هل حزب العمال الكردستاني النسخة الكردية لـ”داعش”؟

خرج أخيراً حزب العمال الكردستاني (PKK) من صمته ليرد على الدعوات التي تطالبه بالخروج من مدينة سنجار العراقية، والتي يتواجد فيها منذ أكثر من سنة ونصف، والتي سيطر عليها، بعد أن ساهم مع قوات البارزاني في تحرير هذه المدينة من سيطرة عناصر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
فقد أوردت جميع المواقع الإخبارية المحسوبة على التيارات السياسية الشيعية العراقية والداعمة لهذا الحزب، تصريحات القيادي في حزب العمال الكردستاني (PKK) “كاوه شيخ موس” يوم الأثنين الماضي، من أن “تركيا تخطط لشن هجوم وشيك على قضاء سنجار”.
بعد ذلك، خفف ذلك القيادي من حدة تصريحاته تلك، موضحاً، أن “قوات الـ (PKK)، ما تزال تتصدى للهجمات التي تشنها تركيا وميليشياتها ومرتزقتها على مدينة سنجار وشعبها في محاولة للعبث بأمنها بعد تحريرها من سيطرة داعش”، في إشارة إلى الاشتباكات المسلحة التي حدثت بين قوات حزبه وبين مليشيا ما يسمى بيشمركة “روج أفا” وهي قوة شُكلت من أكراد سوريا، ودربت في العراق بدعم من مسعود البرزاني، رئيس إقليم كردستان العراق، والذي يقيم علاقات جيدة مع تركيا.
ولم ينسى القيادي “كاوة” التأكيد على تحدي الدعوات لخروج قوات حزبه من سنجار بالقول “أنه لا توجد اي مباحثات مع اي طرف بشأن انسحابنا من سنجار، مؤكدا أنه لا يمكننا الانسحاب في ظل الظروف الراهنة ودون وجود ضمانات حقيقية، نافياً في الوقت نفسه، وجود مباحثات بشأن خروجهم من القضاء”.
حينما ظهر مسعود البارزاني على جبل سنجار المطل على مدينتها، ليعلن تحرير مدينة سنجار، كان هناك غصة تحول دون اكتمال فرحته في هذا الانتصار، تتمثل بسيطرة ال (PKK ) على المدينة
حينما ظهر مسعود البارزاني على جبل سنجار المطل على مدينتها، ليعلن تحرير مدينة سنجار، كان هناك غصة تحول دون اكتمال فرحته في هذا الانتصار، تتمثل بسيطرة ال (PKK) على المدينة، فقد أصدر هذا الحزب بياناً لوسائل الاعلام، أعلن فيه أن تحرير مدينة سنجار كان بمشاركة قواتهم وقوات “وحدات حماية الشعب” و”وحدات حماية المرأة” الكرديين السوريين، باعتبارهم فرعين لحزبه في سوريا. هذا الأمر أكده أيضاً بيان “الاتحاد الوطني الكردستاني”.
البارزاني اضطر للاستعانة بـ (PKK)
كان البارزاني مضطراً لطلب المساعدة من حزب العمال لتحرير سنجار، حيث انضمّ حزب العمّال الكردستاني إلى قوّات إقليم كردستان وأرسل وحدة قوامها 500 عنصر من قاعدته في جبال قنديل إلى سنجار. وأعلنت قيادة حزب العمال الكردستاني حينها، أنّها ستسحب قواتها بعد تحرير سنجار. لكن ليس هذا ما حصل. فبعد تحرير سنجار من داعش، بقي حزب العمال الكردستاني في المدينة. بالرغم من انذارات حكومة إقليم كردستان لحزب العمال الكردستاني بالمغادرة، إلا أنّ الحزب قام بأنشاء وحدات مقاومة سنجار المؤلّفة من الأكراد الأيزيديّين واستقرّ في المكان لأجل غير مسمى.
