يحظى الحديث حول خطورة الوضع في درعا السورية، على الاستقرار الأمني الوطني الأردني باهتمام واسع محليا، حتى بات حديث كثير من الصالونات السياسية، فيما تناوله كتاب في مقالاتهم بعد تحول الأمور في الميدان لصالح جيش خالد بن الوليد التابع، لتنظيم “داعش” في درعا.
فالمعارك الضارية التي اندلعت مؤخرا في سوريا على الحدود الشمالية للمملكة وتحديدا في ريف درعا، تشكل تحديا كبيرا للأردن لأن القذائف طالت أراضيه.
فالمؤشرات الدولية السياسية والميدانية الاقليمية، توحي بأن هناك حربا وشيكة في جنوب سوريا على الحدود الشمالية للأردن مع انتهاء معركة الباب، وأن الأردن سيكون جزءا من هذه الحرب بتوافق وتنسيق أمريكي روسي.
فكما هيأت معركة حلب لمعركة الباب بقيادة تركيا من خلال درع الفرات، فإن هذا الدرع فيما يبدو سيهيء لمثله في الجنوب السوري بقيادة الأردن.
وكانت فصائل معارضة سورية بدأت مؤخرا معركة “الموت ولا المذلة”، للسيطرة على حي المنشية في درعا البلد، ما أدى إلى اندلاع معارك عنيفة مع قوات النظام السوري بعد جمود المواجهات في هذه المنطقة منذ فترة طويلة.
أسوأ الاحتمالات المتوقعة
وبحسب أستاذ علم السياسة الدكتور أحمد سعيد نوفل، فإنه “في ضوء تهيؤ الأردن لأسوأ الاحتمالات مع وجود داعش على بعد خطوات قليلة من الحدود، اتخذت القوات المسلحة إجراءات عسكرية طارئة على الحدود، بعد تحركات جيش خالد بن الوليد المتواجدة في درعا”.
وتساءل نوفل في حديث لـ”أردن الإخبارية” قائلا “هل تعني الإجراءات العسكرية الأردنية المتمثلة بزيادة المدرعات العسكرية على الحدود، بأن الجيش يتهيأ للتدخل في اللحظة المناسبة؟”.
هدف الأردن هو دفع كل التنظيمات الإسلامية العسكرية المتشددة عن منطقة الجنوب السوري
ورأى نوفل أنه “من الطبيعي أن تشهد الحدود الأردنية السورية معارك ضارية بهدف فرض واقع جديد على الأرض، خاصة بعد انتهاء معركة حلب”. وأشار نوفل إلى أن “الاردن أرسل رسائل لاحتواء الموقف قبل تفجيره”، منوها إلى أن “ضربات سلاح الجو الملكي الأخيرة كانت من تلك الرسائل”.
وأفاد نوفل بأن “هدف الأردن هو دفع كل التنظيمات الإسلامية العسكرية المتشددة عن منطقة الجنوب السوري، ففي ذلك قام الطيران الأردني بشن هجمات استهدفت تلك التنظيمات، ما يعني أن استراتيجية الأردن الحالية تستند الى تأمين الحدود”.
تطورات دراماتيكية في المشهد العسكري
ووفقا للمحلل السياسي الدكتور محمد أبو رمان، فإن فالموقف العسكري والأمني الجديد يعقد الأوضاع في درعا أكثر، إذ كان الأردن قد نجح خلال الأشهر الماضية في إقرار تفاهمات مع الروس، وسعى أخيرا إلى تطويرها لإقامة “منطقة آمنة” تمتد من التنف في أقصى الحدود الجنوبية الشرقية لسوريا، وصولاً إلى الجولان المحتل بما يحمي سكان المنطقة أولاً، ويشكّل فرصة لتحسين الأوضاع الاقتصادية، وربما إعادة نسبة من اللاجئين السوريين إلى مناطقهم، بعد ضمان أمنهم الإنساني.
“هناك تطورات دراماتيكية تحدث في درعا، وهناك ألغام تزرع بكثافة حالياً ضد فكرة المنطقة الآمنة، ما يعني أن حجم التحدي أصبح كبيرا، بينما يرفض الأردن أن يكون البديل عن الجيش الحر على حدوده هو الحرس الثوري الإيراني وحزب الله
وقال أبو رمان في مقال له تحت عنوان “الأردن وألغام درعا” إن “المشكلة في تناقض الأجندات الدولية والمحلية، إذ لا يبدي النظام السوري ومعه الإيرانيون ارتياحا لمشروع المناطق الآمنة، لكنهم لا يسعون إلى مواجهته بصورة مباشرة خشية الاصطدام مع الروس”.
