“اختصرت الحياة كلها بين طيات أوراقها البيضاء”.. إنها زهرة الياسمين التي تزرع في ضاحية “مادوراي” الهندية التي تعد نمط الحياة فيها، وتجسد لونا من ألوان الفن لا ينفصل عن التراث المحلي المرتبط بالعبادة، والحكمة، والثقافة المعاصرة والقديمة في الهند.
وتضع كثير من النساء في تلك الولاية خيطاً من زهور الياسمين على شعورهن، كعلامة للحظ الحسن؛ ويعد منظر بائعي زهور الياسمين في ضاحية “مادوراي” مألوفاً في هذه المدينة، التي تعتبر مزارا شهيرا في ولاية “تاميل نادو”، حيث تنتشر فيها رائحة الياسمين العبقة التي تعد أهم ما يميز تلك المدينة.
وتظهر زهور الياسمين في رسوم ومنحوتات معبد قديم هناك، بينما وجدت نماذج وزخارف الياسمين طريقها إلى المجوهرات المحلية التقليدية، خاصة العقود، والحلقان، والأساور. ويزين المؤمنون بالهندوسية آلهتهم بباقات من الزهور، بينما لا تكتمل مراسم الزواج في المنطقة إذا لم تزين باقات الياسمين كل مكان في صالة العرس. وعلى الرغم من تعدد أنواع الياسمين في ولاية “تاميل نادو”، إلا أن زهور ياسمين مادوراي تعتبر محبوبة بشكل خاص على الصعيدين المحلي والعالمي.
فهي زهور رطبة الملمس، ناصعة البياض، مستطيلة الشكل، وتفوق رائحتها الجميلة رائحة أي نوع آخر من الياسمين، بينما يمكن لتلك الزهور نظراً لسمكها أن تظل نضرة، وأن تحتفظ برطوبتها لمدة يومين. لكن الياسمين لا يزرع فحسب في “مادوراي”، بل يمثل أيضا أسلوب حياة كامل، وهو يعد أيضا شكلا من أشكال الفن لا ينفصل عن العبادة، والحكمة، والثقافة القديمة، والمعاصرة.
في عام 2013، ونظراً لجهود من قبل الناشطين والمزارعين، خُصص وسم جغرافي باسم “جي آي” لهذا النوع من الزهور، لحمايتها بالقانون، ولتعزيز قيمتها.
تضع كثير من النساء في تلك الولاية خيطاً من زهور الياسمين على شعورهن، كعلامة للحظ الحسن؛ ويعد منظر بائعي زهور الياسمين في ضاحية “مادوراي” مألوفاً في هذه المدينة
“زهور ياسمين مادوراي لها شكل مميز، ورائحة وملمس يجعلانها مختلفة عن بقية الأنواع”، كما تقول مادان كومار، المسؤولة بمنظمة دان فاونديشن غير الحكومية في تقرير ، والتي لعبت دورا أساسيا في صدور وسم “جي آي” وفقا للتقرير الخاص بهذا الموضوع المنشور بموقع ” BBC travel“.
وتتقاضى النساء الهنديات 50 روبية مقابل كل حاوية تجنيها المرأة من الزهو، ويمكن لهن قطف 8 إلى 10 حاويات يومياً في موسم الذروة.
وتُنقل الزهور التي تجمع في سلال من الجلد أو القصب على الفور إلى “سوق مادوراي” المفتوح للزهور في ضاحية “ماتوتيفاني”، حيث يعرض البائعون من بضاعتهم اليومية للزبائن.
ومن الواضح أن هذا نوع من التجارة تتولى النساء العبء الأكبر منه، لكن الرجال هم من يكسبون أكثر المال في نهاية المطاف؛ كما أنه من الصعب على النساء اللائي لا حول لهن ولا قوة المنافسة في هذه الصناعة، حيث تكون التجارة متقلبة وتتأرجح فيها الأسعار بشكل كبير. بيد أن صناعة الأكاليل أكثر تعقيداً من صناعة قلادات الزهور، والحقيقة أن القليل من النساء تتاح لهن الفرصة لتعلم فن صناعة الأكاليل لأنها سر يحتفظ به الرجال في الغالب.
في عام 2013، ونظراً لجهود من قبل الناشطين والمزارعين، خُصص وسم جغرافي باسم “جي آي” لهذا النوع من الزهور، لحمايتها بالقانون، ولتعزيز قيمتها
وتعد الزهور شيء أساسي في حفلات الزواج بالهند، فلا تخلو مراسم الأعراس من أكاليل الزهور متعددة الأشكال والألوان، فعندما تنتقل العروس إلى بيت زوجها وأهلة وهو غالبًا البيت الذي ستعيش فيه معهم، حيث تبدأ يومها بالتعارف على منزلها الجديد والجلوس بين أهل العريس، وقبول الهدايا من أهل زوجها، وتقدم لهم الهدايا أيضًا، فهي تأتي مع أهلها في عربتهم مليئة بالورد والزهور والهدايا التي تقدمها لأهل زوجها ترضية منها لهم وتعبيرًا عن رضاها بالزواج وحبها.
وفي الزفاف الهندي التقليدي ، يبدأ الكاهن بالاحتفاليات تحت مظلة و التي صممت خصيصاً من أجل مراسم الزفاف، بوجود شعلة صغيرة من النار في الوسط .
بدايةً ، تقدم العروس اللبن و العسل للعريس تعبيرا عن النقاء و الحلاوة ، و من ثم تضع بودرة أو دقيق على يديها لتعبر عن قبول التغيير الذي طرأ على حياتها من امرأة غير متزوجة إلى زوجة . يسكب أبوها ماءً مقدساً ليمثل “تسليم” ابنته إلى العريس. يواجه العروس و العريس كلا منهما الآخر، و يقوم الكاهن بعقد ثيابهما سوياً ، ثم يقوم كل منهما بوضع حلقات من الزهور حول عنق الآخر و يبدّلان خواتمهما.