في بلد مثل العراق يعيش وسط حالة من الإستقطاب المتأزم في زمن صعود عالمي للشعبوية على حساب التفكير المنطقي للأشياء من السهل جدًا أن تفكر كل طوائف الجتمع العراقي بطريقة بعيدة جدًا عن الواقع والحقائق، مما يجعل واجب تبيان الحقائق وفرز الأوراق التي تخلط بشكل متعمد واجب إعلامي وبحثي يقع على كاهل النخبة العراقية.
في هذا التقرير أقوم بتسليط الضوء على عدد من النقاط الإعلامية التي تعتبر من الأمور التي يؤمن بها عدد غير قليل من العراقين حسب توجهم الطائفي أو المذهبي، وهي مخالفة بشكل تام للحقيقة وفق دلائل واضحة لأي متابع عاقل.
نظرية 7 في 7
وهي نظرية مشهورة عن لسان النائب في البرلمان العراقي حنان الفتلاوي، حيث طالبت بالتوازن في عدد القتلى قائلة: “أريد عندما ينقتلون 7 شيعة ينقتلون كبالهم 7 سنة” موعزة ذلك بتحقيق التوازن المنشورد.
كما لعب الإعلام بدوره في تأجيج أن التفجيرات كانت تحدث في مناطق محددة في العراق دون غيرها ولسبب طائفي لكن الحقائق تدحضهذه النظرية فقد ظهرت دراسة في صحيفة الغارديًا توضح خريطة للتفجيرات التي وقعت في الأعوام ما بين 2004 حتى نهاية 2009 لتظهر حقيقة أن التفجيرات لم تكن تميز بين سني أو شيعي ولا لون ولا قومية فقد ضربت التفجيرات كل تجمع سكاني في العراق بشكل واضح على الخريطة، على خلاف ما هو معلن.
النقاط الحمراء ترمز لمكان حدوث إنفجار وتتمركز في مراكز المدن العراقية
كل مناطق العاصمة العراقية بغداد تحمل الصبغة الحمراء دلالة على وقوع إنفجار
إعمار الجنوب دون بقية العراق
يعتقد كثير من سنة العراق أن الحكومة تتعمد منهجية عدم إعمار مناطقهم ومؤسساتهم لغرض طائفي أو عنصري محملين المذهب سبب عدم نهضة مناطقهم، متناسين حجم الفساد الذي يضرب الدولة العراقية بكل أجنحتها “السنة والشيعية”، وأن وضع الإعمار في جنوب العراق ليس أفضل حال من شماله وغرب ولعل أبرز مثال صارخ لهذه الحالة هو مشروع “مطار الناصرية الدولي” الذي إفتتحته وزارة النقل العراقية كمشروع منجز ليتبين أن الحكومة لم تنجز غير لافتة كبيرة تحول قاعدة الإمام علي العسكرية الى مطار الناصرية الدولي بمسرحية مضحكة.
حيث ظهرت صور لناشطين وإعلاميين عراقيين يوثقون حجم المهزلة فلا حقيقة لوجود صالة مسافرين ولا أي بناء يمكن أن يطلق عليه “صالة مطار” لكن تم تمرير الأمر وإعتباره إنجاز وطني حسب على محافظة الناصرية.
رغم أن المدينة “شيعية” ووزير النقل “شيعي” إن صح التعبير، لكن مع ذلك لم يكن المشروع بالمستوى المطلوب إن صح تسميته مشروع أصلاً في ظل إستهتار واضح بعقول المجتمع الشيعي قبل السني في العراق.
الصورة خلال حفل إفتتاح مطار الناصرية الدولي
الصورة بعد حفل إفتتاح مطار الناصرية الدولي
الخلل في منظومة الفساد لا الطائفة
مما لا شك فيه أن هناك إنتهاكات لحقوق الإنسان وتدمير وحرب في العراق تحت بند الطائفية والمذهبية، يشترك فيه متطرفون من كل المذاهب، لكن المؤكد أن أي حادث في العراق يسوق بالبعد الطائفي هناك خلفه أبعاد أخرى هي الأساس والهدف واستخدم الطائفية والشعبوية كأداة للوصول لتلك الأهداف أبرزها الصراع على السلطة والمال.
ولأجل جعل الطائفية والمذهبية وتر مؤثر تم زرع مفهوم المظلومية بين طوائف المجتمع العراقي فتجد الجميع ينادي بأنه مظلوم الأمر الذي يدفعنا للبحث عن الظالم المشترك وهو في رأي الشخصي هو “السياسي الفاسد” بغض النظر هل كان سنيًا أم شيعيًا ولا أجده يهتم هو أيضًا للمذهب والدين بقدر ما يمكن استخدامه كشماعة لتمرير هذا الكم الهائل من الخراب المشرعن تحت بند الطائفة.