وفقا لما جاء في تصريحات الوزيرة المحافظة السابقة، التي عملت في حكومة ديفيد كاميرون، سعيدة وارسي، والتي تعتبر أوّل امرأة مسلمة شغلت منصبا وزاريا، فإن “سياسات مكافحة الإرهاب المشينة، التي اتبعتها الحكومة البريطانية، منذ سنة 2010، هي التي أدّت إلى زيادة تعرّض البلاد للهجمات الإرهابية”.
في هذا الصدد، قالت لوارسي في مقتطفات من كتابها الجديد، الذي سيتم نشره في وقت لاحق من هذا الشهر، إن “إستراتيجية المنع التي اتبعتها الحكومة لمكافحة الإرهاب، والتي تهدف إلى منع الناس من الانخراط في مجموعات إرهابية، قد عرقلت عمليات البحث الحقيقي حول أسباب ظهور هذا النوع من العنف السياسي”.
في الواقع، جاء في بعض الانتقادات التي وُجهّت لهذه الإستراتيجية، أن “هذه السياسة تعتبر بمثابة نص كتابي يُبين “كيفية عزل وإقصاء العديد من المجتمعات”. وأضافت وارسي، في نفس السياق، أن “إستراتيجية المنع التي تهدف إلى الكشف عن هوية الإرهابيين، ووقف الإرهاب أصبحت سياسة تعيق فهم الأسباب المتنوعة والمعقدة لظاهرة الإرهاب”.
قبل الهجوم الذي شنّه تنظيم الدولة، يوم الأربعاء، على البرلمان البريطاني، الذي أسفر عن مقتل أربعة أشخاص فضلا عن منفّذ الهجوم، نُشرت مقتطفات من كتاب وارسي بعنوان “العدو في الداخل: حكاية بريطانيا المسلمة” على موقع التواصل الاجتماعي، التويتر. أمّا يوم الخميس، نشرت وارسي إهداء في كتابها “لجميع ضحايا الإرهاب في الماضي والحاضر والمستقبل”.
وفي مقتطف من هذا الكتاب، أشارت وارسي إلى أن معظم الوفيات الناجمة عن هجمات “الذئب المنفرد”، في أوروبا، منذ سنة 2006، نفذّها أشخاص تدفعهم “إيديولوجية قومية متطرفة أو قومية”. في المقابل، بيّنت وارسي أنه منذ تفجيرات تنظيم القاعدة، التي وقعت في لندن، سنة 2005، وأسفرت عن مصرع 52 شخصا، أصبحت الحكومات مقتنعة أن الفكر الإسلامي هو السبب في وجود خطر الإرهاب الذي تواجهه المملكة المتحدة.
وارسي: “على الرغم من كل الدراسات الأكاديمية والبحوث والأدلة، بما في ذلك شهادات عودة الجهاديين والمتطرفين السابقين، ما زلنا نصرّ على تطبيق هذه الأيديولوجية، الغبية ونواصل صنع السياسة على أساس فرضية تحتوي على الكثير من التصدعات والفجوات”
في هذا السياق، تابعت وارسي قائلة: “وعلى الرغم من كل الدراسات الأكاديمية والبحوث والأدلة، بما في ذلك شهادات عودة الجهاديين والمتطرفين السابقين، ما زلنا نصرّ على تطبيق هذه الأيديولوجية، الغبية ونواصل صنع السياسة على أساس فرضية تحتوي على الكثير من التصدعات والفجوات”. وأضافت أنه إذا كان تحليل وفهم هذه المشكلة معيبا، فإن الحل المقترح سيكون حتما فاشلا”.
كما قالت وارسي إن “هذا الأمر يعدّ خطيرا، لأننا كلما فشلنا في فهم أو الاعتراف بالأسباب الجذرية للإرهاب، سنظّل ببساطة نتعامل مع الأعراض، وليس مع المرض”. وأضافت الوزيرة السابقة أنه “كلما تأخرنا في فهم ما يساهم في صنع إرهابي، كلما كنّا عرضة أكثر للإرهاب. وللأسف جعلت حكومة الائتلاف، التي كنتُ جزءًا منها في الفترة الممتدة بين سنة 2010 وسنة 2015، جعلت الأمور أسوأ بكثير”.
