تعاني تونس كغيرها من الدول العربية، شحا في المياه في ظل قلة الأمطار والاستهلاك الكبير للآبار الجوفية وازدياد ملوحة المياه وتزايد عدد السكّان وغياب برامج إصلاحية واضحة تقي البلاد شرّ هذه الأفة الخطيرة.
اضطرابات قادمة
من المنتظر أن تشهد تونس، خلال الصائفة القادمة اضطرابات وانقطاع متكرر لمياه الشرب كما حصل الصائفة الماضية، نتيجة النقص الكبير والحاد في مواردها المائية. وتصنف تونس ضمن الدول التي تعاني فقرًا في المياه؛ إذ سجلت حصة الفرد أقل من 500 متر مكعب من المياه سنوياً، مقارنة مع 700 متر مكعب كمتوسط عالمي، وهو ما تعتبره منظمة (GIZ) الألمانية غير الحكومية التي تشرف على دراسة استغلال الماء في تونس، قليلاً.
وبحسب إحصاءات رسمية، يوجد في تونس 34 سداً بقدرة تخزين تبلغ 1.9 مليار متر مكعب، ويعتبر سد “وادي الكبير” قرب العاصمة تونس أول سد تم بناؤه سنة 1928 في عهد الاستعمار الفرنسي.
بلغ مخزون المياه في السدود حتى نهاية أغسطس الماضي، حوالي 760.8 مليون متر مكعب
وعرفت عديد المناطق في تونس، خلال الصائفة المنقضية، نقصا فادحا في توزيع المياه الصالحة للشرب مما أثار، آنذاك، عديد الاحتجاجات والاعتصامات. وبلغ مخزون المياه في السدود حتى نهاية أغسطس الماضي، حوالي 760.8 مليون متر مكعب. ويبلغ حجم الاستهلاك السنوي من المياه في تونس، نحو 4.88 مليار متر مكعب، بحسب أرقام وزارة الفلاحة.
حلول بسيطة
لمجابهة هذا النقص الفادح في المياه، أطلقت تونس، أمس الاثنين، حملة وطنية للاقتصاد في الماء وترشيده تحت شعار ” الماء ليك ولأولادك”، ويتمثل جزء من هذا البرنامج في إحداث وحدات لتحلية مياه البحر المتنقلة وترشيد الاستهلاك من خلال الحملات التوعوية. وتشير إحصائيات رسمية أن معدل الموارد المائية للفرد الواحد في انخفاض متواصل، على أن يصل إلى أقل من 350 متر مكعب في السنة مع حلول عام 2020 نتيجة ارتفاع نسق الاستهلاك وتراجع منسوب المياه المخزنة.
تراجع منسوب السدود
وتسجل تونس، سنويا، عجزًا يقدر ب 275 مليون متر مكعب، إذ تستهلك سنويا 4845 مليون متر مكعب في حين تبلغ مواردها المائية 4503 مليون متر مكعب. وتعد الفلاحة القطاع الأكثر استهلاكا للماء بـ 3600 مليون متر مكعب في حين لا تتعدى نسبة الماء الذي يستهلكه القطاع الصناعي 400 مليون متر مكعب والاستهلاك المنزلي بنصف مليار متر مكعب. ويقع توزيع المياه الصالحة للشرب عبر شبكة من القنوات يصل طولها إلى 41619 كلم و1126 خزّان مختلفة الأحجام.
أسباب الأزمة
تعود أسباب أزمة المياه في تونس إلى عوامل عديدة منها سوء التصرف وغياب الترشيد الاستهلاكي مقابل تزايد النمو السكاني وتنامي الحاجات التنموية بالإضافة إلى تعاطي الدولة مع الحلول البديلة لتفادي النقص في موارد المياه التقليدية بطريقة عشوائية وغياب الحد الأدنى من التخطيط والهدر المتواصل للماء وسوء استثمار الموارد فضلا عن التصحر وتملح التربة وتلوث البيئة.
تقدر الموارد المائية لتونس ب 4503 مليون متر مكعب منها 2700 متر مكعب مياه سطحية و1803 مياه جوفية
وتتميز الطبيعة المناخية لتونس بالجفاف وشبه الجفاف، ما يجعل مواردها المائية متغيرة حسب الفصول وحسب المناطق، حيث أن معدل كمية الأمطار في السنة لا يفوت 100 مم في أقصى الجنوب ويصل إلى 1500 مم في أقصى الشمال الغربي.
وتقدر الموارد المائية لتونس ب 4503 مليون متر مكعب منها 2700 متر مكعب مياه سطحية و1803 مياه جوفية وتتمركز أعلى نسبة من المياه السطحية بمنطقة الشمال الغربي فيما توجد أعلى نسبة للمياه الجوفية بالجنوب التونسي وتتأتى هذه المياه من الأمطار.