الصورة: السعودية تدرب وتمول الثورة السورية والعديد من الجماعات التي توصم بأنها متطرفة
أصدر العاهل السعودي عبدالله بن عبدالعزيز أمرا ملكيا بمعاقبة “كل من شارك في أعمال قتالية خارج المملكة أو الانتماء للتيارات أو الجماعات الدينية والفكرية المتطرفة”.
وجاء في البيان الملكي والذي أوردته وكالة الأنباء السعودية أن عقوبة السجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد عن عشرين سنة تُطبق على كل من يشارك “في أعمال قتالية خارج المملكة ، بأي صورة كانت”.
ويتابع الأمر الملكي -الذي سيُعمل به بعد ثلاثين يوما من صدوره في الجريدة الرسمية- بألفاظ غامضة وعامة، أن العقوبة نفسها تُطبق على كل من ينتمي “للتيارات أو الجماعات الدينية أو الفكرية المتطرفة أو المصنفة كمنظمات إرهابية داخلياً أو إقليمياً أو دولياً، أو تأييدها أو تبني فكرها أو منهجها بأي صورة كانت ، أو الإفصاح عن التعاطف معها بأي وسيلة كانت ، أو تقديم أي من أشكال الدعم المادي أو المعنوي لها ، أو التحريض على شيء من ذلك أو التشجيع عليه أو الترويج له بالقول أوالكتابة بأي طريقة.”
ويأتي هذا القرار الملكي وسط توتر شديد على أكثر من نطاق، فعلى النطاق السعودي الداخلي، أصدرت جمعية الحقوق المدنية والسياسية قبل عدة أيام بيانا حادا للغاية اتهمت فيه النظام السعودي بتصدير الممعارضين السياسيين للقتال في سوريا كما فعل النظام ذاته سابقا في العراق، وجاء في بيان حسم الذي صدر قبل قرابة الأسبوع أن “النظام السعودي هو الذي يتحمل المسئولية الكبرى (في سفر الشباب السعودي للقتال في الخارج) وسهل خروج بعض الشباب الذين كانوا يتظاهرون للمطالبة بمحاكمة ذويهم المعتقلين إلى سوريا للخلاص منهم ووقف المظاهرات، فالسعوديون تحت سلطة مطلقة تتحكم في كل شيء في البلد, وهي التي صاغت التعليم وثقافة المجتمع وفرضت عليه آيدلوجيتها المتطرفة والاقصائية وبالتالي حتى الأشخاص الذين تتهمهم السلطة بالتشدد هم نتاج مدرستها, وخلافها معهم ليس لتشددهم ولكن لأنهم وجهوا تشددهم تجاه السلطة وليس تجاه المجتمع فقط كما أراد النظام”
وجاء في بيان حسم نقلا عن تقرير صحفي أمريكي قول بندر بن سلطان للبيت الأبيض في 2007 “نحن من صنعنا هذه الحركات (الإرهابية والمتطرفة)، ونحن من يمكنه السيطرة عليها, إن المسألة لا تتعلق بأننا لا نريد من الأصوليين أن يقذفوا القنابل وإنما تتعلق بمن نريد إصابتهم بتلك القنابل”.
كما بدأت خلال الأسابيع الماضية إرهاصات حملة للتضييق على عدد من الشيوخ السعوديين المستقلين والمعروفين بتوجهاتهم الإصلاحية مثل الشيخ سلمان العودة، وكان الإعلامي السعودي داوود الشريان قد تحدث خلال حلقة برنامجه “الثامنة مع داود” قائلا: “سلمان العودة ومحمد العريفي سعد البريك.. أنتم أبطال تويتر غررتم بأولادنا وذهبوا للجهاد، أنتم المسؤولون وغررتم بأولادنا منذ أيام أفغانستان. أنتم تشحنونهم وتقتلونهم.” الأمر الذي رد عليه العودة بالقول أنه لم يفعل ذلك معلنا عن بدئه إجراءات التقاضي ضد التشويه المتعمد الذي قام به الشريان
ومن الوارد للغاية أن يتضرر نتيجة القرار الملكي عدد كبير من الدعاة والشيوخ الذين أيدوا الثورة السورية ودعموها رغم الدعم الرسمي السعودي لها، والدعم غير المعلن من الجهات الرسمية كذلك للعديد من الجماعات التي “تُوصم بالتطرف” من قبل السعودية ودول أخرى.
أما من الناحية الإقليمية فتكاد المملكة تغرق في المستنقع المصري بعد أن دعمت الانقلاب العسكري الذي أطاح بحكم الإخوان المسلمين بمليارات الدولارات، ثم إعلان الإخوان جماعة إرهابية من قبل السلطات المصرية، وبحسب الأمر الملكي، فإن عقوبة السجن ستطال من “الإفصاح عن التعاطف مع (الجماعات المصنفة كمنظمات إرهابية داخلياً أو إقليمياً أو دولياً) بأي وسيلة كانت”.
وهذا يعني أن السعودية قد تسجن عشرات الآلاف من مواطنيها أو من الموظفين والعمال الأجانب الذين يعملون في المملكة بتهم تتعلق بوضع صور على فيسبوك أو نشر تغريدات على موقع تويتر أو غيرها تأييدا للجماعات التي يتحدث عنها البيان.
أما في سوريا فقد أخفقت السياسة السعودية بشكل ذريع، فمن ناحية لم تستطع الرياض التأثير على الولايات المتحدة للإطاحة بنظام الأسد عسكريا، كما أن المملكة تعتبر معركتها في سوريا معركة يخوضها الجهاديون بالوكالة عنها ضد إيران التي يخوض عنها حزب الله الحرب بالوكالة كذلك.
ويقول متابعون أن هذه القرارات قد تأتي في إطار تقارب سعودي أمريكي في الموقف من الجماعات المسلحة في سوريا، والتي تتهم أطراف أمريكية عديدة السعودية بدعمها، وسط أنباء عن زيارة مرتقبة للرئيس الأمريكي للرياض قريبا.
ويمكنكم متابعة ردود أفعال المواطنين السعوديين على موقع تويتر عبر الضغط هنا: #أمرملكي_بمعاقبة_المقاتلين_بالخارج