تكتسب زيارة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى الأردن، الزيارة المتأخرة المرتقبة التي انتظرها الأردنيون وحكومتهم بفارغ الصبر منذ مدة، أهمية سياسية واقتصادية كبيرة، لدى المسؤولين الذين يتطلعون ويأملون بتدشين جديد لملف الاستشمارات السعودية التي وعدت الرياض بها في إطار شراكة استراتيجية مع الأردن.
حيث تستبشر حكومة الملقي والأردنيين خيرًا بزيارة الملك سلمان الرسمية للأردن ومشاركته شخصيًا في القمة العربية التي تستضيفها عمان، الأمر الذي يراهن عليه كثيرون في إطلاق جديد للعلاقات الأردنية السعودية، أهمها على صعيد المستوى الاقتصادي.
فالبرغم من تصريحات حكومية كانت مصرّة على أن العاهل السعودي الملك سلمان سيزور الأردن قبل نهاية العام الماضي -إلى جانب تصريح رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي الذي يصب في الاتجاه ذاته- إلا أن الملك سلمان قرر زيارة الأردن هذه الأيام.
وكان وزير الدولة لشؤون الإعلام، الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور محمد المومني، كشف سابقا عن أن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، سيقوم بزيارة رسمية للأردن قبيل انعقاد القمة العربية التي يستضيفها الأردن بيومين. وقال المومني إن زيارة الملك سلمان تمثل دليلا على المكانة العالية التي تكنها القيادة في السعودية للأردن، خاصة أنها الزيارة الرسمية الأولى للعاهل السعودي.
هل تكون فاتحة لسلسلة مشاريع استثمارية جديدة؟
يعتقد خبراء اقتصاديون أن زيارة الملك سلمان الأولى للأردن، قد تتزامن مع إطلاق سلسلة مشاريع استثمارية سعودية، تم الإعلان عنها سابقا وبقيت قيد التجميد ولم تنفذ بالرغم من الاتفاق عليها.
ولأن الهاجس الأكبر والشاغل الأساسي للأردن هو الملف الاقتصادي، فالصعوبات الاقتصادية القاسية التي تمر بها المملكة ليست خافية ولا تحتاج إلى تعريف وتذكير، لذلك فإن السؤال المطروح هو هل هناك مفاجآت اقتصادية يمكن أن تنعش الآمال؟
“هناك امكانية لتجديد المنحة النفطية السعودية للأردن، وإن لم يتم ذلك فعلى الأقل يمكن منح الأردن أسعارا تفضيلية عن السوق، علاوة على الاستثمار بمجالات مفتوحة”
في هذا، توقع الخبير الاقتصادي خالد الزبيدي أن يتم خلال اللقاءات الأردنية السعودية تفعيل خطط المشاريع المشتركة للاستثمار، تحديداً في مجال الطاقة البديلة في جنوب الأردن، الأمر الذي سينتج عنه فرص عمل ويؤدي لتوسيع قاعدة الصناعات والواردات الأردنية وبصورة تسهم بالتنمية الإقتصادية للأردن.
وفيما إن كان هناك مفاجآت سارة من الملك السعودي للأردنيين على المستوى الاقتصادي، أشار الزبيدي إلى “إمكانية تجديد المنحة النفطية السعودية للأردن، وإن لم يتم ذلك فعلى الأقل يمكن منح الأردن أسعارا تفضيلية عن السوق، علاوة على الاستثمار بمجالات مفتوحة تتصدرها شبكة سكك حديدية، وربط كهربائي، وأنبوب نقل للنفط الخام لموقع مصفاة الزرقاء، وكذلك تطوير البنية التحتية، ومشاريع أخرى قيل إن من بينها استخراج اليورانيوم”.
لكن الزبيدي استدرك قائلا: “رغم ذلك، لا يوجد شيء ملموس على أن هذه المشاريع ستنطلق فعلاً وبصورة قطعية وحاسمة على المدى القريب، لكنها توقعات وأمنيات”.
“هناك قرار سعودي تم اتخاذه نحو دعم وإسناد الأردن، باستثمارات مبرمجة وعلى أساس الشراكة والفوائد المشتركة”
وحسب الزبيدي، فإنه “من المرتقب عقد قمة سعودية أردنية قبيل انطلاق أعمال القمة العربية، يتناول فيها كل من الزعيمين العلاقات الثنائية وعددا من الملفات العربية الشائكة”، إضافة إلى توقعات بافتتاح المكتب الدائم لمجلس تنسيق الأعمال السعودي الأردني، فضلا عن افتتاح الملتقى الاقتصادي السعودي الأردني”.
وحول وجود انطباع بأن هناك قرار سعودي تم اتخاذه نحو دعم وإسناد الأردن، باستثمارات مبرمجة وعلى أساس الشراكة والفوائد المشتركة، لم يستبعد الزبيدي ذلك، منوها إلى أن “العلاقة بين الأردن والسعودية اخوية وعميقة، لذلك لن تتوانى السعودية عن دعم شقيقتها ومساعدتها، وهذا ما عودنا عليه ملوك السعودية”.
