منذ إعلان محمد الضيف، القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام (الذراع العسكرية لحركة حماس) بدء معركة “طوفان الأقصى”، دفاعًا عن القدس والمسجد الأقصى ورفضًا للمساعي الإسرائيلية الرامية إلى بسط السيطرة عليه، تعددت ردود الفعل الصادرة عربيًا ودوليًا.
وتوالت ردود الفعل في أعقاب العملية الهجومية التي بدأتها المقاومة الفلسطينية ضد مستوطنات غلاف غزة، رفضًا للانتهاكات الإسرائيلية المتصاعدة ضد الفلسطينيين، خصوصًا في القدس والضفة الغربية المحتلتين، إلى جانب الانتهاكات في الأقصى واستمرار حصار غزة.
وكما الصدمة التي تلقاها الاحتلال الإسرائيلي من خلال هذه العملية النوعية للمقاومة الفلسطينية في غزة، فإن للأطراف العربية والدولية والإسلامية صدمة من ذات القبيل، خصوصًا مصر التي تلعب دور الوساطة بين الفصائل والاحتلال عادة في أوقات التصعيد.
ولم يمضِ على التدخل الأخير للوسطاء ومن ضمنهم مصر وقطر والأمم المتحدة سوى أيام بسيطة على خلفية الأحداث التي شهدتها الحدود الفاصلة بين القطاع والأراضي المحتلة عام 1948، على خلفية مسيرات العودة التي كان يقوم بها الشباب الثائر.
أعلن الاحتلال الإسرائيلي، أنه في حالة “حرب” وبدأ بضرب أهداف تابعة لحركة حماس في غزة، إلى جانب استهداف البنية التحتية والتجمعات السكنية في محاولة للضغط على المقاومة الفلسطينية لبعثرة أوراقها الهجومية وتطوراتها العملياتية في عملية “طوفان الأقصى”.
مواقف منحازة.. الضحية بالجلاد
أبرز ردود الفعل على العملية الفلسطينية، جاءت على لسان مبعوث الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط تور وينيسلاند الذي صرّح أن “هذه هاوية خطيرة”، مناشدًا الجميع بـ”التراجع عن حافة الهاوية”.
أما واشنطن، فقد نددت عبر وزير خارجيتها أنتوني بلينكن بما وصفته بـ”هجمات حركة حماس على إسرائيل”، مؤكدةً “دعمها حق “إسرائيل” في الدفاع عن نفسها”.
وتابع بلينكن في بيان “لا يوجد أي مبرر للإرهاب على الإطلاق. نتضامن مع حكومة وشعب “إسرائيل”، ونقدم تعازينا لأسر الإسرائيليين الذين لقوا حتفهم في هذه الهجمات”، كما شدد الوزير الأمريكي قائلًا: “سنبقى على اتصال وثيق مع شركائنا الإسرائيليين، والولايات المتحدة تدعم حق “إسرائيل” في الدفاع عن نفسها”.
بدوره، أصدر وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن بيانًا كشف فيه أنه “خلال الأيام المقبلة، ستعمل وزارة الدفاع على ضمان حصول “إسرائيل” على ما تحتاجه للدفاع عن نفسها وحماية المدنيين من العنف العشوائي والإرهاب” على حد وصفه.
أوروبيًا، كتب المستشار الألماني أولاف شولتس عبر حساباته على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي، قائلًا: “تصل إلينا أخبار مروعة اليوم من “إسرائيل”، لقد صُدمنا بشدة من إطلاق الصواريخ من غزة وتصاعد العنف. تندد ألمانيا بهذه الهجمات التي تشنها حماس وتقف إلى جانب إسرائيل”.
وفي الإليزيه، استنكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشدة الهجمات على “إسرائيل”.
كما كتبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على منصة “إكس”: “إنه إرهاب في أبشع صوره، ولـ”إسرائيل” الحق في الدفاع عن نفسها في مواجهة مثل هذه الهجمات الشنيعة”، وفق تعبيرها.
