تتجه الأوضاع في ليبيا إلى مزيد التأزم والتعقيد، في ظل تقدّم قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر على الأرض، وارتكابها لعديد الجرائم، وتهديد حفتر بالهجوم على طرابلس في مسعى منه لإعادة التوازنات، في الوقت الذي أكّدت فيه “المجموعة الرباعية” ضرورة اعتماد الحوار والوقف الفوري للعمليات العسكرية للخروج من الأزمة التي تشهدها البلاد.
حفتر يهدّد باقتحام طرابلس
بعد إعادة سيطرتها على الموانئ النفطية في منطقة الهلال النفطي، سيطرت القوات الموالية للواء المتقاعد خليفة حفتر على منطقة قنفودة جنوب غربي بنغازي، السبت الماضي، بعد عملية الإخلاء السريعة والخروج الجماعي لمقاتلي مجلس شورى الثوار منها، لتتوقّف بذلك العمليات العسكرية في غرب بنغازي بعد اشتداد وطأتها في العام الماضي وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام
وقد تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر عدة جثث لمقاتلي مجلس شورى ثوار بنغازي ملقاة داخل موقف للسيارات أمام ثلاجة الموتى بمركز بنغازي الطبي، وأشارت تقارير اعلامية إلى هرب عديد المقاتلين والمدنيين فيما يزال مصير العشرات مجهولا.
استنكر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني (طرابلس)، تهديدات حفتر، بدخول العاصمة طرابلس بقوة السلاح
قبل ذلك، وعد خليفة حفتر، في كلمة عبر الهاتف، أنصاره في طرابلس باقتراب الاستجابة لمطلبهم باقتحام المدينة، قائلا إن “أصواتكم وصلتني، وأن قواتنا قريبة جدا من العاصمة“. وذلك بعد نشر مسلحين لبيان مصور عبروا من خلاله عن استعدادهم لاقتحام مقار المجموعات المسلحة في طرابلس، وتنفيذ أوامر حفتر، كما نادت مجموعات أخرى، خلال احتجاجات شعبية الجمعة الماضية، بدخول حفتر للعاصمة.
في مقابل ذلك، استنكر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني (طرابلس)، تهديدات حفتر، بدخول العاصمة طرابلس بقوة السلاح، محذرا في الوقت نفسه من دخول البلاد في حمام دم يقضي على كل مساعي الوفاق بحسب تعبير بيان للمجلس، صدر أمس الأحد.
مظاهرات داعمة لحفتر في طرابلس
وأدان نفس البيان، الشعارات والهتافات التي صدرت من متظاهري الساحة الخضراء الجمعة الماضية، والتي دعت لعودة الجيش والشرطة لطرابلس واصفا إياها بالداعية إلى “الكراهية والمحرضة على الفتنة”، وصدر هذا البيان في أعقاب اقتحام عدد من ثوار طرابلس مقر المجلس الرئاسي في قاعدة أبو ستة البحرية احتجاجا على بيان المجلس من أحداث الجمعة الماضي المتعلق بتفريق مظاهرة رفعت شعارات مؤيدة لعملية الكرامة، وصف فيه المظاهرات بحرية التعبير وهو ما استفز تلك الثوار.
نبش القبور والتنكيل بالجثث
عقب سيطرتهم على منطقة قنفودة غرب بنغازي، حيث كان يتحصن مقاتلو مجلس شورى ثوار بنغازي في آخر مواقعهم مع مدنيين عالقين، قام المقاتلون التابعون لحفتر بعديد الجرائم والانتهاكات لحقوق الإنسان، فحتى القبور والجثث لم تسلم منهم، الأمر الذي لقي استهجانا كبيرا وواسعا على مستوى البلاد لمخالفته الشريعة الاسلامية.
قوات حفتر تنبش القبور وتمثل بالجثث في بنغازي
وأقدم مسلحو حفتر، حسب ما نقلت وسائل اعلامية، على نبش قبر جثة القائد العسكري البارز بمجلس الثوار جلال المخزوم الذي دفن منذ نحو ستة أيام بعد وفاته في منطقة العمارات 12. متأثرا بجراحه. ووضعت جثة المخزوم على سيارة وتجول بها مقاتلو قوات حفتر في بنغازي وسط حالة من هستيريا الفرح وإطلاق الرصاص والصراخ والسب والشتم والبصاق عليها، وعقب ذلك قاموا بشنقها أمام معسكر قوات الصاعقة تشفيا في صاحبها.
