يزور وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون أنقرة اليوم للقاء كبار المسؤولين الأتراك وإجراء محادثات بشأن عملية استعادة مدينة الرقة السورية من تنظيم داعش، إذ لا يزال الضغط التركي متواصل على الإدارة الأمريكية للتخلي عن تحالفها مع “وحدات حماية الشعب الكردية” والتي تعتبرها أنقرة امتدادًا لحزب العمال الكردستاني المصنف كمنظمة إرهابية في أنقرة.
زيارة تيلرسون تتزامن مع تصريحات لوزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان أمس الجمعة قال فيها أن “معركة استعادة الرقة في سوريا تبدأ في الأيام المقبلة، وأضاف أنه يمكن القول إن “الرقة محاصرة وستكون معركة صعبة جدًا ولكنها ذات أهمية قصوى”.
واشنطن منشغلة بداعش في سوريا
في اجتماع لشركاء التحالف مع واشنطن والبالغ عددهم 68 دولة في واشنطن يوم الأربعاء الماضي، تم الاتفاق على تكثيف العمليات ضد داعش بما في ذلك في سوريا، وقال وزير الخارجية الأمريكي تيلرسون إن الولايات المتحدة ستعمل على إقامة “مناطق استقرار مؤقتة” من خلال وقف إطلاق النار لمساعدة اللاجئين للعودة إلى ديارهم في المرحلة المقبلة، ولم يتم الكشف عن أي تفاصيل بخصوص تلك المناطق وكيفية إقامتها!، ويبدو أن زيارة تيلرسون إلى أنقرة وفي هذا التوقيت الذي يسبق إطلاق عملية الرقة تتواءم مع رغبة واشنطن ليكون لأنقرة دور فاعل في تلك المناطق في الشمال السوري.
ستعمل الولايات المتحدة على إقامة “مناطق استقرار مؤقتة” من خلال وقف إطلاق النار لمساعدة اللاجئين للعودة إلى ديارهم في المرحلة المقبلة
واشنطن لا تزال مصرة في تعاونها مع الأكراد وتدعمهم في معركة الرقة، إذ أحرزت قوات سوريا الديمقرايطية خلال الأشهر الماضية تقدمًا نحو المدينة وقطعت جميع طرق الإمداد الرئيسية إليها من الجهات الشمالية والغربية والشرقية، وهي موجودة حاليًا على بعد 8 كيلومترات من الجهة الشمالية الشرقية عن المدينة. وأعلنت “قوات سورية الديمقراطية” عن سيطرتها على ثماني قرى في جنوبي غربي الرقة وغربي الطبقة، بعد اشتباكات مع تنظيم “داعش”.
وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون
ولا يعني إطلاق عملية السيطرة على الرقة سرعة السيطرة عليها، بقدر ما يعني إطلاق العملية بشكل رسمي وحسم جميع الخلافات المتعلقة بمن سيشارك في العملية، وعلى كل حال فإن المعارك خلال الأيام الماضية تركزت في مدينة الطبقة وسد الفرات في ريف الرقة الغربي، حيث قامت قوات أمريكية بعملية إنزال جوي جنوب نهر الفرات لدعم الهجوم الجديد للقوات الكردية على مدينة الطبقة، التي تعد معقلًا بارزًا للعديد من قيادات نتظيم داعش.
ويرتبط إطلاق عملية الرقة بالسيطرة على الطبقة وسد الفرات وذلك يعود لجملة من الأسباب؛ تأمين خطوطها الخلفية، والاستفادة من سد الفرات الذي يغذي المنطقة بالكامل وتجنبًا لكارثة إنسانية قد تحدث في حال لجأ التنظيم لتفجير السد. لذا تعد السيطرة على الطبقة وسد الفرات نقطة انطلاق ضرورية لقوات سوريا الديمقراطية لإعلان معركة الرقة وتحريرها، وحسب المتحدث باسم التحالف الدولي أشار أن “الأمر يحتاج إلى أسابيع عدة قبل تحرير السد والمطار العسكري والمدينة” في إشارة إلى تحرير الرقة.
