ترجمة وتحرير نون بوست
لقد مرت ست سنوات، منذ أن وضع ولي العهد البحريني خطته الإصلاحية للبلاد، وذلك على إثر الاحتجاجات التي اندلعت، على خلفية الربيع العربي الذي ألهم الآلاف من المواطنين البحرينيين للخروج للشوارع، والمطالبة بنظام سياسي يقوم بإدماج جميع الفئات الاجتماعية بدلا من تهميشها. وفي الواقع، كانت هذه الموجة الاحتجاجية تطمح إلى تركيز نظام ملكي دستوري ليبرالي حديث، يكون الأول من نوعه فيمنطقة الخليج.
لكن بعد مرور 24 ساعة فقط على هذه الانتفاضة البحرينية، تبددت كل آمال الشعب البحريني في التغيير خاصة مع دخول قافلة من الدبابات السعودية من الجسر الذي يربط البلدين. وقد نسي ولي العهد البحريني كل المبادئ الإصلاحية التي وعد بها الشعب البحريني، ولا زال يرفض، إلى حد اليوم، إجراء مراجعة شاملة لنظام البلاد، مهما كلّفه ذلك من ثمن.
كانت تكلفة هذه الاحتجاجات باهظة على الشعب البحريني. فطوال هذه السنوات، ازداد تأزم الوضع في البلاد، فضلا عن تنامي انتهاكات حقوق الإنسان، وتنامي وحشية النظام وقسوته مع المواطنين
في الحقيقة، كانت تكلفة هذه الاحتجاجات باهظة على الشعب البحريني. فطوال هذه السنوات، ازداد تأزم الوضع في البلاد، فضلا عن تنامي انتهاكات حقوق الإنسان، وتنامي وحشية النظام وقسوته مع المواطنين. ومن الواضح أن السلطاتالبحرينية تعتقد أنه كلّما مرّ الوقت، كلما قلّ اهتمام حلفائها بما تفعله لتخليص البلاد من رياح التغيير التي تهبّ عليها.
عدم الوفاء بالوعود
منذ سنة 2011، أجبر الاهتمام الدولي المسلط على البحرينفضلا عن رياح التغيير التي هبّت في المنطقة، حكام البحرينعلى التظاهر باستيعاب مطالب شعوبهم، حتّى لا يتعرّضوا لموجة انتقادات حادة من قبل المجتمع الدولي. وعلى ضوء تلك الأحداث، أنشأت البحرين لجنة للتحقيق في اتهامات التعذيب والاعتقال الجماعي والقتل خارج إطار القانون للمتظاهرين. وفي الواقع، خلصت هذه اللجنة إلى وجود انتهاكات واسعة النطاق. وكالعادة، وعدت البحرين بإجراء العديد من الإصلاحات.
وقف نشاط جمعية الوفاق، التي تعدّ أكبر جمعية سياسية معارضة في البلاد، قام القضاء البحريني بحلّها واعتقال زعيمها الشيخ علي سلمان الذي يواجه، في الوقت الراهن، حكما بالسجن لمدة تسع سنوات
بعد وقف نشاط جمعية الوفاق، التي تعدّ أكبر جمعية سياسية معارضة في البلاد، قام القضاء البحريني بحلّها واعتقال زعيمها الشيخ علي سلمان الذي يواجه، في الوقت الراهن، حكما بالسجن لمدة تسع سنوات. وفي شهر كانون الثاني/ يناير، تمّ إعدام ثلاثة رجال بتهمة زرع قنبلة أودت بحياة ثلاثة من ضباط الشرطة، على الرغم من عدم وجود أدلة كافية تثبت إدانتهم.
من جهة أخرى، لا زالت تهم التعذيب تترامى إلى مسامع الجميع عن سجون البحرين المزدحمة، حيث طالت حتى المدافع البحريني البارز عن حقوق الإنسان نبيل رجب، الذي يقبع حاليا في السجن، بسبب حديثه عن انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين. كما تواصل استعمال الأساليب القمعية لإسكات الأصوات الاحتجاجية، فضلا عن الإصلاح الذي ظلفي طي النسيان. والجدير بالذكر أن النظام السياسي فيالبحرين يخضع فقط لرغبات الديوان الملكي.
تداعيات واسعة النطاق
عموما، ستكون للإجراءات الأمنية المكثفة في الشوارع فضلا عن النظام السياسي الضعيف، تداعيات واسعة النطاق. فقد شهد الاقتصاد البحريني تراجعا منذ سنة 2011، حيث أن نسبة البطالة ارتفعت، على الرغم من أن السعودية دعت مرارا وتكرارا إلى دعم وإنقاذ القطاع العام البحريني. وبينما تعتمد دول الخليج الأخرى بشكل كبير على عائدات النفط، ظلت البحرين تعتمد ببساطة على المساعدات المالية التي تقدمها لها دول الخليج الأخرى. وبالتالي، ليس من المستغرب أن تحكم المملكة العربية السعودية قبضتها السياسية علىالبحرين طالما أنها تمثل الممول الرئيسي للخزانة البحرينية.
