يعتقد الكثيرون أن الذكاء الاصطناعي يستبدل البشر ويسرق وظائفهم، وهذا صحيح جزئيًا – بالنسبة لبعض الوظائف -، فهو يزيد من إنتاجية وكفاءة أدائهم في مجالات أعمالهم المختلفة بنسبة غير مسبوقة، وهذا أمر بدأ في الظهور فعلًا وربما اختبرته بنفسك إذا استخدمت ChatGPT في عملك خلال الفترة الماضية.
لكن، رغم أن الذكاء الاصطناعي فائق الإمكانات، فإنه لا يزال غير قادر على أداء المهمة كاملة، فهو بحاجة للبشر لإكمال المهام بشكل صحيح، إذ قد يتفوق ChatGPT في بعض المهام ويؤدي أداءً جيدًا، بينما يفشل تمامًا في مهام أخرى، ولذلك يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي نعمةً لمن يواكبون التطور الذي يحدث حولهم ويعرفون كيف يستخدمون تلك الأدوات لمصلحتهم، وقد يكون نقمة لمن لا يبذل مجهودًا للحفاظ على القدرة التنافسية.
كيف سهل الذكاء الاصطناعي مهامنا؟
تعمل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي على تحسين أداء المؤسسات وإنتاجيتها عن طريق أتمتة العمليات أو المهام التي كانت تتطلب القوة البشرية فيما مضى، كما يمكنه فهم البيانات على نطاق واسع لا يمكن لأي إنسان تحقيقه، وهذه القدرة يمكن أن تعود بمزايا كبيرة على الأعمال التجارية والمؤسسات بمختلف أحجامها وخلفياتها.
عندما أُصدرت أوامر العمل من المنزل في عام 2020، اضطر العمال في جميع أنحاء العالم إلى اللجوء للاجتماعات الافتراضية وتطبيقات مثل Slack للتواصل مع بعضهم البعض، وبعد مرور ثلاث سنوات، يبدو أن العمل عن بُعد أصبح نمطًا طبيعيًا في عالم الوظائف، لذا تساعد تطبيقات الذكاء الاصطناعي على جعل العمال عن بُعد يشعرون بالمزيد من الاتصال بمكان العمل من خلال تيسير اجتماعات افتراضية أفضل والمشاركة في العمليات التعليمية والتوجيه لزيادة ارتباطهم بمكان العمل.
على سبيل المثال أيضًا، يمكنك إلى جانب استخدام ChatGPT، أن تجرب Wordtune Read من أجل تلخيص النص في ثوانٍ، أو Sembly لتحويل مناقشات الاجتماعات إلى رؤى قابلة للتنفيذ، أو Fireflies لأخذ الملاحظات (يمكنك ربطه بمكالمات Zoom وGoogle Meet)، أو Grammarly لاكتشاف الأخطاء في كتابتك.
حتى إذا كنت ماهرًا في استخدام Google Sheets أو Excel، يمكن أن يرفع الذكاء الاصطناعي مستوى تحليل جداول البيانات الخاصة بك وتصوير البيانات بسرعة، ويمكن أيضًا استخدامه لتقليل الأخطاء، كما يمكن أن يساعدك الذكاء الاصطناعي في تصميم أو تنسيق عرض تقديمي، حيث تتوافر العديد من الأدوات المختلفة عبر الإنترنت ويمكن الوصول إليها مجانًا، إذ يعمل SlidesAI.io مباشرة مع Google Slides، بينما توفر Tome مجموعة واسعة من الخطوط والشعارات وتسمح للمستخدمين بإنشاء صور تتناسب مع المحتوى، بينما يقوم GPT_PPT بإنشاء عروض تقديمية في PowerPoint في ثوانٍ.
أو لماذا لا تسمح للذكاء الاصطناعي بمحاولة إنشاء العرض التقديمي بالكامل بناءً على توجيهاتك؟ إذ يتيح لك ChatBA إدخال الموضوع الذي ترغب في إعداد عرض تقديمي عنه ويقوم هو بكل العمل الشاق.
إذن، هل يستبدل الذكاء الاصطناعي البشر؟
لم يتسبب الذكاء الاصطناعي حتى الآن في فقدان الوظائف على المستوى الإجمالي، إلا أنه يغير بالفعل محتوى وطبيعة الوظائف، وتحديدًا كل ما يتعلق بالمهارات والقدرات التنافسية، ومع ذلك ثمة طرق يمكن أن يهدد فيها الذكاء الاصطناعي وظائفنا، كالتالي:
- يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتمتع بالقدرة على أتمتة المهام المتكررة والمنهجية بشكل أفضل من البشر، وهذا يعني أن وظائف مثل الإنتاج والتجميع والتحليل البسيطة قد تتأثر.
