونين و900 ألف شخص في تركيا، ومليون لاجئ في لبنان، فضلا عن 630 ألف لاجئ في الأردن، وذلك وفقا لما أعلنت عنه المفوضية السامية لشؤون اللاجئين
أكثر من 320 ألف قتيل خلال ست سنوات
وفقا لإحصائيات المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد أودت الحرب في سوريا بحياة أكثر من 320 ألف شخصا، من بينهم 60 ألف شخص فارقوا الحياة تحت التعذيب أو بسبب ظروف الاعتقال في سجون النظام. علاوة على ذلك، غادر أكثر من نصف السكان أي حوالي 23 مليون شخص سنة 2011، منازلهم. وبينما انتقل 6.6 مليون شخصا منهم داخل البلاد، عبر حوالي 4.9 مليون آخرين الحدود.
في الأثناء، بلغت أعداد اللاجئين السوريين مليونين و900 ألف شخص في تركيا، ومليون لاجئ في لبنان، فضلا عن 630 ألف لاجئ في الأردن، وذلك وفقا لما أعلنت عنه المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. خلافا لذلك، قدّرت السلطات المعنية أن أعداد اللاجئين في لبنان وصل إلى مليون ونصف لاجئ، في حين ضمتالأردن حوالي مليون و400 شخصا.
المصدر: لاكروا