تبدأ غدًا الخميس 23 مارس/آذار الجولة الخامسة من مفاوضات جنيف بين النظام والمعارضة السورية، على صوت المدافع والقصف في جوبر والقابون وصوت الاشتباكات مع المعارضة التي تهدد بكسر خطوط الدفاعات الأولى للعاصمة دمشق، وتهدد وجود النظام السوري، فإن لم تنجح في الوصول إلى ساحة العباسيين فعلى الأقل تعطي دفعة أكبر للمعارضة السورية في المفاوضات التي ستعقد غدًا في جنيف، حيث أعلنت كل الوفود نيتها الحضور. وفي موازاة معارك دمشق انطلقت معارك أخرى لدعم معركة العاصمة، في القلمون ومحافظة حماة تمكن الثوار فيها من تحقيق خروقات كبيرة ضد النظام السوري في تلك الجبهات.
معركة دمشق مستمرة
بعيدًا عن الجبهة السياسية في دمشق نحو الجبهة العسكرية هناك، حيث استعاد الثوار جميع النقاط التي خسروها خلال اليومين الماضيين بعد إعلان فيلق الرحمن الجولة الثانية من المعركة بشن هجوم واسع بدأ صباح أمس الثلاثاء، ويسيطرون ناريًا على شارع فارس خوري وكراجات العباسيين، أجبرت النظام لنشر دبابات لأول مرة منذ بداية الثورة في ساحة العباسيين خوفًا من تقدم الثوار أكثر، كما استدعى النظام تعزيزات عسكرية كبيرة إلى خطوط الجبهة حيث لا تزال الاشتباكات متواصلة في كراجات العباسيين واستمرار القصف المدفعي والغارات الجوية على المنطقة في جوبر والقابون والغوطة الشرقية.
ونقلت مواقع معارضة محلية، تجدد الاشتباكات على أطراف حي جوبر صباح اليوم وسط ثبات المعارضة في منطقة الكراجات ومؤسسة الكهرباء على أطراف الحي، بالرغم من شدة القصف على قوات النظام السوري، كما سيطرت المعارضة على منطقة الزبلطالي القريبة من جوبر، فيما انخفضت وتيرة الاشتباكات بالقرب من شارع فارس الخوري بعد تراجع المعارضة فيه، مع بقاء السيطرة النارية عليه.
استعاد الثوار في معركة دمشق جميع النقاط التي خسروها خلال اليومين الماضيين
بينت معركة دمشق خلال الأيام الثلاثة الماضية أن إمكانية اختراق دفاعات النظام الأولى ممكنة وأن المعركة تعتمد على الكر والفر وأسلوب قتال الشوارع، بالإضافة إلى ضرورة تنسيق بقية فصائل الغوطة الشرقية لضمان دخولها في المعارك الدائرة في دمشق وتوسيع رقعة المعركة.
ونشر فيلق الرحمن مقطع فيديو يظهر لقطات مواقع المعركة في دمشق بداية من أحيائها الشرقية جوبر والقابون إلى ساحة العباسيين، ويظهر الفيديو بدقة عالية منطقة الاشتباكات وأعمدة الدخان وتضرر أحياء بسبب قصف النظام على منطقة المعارك، بالشكل الذي يكذب رواية النظام في وسائل إعلامه بعدم وجود شيء في دمشق.
فيديو يظهر خريطة المعركة في دمشق كما نشرها فيلق الرحمن
وبالتزامن مع المعارك في دمشق تمكنت قوات المعارضة من السيطرة على جبال القلمون الشرقي التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، وتهدف المعركة إلى وصل القلمون الشرقي بالبادية السورية المحاصرتين من قبل داعش. كما أعلنت المعارضة معركة في ريف حماة الشمالي باسم “وقل اعملوا” باغت فيها الثوار النظام بهجوم كبير من عدة محاور على مدينة صوران في ريف حماة الشمالي، تمكنوا على إثره بالسيطرة على كامل المدينة وبلدة معردس جنوب صوران، كما تمكنت من تدمير طائرتين حربيتين في استهداف لمطار حماة العسكري براجمات الصواريخ. واشترك في المعركة كل من هيئة تحرير الشام، وجيش النصر، وجيش العزة، وأجناد الشام، وجيش إدلب الحر، وفصائل أخرى.