وتجدر الإشارة إلى أن وارسي كانت وزيرة في مجلس الوزراء البريطاني، ورئيسة للحزب المحافظ الذي يحكم البلاد بالتعاون مع الديمقراطيين الليبراليين، حتى سنة 2015. لكنها استقالت خلال سنة 2014 من منصبها، احتجاجا على فشلها في إدانة الهجوم الذي شنته “إسرائيل” على قطاع غزة، خلال تلك السنة.
وفي مقتطف آخر من كتابها، أشارت وارسي إلى أن المملكة المتحدة كانت في طريقها إلى الإصابة بحالة من “جنون العظمة” بعد إتباع حكومتها لما يُعرف بسياسة “فك الارتباط” مع كل المجتمعات الإسلامية، التي وضعت فيها أسماء بعض المنظمات والأفراد على القائمة السوداء.
وارسي خارج مبنى داوننغ ستريت خلال عام 2010
علاوة على ذلك، بيّنت وارسي أن “طريقة تفكير حكومة الائتلاف حول الأشخاص الذين يمكن إما قبولهم في المجتمع أو إقصائهم منه، كانت في أحسن الأحوال، لا تنم عن حنكة سياسية، وفي أسوأ الأحوال، فإنها خطرة”، حيث أن السياسات التي كانت ينبغي أن تبحث في أسباب “تنامي الإرهاب” أصبحت تستهدف بشكل متزايد “المسلمين”. وبالتالي، دعت وارسي خلال مقابلة أجرتها مع صحيفة “سنداي تايمز” الحكومة إلى إعادة التفكير في إستراتيجية “المنع”، التي وصفتها هذه “بالهشة”.
وفي الواقع، انتقد الكثير من المسلمين البريطانيين هذه الإستراتيجية، التي جاء بها حزب العمال، حيث اعتبروها “ليست فقط إستراتيجية عنصرية بحتة، بل قد تؤدي حتى إلى نتائج عكسية، نظرا لأنها قد تستهدف وتضر بمصالح الذين يستحقون المساعدة”.
سلّطت هيئات مراقبة حقوق الإنسان واللجان البرلمانية الضوء على الانعكاسات السلبية لهذه الاستراتيجية. ومع ذلك، اقترحت الحكومة أنها تعتزم توسيع نطاق اعتماد إستراتيجية “المنع”، على الرغم من أنها تعترف بأنها لم تستقر بعد على تعريف قوي، وقانوني لمفهوم “التطرف”
عموما، سلّطت هيئات مراقبة حقوق الإنسان واللجان البرلمانية الضوء على الانعكاسات السلبية لهذه الاستراتيجية. ومع ذلك، اقترحت الحكومة أنها تعتزم توسيع نطاق اعتماد إستراتيجية “المنع”، على الرغم من أنها تعترف بأنها لم تستقر بعد على تعريف قوي، وقانوني لمفهوم “التطرف”، الذي تعتزم مواجهته والتصدي له.
في المقابل، نفى المتحدث باسم وزارة الداخلية، المسؤولة عن سياسة مكافحة الإرهاب أن “تكون لإستراتيجية “المنع” انعكاسات سلبية أو تستهدف مجتمعات معينة، بل وأشار إلى أنها تركّز على الوقاية من كافة أشكال الإرهاب”.
ووفقا لما ذكره هذا المتحدث في بريد إلكتروني وجهّه لموقع ميدل إيست آي، فإن “إستراتيجية “المنع” لمكافحة التطرف تهدف في جوهرها لحماية ودعم الأفراد الضعفاء المُعرضّين لخطر الوقوع في فخ التطرف، فضلا عن حماية الناس من خطر العصابات، وتعاطي المخدرات، والاعتداءات الجسدية والجنسية”.
المصدر: ميدل إيست آي