السيطرة على مدينة الطبقة وسد الفرات مهمة للسيطرة على مدينة الرقة لتأمين الخطوط الخلفية للأكراد
دعم واشنطن لقوات سوريا الديمقراطية لم يقتصر فقط على الجانب العسكري، بل أيضًا، على الجانب المدني، إذ لجأت أمريكا لتدريب قوات كردية لتساعدها في ضبط الأمن في الرقة بعد إبعاد تنظيم الدولة منها إلى جانب مساعدتها في تأسيس مجلس مدني يقود الرقة. وحسب ما ورد على لسان مسؤولين كرديين أمس الجمعة ونقلته وكالة رويترز، أن حزب الاتحاد الديمقراطي يسعى إلى دعم مجلس يتكون من ممثلين عن العشائر العربية والكردية الموجودة في المنطقة، علمًا أن هذا المجلس سيكون تحت جناح “الإدارة الذاتية” التي أعلنها الأكراد في الشمال السوري، كما سيتم تشكيل إدارة للأمن الداخلي وهي إدارة مدنية بحته كما أشار لذلك “عوّاس علي” أحد المسؤولين الأكراد، وأن تلك الإدارة ليس لها علاقة بالتحركات العسكرية.
مقاتلون أكراد من قوات سوريا الديمقراطية
ولكن يرى متابعون أن عملية الرقة قد لا تؤدي إلى القضاء على داعش بشكل كامل في سوريا، إذ لا تزال هناك البادية الشامية مفتوحة أمام داعش، ويمكن لقواته أن تفر إليها ويبقى أمرهم هناك رهن للوقت ولظروف ما بعد التحرير والتفاهمات الإقليمية والدولية، ومن جهة أخرى بقدرة التنظيم نفسه على إعادة إنتاج نفسه أو إيجاده مكان آخر يرحل إليه. وفي كلا الحالتين فإن قواته وموارده تُستنزف بشكل كبير، وبينما يفقد خسائر كثيرة في معركة الموصل بالعراق ستأتي معركة الرقة لتضغط عليه بشكل أكبر وتؤدي لتشظيه وإضعافه.
معارك المعارضة مستمرة في حماة ودمشق
لا تزال المعارك في دمشق وريف حماة على أشدها، ولم تكترث الفصائل لتحذير مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف، أليكسي بورودافيكين، أن فصائل المعارضة في ريف دمشق ستواجه “مصير لا يحسدون عليه”.
خريطة تظهر آخر التطورات في معركة حماة
حيث استعادت المعارضة مساء أمس الجمعة السيطرة على بساتين برزة في أطراف حي تشرين شرق دمشق، بعدما تمكنت قوات النظام من التقدم إليها إثر هجوم مدعوم بقصف جوي ومدفعي عنيف خلال الأمس، في حين لا تزال معارك الكر والفر مستمرة في أطراف حي جوبر في الوقت الذي تمكن النظام من استعادت عدة نقاط بين حي جوبر وحي القابون، ويؤكد مراقبون أن المعركة لم تحسم بعد، وأنها مستمرة بشكل عنيف بما يكذب رواية النظام الإعلامية التي تقول أنها استعادت جميع النقاط وكتل الأبنية في منطقة المعامل شمال حي جوبر.
لجأت أمريكا لتدريب قوات كردية لتساعدها في ضبط الأمن في الرقة بعد إبعاد تنظيم الدولة منها إلى جانب مساعدتها في تأسيس مجلس مدني يقود الرقة
أما المعارك الدائرة في ريف حماة الشمالي فلا تزال مستمرة بضراوة، وقد تمكن الثوار من السيطرة على أجزاء واسعة من بلدة قمحانة الاستراتيجية والتي تعد أحد خطوط الدفاع الأولى عن مدينة حماة، وفي حال سيطرة المعارضة على البلدة التي توصف بأنها موالية للنظام ومصدر رئيسي لشبيحته في محافظة حماة، ستصبح على تماس أكثر بجبل زين العابدين الذي يفصله عن بلدة قمحانة، 2 كيلو متر فقط، والجبل يعد خط الدفاع الأول عن مدينة حماة والمطار العسكري وقمته ستمكن الثوار من التغطية النارية على امتداد 7 كيلومتر في المطار العسكري ومدينة حماة نفسها.
ذكر مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف، أن فصائل المعارضة في ريف دمشق ستواجه “مصير لا يحسدون عليه”
صورة للقائد العسكري لـ”هيئة تحرير الشام” أبو محمد الجولاني يشير إلى مطار حماة العسكري
إلى ذلك انتشرت صور للقائد العسكري لهيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني في ما يسمى غرفة العمليات المركزية لمعركة “وقل اعملوا” حيث ظهر الجولاني وهو يشير إلى مطار حماة العسكري الواقع في الجهة الغربية من المدينة، ويعد المطار أحد أبرز القواعد العسكرية الجوية التابعة للنظام في المناطق الوسطى والشمالية من سوريا، فمنه تقلع الطائرات لقصف المدن والقرى في حلب وإدلب وحمص وريف حماة.