تربط حزب ال (PKK) علاقة وثيقة بالمحور الإيراني، والمتمثلة بحزب الاتحاد الكردستاني بزعامة جلال الطالباني وبمليشيا الحشد الشعبي الشيعي العراقي، بالإضافة إلى الدعم الذي يستلمه من الحكومة العراقية واعتباره جزءً من الحشد الشعبي الشيعي العراقي
وتربط حزب ال (PKK) علاقة وثيقة بالمحور الإيراني، والمتمثلة بحزب الاتحاد الكردستاني بزعامة جلال الطالباني وبمليشيا الحشد الشعبي الشيعي العراقي، بالإضافة إلى الدعم الذي يستلمه من الحكومة العراقية واعتباره جزءً من الحشد الشعبي الشيعي العراقي، ناهيك عن العلاقة المباشرة مع قوات الحرس الثوري الإيراني الذي يدعمه بالسلاح. كما وأن سيطرة مقاتلي حزب “العمال الكردستاني” على المدينة تشير إلى أن “التحالف الدولي” أعتمد عليه بصورة أساسية في حربه ضد تنظيم “الدولة” في سنجار إضافة إلى قوات مقربة الحلف الإيراني-الروسي المتمثلة بحزب بالحزبين الكرديين السوريين.
لا حليف للبارزاني سوى تركيا
يبقى أن البارزاني في هذا الصراع الكردي – الكردي لا يملك حليفاً سوى تركيا لتساعده في صراعه ذلك، كما وأن البارزاني متمسك بالحليف التركي، لآنها الدولة الوحيدة التي ليست لها اعتراضات كبيرة، حول طموحاته لتأسيس دولة كردية مستقلة. لوحظ في زيارة البارزاني الأخيرة لتركيا، رفع العلم الكردي لجانب العلم التركي، اعترافاً من الاتراك بحق الاكراد بتأسيس دولة مستقلة في كردستان.
ولكن كيف نفهم هذه التضحية التركية بالاستعداد للاعتراف بدولة كردية مجاورة لها، في الوقت الذي فيما يعتبر هذا الأمر من المحرمات في السياسة التركية؟ أغلب الضن انها تريد أن تكسب البارزاني كحليف لها في محاربة حزب العمال الكردستاني وفرعيه الوجودين في سوريا، واللذان يشكلان خطراً قومياً على تركيا أكبر بكثير من خطر دولة كردية صغيرة في شمال العراق، معتمدة بشكل كلي على الدعم التركي.
هل تركيا حقاً قادرة على مهاجمة PKK في سنجار؟
على ما يبدو أن تركيا لا تمتلك القدرة على شن هجوماً على هذا الحزب في سنجار، نظراً للفيتو الذي يمكن ان ترفعه عليها (أمريكا ترامب) كما فعلت ذلك في مدينة منبج السورية حينما تعمدت تسير دوريات لقوات المارينز الأمريكية داخل هذه المدينة، للحيلولة دون هجوم الجيش الحر على المدينة بمساعدة الجيش التركي، واتفقت مع الروس على جلب قوات النظام السوري، إلى تلك المنطقة لكي تبقى منطقة عازلة بينهم وبين الاكراد هناك، ذلك لأن ضرب القوات النظامية السورية من قبل الاتراك، يجعل القوات التركية قوات احتلال للدولة السورية.
نفس الحال في سنجار، فمن المتوقع أن تستعمل الحكومة العراقية نفس الحجة، للحيلولة دون تدخل الجيش التركي في هذه المدينة، ناهيك عن الصعوبات اللوجستية التي يمكن ان تعترض دخول قوات تركية لتلك المنطقة، فالقوات التركية المتواجدة في بعشيقة، هي أقل قدرة عسكرية، لقيادة مثل تلك العملية بالإضافة.
تحاول أن تستفيد إيران من تواجد حزب العمال كورقة مساومة مع تركيا، وعلى ما يبدو أن الأوراق التي تلعب بها إيران هي أكثر بكثير من الأوراق التي تلعب فيها تركيا التي لا تمتلك سوى البارزاني كلاعب موالي لها
الأمر الآخر تحاول أن تستفيد إيران من تواجد هذا الحزب كورقة مساومة مع تركيا، وعلى ما يبدو ان الأوراق التي تلعب بها إيران هي أكثر بكثير من الأوراق التي تلعب فيها تركيا التي لا تمتلك سوى البارزاني كلاعب موالي لها، أضافة للقوات الكردية التي انشئها البارزاني من الاكراد السوريين والتي تسمى بيشمركة ” روجا افا” والتي لها رؤية مختلفة عن مليشيات “حدات حماية الشعوب pyd” بالإضافة إلى القوات العربية بقيادة أثيل النجيفي، والتي أثبتت فشلها عسكرياً حينما تمت محاصرتها من قبل الحكومية وعدم السماح لها بالاشتراك بتحرير الموصل، او في مسك الأرض المحررة من مدينة الموصل.
