على نغمات موسيقى “فريد ويسلي” ومعزوفات “شريف كلايتون” القادمة من قلب أمريكا حاملةً روحها لتهمس نغماتها في آذان مستمعيها، تفاعل جمهور الجاز في تونس، البارحة لمدة ساعة ونصف، في قلب العاصمة، في عرض فنّي اختصر المسافة بين الموسيقى والجمهور، وخرج بالعروض الموسيقية إلى الفضاءات الجماهيرية ليسبق الافتتاح الرسمي للدورة الـ12 لمهرجان الجاز في قرطاج التي تنطلق الليلة.
انطلاق مهرجان الجاز بقرطاج
في دورته الـ12 سيكون مهرجان الجاز بقرطاج، فرصة لمحبي هذا النوع من الموسيقى الذي بدأت نشأته في مدينة نيو أورليانز بولاية لويزيانا الأمريكية حاملاً رسائل السلام والتسامح والتنوع والاختلاف الحضاري ويدعو لمناهضة كل أشكال العنصرية والتمييز العنصري، ويتغنّى بالحياة اليومية للبسطاء وبمعاناة الشعوب المستضعفة جراء الحروب والفوضى.
مهرجان يسعى القائمون عليه إلى تقديم تنويعات عديدة ومختلفة من موسيقى الجاز والسامبا والريتم بلوز والجاز بلوز والجاز المعاصر والسالسا اللاتينية والبوب جاز والساول وغيرها من الأنماط الموسيقية الأخرى التي تعود عليها الجمهور وأصبح ينتظرها كل عام.
ستقدم مجموعة “وسط البلد” المصرية، الألوان المستحدثة في المشهد الموسيقي العربي
ويتضمن برنامج هذه الدورة الـ21 موسيقي من العديد من الدول الأوروبية على غرار إنجلترا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا والسويد والنمسا بالإضافة إلى 4 عروض لفنانين من الولايات المتحدة الأمريكية وعروض لفنانين عرب من فلسطين ومصر والجزائر والمغرب وتونس.
وستعيش جماهير المهرجان مع أغاني الفنانة المغربية الفرنسية هندي زهراء التي بدأت ككاتبة فعازفة، والمغنية الجزائرية جازية ساطور المختصة في موسيقى “سول جاز” التي دخلت عالم الموسيقى في سن الـ15 كمغنية في كورال فرقة “كناوة ديفيزيون”، وكلتاهما تغنّي باللغة الأمازيغية، والصوت النسائي للمغربية نبيلة معان، إضافة إلى موسيقى “الفلامنكو” الشهيرة مع المجموعة الإسبانية “شامباو”.
وستقدم مجموعة “وسط البلد” المصرية، الألوان المستحدثة في المشهد الموسيقي العربي، وستعزف المجموعة الفلسطينية “فورتي سافن سول”، اللون التحرري للموسيقى.
حفلات صاخبة تمتع محبي الجاز
إلى جانب ذلك سيكون جمهور الجاز الذي تأسس سنة 2006، على موعد مع حفلات يقدمها كل من الفنان الغاني مايلز سانكو والنمساوي ماريو رومز أنترزون ورافائيل غولادزي ومجموعة البيغ باند (بينك مارتيني) الأمريكية الشهيرة.
ويسعى المشرفون على المهرجان هذا العام لمحاولة تقريب الموسيقى من الجمهور، عبر عروض فنية مجانية أقيمت في شارع الحبيب بورقيبة، لإتاحة الفرصة لمن لم يتمكن من شراء تذكرة دخول أو حجز مكان داخل قاعات العروض، وأخرى تنظم في المدن والمحافظات الداخلية، إذ حملت دورة هذا العام شعار اللامركزية، حيث تمت برمجة 10 سهرات موسيقية بالعاصمة و3 عروض بسوسة، تنتهي يوم 9 من أبريل المقبل.
باقي المهرجانات
مهرجان “الجاز بقرطاج” ليس المهرجان الوحيد الذي ينظم في تونس ويحتفي بهذه الموسيقى التي اكتسحت باقي الألوان الموسيقية وامتزجت بها، فغيره كثير، نذكر من ذلك المهرجان الدولي للجاز الذي يلتئم بمدينة طبرقة السياحية (شمال غرب)، التي يمتزج فيها البحر بالغابات والجبال وتعتبر مهد موسيقى الجاز في تونس، في بداية شهر سبتمبر من كل عام منذ عام 1996.
مهرجان “سيكا جاز” في مدينة الكاف كان فرصة لأحباء الجاز في تونس وخارجها
مهرجان تأسس سنة 1970 وتمّ تصنيفه من أفضل خمسة مهرجانات موسيقية في العالم، ووضع المدينة على خريطة المدن العالمية للموسيقى، لكنه منذ أحداث الثورة التونسية تعرض لعدة صعوبات، فتوقف، ليعود قبل سنة بعروض ووصلات موسيقية متنوعة أمتعت وأطربت الجماهير القادمة من داخل والبلاد وخارجها لمدة 3 أيام في مسرح البازليك، وكانت كافية لدفع الحركة السياحية في المدينة ووضعها على خريطة المدن العالمية للموسيقى.
أيضًا، نجد مهرجان “سيكا جاز” في مدينة الكاف (شمال غرب) الذي اختتمت دورته الثالثة منذ أيام قليلة في الحصن الدفاعي للمدينة، فكان فرصة لأحباء الجاز في تونس وخارجها، للاستمتاع بهذا اللون الموسيقي الذّي تميزه إيقاعات تتغنى بالحرية والانعتاق من كل القيود تترجمها أصوات آلة “الباتري” (إيقاعية) وأوتار القيثارة وتقاسيم الساكسوفون والكمان القائم والترومبون والترومبيت وآلة القرع لمدّة خمسة أيام.
قيثارة في وسط مدينة طبرقة
وتعطي هذه المهرجانات المتنوعة زخمًا للحراك الفني والثقافي على الساحة التونسية، حيث تحظى الفعاليات الموسيقية والعروض المتنوعة بإقبال جماهيري لافت، فأهل تونس عرفوا منذ القديم بحبهم للفنون بمختلف ألوانها.
ويُوافق 30 من أبريل من كل سنة اليوم العالمي للجاز، وهي مُناسبة قد تم تعيينها من طرف اليونسكو لتذكر تاريخ هذا النوع من الموسيقى والاحتفال بالقيم المجتمعية الذي يُمثلها كإرث ثقافي إنساني، وهي أيضًا فرصة لإقامة العديد من الحفلات الموسيقية في كل مكان في العالم.