ترجمة وتحرير نون بوست
يمثّل خبر إصابة طفلك بالتوحّد حين تتلقّاه للمرّة الأولى، تجربة صادمة يرافقها غالبا الذعر والخوف، فضلا عن مشاعر الإنكار والحزن والغضب. في الأثناء، يتبادر إلى ذهنك ألف سؤال، على غرار “ماذا يعني هذا المرض؟”، “ماذا سأفعل في هذه الحالة؟”، أو ربما “كيف سأنقل هذا الخبر إلى العائلة والأصدقاء؟”، “هل سيتعلم طفلي الكلام؟”، وخاصّة “هل سيتمكّن من تكوين صداقات، ومن النجاح في المدرسة أو الزواج؟”.
في الحقيقة، يُعدّ طرح هذه الأسئلة وغيرها، دليلا على أنك تريد الأفضل لطفلك. إذن فقد حان الوقت من أجل الحصول على الخدمات والدعم اللازم التي يحتاجها الطفل للنجاح في الحياة. وفيما يلي بعض الخطوات التي يجب إتباعها:
التأني والتمهّل
يجب عليك أن تتذكر أن طفلك لا يزال ذلك الرضيع اللطيف الذي وقعت في حبّه من النظرة الأولى، حيث أن لا شيء تغيّر بين الماضي والحاضر
لا تتردّد في أخذ الوقت اللازم لفهم المشاعر التي تعتريك وتقبّلها. علاوة على ذلك، ستواجهك أيام جيدة وسيئة على حد سواء. بالتالي، عالج الأمور كل على حدى، الأمر الذي سيمكّنك من العبور بهذه التجربة إلى “برّ الأمان”.
اعلم أنك لست وحدك
نظرا إلى أن العديد من الآباء يختبرون التجربة ذاتها التي تعيشها، فقد أصبحت جزءا من مجتمع مكوّن من آباء محبّين وأقوياء، فضلا عن المعلمين، والمعالجين، والمهنيين الذين سيسعون جاهدين من أجل الأخذ بيد طفلك. في هذه الحالة، تستطيع هذه المجموعة أن تتفهم مشاعرك وتقدّم لك يد المساعدة.
رؤية الأمور من منظورها الصحيح
من هذا المنطلق، يجب عليك أن تتذكر أن طفلك لا يزال ذلك الرضيع اللطيف الذي وقعت في حبّه من النظرة الأولى، حيث أن لا شيء تغيّر بين الماضي والحاضر. وعلى الرغم من إصابته بالتوحد، إلا أن فلذة كبدك لم تفقد أيا من صفاتها الفريدة. في الحقيقة، لم يحدث أي تغيير في حياة طفلك، باستثناء أن حالته قد أصبحت لها اسم، فضلا عن المعلومات، والدعم، والموارد التي ترافق هذه الحالة. علاوة على ذلك، لا تتردد في قراءة كتاب الأمريكية “إلين نوتبوم”، “10 أشياء يتمنى الطفل المصاب بالتوحد أن تعرفها عنه”، بغية إيضاح الرؤية ووضع الأمور في نصابها.
احصل على الدعم
توصي أغلب التوجيهات، في الوقت الحالي، بضرورة مشاركة طفلك المصاب بالتوحد في نشاطات تثقيفية وتعليمية لمدة لا تقل عن 25 ساعة في الأسبوع، وعلى مدار السنة
في أغلب الأحيان، يعاني آباء الأطفال المصابين بالتوحد من التوتّر، الذي قد يؤثر سلبا على العائلة بشكل عام، وعلى سلوك الطفل المصاب بالتوحد بشكل خاص. في هذا الإطار، وفضلا عن مشاركة ما تختبره مع الأشخاص المقرّبين، يُنصح بالتواصل أيضا مع من يعايشون المشاعر والتجارب ذاتها، حتّى وإن كانوا من الغرباء. فعلى سبيل المثال، يقدّم “مركز التوحّد والإعاقات المتصلة به”، في جامعة ميامي بالولايات المتحدة، العديد من الموارد للأفراد المصابين بالتوحد وأسرهم، بما في ذلك مجموعات الدعم، ودورات التعليم والتدريب، ومتابعة الحالات.