- في بعض الصناعات التقليدية مثل التصنيع، يمكن أن يؤدي استخدام الروبوتات والأتمتة المدعومة بالذكاء الاصطناعي إلى تقليل الحاجة للعمالة البشرية.
- قد تتغير المهارات المطلوبة في سوق العمل بحيث تصبح المهارات ذات الصلة بتصميم وإدارة وصيانة الأنظمة المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي أكثر طلبًا.
- قد يستخدم الذكاء الاصطناعي في تطوير “العملاء الروبوتات” أو الوكلاء الذكيين الذين يمكنهم أداء مهام مثل خدمة العملاء والمبيعات دون الحاجة إلى موظفين بشر.
رغم تلك المعطيات، يجب أن نلاحظ أيضًا أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يخلق فرصًا جديدةً للوظائف ويسهم في تحسين الكفاءة وزيادة الإنتاجية في العديد من الصناعات، إذا جرى توظيفه بطريقة مناسبة.
مواكبة الذكاء الاصطناعي
أحد أهم التحديات التي تواجه سوق العمل، هي تحويل بيئتها وموظفيها إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي وفلسفته في إنجاز المهام، إذ ينبغي على كل شركة الآن أن تنشئ نظامًا بيئيًا له وأن تطلب من موظفيها البحث عن كيفية الاستفادة من أدواته ليطوروا أداءهم، وينبغي على الموظف نفسه أن يبذل مجهودًا ليعرف كيف يستخدم تلك الأدوات لمصلحته، أما بالنسبة للشركات التي لا تتبنى الذكاء الاصطناعي فقد حكمت على نفسها بالتخلف أو حتى الموت، ولتجنب هذه النهايات المأساوية، يمكن اتباع الخطوات التالية:
- كن فضوليًا حيال الذكاء الاصطناعي
لا يمكننا تجاهل الذكاء الاصطناعي، فهو هنا للبقاء وتأثيره سيكون أكبر وربما مختلفًا عما نتصور، لهذا من المهم جدًا أن تظهر فضولًا، وأن تكون على اتصال بالمعلومات ومواكبة التطورات.
على سبيل المثال، عندما تجد بضع دقائق لقراءة مقال إخباري أو فيلم وثائقي، اختر مقالًا أو فيلما يتناول موضوع الذكاء الاصطناعي وتطوره المستمر.
- لاحظ تأثير الذكاء الاصطناعي على وظيفتك
إذا كنت تشعر بالقلق بشأن ما إذا كان الذكاء الاصطناعي يمكن أن يؤثر على وظيفتك، فمن الأفضل أن تكون مستعدًا للتغيير بدلًا من الانتظار حتى يحدد شخص آخر شروط ووقت هذا التغيير.
وعندما يتسابق الجميع في اتجاه واحد، انظر في الاتجاه المعاكس، فبينما يخشى معظم الناس من الوظائف التي قد يستولى عليها الذكاء الاصطناعي، يمكنك التفكير في الوظائف أو حتى الصناعات التي قد تظهر، ومن خلال ذلك، يمكنك أن تكون في مكان جيد لتصبح جزءًا من مجال ينمو، ما يزيد من احتمالات التقدم في مسار حياتك المهنية.
- تعرف على نفسك
معظمنا لن يصبح خبيرًا في مجال الذكاء الاصطناعي، لكن يمكنك أن تكون خبيرًا في نفسك – أي من أنت وما القيمة التي يمكنك تقديمها – عندما يتغير العالم بسرعة، فمن الضروري أن تكون على اتصال وثيق بنفسك، افهم قواك ومهاراتك وقدراتك الفريدة، فعندما تعرف نفسك يمكنك اتخاذ قرارات أفضل عن أنواع الأدوار التي تقبلها، ومتى تغير الاتجاه وإلى أين توجه اهتماماتك التالية.
بالنهاية، حول الخوف إلى فضول من خلال معرفة الفرص التي يمكنك الاستفادة منها، وليس فقط التهديدات، واستبدل شعورك بالترقب إلى الجلوس في الصف الأمامي، ما يمكنك من التحضير بشكل أفضل لما قد يأتي في المستقبل.