خلال أيام قليلة تعرض السلطات المصرية مشروع الموازنة العامة للعام المالي 2017/2018 على السلطة التشريعية بالبلاد، للموافقة عليه أو رفضه أو تعديله، وفقا لدستور البلاد، وتبدأ السنة المالية لمصر مطلع يوليو وتنتهي أواخر يونية.
تحظى الموازنة العامة للعام المالي المقبل باهتمام الشارع المصري والأوساط الاقتصادية المختلفة، حيث أنها الأولى عقب تحرير سعر الصرف في الثالث من نوفمبر 2016، والأولى تحت رعاية صندوق النقد الدولي.
بحسب تصريحات الدكتور عمرو الجارحي، وزير المالية المصرية، يستهدف مشروع الموازنة الوصول بعجز الموازنة المتنامي أخيرًا إلى 9.9% ، بقيمة 400 مليار جنيه من جملة الناتج المحلي الاجمالي المقدر بنحو 4.1 تريليون جنيه، مقابل 12% مستهدف العام المالي الجاري، وخفض مستويات الدين العام ليبلغ 94% من الناتج المحلي مقابل 98% مستهدف.
لم تختلف مستهدفات الحكومة المصرية عن تلك التي كشفت عنها وثيقة اتفاقية قرض صندوق النقد الدولي، منتصف يناير الماضي ( وقعّت السلطات المصرية اتفاقية مع صندوق النقد الدولي في أغسطس 2016 للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار، على مدار ثلاث سنوات).
مصر بلد مستورد، حيث بلغت فاتورة الاستيراد لعام 2015/2016 نحو 70 مليار دولار، وبلغت واردات المنتجات البترولية دون غيرها 9.3 مليار دولار العام الماضي
علينا أن ندرك أن مصر بلد مستورد، حيث بلغت فاتورة الاستيراد لعام 2015/2016 نحو 70 مليار دولار، وبلغت واردات المنتجات البترولية دون غيرها 9.3 مليار دولار العام الماضي، وخلال الربع الأول من العام المالي الحالي سجلت فاتورة الاستيراد للقمح فقط 13.9 مليار دولار، بحسب إحصائيات مركز مجلس معلومات مجلس الوزارء المصري.
سؤال يطرح نفسه ما هو السبيل لتحقيق ما تم إعلانه؟ خاصة بعد تحرير سعر الصرف، الذي ألزم وزارة المالية باعتماد سعر الدولار عند 16 جنيها في مشروع الموازونة الجديد، وفقا لوزير المالية، بدلاً من تسعة جنيهات في الموازنة الراهنة.
اتهجت الحكومة المصرية أخيرًا نظام ضريبي أشبه ما يكون بالجباية، لتعظيم إيراداتها السيادية، بنحو 32 مليار جنيه، من خلال تطبيق الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 13% العام المالي الجاري، تزيد بالمشروع الجديد بنقطة مئوية، لتصل إلى 14%، والقيمة المضافة لم تستثني أيًا من الخدمات أو السلع، على خلاف الضريبة العامة على المبيعات، التي كانت تستثني ما يقارب 17 سلعة وخدمة، وبنسبة 10%.
كما عملت السلطات المصرية على توسيع القاعدة الضريبية العقارية، لتبلغ ملياري جنيه في مشروع الموازنة الجديد، مقابل مليار في العام المالي 2015/2016، فضلا عن تطبيق ضريبة دمغة تعاملات البورصة بـ 1.25 في الألف على البائع والمشتري.
في المقابل، وفقا لبرنامج الاصلاح الاقتصادي المصري، ستستكمل الحكومة خفض الانفاق العام، خاصة فيما يتعلق بالدعم سواء دعم الطاقة أو الكهرباء أو الأجور والمرتبات والمنح.
في سبيل تحقيق العجز المعلن، تتجه الحكومة المصرية إلى تطبيق إجراءات مؤلمة وتقشفية، يدفع ثمنها الفقراء ومحدودي الدخل، برعاية صندوق النقد الدولي
خفّضت الحكومة المصرية العام المالي الجاري دعم الكهرباء والطاقة بنسب تراوحت بين 30:70%، ومن المقرر أن تلغي الدعم عن القطاعين نهائيًا بمشروع الموازنة العامة للعام المالي 2018/2019.
فيما يتعلق بخفض مستوى المديونية، لا شك أن زيادة الحصيلة الضريبية يساهم في ذلك، لكن أتوقع أن يخفّض البنك المركزي المصري معدلات الفائدة بنسبة 3%، وهي النسبة التي أقرها عقب قرار التعويم، وذلك لأن الحكومة المصرية أكبر المتضررين بزيادة معدلات الفائدة، حيث بلغت التزاماتها تجاه البنوك والمؤسسات المالية في سبتمبر 2016 بنحو 2.56 تريليون جنيه.
الخلاصة في سبيل تحقيق العجز المعلن، تتجه الحكومة المصرية إلى تطبيق إجراءات مؤلمة وتقشفية، يدفع ثمنها الفقراء ومحدودي الدخل، برعاية صندوق النقد الدولي.