هل ضغطت إدارة ترامب على السعودية لإعادة ضخ النفط إلى مصر؟

أقِر إذن ضخ النفط السعودي إلى مصر مجددًا بعد إعلان وزير البترول المصري طارق الملا عن استئناف شركة أرامكو السعودية توريد شحناتها البترولية إلى بلاده بعد 5 أشهر من توقفها بشكل كامل، في الفترة التي واجهت فيها مصر صعوبات كثيرة في الحصول على إمدادات نفطية بديلة عن النفط السعودي.
ترامب يضغط على بن سلمان
في أكتوبر/تشرين الأول أوقفت شركة أرامكو صادراتها من المنتجات البترولية إلى مصر من دون إبداء أسباب من جانب الشركة السعودية، ولكن واضحًا بشكل كاف أن القطع كانت أسبابه استراتيجية سياسية بحته، إذ جاء كردة فعل على الموقف المصري في مجلس الأمن المؤيد للنظام السوري، والمناقض لأهداف السعودية في سوريا المناهض للنظام السوري، ومن جهة أخرى موقفها من إعادة ترسيم الحدود البحرية وتسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية والتي واجهتها طعون عديدة أركست هذه الخطوة.
وبعدها اضطرت الحكومة المصرية إلى الاستعانة بإمدادات نفطية من دول أخرى من إيران والكويت والعراق لتعويض الإمدادات المقطوعة من السعودية، إذ جرت اتفاقية بين مصر والعراق تم بموجبها تزويد مصر بنحو مليون برميل من النفط شهريًا اتبداءًا من شهر مارس/آذار الحالي، وحسب تصريحات سفير بغداد في القاهرة في 23 فبراير/شباط الماضي ذكر فيها أنه سيجري إنشاء خزانات عملاقة لتخزين النفط العراقي لتأخذ مصر احتياجاتها من النفط ويصدر الباقي إلى الأسواق العالمية في إطار مشروع لمد خطي أنابيب للنفط والغاز من حقول البصرة عبر الأردن.
واردات أرامكو لمصر تقدر بـ700 ألف طن من المشتقات البترولية لمصر شهريًا
إلا أن الاتفاقية مع أرامكو يبدو أنها برأي مراقبين كانت جذابة أكثر لمصر من مثيلتها مع العراق، وتراعي الظرف القاسي الذي يمر فيه الاقتصاد المصري من حيث شروط الدفع والتسهيلات الائتمانية وما شابه ذلك.
إذ وردت أرامكو لمصر اعتبارًا من مايو/أيار من العام الماضي 700 ألف طن من المشتقات البترولية لمصر شهريًا تشمل 400 ألف طن من السولار و200 ألف طن من البنزين و 100 ألف طن من زيت الوقود، وكان لها دور كبير في وفرة العرض النفطي الموجود في مصر، والتأثير على السعر المحلي للمحروقات.
كما تقترب قيمة اتفاقية أرامكو مع القاهرة من 23 مليار دولار على مدى 15 عامًا على أن يقوم صندوق الاستثمارات السعودي بتسديد قيمة الدفعات لأرامكو فيما يحصل الصندوق قيمة النفط من مصر لاحقًا بفائدة 2% وبقيمة النفط لحظة استحقاق القسط، وهذه المدة كافية للخروج من حنق الأزمة الآنية التي وقع فيها الاقتصاد المصري بسبب ممارسات الحكومة وإملاءات صندوق النقد الدولي.
وفي نهاية الشهر الحالي مارس/آذار ستصل الشحنات البترولية الجديدة من أرامكو بنفس الكميات المنصوص عليها في الاتفاق بشكل مفاجئ، علمًا أن شركة أرامكو لم تذكر أسباب إيقاف أرامكو عن العمل بالاتفاق وقرار العودة بالعمل به.
وفي تفسير هذه الحركة يشير محللون أن الوضع الاقتصادي المتأزم الذي وصل إليه الاقتصاد المصري والأزمة البترولية المحلية هناك، دعت الحكومة المصرية لتشكو إلى الولايات المتحدة الأزمة الاقتصادية والبترولية والضغط الموجود عليها من السعودية بعد قطع الإمدادات النفطية من قبل أرامكو، فضغط الرئيس ترامب على محمد بن سلمان الذي يقوم بزيارة إلى واشنطن في هذه الأثناء لرفع الحظر عن البترول السعودي إلى مصر. وهو يؤكد أن مصر لم تجد بديلا عن النفط السعودي والشروط الخاصة بإمداداتها النفطية ومن جهة أخرى فمصر لا تريد الاستغناء عن الدعم السعودي السخي لمصر وبالأخص المالي والذي بلغ منذ يونيو/حزيران 2013 قرابة 9 مليارات دولار حسب تصريحات سابقة لوزيرة التعاون الدولي سحر نصر.
تعتزم الحكومة المصرية زيادة أسعار المنتجات البترولية بنسبة 40% خلال يوليو/تموز القادم
ومن المتوقع أن يكون هناك جلسة مشاورات على مستوى وزراء خارجية البلدين السعودية ومصر قبل القمة العربية المزمع عقدها في الأردن نهاية الشهر الحالي، بينما يعتمد إجراء لقاء على مستوى السيسي وولي ولي العهد على مدى الليونة التي سيلمسها الجانب السعودي في اللقاء الأول فيما يخص حل القضايا العالقة بين البلدين، وفي مقدمتها القضية السورية وقضية تيران وصنافير.
تدهور في الاقتصاد المصري
الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها مصر حاليًا وخصوصًا في قطاع الطاقة في الفترة الماضية والتي شهدت قطع الإمدادات السعودية، أجبرتها لإقرار قرارات صعبة كرفع سعر البنزين إلى 5 جنيهات مع أول يوليو/تموز القادم بعد إقرار الموازنة الجديدة، فحسب مسؤول في وزارة المالية المصرية إن الحكومة تعتزم زيادة أسعار المنتجات البترولية بنسبة 40% خلال يوليو/تموز القادم في إطار برنامج لخفض دعم الوقود مثل البنزين والسولار والغاز.
بلغ الدعم المالي للسعودية إلى مصر منذ يونيو/حزيران 2013 قرابة 9 مليارات دولار
حيث تستهدف الحكومة تقليص الدعم عن المنتجات البترولية وخدمات أخرى في موازنة العام المالي الجديد 2016 / 2017 الذي يبدأ بحلول يوليو/تموز عبر زيادة أسعار الكهرباء والمياه والمشتقات البترولية والغاز، تطبيقًا لطلبات صندوق النقد الدولي لخفض العجز الحكومي خلال العام المالي القادم كشرط للإفراج عن الشريحة الثانية للقرض البالغ 12 مليار دولار. وتفيد تقارير رسمية عن وصول معدل التضخم إلى مستويات هي الأكبر منذ 75 عامًا، بسبب انسحاب الحكومة من دعم السلع والخدمات الأساسية ما انعكس على أسعار تلك السلع.