هذا وقد ندد الحلف الأطلسي “بشدة” بالعملية التي تنفذها حركة “حماس” ضد الاحتلال، إذ كتب المتحدث باسم التكتل العسكري ديلان وايت على منصة “إكس”: “ندين بشدة الهجمات الإرهابية التي نفذتها حماس اليوم على “إسرائيل”، شريكة الحلف الأطلسي”، وفق زعمه.
مواقف مؤيدة وأخرى خجولة
في المقابل، نقلت وكالات الأنباء الرسمية أن يحيى رحيم صفوي مستشار الزعيم الأعلى الإيراني علي خامنئي هنأ المقاومين الفلسطينيين على عملية “طوفان الأقصى”، قائلًا: “سنقف إلى جانب المقاتلين الفلسطينيين حتى تحرير فلسطين والقدس”، بالتزامن مع تصريحات للمتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني قال فيها إن الهجمات التي شنتها “حماس” تدل على الثقة بالنفس لدى الفلسطينيين في مواجهة “إسرائيل”.
وأضاف في مقابلة: “في هذه العملية استخدمت عنصر المفاجأة وأساليب مشتركة أخرى وهذا يدل على الثقة بالنفس لدى الشعب الفلسطيني أمام المحتلين”، كما عرض التليفزيون الإيراني لقطات لأعضاء في البرلمان وهم ينهضون من مقاعدهم ويهتفون “الموت لإسرائيل”.
عربيًا، حمَّلت وزارة الخارجية القطرية في بيان الاحتلال الإسرائيلي وحده مسؤولية التصعيد الجاري الآن بسبب انتهاكاتها المستمرة لحقوق الشعب الفلسطيني”، داعية “جميع الأطراف إلى وقف التصعيد والتهدئة وممارسة أقصى درجات ضبط النفس”.
في الوقت ذاته، دعت وزارة الخارجية السعودية إلى “الوقف الفوري للتصعيد” بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وتابعت في بيان “المملكة العربية السعودية تتابع عن كثب تطورات الأوضاع غير المسبوقة بين عدد من الفصائل الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي، ما نتج عنها ارتفاع مستوى العنف الدائر في عدد من الجبهات هناك”.
من جهتها، حذّرت وزارة الخارجية المصرية من “عواقب وخيمة” لتصعيد التوتر بين “إسرائيل” والفلسطينيين، وحثت على ضبط النفس، داعية المجتمع الدولي إلى “حث إسرائيل على وقف الاعتداءات ضد الشعب الفلسطيني”.
وأعلنت الخارجية المصرية في بيان آخر إجراء وزيرها سامح شكري “اتصالات مع مسؤولين دوليين لوقف التصعيد بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي”.
أما وزارة الخارجية الأردنية فأكدت “ضرورة وقف التصعيد الخطير في غزة ومحيطها”، محذرة من “الانعكاسات الخطيرة لهذا التصعيد الذي يهدد بتفجر الأوضاع بشكل أكبر”.
وحذرت الوزارة من “تبعات هذا التصعيد على كل جهود تحقيق التهدئة الشاملة”، وأكدت “ضرورة ضبط النفس وحماية المدنيين واحترام القانون الدولي الإنساني”.
كما أجرى وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي “اتصالات مكثفة مع نظراء إقليميين ودوليين له، لبحث تحرك دولي عاجل وفاعل لوقف التصعيد بكل أشكاله، وحماية المنطقة من تبعات دوامة عنف جديدة”، وفق البيان ذاته.
في السياق، قالت الخارجية اللبنانية في بيان: “التطورات في فلسطين هي نتيجة لاستمرار احتلال “إسرائيل” الأراضي الفلسطينية ولإمعانها اليومي في الاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية”.
أما الإمارات فأعربت وزارة خارجيتها عن “قلق بلادها الشديد إزاء تصاعد العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين”، مشيرة إلى أنها بصفتها عضوة غير دائمة في مجلس الأمن تدعو إلى ضرورة إعادة التفعيل الفوري للجنة الرباعية الدولية لإحياء مسار السلام العربي الإسرائيلي.