ثقّف نفسك
عموما، بإمكانك الإطلاع على ما يتعلّق بتشخيص مرض التوحّد، فضلا عن العلاجات والبرامج التي تقدّم أفضل النتائج. بالإضافة إلى ذلك، يُنصح بزيارة الندوات التي تقام في هذا الصدد، ومواقع كل من “مراكز التحكم في الأمراض والوقاية منها”، و”المعهد الوطني للأمراض العقلية” لإثراء معلوماتك. وفي السياق ذاته، لا تتردد في طرح الأسئلة على الطبيب الذي يتابع حالة طفلك.
الحصول على الخدمات الطبية
في الحقيقة، يمثّل التوحّد اضطرابا معقّدا، كما أنه يختلف من طفل إلى آخر، ذلك أن البعض قد يحتاج إلى الحد الأدنى من الدعم، في حين أن آخرين قد تكون احتياجاتهم السلوكية والطبية أكثر تعقيدا. بالتالي، لا بد من التحرك بسرعة بعد التشخيص، حيث أن النتيجة ستكون أفضل بالنسبة لطفلك كلما سارعت إلى التدخل في هذه المسألة.
من هذا المنطلق، توصي أغلب التوجيهات، في الوقت الحالي، بضرورة مشاركة طفلك المصاب بالتوحد في نشاطات تثقيفية وتعليمية لمدة لا تقل عن 25 ساعة في الأسبوع، وعلى مدار السنة. وفي حين تختلف الخدمات وكثافتها اللازمة حسب نقاط قوة طفلك والتحديات التي يواجهها، فإن على معظم الأطفال الاستفادة من مزيج من العلاجات والبرامج التعليمية الخاصة.
تستطيع المعلومات التي يتحصّل عليها الأهل، شدّ أزرهم حيث أن الإطلاع على كل ما يتعلق بتشخيص الطفل المصاب بالتوحد قد يساعدك على المضي قدما ما من شأنه أن يؤثر إيجابيا على سير حياة طفلك
أما فيما يتعلق بالعلاجات الفردية، فيُوصى بالتشاور مع طبيبك الخاص أو الحصول على تقييم نفسي شامل. وبالعودة إلى مثال الولايات المتحدة، فبإمكان الفحوص المجانية أن تحدّد إن كان طفلك مؤهلا للحصول على خدمات التدخل المبكر التي تموّلها الدولة، على غرار برنامج “الخطوات المبكّرة”، وبرامج تعليمية خاصة مثل “نظام فلوريدا لموارد التشخيص والتعليم”. كما تتوفر خدمات التقييم والعلاج الخاصة من خلال التأمين الصحي أو الخلاص على الحساب الشخصي.
من ناحية أخرى، قد تشمل برامج المعالجة الأعراض الأساسية للتوحد، من قبيل العجز المتواصل عن التفاعل والتواصل الاجتماعي، فضلا عن أنماط السلوك المحدودة والمتكررة. والجدير بالذكر أن صعوبات عدة ترتبط بالأعراض الآنف ذكرها، على غرار معضلة السلوك، والتأخر في الكلام وتطوير اللغة، علاوة على العجز الذي يرافق مهارات الحياة اليومية وصعوبات الحركة. وفي هذا السياق، يمكن معالجة هذه المسائل المترابطة عبر استخدام اللغة والحوار، وأيضا علاجات المهارات الاجتماعية والجسدية، فضلا عن تدريب الآباء.
تحلّى بالأمل
في الواقع، تستطيع المعلومات التي يتحصّل عليها الأهل، شدّ أزرهم حيث أن الإطلاع على كل ما يتعلق بتشخيص الطفل المصاب بالتوحد قد يساعدك على المضي قدما ما من شأنه أن يؤثر إيجابيا على سير حياة طفلك. كما أن الأطفال قادرون على إحراز تقدم ملحوظ في حال تحصّلهم على العلاج والتدخل المناسبين. والجدير بالذكر أنك أصبحت الآن مُطّلعا أكثر من ذي قبل عن النصائح والموارد التي تحتاجها بغية الرفع من ثقتك بنفسك، والتسلّح بالأمل من أجل مستقبل طفلك وعائلتك.
المصدر: ميامي هيرالد