وضمن هذا السياق رأى المجلس الإسلامي السوري في معركة دمشق بأنها مصيرية للجميع ولزوم التحرك بقيادة واحدة، داعيًا جميع الجبهات في سوريا لمساندة معركة دمشق وخصوصًا في درعا والجولان. ولا يزال جيش الإسلام غائبًا عن المعركة بذريعة عدم علمه بالمعركة وأنه لو علم سابقًا بالمعركة لما تخلف عنها، حسبما أشار الناطق باسم هيئة الأركان التابعة لجيش الإسلام، حمزة بيرقدار، وأضاف أن الجيش مستعد للزج بكل ثقله في المعارك الدائرة الآن في جوبر مشيرًا إلى التواصل مع المقاتلين لتنسيق العمل وإرسال المؤزرات.
جنيف 5 بدون ديمستروا
لا جديد في تركيبة الوفود المشاركة في المفاوضات، فوفد المعارضة المبثق عن الهيئة العليا للمفاوضات سيحضر برئاسة، نصر الحريري، وسيشارك أيضًا وفد النظام برئاسة بشار الجعفري بحضور الأطراف الدولية. وسيتم مناقشة الموضوعات المتفق عليها في الجلسة الماضية وهي الحكومة الانتقالية، وصياغة الدستور، وإجراء انتخابات، ومكافحة الإرهاب، بينما سيغيب ديمستورا عن الجلسة، وأن نائبه رمزي رمزي سيترأس المحادثات المقبلة.
وفد المعارضة السورية يصل اليوم الأربعاء إلى جنيف للمشاركة في المفاوضات
فبعد كل سنوات الود بين ديمستروا والنظام رفع الأخير الفيتو في وجهه ورفض استقباله في دمشق، بعدما كان من المقرر أن يلتقي مسؤولين في النظام، حيث استاء النظام من تصريحات ديمستورا التي أشار فيها أنه ليس من الممكن كتابة دستور جديد للبلاد في ظل النظام الحالي، ونقل عن النظام أن “ديمستورا بات شخصًا غير مرحب به في دمشق لا اليوم ولا في المستقبل”. وإنه لا يمكن إجراء انتخابات في ظل النظام الحالي في تلميح واضح على أن أي حل سياسي مستدام يتطلب تغييرًا سياسيًا جادًا في سوريا.
سيغيب ديمستورا عن جنيف 5 وسيترأس نائبه رمزي رمزي المحادثات المقبلة
يسعى النظام إلى عرقلة مسألة الانتقال السياسي في المفاوضات، لأنها تمس بالدرجة الأولى وجود النظام ورأس النظام، لذا يبدي تصلبًا في مسار جنيف كله في خطوة منه إما لعرقلته واستبداله بمسار أستانة أو لإغراقه بالتفاصيل لكسب الوقت حتى يغير المعادلة العسكرية على الأرض.
إلى ذلك يزور سوريا حاليًا وفد من مجلس الدوما الروسي وممثلين عن الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، لبحث مسألة تشكيل لجنة للعمل على الدستور السوري في مفاوضات جنيف وتشكيل لجنة دستورية في البرلمان السوري، وذكر رئيس الوفد الروسي أنه تم تباحث هاتين المسألتين في البرلمان السوري، كما تباحث الوفدين مع بشار الأسد مسألة مبادلة الأسرى وإقامة مناطق حكم ذاتي قومي في سوريا، بدون إبداء أي توضيحات أكثر في هذا الجانب.