وأردف أبو رمان بقوله “لذلك لجؤوا إلى تخريب الهدنة عبر قصف مواقع المعارضة ومحاولة الوصول إلى منطقة الجمرك الحدودية، ما دفع بالمعارضة إلى الاستنفار والإعلان عن بدء عملية “الموت ولا المذلة” في درعا، لذلك يسعى الجيش النظامي إلى إشعال درعا للتشكيك بقدرة الأردن على إقامة المناطق الآمنة في الجنوب”.
ورأى أبو رمان أن “هناك تطورات دراماتيكية تحدث في درعا، وهناك ألغام تزرع بكثافة حالياً ضد فكرة المنطقة الآمنة، ما يعني أن حجم التحدي أصبح كبيرا، بينما يرفض الأردن أن يكون البديل عن الجيش الحر على حدوده هو الحرس الثوري الإيراني وحزب الله”.
سياسة الحدود الآمنة
وبحسب الخبير الأمني العميد المتقاعد حسين الطراونة، فإن قواتنا المسلحة قادرة على حماية حدودنا رغم ما تشهده درعا من كثافة للغارات الجوية من قبل الروس والنظام السوري.
وقال الطراونة لـ”أردن الإخبارية” إن “الأردن لا يريد خوض معارك على أراضيه، في حين من المتوقع أن تكون الايام المقبلة حرجة سواء على المستوى العسكري أو السياسي”.
“هناك من يرى بضرورة التدخل تكتيكيا لضبط الجبهة في درعا بشكل يخدم مصالح المملكة، والقيام بموقف مشابه لما قامت به تركيا من طرد الجماعات المسلحة في شمال سوريا”
وأشار الطراونة إلى أن “الأردن اتخذ سياسة الحدود الآمنة وهذا خيار استراتيجي لا بد منه”، لافتا إلى أن “ما جرى أخيرا من معارك في درعا يعني إما أن التنظيمات خرجت عن السيطرة، أو أنها تعمل وفقا للتفاهمات الأردنية حتى يتم تسخين الجبهة لتحسين شروط المفاوضات في أستانة”.
ولفت الطراونة إلى أن “هناك من يرى بضرورة التدخل تكتيكيا لضبط الجبهة في درعا بشكل يخدم مصالح المملكة، والقيام بموقف مشابه لما قامت به تركيا من طرد الجماعات المسلحة في شمال سوريا”.
“درع فرات” أردني؟
وطبقا للكاتب فؤاد بطاينة، فإنه مقابل انخراط تركيا في الأزمة السورية منذ بداياتها من خلال استخدام الفصائل السورية، واتخاذها مواقف معلنة من الأزمة وكلها كأوراق مقايضة لحساب مصالحها واهتماماتها، تأخر الأردن واتخذ سياسة هلامية بل تأخر في اختراق فصائل الإرهاب.
وأشار بطاينة في مقال له تحت عنوان “ماذا لو أقبل الأردن على درع فرات؟” إلى أن “الأردن نشط متأخرا وامتلك قاعدة بيانات استخبارية واسعة عن التنظيمات، وتمكن من إقامة تفاهمات مع بعض الفصائل المعارضة، وقد كان هذا النجاح الأردني سببا في تقرب الدول المهتمة منه مثل روسيا”.
“المطلوب من الأردن أن يحسب جيدا التداعيات المحتملة أو المترتبة على المنطقة الأمنة على حدوده”
ولفت بطاينة إلى أن “الصورة الميدانية الآن في جنوب سوريا تتقاسمها أطراف عديدة، تعكس تناقض الانتماءت والأهداف منها الجيش السوري وحزب الله ومنظمات الحرس الثوري الايراني، وداعش والنصرة والجيش الحر، وما سمي مؤخرا بهيئة تحرير الشام”.
ورأى بطاينة أن “المطلوب من الأردن أن يحسب جيدا التداعيات المحتملة أو المترتبة على المنطقة الأمنة على حدوده، والكيفية والجهات التي ستديرها خلال الفترة الطويلة التي تسبق تقنين التقسيم بالمفاوضات، فقد تكون ملجأ متاخما للإرهابيين وللمتآمرين ولضخ الأموال والسلاح، وقد تكون المنفذ المعتم والرهيب لبلدنا وإدخاله في الطبخة من أوسع أبوابها”.
المصدر: أردن الإخبارية