إدانة لجرائم حفتر
في مقابل ذلك، أعلن المجلس الأعلى للدولة برئاسة عبد الرحمن السويحلي عن نيته مخاطبة المحكمة الجنائية الدولية ومجلس الأمن لفتح تحقيق بشأن نبش قوات حفتر قبور مقاتلي مجلس شورى بنغازي، وأصدر المجلس بيانا قال فيه إنه بصدد مخاطبة الجنائية الدولية ومجلس الأمن وبعثة الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاديْن الأوروبي والأفريقي، وذلك لفتح تحقيق في جرائم نبش قبور والتمثيل بالجثث نفذته قوات حفتر. كما دانَ المجلس الأعلى للدولة الانتهاكات والاعتقالات التي تعرض لها مئات من أبناء منطقة الهلال النفطي على أيدي قوات عملية الكرامة.
طالب المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني بتقديم الجناة إلى العدالة لينالوا جزاءهم
من جهته أصدر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، بيانا دعا فيه أعيان قبائل شرق ليبيا والشخصيات السياسية والنشطاء ووسائل الإعلام ومسؤولي المؤسسات العسكرية والأمنية إلى استنكار ما قام به من نسبوا أنفسهم للجيش الليبي في مدينة بنغازي شرق ليبيا من نبش للقبور وتمثيل بالجثث، ومطالبا بتقديم الجناة إلى العدالة لينالوا جزاءهم.
وكان السرّاج قد استنكر قد عبر عن إدانته لنبش القبور ولتمثيل بالجثث، مؤكدًا أن ليبيا “لن تكون تحت حكم فردي أو عسكري.” وقال السراج في كلمة له أمس الأحد، عبر قناة «ليبيا الرسمية» تحدث خلالها عن التطورات الأخيرة التي شهدتها العاصمة طرابلس ومدينة بنغازي، بحسب ما نقلته إدارة الإعلام والتواصل برئاسة مجلس الوزراء عبر صفحتها على موقع “فيسبوك”، “تابعنا وباستياء شديد ما قام به بعض ممن نسبوا أنفسهم إلى قوات الجيش الليبي في مدينة بنغازي من عملية نبش للقبور وتمثيل بجثث الموتى بصورة وحشية بعيدة كل البعد عن قيمنا وأخلاقنا وديننا”، متعهدًا بعمل «كل الممكن لتقديم الجناة إلى العدالة لينالوا جزاءهم ويكونوا عبرة لمن يعتبر.”
رئيس حكومة الوفاق الوطني، فائو السراج
بدوره، أرجع وزير دفاع حكومة الوفاق الوطني المهدي البرغثي، انتهاكات قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر لحقوق الإنسان في منطقة قنفودة، إلى ما وصفه بـ “حكم العسكر البغيض“. وأكد البرغثي في بيان له الأحد، أنه لا يمكن للوفاق أن يستمر في ليبيا أو أن ينجح، طالما اللواء المتقاعد حفتر جزء من المشهد السياسي والأمني الليبي، وأنه لا يمكن اختزال المؤسسة العسكرية في شخصه، والذي سيعمل على إذلال الضباط والجنود قبل المواطن البسيط.
مطالب بوقف الاقتتال
في غضون ذلك طالبت كل من جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، في أعقاب اجتماع لهم في القاهرة، بضرورة الوقف الفوري للعمليات العسكرية والتخفيف من حدة الوضع في ليبيا، وشددت المجموعة الرباعية على أنه “لا يوجد أي حل عسكري للصراع وعلى أنه لا يمكن تسوية الوضع الراهن والمأزق السياسي إلا من خلال الحوار والتزام كافة الأطراف وأصحاب المصلحة الليبيين بحل خلافاتهم بشكل توافقي في إطار الاتفاق السياسي الليبي.”
طالبت الرباعية بضرورة الحوار
وطالبت المجموعة في بيانها، المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني ببسط سيطرته على الوضع الأمني في كافة أنحاء المدينة وفقا لأحكام الاتفاق السياسي الليبي. مشددة على أنه “لا ينبغي لهذه التطورات أن تقوض الخطوات الهامة التي اتخذتها الأطراف الليبية والتي دعمتها الجهود الدولية والإقليمية لصياغة توافق عريض وشامل في اتجاه تنفيذ الاتفاق السياسي الليبي”.