ارتفعت حصيلة ضحايا الهجوم الذي وقع في محيط البرلمان البريطاني في لندن أمس إلى خمسة قتلى -بينهم منفذ الهجوم- فضلا عن أربعين جريحا، في وقت أعربت فيه عديد العواصم العالمية عن تضامنها مع بريطانيا وعرض بعضها المساعدة على سلطات لندن.
تفاصيل الحادثة
بينما كان مجلس العموم البريطاني يعقد جلسة مساءلة أسبوعية لرئيسة الوزراء تيريزا ماي، التي غادرت مقر البرلمان في سيارة، حدث الهجوم، حيث دهس المهاجم بسيارته عددا من المارة على جسر ويستمنستر فوق نهر التايمز والذي يوصل إلى مقر البرلمان وإلى برج ساعة بيغ بن، وبعد أن خرج من الجسر صدم سيارته بحاجز الطريق ثم خرج منها مسلحا بسكين الهجوم وحاول دخول البرلمان وطعن شرطيا عند البوابة الخارجية لباحة البرلمان فأطلق عناصر آخرون من الشرطة النار عليه حين كان يستعد لمهاجمة شرطي آخر، ما أدى إلى مقتله. وقالت شرطة لندن إنها تلقت أول اتصال بشأن الاعتداء نحو الساعة 14،40 بالتوقيت المحلي وتوقيت غرينيتش.
من بين الجرحى ثلاثة تلاميذ فرنسيين من منطقة بريتاني بغرب فرنسا، تراوح أعمارهم بين 15 و16 عاما، صدمتهم السيارة
حصيلة الهجوم الأولية، 5 قتلى و40 جريحا ومن بين القتلى المهاجم والشرطي الذي طعنه، في حين أن القتلى الثلاثة الآخرين كانوا من المارة الذين دعستهم السيارة، ومن بين الجرحى خمسة كوريين أصيبوا في الفوضى التي نجمت عندما دهس المهاجم المارة على الجسر، بالإضافة إلى ثلاثة تلاميذ فرنسيين من منطقة بريتاني بغرب فرنسا، تراوح أعمارهم بين 15 و16 عاما، صدمتهم السيارة.
جرحى يتلقون الاسعافات الأولية
ويأتي الهجوم في وقت تشهد فيه شوارع مدينة لندن تعزيزات أمنية كبيرة، عبر نشر قوات شرطة إضافية عالية التسليح والتدريب “على خلفية تنامي الأعمال الإرهابية في أوروبا“، وبعد هجمات باريس في نوفمبر 2015، أعلنت شرطة لندن أنها ستزود أفرادها بأسلحة يدوية وأسلحة نصف آلية ومسدسات للصعق الكهربائي.
حادثة “إرهابية”
مباشرة بعد الهجوم الذي وصفته شرطة سكتلنديارد بأنه “إرهابي”، قالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي”، “اختار الإرهابي أن يضرب في قلب عاصمتنا، حيث يتجمع أشخاص من جميع الجنسيات والديانات والثقافات للاحتفال بقيم الحرية والديمقراطية وحرية التعبير”، وقالت إن أي محاولة لدحض تلك القيم من خلال العنف “محكوم عليها بالفشل”، ووصفت ماي الهجوم الذي قالت إن مكانه ليس عفويا بأنه “مقزز ودنيء”.
الشرطة تتعامل مع حادث في ويستمنستر على أنه حادث إرهابي حتى يثبت العكس
إلى جانب ذلك أكّدت ماي، في خطاب متلفز أن مستوى التهديد الإرهابي في البلاد الذي تم تحديده عند مستوى الخطر الشديد لن يتغير، ورفعت بريطانيا منذ أغسطس 2014 مستوى الإنذار من تهديد إرهابي إلى الدرجة الرابعة على سلم من خمس درجات، ما يشير إلى أن وقوع اعتداء “مرجح“.
وقالت الشرطة على موقعها على الإنترنت “حادث في ويستمنستر: نتعامل معه على أنه حادث إرهابي حتى يثبت العكس”، وقال رئيس وحدة مكافحة الإرهاب بشرطة لندن مارك راولي للصحفيين “لقد أعلنا أن هذا حادث إرهابي، وتقوم قيادة مكافحة الإرهاب بإجراء تحقيق واسع في الهجمات“. وأضاف أن “التحقيق السريع” الذي أجرته الشرطة يعمل على فرضية أن الهجوم من نوع “الإرهاب المتعلق بالإسلاميين”. وأضاف أن الشرطة تعتقد بأنها تعرف هوية المهاجم، لكنها لن تذكر أي تفاصيل في الوقت الراهن.
في ذات السياق، قال وزير الداخلية الألماني توماس دي مايتسيره إن الهجوم الذي وقع قرب مبنى البرلمان البريطاني في لندن يوم الأربعاء هو على الأرجح هجوم إرهابي. وقال دي مايتسيره في بيان “توجد مؤشرات كثيرة على وجود خلفية إرهابية” مضيفا أن أجهزة الأمن الألمانية على اتصال وثيق مع نظيراتها البريطانية.
