في قراءة لتقارير إعلامية عبرية، ومنها تقارير لمراكز بحثية، حول تطورات الأزمة في سوريا، وفي ذكرى مرور 6 أعوام على الثورة السورية، أشار “معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي” (INSS)؛ إلى أن هناك تقديرات متزايدة بانتهاء الحرب الأهلية السورية قريبًا، في الوقت الذي ما زالت فيه سياسة “إسرائيل” تجاه الأزمة السورية غامضة.
وأشار التقرير وفق ما أورده موقع “المصدر” الإسرائيلي، إلى “الدور المهم والمكانة المتقدمة التي تلعبها روسيا منذ قررت التدخل العسكري في أيلول/ سبتمبر 2015، لمنع سقوط نظام بشار الأسد، حيث يتضح ذلك بعد السيطرة على مدينة حلب، وبعد تحقيق “الائتلاف الموالي للأسد” نجاحات عسكرية على الأرض، وفي المقابل، تعمل القوات الأمريكية على دفع الحرب قدما في الرقة، معقل تنظيم الدولة في سوريا”.
وفي تقديرات تحدث عنها التقرير فإن “إسرائيل لم تشارك بشكل فعال وعلني في كل هذه العمليات العسكرية، وفضلت الوقوف بعيدا إلى حد معين، حيث أن هذا الابتعاد يؤثر أيضا في مكانة إسرائيل في المعركة الدبلوماسية التي تدور حول سوريا”.
ما بين نفوذ روسيا وإيران
إلى ذلك، اعتبر معهد “بحوث إعلام الشرق الأوسط” الإسرائيلي (ميمري) أن الصدع بين روسيا وإيران بات يتعاظم بشكل واضح، مرجحًا سعي موسكو لتصفية دور طهران في سوريا في الفترة المقبلة. حيث أكد التقريرأن صعود دونالد ترامب للحكم في الولايات المتحدة، كان سببًا إضافيًا لزيادة الشرخ بين الدولتين فيما يتعلق بالموقف من سوريا.
وكانت صحيفة “يسرائيل هيوم” الإسرائيلية، نشرت في موقعها الإلكتروني يوم الخميس الماضي، مقتطفات من التقرير، أبرزها ما كتبه الصحفي الروسي ديمتري نرسبوف في موقع “برافدا” الروسي الرسمي، في شباط الماضي.
“الإيرانيون يخشون أن يتوصل بوتين لاتفاقات مع ترامب، تفضي إلى إنهاء العقوبات الأمريكية على روسيا، مقابل قطع ارتباطها بإيران، أو أن تتحول تركيا إلى شريك أساسي لروسيا بخصوص القضية السورية”
حيث قال نرسبوف: “لقد تحولت إيران إلى المشكلة الجوهرية الأولى التي تواجه روسيا في سوريا، وتقلص فرص تحقيق المصالح الروسية هناك”. وأشار الكاتب إلى أن روسيا تتعامل مع إيران على أنها “دولة متقلبة لا يمكن توقع سلوكها بشكل مسبق”، مرجّحًا نجاح الآلية التي سيتبعها ترامب في مواجهة إيران.
وذهب التقرير إلى أن خلافات عميقة تفصل موسكو وطهران، فيما يتعلق بصورة الحل النهائي للصراع في سوريا، سببها إصرار طهران على الاحتفاظ بمكانة ونفوذ كبيرين في أعقاب حل الصراع. ولفت التقرير إلى أن الأمور تطورت بين الجانبين إلى حد حدوث اشتباكات مسلحة بين القوات الروسية -الإيرانية شمال سوريا.
خلافات عميقة تفصل موسكو وطهران، فيما يتعلق بصورة الحل النهائي للصراع في سوريا
التقرير أكد أيضًا أن الخلاف برز بين الجانبين بشكل واضح أثناء إخلاء مدينة حلب من مقاتلي المعارضة، منتصف كانون الأول الماضي، إذ حاولت إيران عرقلة الاتفاق الذي رعته روسيا، تزامنًا مع قصف جوي روسي لمواقع إيرانية على أطراف حلب.
وبحسب “يسرائيل هيوم”، فإن الإيرانيين يخشون أن يتوصل بوتين لاتفاقات مع ترامب، تفضي إلى إنهاء العقوبات الأمريكية على روسيا، مقابل قطع ارتباطها بإيران، أو أن تتحول تركيا إلى شريك أساسي لروسيا بخصوص القضية السورية.
هل ستوسع “إسرائيل” من دورها في سوريا؟
بالعودة إلى تقرير معهد “INSS“، فأنه في ظل النجاحات الروسية في سوريا، وتحسين مكانتها إقليميا، فإن موسكو ستطمح إلى التوصل إلى تسويات مع أمريكا وزيادة التنسيق معها للحفاظ على النظام العلوي في سوريا، بحسب وصف التقرير.
