قيس أبو سمرة، مراسل وكالة الأناضول في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أمضى ليلته في قرية “عين حجلة”، شرقي الضفة الغربية مع الشباب الفلسطيني المصر على التمسك بكامل الأراضي الفلسطينية.
وبينما كانت عقارب الساعة تقترب من الثانية بعد منتصف ليل الجمعة كان قيس يجالس نشطاء فلسطينيين أمام مواقد النار، وسط لسعات برد قارس في أقصى “قاع الأرض”، فيما يصنع شباب آخرون الخبز على نار الحطب، وينشد آخرون ما حفظوا من التراث الفلسطيني.
وأما بشار القريوتي فقد انشغل في صنع بيت من عسف “أوراق” النخيل بالقرب من آليات عسكرية إسرائيلية مدججة بأسلحة أوتوماتيكية، هو يقول: “نحن هنا على أرض الدولة الفلسطينية، أعدنا الحياة لأرضنا التي صادرها الاحتلال منذ العام 1967″، مضيفا: “جئنا نشطاء من كافة المدن والبلدات لنؤكد إصرارنا وتمسكنا بكافة التراب الفلسطيني.. هذه الليلة، ليلة رباط، ليلة مقاومة”.
وتحسبا لإمكانية اقتحام القوات الإسرائيلية الخاصة للمكان، أعد الشباب المرابطون خطة للمكوث أطول مدة زمنية في الموقع ولمواجهة شحّ المواد الأساسية التي يسعى الجيش الإسرائيلي إلى منع وصولها إلى مكان الاعتصام.
ونجح نحو 500 ناشط فلسطيني مساء أمس الجمعة، في الوصول إلى عين حجلة، وإعادة الحياة لبنايات ومنازل صادرتها السلطات الإسرائيلية منذ العام 1967، من بينها بيوت مصنوعة من طين.
ويقع الدير بين البحر الميت ومدينة أريحا في الأغوار، شرقي الضفة الغربية، التي تعتبر أخفض منطقة في العالم بعمق 417 مترًا تحت سطح البحر، ويطلق عليها كتاب فلسطينيون اسم “قاع الأرض”، وهي على الحدود الأردنية وتبدو مصابيح الإنارة في البلدات الأردنية أقرب منها لعين حجلة من مدينة أريحا الفلسطينية.
الموضع الجغرافي لقرية عين حجلة
ورغم إغلاق قوات الإسرائيلية للمنطقة بشكل كامل ودفع تعزيزات شرطية للمكان ومحاصرة النشطاء، تعالت أصوات الغناء الشعبي وتناثرت الرمال تحت أقدام النشطاء وهم يؤدون رقصة الدبكة الفلسطينية.
لناشط في المقاومة الشعبية صلاح الخواجة قال لوكالة الأناضول: “ما قمنا به جاء ردًا على الإعلان الإسرائيلي بضم الأغوار لدولة إسرائيل، ورفضا لمقترحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بوجود قوات إسرائيلية، وبقاء مستوطنات إسرائيلية على أراضي الضفة الغربية وخاصة في الأغوار”.
وكانت لجنة وزارية إسرائيلية، صادقت، مؤخراً، على مشروع قانون يقضي بضم منطقة الأغوار، التي تبلغ مساحة سهولها حوالي 400 كم مربع، وتقع على ضفاف نهر الأردن، شرقي الضفة الغربية، إلى إسرائيل.
وكرد فعل، أطلق النشطاء حملة “ملح الأرض” من عين حجلة، لتثبيت الوجود الفلسطيني على الأراضي المحتلة عام 1967،حيث أقاموا خلال العام 2013 عددًا من القرى الفلسطينية في مناطق مهددة بالاستيطان الإسرائيلي، هاجمتها وهدمتها قوات إسرائيلية، وهي قرى رمزية تقام عبر نصب خيام في المكان، وتعد تعبيرا عن رفض الإجراءات الاستيطانية.
ويسكن الأغوار نحو 10 آلاف فلسطيني، يعتمدون في حياتهم على تربية المواشي والزراعة، وتحيط بها 21 مستوطنة إسرائيلية، مساحتها 56 ألف دونم (الدونم الواحد يساوي ألف متر مربع)، وتعتزم إدارة أراضي الدولة الإسرائيلية زيادتها إلى 80 ألف دونم.