كان ترامب يشعر بالفخر عندما ينادي بإلغاء قانون أوباما كير للرعاية الصحية، ويقول أنه سيوجد بديلا أفضل منه في حملاته الانتخابية، كان يتكلم بثقة عالية من نجاحه بسحب القانون، وفي الواقع في أمور كثيرة أخرى!. ولكن ما إن دخل البيت الأبيض حتى بدأت الانتكاسات والفشل يلاحق كل قانون يوقع عليه من المحاكم الفيدرالية ومن الكونغرس.
ترامب يفشل في تعديل أوباما كير
لم يهنأ له بال منذ دخوله البيت الأبيض، فالمشاكل تلاحق إدارته كيفما توجه، وكان يعول على إلغاء قانون أوباما كير وتحقيق أول نجاح مدوي له ولإدارته. فبعدما طالب الرئيس الأمريكي ترامب أغلبية الجمهوريين في مجلس النواب الأمريكي يوم الجمعة الماضي، بضرورة التصويت لإلغاء قانون “أوباما كير” للرعاية الصحية وإيجاد بديل له، تقرر سحب مشروع القانون بسبب فشل تمريره في المجلس.
اضطر ترامب لسحب مشروع القانون بعد تعذر تأمين الحد الأدنى من الأصوات المطلوبة في مجلس النواب
حيث اضطر ترامب لسحب مشروع القانون بعد تعذر تأمين الحد الأدنى من الأصوات المطلوبة في مجلس النواب وهي 216 نائبًا من أصل 435 هم إجمالي عدد نواب المجلس الذي يصل عدد الجمهوريين فيه إلى 237 نائبًا. وأمضى أعضاء مجلس النواب من الجمهوريين والديمقراطيين ساعات في مناقشة مزايا وعيوب كلا القانونين من دون التوصل إلى نتيجة، ما اضطرهم في النهاية إلى أخذ استراحة تم على إثرها إعلان سحب مشروع القانون.
ترامب شعر بخيبة أمل لعرقلة تمرير القانون من قبل نواب محافظون من الحزب الجمهوري وعددعم 30 من أصل 237 منعت الجمهوريين من استغلال أغلبيتهم بالمجلس في تمرير التشريع، وردًا على سؤال فيما إذا كان قد شعر بأن التكتل قد خانه، قال ” لا لم أتعرض للخيانة، إنهم أصدقائي. أشعر بخيبة أمل لأنه كان من الممكن أن يمر، لذا أنا محبط ومندهش بعض الشيء” ومهما تم تلطيف الأجواء فقد تعرض ترامب لصفعة قوية من مجلس النواب حرمته فرحة الانتصار لقانون كان يمنّي نفسه باستبداله أمام الحشود. وكان بول ريان رئيس الكونغرس، الجمهوري والداعم للقانون الجديد، أكثر صراحة عندما قال “لن أحاول تجميل ما جرى، إنه يوم مخيب للآمال بالنسبة إلينا”.
مشروع القانون البديل لأوباما كير يقوم على خلق تنافسية بين شركات التأمين الصحي وخفض كلفة الأقساط لمعظم الأميركيين
يُذكر أن مشروع القانون البديل لأوباما كير يقوم على خلق تنافسية بين شركات التأمين الصحي وخفض كلفة الأقساط لمعظم الأميركيين، وكان المخطط أن يتم التقليل بشكل كبير من نسبة المساعدات الحكومية المقدّمة للأشخاص الذين لا يوفر لهم أرباب عملهم تغطية صحية. وبحسب التقديرات، كانت ستؤدي إلى فقدان نحو 14 مليون شخص للتغطية الصحية بدءًا من الأسبوع المقبل، لو تم اعتماد القانون.
