كثفت قوات نظام الأسد والميليشيات الإيرانية القصف المدفعي والصاروخي على مدن وبلدات في أرياف إدلب الجنوبية والغربية والشرقية، وريف حلب الغربي، فيما شن الطيران الروسي عدة غارات جوية بالصواريخ الفراغية على عدة مناطق، ما أسفر عن مقتل وإصابة عشرات المدنيين، ضمن تصعيد هو الأكثر دموية منذ عامين تقريبًا.
استخدمت قوات نظام الأسد خلال استهدافها للأحياء السكنية في المدن والبلدات والقرى شمال غربي سوريا، خلال اليومين الماضيين قذائف مدفعية وصاروخية تحتوي على قنابل عنقودية وفوسفورية، ما تسبب في ترويع المدنيين ونزوح مئات العائلات من منازلها بحثًا عن المناطق البعيدة التي لا يصلها القصف.
قصف هستيري يطال إدلب
جددت قوات نظام الأسد قصفها المدفعي والصاروخي منذ ساعات صباح الجمعة 6 أكتوبر/تشرين الأول، مستهدفةً مدن إدلب، أريحا، جسر الشغور، ترمانين، التوامة، سرمين، قميناس، النيرب، آفس، إحسم، المسطومة، بنش، وقرى وبلدات جبل الزاوية، معربليت الموزرة، ديرسنبل، مجدليا، التابعة لمحافظة إدلب.
كما طال القصف بلدات كفر نوران وكفر تعال وكفر عمة والقصر والأتارب ودارة عزة وكفر كرمين والوساطة في ريف حلب الغربي، بينما شن الطيران الحربي الروسي، غارات جوية على قرى حج حمود وجفتلك قرب جسر الشغور وبلدة بداما وقرية الشخيب وحلوز وكندة غرب إدلب، وقرب السجن المركزي في مدينة إدلب، وقرية القرقوز في منطقة سهل الغاب بريف حماة.
أعلنت لجنة الأوقاف في مدينة الأتارب بريف حلب الغربي، إلغاء صلاة الجمعة في المدينة بسبب تصعيد قصف نظام الأسد للأحياء السكنية، فيما ألغيت صلاة الجمعة في مساجد مدينة إدلب والمناطق التي تعرضت للقصف المدفعي والصاروخي، خشية استهدافها من نظام الأسد.
وتسبب قصف نظام الأسد المدفعي والصاروخي لأحياء سكنية بالقرب من دوار الزراعة والشمعات، وفي حي الضبيط، ومحيط المدينة بالقرب من مخيم يأوي عددًا من العائلات المتضررة من كارثة الزلزال في مركز محافظة إدلب، في مقتل 4 مدنيين بينهم امرأة، وإصابة 25 آخرين بينهم 12 طفلًا و6 نساء، ضمن هجمتان، ظهر ليل الجمعة.
كما تعرضت بلدة سرمين شمالي مركز المحافظة، لقصف صاروخي، تسبب في مقتل 4 مدنيين بينهم طفل، وأصيب نحو 31 مدنيًا ضمن هجمات صاروخية متكررة، كما قتل طفل وأصيب آخرون، في قرية جفتلك قرب جسر الشغور جراء قصف جوي استهدف القرية، وقتل رجل وأصيب مدنيان، في قرية مجدليا بريف إدلب، وقتل مدني وأصيب اثنان آخران في مدينة دارة عزة، غرب مدينة حلب.
ووثق الدفاع المدني السوري مقتل 10 مدنيين بينهم 3 أطفال وامرأة، فيما أصيب نحو 60 شخصًا بينهم 22 طفلًا و12 امرأةً، جراء هجمات صاروخية ومدفعية شنتها قوات نظام الأسد، وغارات للطيران الروسي، طالت أكثر من 20 مدينة وبلدة في أرياف إدلب وحلب وحماة.
وارتكبت قوات نظام الأسد ليل الخميس/الجمعة مجزرة نتيجة قصف صاروخي طال منزل على أطراف بلد كفرنوران في ريف حلب الغربي تقطنه عائلة من النازحين من قرية عين جارة في الريف نفسه، ما أدى إلى مقتل 5 من أفراد العائلة (امرأة مسنة مقعدة وابناها وابنتاها) وإصابة شقيقتهم.
يقرأون القرآن بجانب جثـ،امين 5 من شهدائهم الذين قتـ،لوا بقصـ،ف صـاروخي من ميـ،،ليشيا الاحـ،،تلالين الإيـ،،راني والروسي استهدف أطراف بلدة #كفرنوران غرب #حلب pic.twitter.com/iZx9tPRHqW
— أحمد رحال Ahmed Rahhal (@pressrahhal) October 5, 2023
وقال أحمد يازجي، متطوع في الدفاع المدني السوري، خلال حديثه لـ”نون بوست”: “قوات نظام الأسد كثفت هجماتها الصاروخية والمدفعية على مدن إدلب وجسر الشغور وأريحا وسرمين وترمانين، خلال اليومين الماضيين، ما أسفر عن مقتل وإصابة عشرات المدنيين”.
وأضاف “فرق الدفاع المدني وثقت مقتل 13 مدنيًا بينهم 3 نساء وطفلان، وإصابة 62 آخرين بينهم 18 طفلًا و13 امرأةً، الخميس 5 أكتوبر/تشرين الأول، جراء قصف صاروخي ومدفعي من نظام الأسد استهدف أكثر من 30 مدينة وبلدة وقرية في ريفي إدلب وحلب أبرزها مدينة جسر الشغور وأريحا وسرمين وأطراف مدينة إدلب ودارة عزة وكفر نوران”.