ومن هذا فإنها تحاول أن تستفاد من البارزاني والقوات السورية الموالية له لمحاربة حزب العمال الكردستاني بالنيابة عنها. وحتى التحذير الذي قامت به الحكومة الامريكية بنهاية عهد أوباما، للحزب وضرورة خروجه من سنجار، سوف لن يكون له أدنى أهمية في عهد ترامب، الذي ضرب بسياسة اوباما عرض الحائط، وبدأ استراتيجية جديدة ربما لا يكون لتركيا ومصالحها أية أولوية فيها.
ومن هذا نستطيع تفسير هذه الجرأة من حزب العمال، حينما يؤكد اصراره على البقاء في هذه المدينة، ذلك لآنه متأكد من أن تركيا لا تستطيع ان تفعل شيئاً ضده وهي في هذه الظروف الحالية، وأن حلفاء تركيا في المنطقة، سوف لن يستطيعوا إزاحة هذا الحزب بقدراتهم الذاتية. وهو الذي يتلقى الدعم الغربي أوربياً وأمريكياً.
لماذا سنجار مهمة لحزب العمال؟
الشيء المحير في الأمر، هو مالذي يجعل حزب مسلح دائرة اهتمامه هي الساحة الكردية في تركيا، يمكن أن يكون له اهتمام في مدينة خارج منطقة نشاطاته العسكرية؟ يقول “محمد ألكيس” الباحث في شؤون الشّرق الأوسط والأكراد: (يسعى حزب العمال الكردستاني لتلميع صورته وتعزيز شرعيّته. فهو يحاول محو ادّعاء تركيا المتكرّر بأنّه “تنظيم إرهابي”، وهي صورة توافق عليها الولايات المتّحدة والاتّحاد الأوروبي. فهو يريد إنشاء علاقات مع تلك الدّول واكتساب شرعيّة في السّياسات الدّوليّة، من خلال محاربة داعش.)
وأضاف الباحث (ان حزب العمال الكردستاني يحاول التّفوّق على الحزب الدّيمقراطي الكردستاني بقيادة البارزاني، عبر تحوّله إلى طرف فاعل في الموصل. وفي الواقع، تنظر القوى العالمية إلى الأكراد كجهة إقليميّة فاعلة وهذا يؤدّي أحيانًا إلى منافسة شرسة بين أكراد حزب العمّال الكردستاني وأكراد الحزب الدّيمقراطي الكردستاني)
أن حزب العمال الكردستاني يعتقد، إنّ الاستيلاء على سنجار، سيحمي كردستان الغربيّة في سوريا، من خلال ربط جغرافي ولأول مرة بين قنديل ومناطق الاكراد في سوريا عبر سنجار وكردستان العراق.
ولادة امة جديدة ام نهايتها؟
يرى المراقب لساحة كردستان بأجزائها الأربعة والموزعة على أربعة دول، إنها تموج الأن بتنظيمات مسلحة كردية ذات ولاءات متعددة، وكل فصيل له توجهاته وأيدولوجيته المختلفة عن البقية، بل أن التنظيمات الكبرى فيها، قد أسست تنظيمات أخرى أصغر منها تدور بفلكها، لتنفيذ أجندتها في المناطق الأخرى من كردستان، ودخلت الدول الإقليمية والدول الكبرى للاستفادة من تلك التنظيمات، ولتجندها في معاركها الإقليمية وتنافسها في السيطرة على مناطق النفوذ فيها، في الوقت الذي لا تريد أن تدخل الدول الكبرى جنودها لمنطقة الصراعات.
