هل تجدي فلسفة “الاقتصاد المقاوم” التي يدعو إليها خامنئي لإنقاذ إيران من العقوبات؟

جدد المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي أمس الإثنين الدعوة الى تبني ما أسماه “الاقتصاد المقاوم الذي يجعل الإنتاج المحلي أولوية”، فما هو هذا النوع من الاقتصاد ولماذا دعا خامنئي إلى ذلك في هذا الوقت؟
الاقتصاد المقاوم
دعا المرشد الأعلى في إيران في كلمة متلفزة له بمناسبة رأس السنة الفارسية الجديدة، المسؤولين إلى التركيز على قضايا رئيسية أهمها “الإنتاج الداخلي وفرص العمل” وقال أنه يدرك مشاعر الشعب، خاصة بين أبناء الطبقة العاملة منهم في وجه الصعوبات الاقتصادية ومن بينها التضخم والبطالة وانعدام المساواة الاجتماعية.
ليست المرة الأولى التي يدعو فيها المرشد الأعلى لاتباع “الاقتصاد المقاوم” كنموذج جديد للاقتصاد الذي يحقق أهداف إيران لجهة التحرر من قيود النظام الرأسمالي العالمي الحاكم كما يشير لذلك في خطاباته، ويحول دون أن يتدهور الوضع الاقتصادي للبلاد خلال الأزمات والتعرض للصدمات.
الاقتصاد المقاوم كمصطلح هو هجين لم يتحدث به أي من المفكرين الاقتصاديين
والاقتصاد المقاوم كمصطلح في الاقتصاد هو هجين لم يتحدث به أي من المفكرين الاقتصاديين، ولم يتبع من قبل أي من دول العالم، على أنه وجد كطريقة للتعامل مع العقوبات ضد بلد أو منطقة في الحالات التي لا يسمح لها في الاستيراد والتصدير، وهو مقترح من إيران بسبب العقوبات الاقتصادية والتجارية التي تقودها الولايات المتحدة ضدها. ذكر مرشد إيران أن هذا النوع من الاقتصادات هو نمط من “النظام الاقتصادي الإسلامي” علمًا أنه لا يوجد دولة إسلامية أو عربية تتبع نظام الاقتصاد الإسلامي بشكل صرف، ولا يزال النظام بحد ذاته مختلف عليه فيما إذا يشكل طريقة جيدة وفعالة لإدارة موارد البلاد أم لا!.
استخدم المصطلح للمرة الأولى في العام 2005 في قطاع غزة بعد الحصار الإسرائيلي الذي فرضته إسرائيل على القطاع، ومن ثم جاء على لسان خامنئي أكثر من مرة منذ العام 2012 بهدف تعزيز الاعتماد على الذات اقتصاديًا كما ذكر في خطاباته.
أما أسس هذا الاقتصاد تبعًا لرؤية خامنئي وتخص إيران نفسها، عبارة عن 10 عناصر ذكرها في خطبه وأولها: الحيوية في اقتصاد البلاد وتحسين المؤشرات الاقتصادية العامة، وقدرة المقاومة أمام العوامل التي يمكن أن تشكل تهديدًا عليها، والاعتماد على الطاقات الداخلية، والعنصر الرابع الذي أشار إليه المرشد هو الحاجة للتخطيط والنهضة العلمية والعزيمة، والعنصر الخامس هو الاعتماد على الشعب محورًا والعنصر السادس هو توفير أمن السلع الاستراتيجية.
لا يزال الاقتصاد الإيراني يواجه عزوف الشركات الكبرى عن الاستثمار في إيران واستمرار تجميد الأرصدة الإيرانية في البنوك الأجنبية والتي تصل إلى 120 مليار دولار
والعنصر السابع هو خفض الاعتماد على عائدات النفط، والعنصر الثامن هو تعديل نمط الاستهلاك بمعنى تجنب الإسراف والتبذير بصورة جدية، والعنصر التاسع هو مكافحة الفساد من خلال التصدي للمفسدين الاقتصاديين والأشخاص الذين يلتفون على القانون. وأخيرًا استهداف اقتصاد العلم والمعرفة حيث أشار أن العلم يعتبر أهم البنى التحتية الاقتصادية لأي بلد.
نظريًا يمكن لإيران ولأي بلد أن تنجح في اتباع الوصفة التي عرضها خامنئي، ولكن المشكلة الرئيسية والتي قد تفشل هذا الاقتصاد برمته؛ في الاندماج مع منظومة الاقتصادي العالمي والمجتمع الدولي وفي سماحه لإيران باتباع هكذا أنموذج!.
الانتخابات الإيرانية المقبلة
تأتي هذه الكلمة قبل أقل من شهرين على موعد الانتخابات التي يتوقع أن يترشح فيها روحاني للمرة الثانية، رغم أنه يواجه انتقادات شديدة من المحافظين بسبب استمرار الركود الاقتصادي، وكان المرشد انتقد الشهر الماضي في ظاهرة علنية ونادرة؛ الرئيس الإيراني حسن روحاني، على الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وطالبه بأن يفعل المزيد لتحسين الاقتصاد والخروج من المشكلات الكبرى، كالبطالة والركود والتضخم، وقال خامنئي: “طلبت من الرئيس أن ينصح مديريه التنفيذيين أن تكون الإدارة شفافة وتحت الرقابة”.
سبة البطالة عند 12% بشكل عام وبنسبة الربع بين الشباب
الجدير بالذكر أن حكومة روحاني تنسب لنفسها أنها نجحت في تحقيق استقرار الاقتصاد منذ توليها السلطة في 2013، حيث تمكنت من خفض التضخم من 40% إلى أقل من 10%، وأنهت العقوبات الدولية بالتوصل الى اتفاق نووي مع القوى العالمية الكبرى. ولكن وعلى الرغم من انتعاش مبيعات النفط الإيراني، إلا أن النشاطات الاقتصادية لا تزال تعاني من ركود.
ولا تزال نسبة البطالة عند 12% بشكل عام وبنسبة الربع بين الشباب، حسب أحدث الأرقام الرسمية. ووقعت العديد من الشركات الأجنبية سلسلة من الاتفاقات مع إيران منذ التوصل الى الاتفاق النووي، إلا أنها لا تزال غير قادرة على القيام باستثمارات كبيرة هناك نظرًا لتردد البنوك العالمية بسبب مخاوف من استمرار العقوبات الأميركية.
ومن المؤشرات التي تدلل على ضعف الاقتصاد، العملة الإيرانية التي شهدت تراجعًا كبيرًا خلال الفترة الماضية بسبب ارتفاع قيمة الدولار في السوق العالمية بشكل عام، حيث بلغت قيمة الدولار في ديسمبر/كانون الأول 2016 نحو 41.5 ألف ريال إيراني مرتفعًا عن 35.7 ألف في سبتمبر/ أيلول.
وبخصوص نقطة الاتفاق النووي التي تفتخر فيها حكومة روحاني فيرى كثير من الإيرانيين أن مزايا الاتفاق النووي لم تصل إليهم بعد وإن أي مكاسب ربما تكون في خطر بسبب عدم رضا ترامب عن الاتفاق، إلى جانب احتدام لهجة ترامب حول إيران والتي تلمح إلى نوع من المواجهة العسكرية، كما أشار خبراء أن الاقتصاد لا يزال يواجه بعض العقبات منها عزوف الشركات الكبرى عن الاستثمار في البلاد واستمرار تجميد الأرصدة الإيرانية في البنوك الأجنبية في الخارج والتي تصل حسب تقديرات إلى 120 مليار دولار.