تجهيزات لاستقبال غير مسبوق يطالها انتقادات
ومن مظاهر الاحتفاء الأردني لاستقبال الملك السعودي، جابت مروحيتان عسكريتان تحملان العلمين الأردني والسعودي، سماء العاصمة الأردنية عمان الأربعاء الماضي، ضمن استعدادات المملكة الهاشمية استقبال العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي يزور البلاد لأول مرة منذ توليه الحكم.
كما علمت “أردن الإخبارية” من مصادر خاصة، أن الحكومة أصدرت أوامر لوزارة التربية والتعليم لحشد طلاب المدارس، بهدف اصطفافهم على جانب طريق المطار للترحيب بالزائر الملكي، إضافة إلى ذلك قررت الحكومة تشكيل وفود شعبية من كافة المحافظات، للوقوف أيضا على جانب الطرقات واستقبال العاهل السعودي.
حيث لاقت هذه الدعوة استغراب بعض الأهالي واستنكارهم، بحيث رأى البعض أن “تقديم الطلاب الأطفال للخروج في مثل هكذا احتفال عن غير فهم منهم وقبول إرادي، هو أمر مستجهن، وفيه بعض التملّق لإجل ابهاج الضيوف السعوديين”، إضافة لذلك، رفض بعض أهالي الطلاب ما تضمنته أوراق موافقة الطلاب في هذا الاستقبال من قبل ذويهم، بحيث لو وقع لهم مكروه فهو سيكون “قضاءً وقدرًا”. فيما ذهب البعض بدعوة “أبناء المسؤولين الذين قاموا بسرقة البلد إلى الخروج لاستقبال الوفد الملكي السعودي”.
هل ينتظر الأردن طويلًا؟
ومن المقرر أن يرافق الملك السعودي وفد اقتصادي كبير وفق برنامج يتضمن افتتاح المكتب الدائم لمجلس تنسيق الأعمال السعودي الأردني، واجتماع لمجلس الأعمال السعودي الأردني، إضافة إلى عقد الملتقى الاقتصادي السعودي الأردني.
وسيكون من أهداف الوفد وفق بيان غرفة تجارة الأردن، فتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري والاستثماري بين الأردن والسعودية، فضلا عن توقيع اتفاقيات تعاون وشراكة بين شركاء القطاع الخاص في البلدين.
وفيما يتعلق بالشق السياسي لزيارة الملك سلمان للأردن، توقع الباحث في الشؤون الاستراتيجية الدكتور عامر السبايلة أن تكون الملفات والقضايا الإقيلمية على طاولة البحث والحوار، إضافة إلى العلاقات الثنائية بين البلدين.
هناك اجتهادات محلية تدعو لوقف الرهان على المساعدة السعودية، والتنويع في العلاقات السياسية والاستثمارية وذلك لتأخر الرياض عن تقديم المساعدة الاقتصادية لعمان
وقال السبايلة لـ”أردن الإخبارية” إنه “من المتوقع أن تتصدر القضية الفلسطينية المباحثات بين الطرفين، علاوة على قضايا المنطقة وما يمر به الإقليم من أوضاع، كالمسألة السورية واليمنية والعراقية والحرب على الإرهاب ومكافحة التطرف”.
وحول مدى إمكانية تحقيق المصالح الأردنية من خلال زيارة الملك السعودي، أعرب السبايلة عن “أمله في ذلك”، لكنه نوه إلى “وجود آراء واجتهادات محلية تدعو لوقف الرهان على المساعدة السعودية، والتنويع في العلاقات السياسية والاستثمارية وذلك لتأخر الرياض عن تقديم المساعدة الاقتصادية لعمان وانتظار الأردن ذلك طويلا”.
ماذا يمكن أن تقدم الحكومة الأردنية للسعوديين؟
على صعيد متصل، رأى مدير مركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور أن هناك “قمتان في الأردن بالشهر الحالي، وكلاهما مهمتان لبلد استطاع أن يشكل نموذجاً عربياً مختلفا، رغم الصراعات والحرائق التي تجتاج الإقليم وتلقي بظلالها القاسية، قمة عربية لاستعادة التضامن المفقود والبحث عن ضوء يبدد العتمة، تسبقها قمة أردنية سعودية تعلق عليها آمال ورهانات كثيرة”.
المعلومات تفيد بأن موفد الملك الأردني الخاص للسعودية باسم عوض الله، أنهى ترتيب أكثر التفاصيل للتصورات التي يمكن البناء عليها، وترك الكرة في مرمى الحكومة الأردنية لتقدم أولوياتها للمشاريع الاقتصادية
وقال منصور في مقال له تحت عنوان “قمتان في الأردن.. عربية وسعودية” إنه “من المعروف أن السياسات الاقتصادية السعودية تتجه مؤخرا نحو تعزيز الاستثمارات وتعميق الشراكة والمصالح الاقتصادية، أكثر من الذهاب نحو تقديم منح ومساعدات مالية، لهذا كانت فكرة صندوق الاستثمار الأردني السعودي ليكون بوابة ومنصة المبادرات”.
وأضاف منصور أن “المعلومات تفيد بأن موفد الملك الخاص للسعودية الدكتور باسم عوض الله، أنهى ترتيب أكثر التفاصيل للتصورات التي يمكن البناء عليها، وترك الكرة في مرمى الحكومة لتقدم أولوياتها للمشاريع الاقتصادية، التي من المتوقع أن يعلن عنها خلال زيارة الملك سلمان”.
المصدر: أردن الإخبارية