بعد أسبوع من المقالات والتلمحيات عن خطاب البشير القادم في وسائل الإعلام السودانية، والعديد من الإشارات بأن الخطاب سيتضمن إصلاحات مهمة، بثّ التلفزيون السوداني الرسميّ خطاباً للرئيس عمر البشير وصف على أنه وثيقة للإصلاح الشامل الإثنين الماضي.
البشير الذي تحدث عن حوار وطني شامل في البلاد ما بين مختلف الأطراف السياسية بما فيها الأطراف المسلحة – شرط تخليها عن العنف – للحديث عن الفقر والاحتقان السياسي والاصلاحات، في ما أسماه المناظرة الوطنية للحوار حول قضايا السودان، والذي من شأنه الاجتماع بين الفرقاء وبحث سبل النهوض بالبلاد دون أي حدث عن تعديلات دستورية.
خطاب البشير هذا أعلن فيه عن خطة إصلاحية تشمل 4 محاور هي وقف الحرب وتحقيق السلام، المجتمع السياسي الحر، محاربة الفقر، إنعاش الهوية الوطنية، داعيا القوى السياسية إلى الحوار للاتفاق على تنفيذ هذه المحاور.
تحالف أحزاب المعارضة السودانية جدد بدوره 4 شروط للاستجابة لدعوة الحوار التي وجهها الرئيس، والتي جاءت حسب محللين للتغلب على تراجع حاد في ايرادات النفط، وهو المصدر الرئيسي للدخل الحكومي، وارتفاع معدلات التضخم بعد فقدان الجزء الاكبر من الحقول النفطية الحيوية في أعقاب انفصال جنوب السودان في 2012.
رئيس الهيئة العامة لتحالف المعارضة فاروق أبو عيسى قال في مؤتمر صحفي في الثلاثين من الشهر الماضي أن اجتماعاً ضم عدد من أحزاب المعارضة خلص إلى “4 شروط لتهيئة المناخ للحوار، الذي نحرص عليه كمبدأ، لأنه أحد أهم الوسائل لتجاوز الأزمة الوطنية”.
وعن الشروط تحدث أبو عيسى أنها “إلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، التحقيق في قتلى انتفاضة سبتمبر، وقف الحرب والشروع الفوري في مفاوضات غير مشروطة لإنهاء القتال مع الحركات المسلحة، تنظيم وضع انتقالي كامل يجسد الإجماع الوطني كخطوة نحو الإصلاح السياسي والدستوري”.
أحزاب المعارضة بدورها تحدثت عن الإحباط الذي أصابها من الخطاب الذي لم يأت بجديد، معتبرة أن الخطاب تحدث في العموميات، مما استعصى على المخاطَبين فهم مقاصده، إضافة إلى أنها رأت فيه محاولة لضخ روح جديدة في جسد الحزب الحاكم، هكذا عبرت حركة العدل والمساواة وهي إحدى المجموعات المتمردة في إقليم دارفور التي أضافت أن الحكومة لا ترى ما لا يراه شعبها.
الأحزاب الأخرى كالحركة الشعبية وحزب الأمة القومي والحزب الشيوعي السوداني اعتبروا الخطاب محاولة لشغل الرأي العام السوداني عن الأزمات التي تعيشها البلاد ومتهمين الحكومة بصنع الحرب في ولايات دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان ومصادرة الحريات العامة وتحويل السودان إلى قبائل وجهويات وإثنيات متناحرة.
وفي أواخر الشهر الماضي كان العديد من النشطاء السودانيين قد أعلنوا عن تشكيل حكومة ظل سودانية قالوا أنها “جسم معارض من أجل المراقبة و وضع الخطط البديلة للحكومة”، مشيرين إلى أن “حكومة الظل تعتبر أداة فعالة لمحاربة الفساد، حيث تقوم كل مؤسسات حكومة الظل بمراقبة المؤسسة الموازية لها، مما يعمل على تثبيت الحكم الرشيد”.
وتم تكليف العديد من الشخصيات السودانية بإعداد خططهم لتسلم حقائب وزارية داخل هذه الحكومة بعد عرض برامجهم وخططهم على “برلمان الظل” الذي لم يشكل بعد، بعد شهر من اطلاق الحكومة.
وكان الإتحاد الأوروبي قد طالب القوى السياسية بالتحرك السريع وانتهاز الفرصة التي قدمها الرئيس عمر البشير بخطابه الأخير، ودعا سفير الاتحاد الأوروبي بالخرطوم توماس يوشليني خلال لقائه رئيس لجنة الشؤون الخارجية محمد يوسف عبد الله، دعا القوى السياسية للتحرك بسرعة لابتدار حوار جامع لكل الأحزاب، واصفاً خطاب الرئيس بالممتاز وأنه يسهم في صياغة الدستور وقيام الانتخابات عبر توافق داخلي.
ومن الجدير ذكره أن البشير عزلة دولية، حيث تفرض عليه الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية منذ العام 1997، وتدرج بلاده في قائمة البلدان الراعية للإرهاب منذ العام 1993، ولا يتلقى أي منح أو تمويل من البلدان والصناديق الأوروبية التي تشترط لذلك تحسين سجل حقوق الإنسان، وإنهاء الحروب، وحل أزمة الحكم، لكنها لا تفرض عليه عقوبات مباشرة.