فالعراق ومن خلفه إيران يدعمان حزب العمال وتوابعه من الاحزاب الكردية السورية، وتركيا تدعم البارزاني ومن خلفه بيشمركة “روجا أفا”، أما حزب الاتحاد الكردستاني بقيادة جلال الطالباني فإنه أثر الاندماج ضمن المشروع الإيراني في المنطقة ضد غريمه مسعود البارزاني، وأكراد إيران وجدوا في دول الخليج داعماً لها ضد إيران، كما وان الولايات المتحدة وروسيا تلعب على ورقة الاكراد في سوريا.
أما الاقليم الكردي العراقي، وبعد الإنجاز التاريخي الذي تحقق لهم، تراهم لا يريدون الاكتفاء بذلك، وإنما يصرون على إعلان انفصالهم من خلال إذكاء نار الحرب الطائفية بين عرب العراق، وتخلوا عن إخوانهم العرب السنة وليواجهوا هجمة أيران ومواليها في العراق لوحدهم، معتقدين أن ذلك يجعل من الأمور تنضج للدرجة التي تجعل أمر اعلان انفصالهم ممكناً ووارداً. ناسين ان المنطقة تمر أمواج تغيرات عاتية، يجب أن يتحدوا مع شعوب المنطقة للنجاة من أثارها. أن الدول الكبرى والدول الإقليمية، سيأتي يوماً وتنفض يدها اكراد المنطقة، حينما تنتهي أغراضها منهم، كما فعل الشاه بملا مصطفى البارزاني بالسبعينات، حينها لن تكون لهم دولة لهم ولا اقليم،
مازالت الأحزاب الكردية، يحلمون بدولة على أساس قومي، في الوقت الذي تجاوز العالم تلك اللوثة القومية التي اجتاحت العالم
برزت نوايا أحزاب الاكراد العراقيون بالانفصال للعلن، من خلال محاولة اللعب على مصائب العرب العراقيون، نفس الشيء حدث في سوريا حي فضّلت الأحزاب الاكردية، التحالف ضد الثورة السورية مع أعدائها. ووصل الأمر ببعض تلك الأحزاب، التحالف مع إسرائيل عدوة العرب والمسلمين الأولى، لغرض تحقيق أحلامهم القومية. وهم بذلك يحاولون تشويه تاريخ ناصع البياض للشعب الكردي، حينما كانوا جزء لا يتجزأ من بقية الشعوب بالمنطقة.
مازالت الأحزاب الكردية، يحلمون بدولة على أساس قومي، في الوقت الذي تجاوز العالم تلك اللوثة القومية التي اجتاحت العالم، وأفرزت لنا مجرمين عدة، مثل هتلر وموسيليني، ناهيك عن القزام العربية التي أفنت شعوبها باسم القومية العربية، والتي أوصلت شعوبنا إلى أسفل قوائم الرقي والتقدم العالمية. يصرون على المضي بالشعب الكردي بنفس طريق الالام الذي مشت به شعوب كثيرة اتخذت من القومية إلاه، يُعبد من دون الله، بل أوصلوا النخبة من الشعب الكردي، أن يقدم القومية على الدين، في تعريف انتماء شعبهم.
نهاية مشابه لنهاية داعش
إن نهاية هذا الحزب الكردي القومي أو ذاك، سوف لا تختلف كثيراً عن نهاية تنظيم القاعدة أو داعش أو المليشيات الطائفية، الذين أثخنوا بقتل وتدمير شعوب المنطقة، ذلك لأنهم يشتركون بالتبعية للأخرين، وينفذون أجندتهم، ويمتلكون نفس سياسة الاقصاء للأخر. ستكون نهايتهم من خلال لفظهم من قبل شعوبهم، قبل أن تلفظهم الدول الداعمة لهم. سينتهون لتستعيد شعوب المنطقة حريتها وتمسك زمام أمورها، جنباً إلى جنب مع باقي شعوب المنطقة. ولا قيامة أو ولادة لأمة كردية، بعيداً عن التعاون مع باقي شعوب المنطقة لنيل حرياتها واستقلالها. فحرية الاكراد ونيل حقوقهم، لا بد لها أن تكون متوافقة مع حرية واستقلال شعوب المنطقة.