الاختلاف على مشروع القانون بين أجنحة الحزب الجمهوري كان متباينًا فالجناح الأكثر يمينية من الحزب رأى أن المشروع البديل سيحمل الدولة الفدرالية كلفة باهظة، وأنه لا يُخلي الدولة من التزاماتها في سوق ينبغي أن يترك تمامًا للقطاع الخاص بدون أي تدخل للدولة الفدرالية. بينما يعرب المعتدلون عن القلق من الارتفاع المتوقع لكلفة التأمين الصحي بالنسبة لعدد من الفئات وخسارة 14 مليون أميركي تغطيتهم الصحية اعتبارًا من العام 2018 الذي تتخلله انتخابات تشريعية.
السقطة الأولى: هل تقود إلى أخرى؟
إسقاط أوباما كير وتمرير البديل عنه كان غاية في الأهمية بالنسبة لترامب وفريقه الإداري، فلا يزال طريق الإدارة في أوله ولا تزال هناك الكثير من مشاريع القوانين والموازنات التي يجب عليهم تمريرها في الكونغرس. لذلك فإن الفشل في تعديل قانون الرعاية الصحية يدلل على الانقسامات داخل الحزب الجمهوري في الكونغرس الأمريكي، وهذا كان متوقعًا لدى العديد من المراقبين منذ صعود ترامب كشخص مرشح للرئاسة مثير للجدل يتبنى أفكار غير معتادة على أمريكا.
بول ريان رئيس الكونغرس الأمريكي
على كل حال الخطوة المقبلة ستكون أخطر من الأولى وهي تعديل نظام الضرائب وتمويل الميزانية وخطته لتطوير البنية التحتية، وفي حال فشل أيضًا في تمرير هكذا قوانين، فسيحكم على مشروع إدارته بالفشل وسيظهر الانقسام الحاد في الحزب الذي سيكون له في قابل الأيام انعكاسات أخرى. من جهة أخرى يرى آخرين أن الوضع في المشاريع الأخرى يختلف عن مشروع تعديل أوباما كير، حيث يقول بول ريان تعقيبًا على تأثير تعديل أوباما كير على المشاريع المقبلة “لا أعتقد أن ذلك مقدمة لمسائل أخرى، لأن أعضاءنا يدركون أن لدينا توافقًا أكبر حول أجزاء أخرى من مشروعنا”.
الفشل في تعديل قانون الرعاية الصحية يدلل على الانقسامات داخل الحزب الجمهوري في الكونغرس الأمريكي
ليست المرة الأولى!
لا تعتبر هذه الانتكاسة بالنسبة لترامب وفريقه الأولى، وربما لا تكون الأخيرة! فمنذ الأسبوع الأول له في البيت الأبيض وبعد إصداره قرارًا بمنع المسافرين من سبع دول غالبية مواطنيها من المسلمين للدخول إلى الولايات المتحدة إضافة إلى حظر قبول الولايات للاجئين، علقت محكمة فيدرالية في ولاية واشنطن العمل بالقرار معتبرة إياه بأنه انتهاك صارخ للدستور الأمريكي الذي يمنع التمييز على أساس الدين، وهي أولى انتاكاسات الرئيس.
مايكل فلين مستشار الأمن القومي المستقيل
ولكن ترامب لم ينحني لهذا، حيث أصدر قرارًا آخر بحظر جديد تضمن تفاصيلًا أكثر نصّ على إغلاق حدود الولايات المتحدة أمام مواطني إيران وليبيا والصومال والسودان وسوريا واليمن لمدة 90 يومًا، وأمام جميع اللاجين لمدة 120 يومًا، ومرة أخرى علقت المحاكم الفيدرالية العمل بالمرسوم الجديد.
وكانت إحدى أبرز انتكاساته في إطار قضية تدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية لصالح الرئيس ترامب، وقد أودت حتى الآن بإقالة مستشار الأمن القومي مايكل فلين بعد اعترافه بتضليل الإدارة حول لقائه مع السفير الروسي في واشنطن قبل تسلمه منصبه وتكلمه عن العقوبات الأمريكية ضد روسيا. ولا تزال التحقيقات جارية بحق مسؤولين في إدارة ترامب قد تؤدي إلى تورط أشخاص في التعاون مع روسيا.