ترجمة وتحرير نون بوست
قامت صحيفة “لوموند” الفرنسية بتحليل المقترحات الرئيسية لمرشحي الرئاسة الفرنسية: فرنسوا فيون، وبنوا هامون، ومارين لوبان، وايمانويل ماكرون وجان لوك ميلانشون.
موقف فرنسوا فيون
دعا المرشح الجمهوري إلى اتخاذ التدابير اللازمة لجعل “أوروبا أكثر أمانا لشركاتنا”. فضلا عن ذلك، حث فيون على تعزيز التبادل مع الشركاء العالميين لفرنسا من أجل فتح الأسواق المحلية مع احترام المعايير البيئية والاجتماعية. من جهة أخرى، أعرب فيون عن رفضه التام لأن يخضع اقتصاد السوق للصين، وشدد على ضرورة تكريس “ضمانات أفضل” لتركيز قواعد عملية لمحاربة “الإغراق التجاري”.
التحليل
في الواقع، يبدو فيون غير متحمس بخصوص السياسة التجارية للاتحاد الأوروبي، إلا أنه لم يبد اعتراضا بشأنها من الناحية الجوهرية. وتعتبر مقترحات فيون في هذا المجال كلاسيكية، حيث اقترحت سابقا عدة مشاريع مشابهة على طاولة النقاش في بروكسيل. وخلال شهر كانون الأول/ديسمبر من سنة 2016، قررت أوروبا عدم تحميل الصين مشكلة اقتصاد السوق بصفة مباشرة، إذ أنها ليست على استعداد لايقاف التطبيع مع الصين على المستوى الاقتصادي، إلا إذا ضمنت نجاعة وسائل الدفاع الاقتصادية المستخدمة لمواجهة الإغراق التجاري.
دعا المرشح الجمهوري إلى اتخاذ التدابير اللازمة لجعل “أوروبا أكثر أمانا لشركاتنا”. فضلا عن ذلك، حث فيون على تعزيز التبادل مع الشركاء العالميين لفرنسا من أجل فتح الأسواق المحلية مع احترام المعايير البيئية والاجتماعية
وفي هذا الإطار، قدم فيون مقترحا يهدف للحد من سبل نفاذ دول العالم الثالث، التي لا تشاطرها الانفتاح ذاته، إلى الأسواق الأوروبية. وفي السياق نفسه، دعا فيون، في العديد من مناسبات إلى تعزيز الحوار مع موسكو، حيث اقترح بناء شراكة تجارية جديدة مع روسيا. في المقابل، يفتقر خطاب فيون للمصداقية فيما يتعلق بفتح الأسواق الفرنسية على مصراعيها أمام روسيا، نظرا للعقوبات التجارية الأوروبية المسلطة ضد الكرملين، وطبعا دون أن نخوض في تفاصيل الثغرة الموجودة في هذا المقترح، الذي يتضارب مع تطلعات المرشح اليميني بخصوص احترام المعايير البيئية والاجتماعية…
بنوا هامون
وعد مرشح الحزب الاشتراكي بتعليق العمل باتفاق التبادل الحر بين كل من الاتحاد الأوروبي وكندا، واقترح “تركيز “حواجز اقتصادية على حدود الاتحاد الأوروبي”. وفي الوقت نفسه، طالب هامون بصياغة نموذج جديد من التعاون بين دول الاتحاد يرتكز أساسا على احترام “التقدم الاجتماعي والبيئي”. كذلك، يطمح بنوا هامون إلى الرقي بالصناعات الفرنسية وإتاحة المجال للشركات الفرنسية الصغرى والمتوسطة، من خلال فتح 50 بالمائة من السوق العمومية.
التحليل
في الحقيقة، تبنى هامون مبدأ الدفاع عن المنتوج الفرنسي تماما مثل زميله في الحزب الاشتراكي آرنو مونتبورغ، الذي شدد على فكرة تعزيز المنتوج المحلي الفرنسي من خلال تقديم الدولة لجملة من المناقصات بشكل عام أو عن طريق جهود السلطات المحلية لكل إقليم، بشكل خاص. والجدير بالذكر أن مختلف الدول الأوروبية قد ناقشت سابقا فكرة تقديم امتيازات للشركات الصغرى والمتوسطة، أي أن هامون لم يكن سباقا في طرح هذه المسألة.