وشددت الوزارة على “ضرورة وقف التصعيد، والحفاظ على أرواح المدنيين”، مقدمة “خالص التعازي لجميع الضحايا الذين سقطوا جراء أعمال القتال الأخيرة”.
ودعت إلى “ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، والوقف الفوري لإطلاق النار لتجنب التداعيات الخطيرة”، وحثت المجتمع الدولي على “دفع جميع الجهود المبذولة لتحقيق السلام الشامل والعادل، ومنع انجرار المنطقة لمستويات جديدة من العنف والتوتر وعدم الاستقرار”.
في السياق، أعلن المغرب عن “قلقه العميق جراء تدهور الأوضاع واندلاع الأعمال العسكرية في قطاع غزة، وأنه يدين استهداف المدنيين من أي جهة كانت”.
وذكر بيان لوزارة الخارجية أن المملكة المغربية “طالما حذرت من تداعيات الانسداد السياسي على السلام في المنطقة، ومن مخاطر تزايد الاحتقان والتوتر نتيجة لذلك”، داعية إلى “الوقف الفوري لجميع أعمال العنف، والعودة إلى التهدئة، وتفادي كل أشكال التصعيد التي من شأنها تقويض فرص السلام بالمنطقة”.
في حين نقل بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء العراقي جاء فيه “العمليات التي يقوم بها الشعب الفلسطيني اليوم هي نتيجة طبيعية للقمع الممنهج الذي يتعرض له منذ عهود مضت على يد سلطة الاحتلال الصهيوني التي لم تلتزم يومًا بالقرارات الدولية والأممية”.
وأضاف البيان “لهذا ندعو المجتمع الدولي إلى أن يتحرك لوضع حد للانتهاكات الخطيرة، وإعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الذي ما زال يعاني من الاحتلال وسياسات التمييز العنصري والحصار والتجاوز على المقدسات وانتهاك القيم والمبادئ الإنسانية”.
بالتزامن مع ذلك، أعربت الكويت عن “قلقها البالغ”، مشيرة في بيان صادر عن وزارة الخارجية إلى أن التصعيد “جاء نتيجة استمرار الانتهاكات والاعتداءات السافرة التي ارتكبتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الشقيق”.
ودعت الوزارة المجتمع الدولي إلى “الاضطلاع بمسؤولياته وإيقاف العنف، وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني الشقيق، وإنهاء ممارسات سلطات الاحتلال الاستفزازية”.
أما موقف تونس فجاء مختلفًا نوعًا ما إذ عبرت عن “وقوفها الكامل وغير المشروط إلى جانب الشعب الفلسطيني، كما تذكر بأن ما تصفه بعض وسائل الإعلام بغلاف غزة هو أرض فلسطينية ترزح تحت الاحتلال الصهيوني منذ عقود ومن حق الشعب الفلسطيني أن يستعيدها وأن يستعيد كل أرض فلسطين، ومن حقه أيضًا أن يقيم دولته المستقلة عليها وعاصمتها القدس الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين”.
وأضاف بيان للرئاسة التونسية “تدعو تونس كل الضمائر الحية في العالم إلى الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، وأن تتذكر المذابح التي قام بها العدو الصهيوني في حق شعبنا العربي في فلسطين بل وفي حق الأمة كلها، وعلى العالم كله ألا يتناسى مذابح العدوّ في الدوايمة وبلدة الشيخ ودير ياسين وكفر قاسم وخان يونس والمسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي وغيرها”.
إلى ذلك، قالت وزارة الخارجية الجزائرية في بيان “الجزائر تتابع بقلق شديد تطور الاعتداءات الإسرائيلية الغاشمة على قطاع غزة، التي أودت بحياة العشرات من أبناء وبنات الشعب الفلسطيني الأبرياء الذين سقطوا شهداء في ظل تمادي الاحتلال الصهيوني وسياسة التجبر والاضطهاد التي يفرضها على الشعب الفلسطيني الباسل”.
وأضاف البيان “تدين الجزائر بشدة هذه السياسات والممارسات المخلة بأبسط القواعد الإنسانية ومراجع الشرعية الدولية”.