قال رئيس بلدية لندن صادق خان إنه سيتم نشر قوات شرطة إضافية في شوارع المدينة للحفاظ على سلامة سكان لندن والزائرين
ونقلت رويترز عن مسؤول حكومي أوروبي إن محققين يدرسون احتمال أن يكون منفذ الهجوم على مبنى البرلمان البريطاني يوم الأربعاء قد استلهم أفكارا يروج لها تنظيم الدولة الإسلامية. ووفقا للمسؤول فإن محققين بريطانيين لديهم بعض القرائن بشأن هوية المهاجم، الذي قتل برصاص شرطي، لكنهم لم يتأكدوا بعد من كل التفاصيل. وقال المسؤول إن المحققين يدرسون احتمال أن يكون منفذ الهجوم تأثر بالدعاية التي تروجها الدولة الإسلامية.
من جهته، قال رئيس بلدية لندن صادق خان إنه سيتم نشر قوات شرطة إضافية في شوارع المدينة للحفاظ على سلامة سكان لندن والزائرين. وأضاف “نقف سويا في وجه من يسعون للإضرار بنا وتدمير أسلوب حياتنا، كنا دائما وسنظل، ولن يخاف اللندنيين أبدا من الإرهاب”. وأوقفت الشرطة البريطانية سبعة أشخاص في إطار التحقيق في الاعتداء.
هوية منفذ الهجوم
ذكرت صحيفة “اندبندنت” البريطانية إن منفّذ الهجوم يدعى “أبو عز الدين” وهو بريطاني من أصل جامايكي، ووصفته بأنه من “دعاة الكراهية“، كان اسمه عند الولادة “تريفور بروك” قبل أن يتحول للإسلام ويطلق على نفسه اسم عمر، لكنه يفضل أن يطلق عليه “أبو عز الدين”.
المشتبه به بتنفيذ الهجوم الإرهابي في لندن يكنى أبو عز الدين
وولد في 18 أفريل 1975 في عائلة جامايكية مسيحية قبل أن يعتنق الإسلام في أفريل 1993 وتزوج من مسلمة سنة 1998 وهو أب لـ 3 أطفال، وشغل خطة إمام جامع في لندن، وكان يعمل تقنيا في الكهرباء. وأضافت الصحيفة أن آراء “أبو عز الدين” المتطرفة ليست سراً، فهي موجودة على “يوتيوب”، ويدعو فيها إلى قتل كل الشرطة، ويقول في الفيديوهات بصراحة إن كل أعضاء البرلمان من المسلمين هم كفار ومرتدون.
“أبو عز الدين”، كان قد كتب عدة تعليقات مثيرة في الفترة الأخيرة، وصف فيها المكان الذي يقيم فيه بأنه “دار حرب”
وأصبح “أبو عز الدين” معروفاً للشرطة البريطانية منذ فترة طويلة بسبب صلته بالإرهاب، وقد سجن سنة 2008بسبب جمع تبرعات، إضافة إلى تمجيده لعمليات إرهابية حدثت في السابق. ويعتقد أنه قد تحول إلى تبني أفكار متطرفة، بعد أن تعرف على كل من عمر بكري وأبو حمزة المصري في التسعينيات من القرن الماضي. وأصبحت علاقته مع الإرهاب تظهر بوضوح بعد تلك الفترة. حيث عبر عن أمنياته في أن يموت هو أيضاً في عملية انتحارية.
وقالت الصحيفة إن صفحات “أبو عز الدين” على مواقع التواصل الاجتماعي تم تعليقها الآن، ولكنه كان قد كتب عدة تعليقات مثيرة في الفترة الأخيرة، وصف فيها المكان الذي يقيم فيه بأنه “دار حرب”.
إدانة دولية
في أثناء ذلك، عبرت عديد العواصم العالمية عن تنديدها بالهجوم وتضامنها مع لندن، حيث أعرب الولايات المتحدة الأمريكية عن تضامنها مع بريطانيا، وقال البيت الأبيض في بيان إن الرئيس دونالد ترامب عرض في اتصال هاتفي يوم الأربعاء على رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي تعاون ودعم الولايات المتحدة الكامل عقب الهجوم الذي تتعامل معه سلطات لندن على أنه عمل إرهابي.
ترامب يعرض المساعدة على رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي
من جهتها، عبرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن دعمها للبريطانيين “في حربهم ضد كل شكل من أشكال الإرهاب“، وقال رئيس الوزراء الفرنسي برنار كازنوف في تغريدة إن بلاده تتضامن مع “أصدقائنا البريطانيين الذين تعرضوا لهجوم مروع”، وأضاف أن باريس تقدم الدعم الكامل للطلاب الفرنسيين المصابين في الهجوم وعائلاتهم وأصدقائهم.
من المستفيد؟
بعد كل عملية ارهابية تستهدف مدن أوروبية، يكون المستفيد الأبرز، أحزاب اليمين المتطرّف في القارة العجوز إضافة إلى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، دونالد ترامب، الّذي ما فتئ يهاجم الدين الاسلامي منذ وصوله إلى الحكم وخلال حملته الانتخابية، داعيا إلى ضرورة التصدّي إلى ما يصفه بـ “التطرّف الاسلامي”. وتسعى الأحزاب الشعبوية المتطرفة لاستثمار هذه الهجمات للتأكيد على صحة برامجها المناهضة للمسلمين والمهاجرين والداعية إلى طردهم ووقف استقبالهم فوق أراضيها