إن هذه المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها البلاد تجعل الشعب البحريني يمر بظروف صعبة، إلا أن الضغوطات التي تسلط عليه تعدّ أكثر صعوبة
في الواقع، يمكن القول إن هذه المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها البلاد تجعل الشعب البحريني يمر بظروف صعبة، إلا أن الضغوطات التي تسلط عليه تعدّ أكثر صعوبة. فعلى الرغم من أن كافة أطياف الشعب البحريني قد نادوا بضرورة التغيير، إلا أن الدولة تلكأت في الاستجابة لأي من هذه الدعوات، وردت على هذه المطالب بطريقة طائفية بحتة. فقامت بفصل العمال الشيعة من وظائفهم، ومراقبة المناطق الشيعية، وممارسة العديد من الأساليب القمعية في حقهم، فضلا عن شتمهم وتجريحهم في المنابر الإعلامية الموالية للنظام البحريني.
في الحقيقة، عمّقت هذه الإجراءات شعور الشيعة بأنهم مستهدفون، مما ساهم في اكتساء هذا الصراع نزعة طائفية. فخلال السنة الماضية، جرّدت الدولة مجموعة من الشيعة البارزين في البلاد، الذين يحظون بمكانة مرموقة، من الجنسية البحرينية، منهم “الشيخ عيسى أحمد قاسم” الذي يعتبر من أبرز العلماء الشيعة في البحرين، ويحظى بتأييد واسع بين البحرينيين من أتباع المذهب الشيعي، متهمة إياه بالسعي لإثارة الانقسام المذهبي في البلاد.
المعارضة تستعد لإجراء محادثات
لا تزال البحرين على “حد السكين”، وأقرب من أي وقت مضى إلى أن تكون مثالا لدولة فاشلة، تتبع نظاما دكتاتوريا استبداديا، يسبّب لها اضطرابا اقتصاديا ويضعها في شرك الحرب الأهلية. فعلى مدى السنوات الست الماضية، كانت مطالب المعارضة واضحة حيث لطالما كانت على استعداد للجلوس على طاولة الحوار مع السلطات البحرينية على الرغم من أنها قامت بسجن معظم القادة المعارضين، وإغلاق منظماتهم، فضلا عن مهاجمتهم، وترهيبهم، وقتلهم. علاوة على ذلك، لا زالت المعارضة تؤمن بأهمية التفاوض والحوار الذي من شأنه أن يُقدم حلولا عملية لمشاكل البلاد.
نحن لا نريد أن تبقى البلاد في أزمة، يعيشها أجيالنا القادمة. آمل أن يكون لكل الشخصيات المعارضة فرصة للعودة إلىالبحرين، وأن يعيش أطفالهم في بلد يعطي قيمة لكل فرد في المجتمع
نحن لا نريد أن تبقى البلاد في أزمة، يعيشها أجيالنا القادمة. آمل أن يكون لكل الشخصيات المعارضة فرصة للعودة إلىالبحرين، وأن يعيش أطفالهم في بلد يعطي قيمة لكل فرد في المجتمع. ففي الحقيقة، تقع مسؤولية ما تعيشه البحرين فيالوقت الراهن على عاتق حلفاء البحرين الدوليين. فإذا لم تغتنمالبحرين هذه الفرصة للتخفيف من حدة الاحتقان الاجتماعي، وبدء المصالحة والحوار، فإنه يجب على المجتمع الدولي استخدام نفوذه لتحقيق ذلك.
على كل حال، تعد مسألة استقرار أوضاع البحرين فيمصلحة الجميع. ولذلك، من المقلق أن لا يحظى إجماع بعض الدول على وجود انتهاكات ضدّ حقوق الإنسان في البلاد بموافقة جميع الدول، إذ أن بريطانيا امتنعت مؤخرا عن دعم بيان مشترك ينتقد انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين.
عموما، لم يفت الأوان بالنسبة للبحرين للسير على الطريق الصحيح، ولكن أخشى أن يكون كل يوم يمر، هو يوم أقرب إلى نقطة اللاعودة. وبالتالي، يجب على المملكة تغيير مسارها، ونحن سوف نكون استعداد لأخذ البلاد نحو الإصلاح والازدهار.
المصدر: ميدل إيست آي