وعد مرشح الحزب الاشتراكي بتعليق العمل باتفاق التبادل الحر بين كل من الاتحاد الأوروبي وكندا، واقترح “تركيز “حواجز اقتصادية على حدود الاتحاد الأوروبي”.
في المقابل، في حال تم تفضيل الشركات الفرنسية على غيرها من الشركات، فمن المرجح أن يهدد ذلك استمرارية “اتفاق السوق المحلية” المبرم مع منظمة التجارة العالمية. وقد يترتب عن ذلك أيضا، خرق الاتفاقات الأوروبية، التي وعد هامون بعدم تجاوزها. ومن الناحية النظرية، من الممكن أن يفرض هامون معايير جديدة، على غرار تشجيع الشركات المحلية على استخدام “البصمة الكربونية”. أما فيما يتعلق بمسألة فتح 50 بالمائة من السوق العمومية، فإن ذلك هدف صعب المنال.
من جهته، انتقد هامون أوروبا نظرا لتقاعسها عن إيجاد حلول للحد من وطأة العولمة، حيث ندد بالاتفاق الأوروبي الأخير للتجارة الحرة مع كندا. وفي الأثناء، تبدو باقي مقترحات هامون مبهمة وغير واضحة. أما بالنسبة لمقترحه القاضي “بتركيز حواجز” لمقاومة سياسة الإغراق الاجتماعي والبيئي، فمن وجهة نظر تطبيقية، يمكن أن يخلف هذا المقترح نوعا من “التعقيد الإداري” في إدارة العلاقات التجارية مع الشركاء.
مارين لوبان
في الواقع، يمكن التعبير عن عقيدة لوبان الاقتصادية في كلمتين “تركيز نظام حمائي ناجع وإعادة التداول بالعملة الوطنية”. علاوة على ذلك، دعت لوبان إلى إيلاء الشركات الفرنسية الأولوية فيما يخص المناقصات العامة. فضلا عن ذلك، أكدت لوبان على ضرورة الرفع في قيمة الضريبة على المنتجات المستوردة بنسبة 3 بالمائة، وذلك بهدف خلق قوة شرائية متميزة.
التحليل
في الحقيقة، تتنافى الحمائية التي تطالب بها لوبان مع قواعد الاتحاد، التي تنص على السياسة التجارية تعتبر من المشمولات الحصرية للاتحاد الأوروبي. وبالتالي، فإن تطبيق مثل هذا المقترح يعني بالضرورة خروج فرنسا من الإتحاد الأوروبي، وهو ما تتطلع إلى تحقيقه مرشحة الجبهة الوطنية، التي وعدت بتنظيم استفتاء في هذا الشأن بعد فوزها بالانتخابات. وتجدر الإشارة إلى أن لوبان تطمح لتأسيس سيادة تجارية مستقلة عن أوروبا، الأمر الذي يراه العديد من الفرنسيين على أنه “رهان محفوف بالمخاطر” يهدد الاقتصاد الفرنسي.
يمكن التعبير عن عقيدة لوبان الاقتصادية في كلمتين “تركيز نظام حمائي ناجع وإعادة التداول بالعملة الوطنية”
من جانب آخر، وفي حال تم توقيع اتفاق تبادل حر أوروبي صيني، فإن فرنسا، التي تحظى بحوالي 3.3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ستضطر لتقديم أكبر نسبة من التنازلات مقارنة بباقي أعضاء الاتحاد، لصالح الصين. أما إذا انسحبت فرنسا من السوق المشتركة الأوروبية، فإن باريس ستكون مجبرة على إعادة تشكيل علاقاتها التجارية مع الاتحاد الأوروبي، علما وأنه يستقبل 60 بالمائة من صادرات فرنسا.