التقرير كان قد زعم أيضًا أن “الأمريكيين يمنحون الروس إمكانية إدارة عملية التسوية في سوريا، في حين يتقدمون في جهودهم لهزيمة تنظيم “داعش” وتنظيمات سلفية تابعة للقاعدة، من خلال شن هجوم جوي مكثّف”.
أما حول إيران، فقد أشار التقرير إلى أن “طهران لا تنظر نظرة جيدة إلى الدور المركزي الذي تؤديه تركيا في النقاش حول مُستقبل سوريا، وتعمل على بسط سيطرة الأسد في مناطق إضافية من سوريا”.
مستشار الأمن القومي الإسرائيلي: يران وحزب الله يحاولان خلق تواجد مُهدد لنا على الحدود السورية. والسبيل إلى منع ذلك يستوجب، إضافة إلى إظهار قوتنا عسكريًّا، وتبادل الحوار مع روسيا
وتساءل التقرير استنادًا إلى هذا التحليل: “هل على إسرائيل أن تزيد من تدخلها في سوريا؟”. برأي المعهد، يبدو أن التقديرات الإسرائيلية هي أن ميزان القوة في سوريا يتغير ويعمل عكس مصالحها، ولذلك قد تزيد من تدخلها في التطورات في سوريا.
وختم التقرير بأنه على “إسرائيل” العمل المضاعف تجنب زيادة قوة حزب الله في منطقة حدودها، ولكن من دون زعزعة علاقاتها الخاصة مع موسكو ودون تصعيد الأوضاع على الحدود في الشمال.
التحذيرات من جانب الخبراء الأمنيين في “إسرائيل” لا تزال تتزايد من احتمال اضطرارها للدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع أطراف عدة على الأراضي السورية في المستقبل القريب.
على سبيل المثال، كتب “جيورا إيلاند”، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي الأسبق، في “يديعوت أحرنوت” في 21 آذار/مارس الجاري، قائلًا: “إن معسكر الأسد- حزب الله- إيران – روسيا يتصرف على أنه المعسكر المنتصر في الحرب الأهلية السورية. فإيران وحزب الله يحاولان خلق تواجد مُهدد لنا على الحدود السورية. والسبيل إلى منع ذلك يستوجب، إضافة إلى إظهار قوتنا عسكريًّا، وتبادل الحوار مع روسيا، أمر آخر وهو أن نوضح للولايات المتحدة بأن هذا هو الموضوع الأهم الذي تطلب فيه إسرائيل الدعم الأمريكي”.
إلى ذلك، ما تزال تشن “إسرائيل” هجمات داخل سورية من حين لآخر تهدف -بحسب وزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان- منع تهريب أسلحة متقدمة ومعدات عسكرية وأسلحة دمار شامل إلى حزب الله، حيث كان آخر هذه الهجمات في السابع عشر من الشهر الجاري.
وفي عهد الرئيس السابق باراك أوباما، كان الكيان “الإسرائيلي” يمنع دخول أي مجموعات أو عتاد مؤيد لإيران إلى محافظتي القنيطرة والسويداء جنوب سوريا، فتقوم باستهداف مقاتلي إيران وشحنات أسلحتهم، ولا تعلن عن هجماتها.
يبدو من كل هذه التقارير والتحليلات الإسرائيلية، أن “إسرائيل” تأمل في أن يختار الأسد روسيا كشريك ويبتعد عن إيران، وهو -إن حصل- فقد يدفع الإسرائيليين، ومعهم واشنطن، إلى محاولة تسويق الأسد على أن يمكنه لعب دور الشريك في القضاء على الإرهاب
أما في عهد ترامب، فيبدو أن الخط الأحمر الإسرائيلي تمدد ليشمل العاصمة دمشق والمناطق المجاورة لها، فجاءت في هذا السياق غارات إسرائيلية طالت أهدافًا في محيط مدينة تدمر، شمال شرقي العاصمة السورية.
هذه المرة، أعلنت تل أبيب عن هدف غارتها بكل وضوح، وهو إعلان جاء بعد وقت قصير من إعلان نتنياهو، للمرة الأولى منذ اندلاع الثورة السورية العام 2011 وانهيار سيطرة الأسد على الجنوب، أن “إسرائيل” ستمنع تمدد إيران وميليشياتها للحلول محل انهيار الأسد، بعدما كانت سياسة “إسرائيل” في هذا السياق معروفة ولكن غير معلنة.
ويبدو من كل هذه التقارير والتحليلات الإسرائيلية، أن “إسرائيل” تأمل في أن يختار الأسد روسيا كشريك ويبتعد عن إيران، وهو -إن حصل- فقد يدفع الإسرائيليين، ومعهم واشنطن، إلى محاولة تسويق الأسد على أن يمكنه لعب دور الشريك في القضاء على الإرهاب، حسب رأي “إسرائيل” وأميركا بالطبع.