وأكد تعرض 4 مدارس ومسجد ومرفق للكهرباء ومحطة للمحروقات للقصف الصاروخي والمدفعي من قوات نظام الأسد، مشيرًا إلى أن القصف استهدف العمال الإنسانيين، حيث تضرر مركز أريحا للدفاع المدني السوري بقصف صاروخي، ما أدى إلى أضرار في ثلاث سيارات، كما استهدف فريقًا بقصف في أثناء عمليات الإنقاذ في جسر الشغور دون إصابات بالفريق.
إدانة تصعيد نظام الأسد
أصدر الدفاع المدني بيانًا الجمعة 6 أكتوبر/تشرين الأول، يدين فيه تصاعد الهجمات العسكرية لنظام الأسد بشكل ملحوظ خلال الأيام الثلاث الماضية، لا سيما استهداف الأبرياء والمرافق الحيوية في عدة مناطق في ريفي حلب وإدلب، ما تسبب في فرض حالة انعدام استقرار.
وجاء فيه “هذه الهجمات الإرهابية، هي انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، الذي يحظر صراحة استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية، وإن الاستهداف المتعمد للأسواق والأحياء السكنية والمدارس والمرافق العامة وفرق الإنقاذ، هو عمل يدل على تجاهل كامل لحياة الإنسان وتعمد لقتل المدنيين وكل مسببات استقرارهم وسبل عيشهم”.
وطالب البيان “المجتمع الدولي بإيجاد صيغة تضمن توقف نظام الأسد عن الاستهداف الممنهج للسكان، في ظل عدم التزامه بأي إطار يدعم عملية الحل السياسي، فإنها في الوقت نفسه تؤكد ضرورة محاسبته على هذه الهجمات الشنيعة والانتهاكات الجسيمة واتخاذ إجراءات حاسمة لوضع حدّ لهذه الهجمات المتواصلة على أرواح الأبرياء وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة”.
من جهتها، المنظمة الطبية السورية الأمريكية – سامز، أدانت خلال بيان لها صدر الخميس 5 أكتوبر/تشرين الأول، تصعيد قوات نظام الأسد قصفها للأحياء السكنية في مدن وبلدات شمال غربي سوريا، حيث “أسفرت الاعتداءات المتواصلة عن خسائر فادحة في صفوف المدنيين الأبرياء، ما أثار الخوف والضيق بين السكان المتضررين”.
وجاء في البيان “التصعيد الأخير يسلط الضوء على الطبيعة المتقلبة وغير المتوقعة للبيئة الأمنية في شمال غرب سوريا وفي جميع أنحاء البلاد، ما يجعل من الصعب للغاية على السكان السوريين الصامدين إعادة بناء حياتهم وإقامة شعور بالحياة الطبيعية بعد تحمل سنوات من المشقة”.
ودعت المنظمة “جميع الأطراف المشاركة في النزاع إلى الالتزام بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، الذي يحظر بشكل صارم الهجمات المباشرة والعشوائية على المناطق المدنية”، محذرةً من “أن الوضع الإنساني في شمال غرب سوريا أصبح سيئًا كما كان في أي وقت مضى، حيث تواجه المجتمعات هناك دعمًا متضائلًا في أثناء محاولتها التعافي بشكل كامل من الزلزال”.
وأشارت إلى أن الهجمات تأتي في أعقاب هجوم سابق على الأكاديمية العسكرية في حمص أودى بحياة مدنيين أيضًا، ودعت “المجتمع الدولي إلى متابعة جميع التدابير المتاحة لتعطيل نمط الهجمات على الأهداف المدنية التي يتم تنفيذها باستمرار في الشمال الغربي”.
وفي السياق، قال ستيفان دوجاريك، متحدث باسم الأمم المتحدة الخميس 5 أكتوبر/تشرين الأول، “الأمين العام للمنظمة، أنطونيو غوتيريش، يشعر بالقلق إزاء الانفجار الذي وقع في الكلية الحربية في حمص، وما تبعه من “قصف انتقامي”، شنته قوات نظام الأسد شمال غربي سوريا”.
تسبب قصف نظام الأسد الهيستيري على مدن وبلدات في ريف إدلب، في حركة نزوح جديدة للأهالي، في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة يعيشها السوريون مع حركة النزوح المتكررة نتيجة انعدام الاستقرار، ما يجدد مآسيهم، في حين لا تزال آلاف العائلات في منازلها رغم انعدام سبل الأمان في ظل تجدد قصف نظام الأسد.
وحذر الدفاع المدني، في تقرير سابق، من كارثة إنسانية حقيقية، مع تصعيد الهجمات الإرهابية على شمال غربي سوريا، ما يهدد استقرار المدنيين، في وقت باتت فيه المنطقة الملاذ الأخير لآلاف العائلات التي هجرتها قوات النظام وروسيا ويعيشون أزمة إنسانية حادة، على وقع كارثة الزلزال التي حلت بهم.
يعيش سكان إدلب شمال غربي سوريا، وسط مخاوف مستمرة في ظل تصاعد الهجمات المدفعية والجوية خلال الساعات القادمة، التي تنفذها قوات نظام الأسد والميليشيات الإيرانية برًا، وروسيا جوًا، تزامنًا مع ما تداولته وسائل إعلام نظام الأسد وموالين في توجيه دعوات لإحراق المدينة، بعد اتهامات لفصائل عسكرية من بينها تحرير الشام بمسؤوليتها عن الهجوم الذي طال الكلية الحربية في حمص خلال حفل التخرج الخميس الماضي، ما تسبب في مقتل العشرات منهم وذويهم.