بشكل أوضح، يمكن أن تدفع بادرة مارين لوبان الحمائية، دولا أخرى للنسج على منوال فرنسا، والانغلاق اقتصاديا على نفسها، مما يشكل خطرا على القطاعات الحيوية للاقتصاد الفرنسي وعلى رأسها، قطاع النبيذ، وقطاع الرفاهية وصناعات الملاحة الجوية. ولا يجب أن ننسى أن السوق الفرنسية صغيرة ولا تقدر بمفردها على احتواء كل ما ينتجه الفرنسيون.
جان لوك ميلانشون
طالب ميلانشون بتركيز “حمائية تضامنية” في صلب الاتحاد الأوروبي، التي تقضي بالترفيع في قيمة الرسوم الجمركية، والتي تشمل بلدان تعاني من محدودية الحقوق الاجتماعية والبيئية. ومن المرجح أن يتضاعف احتمال خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي في حال فشلت في فرض حمائية أوروبية ناجعة. وفي الوقت نفسه، وعد ميلانشون بشجب معاهدات التجارة الحرة.
التحليل
عموما، يدافع ميلانشون على منطق “الانطواء الوطني”، حيث صرح أنه “وجب علينا التركيز على الإنتاج المحلي خاصة في القطاعات التي نتقنها. وفي الوقت ذاته، من الضروري أن نمد يد العون للدول التي تفتقر لتقاليد محددة في مجال آليات الإنتاج الخاصة”. علاوة على ذلك، من الضروري أن تكون عملية تجديد آليات الإنتاج المثمر مرفقة بتدابير قوية لحماية العلامات التجارية. من جهة أخرى، على الدولة أن تعمل على تقليص واردات المنتجات التي لا تتلاءم مع المعايير الاجتماعية والبيئية لفرنسا.
طالب ميلانشون بتركيز “حمائية تضامنية” في صلب الاتحاد الأوروبي، التي تقضي بالترفيع في قيمة الرسوم الجمركية، والتي تشمل بلدان تعاني من محدودية الحقوق الاجتماعية والبيئية
في المقابل، يظل مشروع ميلانشون الطموح متضارب مع القوانين الأوروبية، خاصة وأن مثل هذه الخطوة قد تكون بمثابة ضربة موجعة للمقدرة الشرائية، في حين أن الانفتاح على الأسواق العالمية، تحديدا البلدان التي تتسم بتكاليف منخفضة، من شأنه أن يخفف من غلاء الأسعار على المستهلكين.
إيمانويل ماكرون
دعا إيمانويل ماكرون إلى تعزيز آليات مكافحة الإغراق التجاري في قلب الاتحاد الأوروبي. كما اقترح ماكرون إنشاء “محكمة تجارية أوروبية، لتراقب مدى التزام الشركاء الأوروبيين بالاتفاقات المبرمة بينهم”. فضلا عن أن ماكرون دافع عن فكرة إنشاء ” قانون الشراء الأوروبي”.
التحليل
في الحقيقة، لا تعد فكرة “قانون الشراء الأوروبي” وليدة اللحظة. فقد تبناها نيكولا ساركوزي في برنامجه الانتخابي خلال الانتخابات الرئاسية في سنة 2012، مع العلم أنه قد استوحى هذا المفهوم من “قانون الشراء الأمريكي”، الذي طبق في ثلاثينات القرن الماضي والذي ساعد الشركات الأمريكية في حفاظ على جزء من السوق المحلي.
دعا إيمانويل ماكرون إلى تعزيز آليات مكافحة الإغراق التجاري في قلب الاتحاد الأوروبي
خلافا لذلك، من المستبعد أن ينجح ذلك في أوروبا، خاصة وأن بعض البلدان في الاتحاد قد أعربت عن معارضتها الشرسة تجاه هذا المقترح، وخاصة من قبل بلدان الشمال الأوروبي. من جانب آخر، تنسجم المقترحات الأخرى لماكرون مع ما يريده ويفكر فيه الأوروبيون كما أنها مطابقة للالتزامات الفرنسية مع منظمة التجارة العالمية.
المصدر: لوموند