لا تزال الفواعل الرئيسية في معركة الرقة غير متفقة بعد على موعد إطلاقها في ظل وجود عدة خلافات تكتنف المشهد في الشمال وتعرقل اتخاذ قرار حاسم بشأن المعركة، وحتى موعد إطلاقها تحاول أنقرة وحلفاؤها المحليين في سوريا رفع فرص إشراكها في المعركة.
الأكراد: معركة الرقة قريبة
أعلن القائد العام لمليشيا “وحدات حماية الشعب الكردية” سيبان حمّو أن موعد انطلاق المعركة هو بداية نيسان/ أبريل القادم، وسوف تشكل المليشيا ما نسبته 25% من المقاتلين المشاركين في “حملة تحرير الرقة” كما أسماها في تصريحات لوكالة رويترز، وأضاف “لن تكون هناك مشكلة مع النظام السوري رغم المواجهات العسكرية التي حدثت مسبقًا وأولويتنا محاربة الإرهاب أينما كان في سوريا فنحن جزء منها”، مؤكدًا أن الترتيبات للهجوم تعد في مرحلة متقدمة، موضحًا أن الجاهزية القتالية من ناحية العدد والعتاد وأعداد المقاتلين كافية خاصة بعد أن تم تطويق المدينة وعزلها من الجهات الثلاثة غربًا وشمالًا وشرقًا”.
بينما لم يصدر من الجانب الأمريكي أي تصريح رسمي يؤكد موعد إطلاق المعركة، بل إن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) جيف ديفيس قال إنه لم يتخذ بعد قرارًا بشأن هجوم الرقة”، ومن جهة أخرى فإن التقارب الحالي بين تركيا وروسيا في الزيارة الأخيرة أعاد خلط الأوراق من جديد في خطوة تسعى فيها تركيا لضمان أمنها القومي بعدم السماح للقوات الكردية بتأسيس كيان كردي في الشمال السوري.
ستشكل ميليشيا حماية الشعب الكردية ما نسبته 25% من المقاتلين المشاركين في حملة تحرير الرقة
إذ كشف الرئيس الروسي بوتين أن لقاءه مع نظيره التركي أردوغان في 10 من مارس/ آذار الحالي شهد ترسيم خطط مستقبلية في سياق محاربة الإرهاب في سوريا والتسوية السياسية فيه، بعد التقارب الروسي التركي الأخير، وهذا يشير أن هناك توافق روسي تركي على تعطيل أي دور كردي في الشمال السوري من شأنه أن يقيم كيانًا لهم.
إذ تصر تركيا على عدم إشراك مليشيا وحدات الشعب الكردية التي تعتبرها إرهابية في المعركة المرتقبة على الرقة، كما أن تركيا بعدما وضعت نصب عينيها السيطرة على منبج حالت واشنطن دون ذلك بإدخالها قوات أمريكية للردع والطمأنة إلى المدينة ومنع أي اقتتال، وهو إشارة ضمنية إلى استبعاد أنقرة من عملية الرقة وإيقافها عند هذا الحد بالشكل الذي يهدد نجاح المنطقة الآمنة في الشمال.
وبالنسبة لأنقرة فإن الاشتباك مع وحدات الحماية الكردية لا مفر منه في هذه الظروف، ففي حالة الهجوم من محور تل أبيض في شمال الرقة من الأراضي التركية، أو في حالة الهجوم على مدينة منبج شرق حلب، سيكون هناك صدام مع المليشيا الكردية قبل التوجه إلى الرقة.
تشير تجهيزات المعركة وحيثياتها حتى الآن أن المعركة ستنحصر في دور عسكري للأكراد وتساندهم قوة أمريكية على الأرض
وفي ظل عدم وجود تصريحات روسية وأمريكية ومن أطراف أخرى عن موعد إطلاق الهجوم، فقد يندرج إعلان المليشيا الكردية عن موعد إطلاق المعركة بأنه استفزاز لتركيا والجيش السوري الحر المدعوم من قبلها، إذ أفادت قيادات عسكرية من الجيش الحر أن إعلان موعد المعركة هدفه تغييب الجيش التركي وقوات الجيش الحر المنضوية في عملية درع الفرات عن معركة الرقة، وأشارت أن معركة طرد تنظيم الدولة من الرقة لن تكون دون مشاركة الجيش السوري الحر والجيش التركي.
تشير تجهيزات المعركة وحيثياتها حتى الآن أن المعركة ستنحصر في دور عسكري للأكراد وتساندهم قوة أمريكية على الأرض، وفي هذا السياق تشير مصادر محلية في الحسكة أن ثمة قوات أمريكية خاصة توجد في قاعدة الرميلان العسكرية في محافظة الحسكة شمال شرق سوريا إضافة إلى قوات من البشمركة العراقية تنتشر في مدينة تل أبيض شمال الرقة في إطار الاستعدادات لبدء معركة الرقة.
الأكراد والأمريكيون في خندق واحد
استبعاد أنقرة وحلفائها من العملية في الرقة والتطورات السريعة في ريف حلب الشرقي خلال الأسبوع الماضي الذي شهد سيطرة قوات النظام السوري على بلدة الخفسة والاتجاه إلى محور دير حافر – مسكنة، والتي لا تعارضها واشنطن وحلفاؤها على الأرض، دفعت الأطراف العربية في الجزيرة والفرات إلى عقد مؤتمر في مدينة أورفا التركية يوم الثلاثاء الماضي، كما جاء في موقع المدن، في محاولة جديدة للعب دور في المعركة أو فيما بعد تحرير الرقة.
بدأت داعش ترتب للانتقال نحو بادية الشام
إذ طُرح في المؤتمر تشكيل جيش عشائر منطقة الجزيرة والفرات يشرف عليه ضباط سوريون منشقون عن النظام مع القيادات الثورية في الجيش الحر، وجسم سياسي ينسق الأعمال العسكرية والسياسية والمدنية، للمشاركة في عمليات تحرير منطقة الجزيرة والفرات، وسيكون لهذا الجيش مراكز تدريب في تركيا قبل أن تنتقل بعد التحرير إلى سوريا.
وحتى موعد إطلاق معركة الرقة وشن هجوم على المدينة يبدو أن داعش وحسب مصادر من داخلها بدأت ترتب للانتقال نحو بادية الشام وهذا في حال تم فعلًا، فإنها تجهز لمعركة مفتوحة في البادية السورية المفتوحة على سوريا والأردن والعراق والسعودية بحيث يسهل عليها الحركة وإضعاف فرصة القضاء عليها، فهل تحيل السيطرة على مدينة الرقة نقل الصراع إلى مكان آخر في الجغرافية السورية؟ أم أن داعش ستتلاشى وتنتهي في البادية السورية!