كشفت مجلة “نيوزويك” الامريكية أن الوكالة المركزية للاستخبارات الأمريكية (سي آي إيه)، ساعدت الجيش السعودي لتوقيع صفقة أسلحة صينية.
وجاء في التقرير -الذي أعده جيف ستين- أن السعودية ظلت الغرفة الخلفية في لعبة السلاح النووي في منطقة الشرق الأوسط، وقبلت بلعب دور الممول للمشروع النووي الباكستاني والطموحات النووية العراقية في عهد صدام حسين؛ لمواجهة طموحات عدوتها التقليدية إيران.
وينقل التقرير عن مصدر في الاستخبارت قوله إن السعودية اشترت صواريخ باليستية من الصين عام 2007 بصفقة لم يتم الإعلان عنها، ولقيت دعما سريا من واشنطن؛ حيث اشترطت الأخيرة تأكد ضباط “سي أي إيه” من أن هذه الصواريخ ليست مصممة لحمل رؤوس نووية.
لكن مع حرب الخليج الأولى أثبتت الصواريخ التي اشترتها السعودية من الصين عام 1988 عدم نجاعتها، ولم تكن قادرة على الرد على صواريخ سكود التي أطلقها صدام حسين. وهو ما ورد في مذكرات الأمير خالد بن سلطان الذي كان في حينه قائد قوات سلاح الجو السعودية.
وبنهاية الحرب بدأ السعوديون بالبحث عن أسلحة بديلة، ووجدوها في الصين أيضا، ولكن على خلاف صفقة عام 1988 عندما ضايق السعوديون الامريكيون بالصفقة السرية، قرروا هذه المرة إرضاء الأمريكيين ولعبت “سي أي إيه” دور رفيق اللعب.
وفي سلسلة من اللقاءات السرية في مقر الوكالة المركزية بلانغلي- فرجينيا، وفي جلسات طعام في المطاعم القريبة، ناقش المسؤولون الأمنيون من كلا الجانبين طرق الحصول على الصواريخ الصينية.
وبعد سنوات ناقش الامريكيون والسعوديون في ربيع عام 2007 الترتيبات الحساسة، لدرجة أن ستيفن كيبس نائب مدير الاستخبارات في حينه طلب إخفاء المصاريف اللوجيستية تحت عنوان غامض “دعم عملياتي”، والذي قدر بما بنحو 600-700 ألف دولار؛ مما أدى لشكوى عالية من فريق الدعم بالوكالة.
وبناء على الترتيبات التي عرف بها عدد محدود من المسؤولين منهم: مايكل موريل نائب المدير، رئيس دائرة الاستخبارات جون كيرغين، ومدير مكتب سي أي إيه في الرياض.
وبحسب كتاب “الوطني المفقود”، يزعم جوناثان شيرك، المحلل السابق في “سي أي إيه” الذي حلل تقارير أمنية عن السعودية كمتعهد في الفترة ما بين 2005- 2007، يزعم أن الصين بدأت تزويد السعودية بنظام صواريخ باليستية بمصادقة من إدارة بوش. ولكن المجلة تقول إن ليس كل ما في كتاب شيرك غير صحيح.
وتشير المجلة إلى أن السعوديين يتصرفون -ومنذ سنوات- بطريقة من يريد أن يُعرف العالم منظومتهم الصارخية.
في مقال نشره جيفري لويس مدير مركز جيمس مارتن لأبحاث منع انتشار الأسلحة في معهد الدراسات الدولية، في مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، قال أنه “خلال السنوات الماضية بدأت السعودية تتحدث عن قوتها الصاروخية الاستراتيجية”. وبهذه الطريقة تلمح السعودية إلى أنها “اشترت على الأقل نوعان من الصواريخ الباليستية”.
ويضيف لويس إن الامير خالد الذي كان نائبا لوزير الدفاع “قص الشريط لمركز جديد في الرياض للمنظومة الصواريخ الاستراتيجية، ونشر السعوديون صورا لداخل وخارج البناية.
وهذا جدول يوضح مواقع قواعد الصواريخ السعودية التي لم تحاول السعودية إخفاءها
وأكثر من هذا، فمنذ عام 2007 تقوم الصحافة بتغطية حفلات تخريج دفعات في منظومة الصواريخ الاستراتيجية من المدرسة في وادي الدواسر، خاصة في حالة حضور شخصية مهمة التخريج. هذه الصورة مثلا توضح اللواء الركن جار الله بن محمد العلويط، مسؤول “قوة الصواريخ الاستراتيجية”
ولكن أهم هذه الصور هي صورة الأمير فهد، نائب وزير الدفاع السعودي أثناء زيارة لمقر قوة الصواريخ، وأثناء تسلمه هدية تحتوي مجسمات لثلاث صواريخ. الأول هو الصاروخ الصيني الذي حصلت عليه السعودية عام 1988 لكن ماذا عن الاثنين الباقيين؟
الصاروخين يبدو أحدهما دي إف 21 والثاني لسنا متأكدين من أي مكان حصلت عليه السعودية، باكستان ربما!
وتعتبر الصواريخ ذات المدى القصير “دي أف-21 إيست ويند” تطورا نوعيا على الصواريخ التي حصلت السعودية عليها سرا عام 1988 “دي أف-3”. ودي إف 21 يمكنها أيضا، في نسخ منها، حمل رؤوس نووية بحسب لويس، وبالإضافة لهذا فيمكن إطلاق الصواريخ هذه بسرعة كبيرة.
لكن محلليْن عسكريين تابعين للمخابرات الأمريكية زارا السعودية، وفتشا على شحنات الصواريخ، وتأكدا من التصميمات، وأنها ليست معدة لحمل رؤوس نووية.
يقول لويس أن المهم في الأمر ليس “لماذا اشترت السعودية الصواريخ؟” لكن السؤال الحقيقي هو “لماذا تنشر السعودية هذه الأخبار الآن؟”
ويجيب لويس قائلا إن السعودية لديها قلق كبير بشأن إيران ما يجعل من المهم للسعودية أن تعلن للعالم عن قدراتها. فالصواريخ الباليستية الجديدة والمعروفة بـ”سي أس أس-5″ بلغة الناتو، تتميز بالدقة في إصابة الهدف على الرغم من مداها القصير “مما يجعلها أكثر نفعا حالة استخدمت ضد “أهداف ثمينة” في طهران مثل القصور الرئاسية بحسب لويس.
صورة توضح صواريخ CSS-5 من بين عدد من الصواريخ الأخرى