ترجمة حفصة جودة
يؤدي الاحتباس الحراري إلى إعادة تشكيل أماكن وجود الحيوانات والنباتات حول العالم، مما يؤدي إلى عواقب وخيمة على البشرية وفق تحليل جديد، قال فريق دولي من العلماء إن ارتفاع الحرارة على اليابسة وفي البحر أدى إلى هجرة الكثير من الأنواع بشكل متزايد إلى مناطق أكثر برودة، مما يدفع الحشرات التي تنقل الأمراض إلى أماكن جديدة بالإضافة إلى الحشرات التي تهاجم المحاصيل.
حذر العلماء من أن بعض هذه التنقلات سوف تضر ببعض الصناعات المهمة مثل السياحة والغابات، وسوف تظهر التوترات بين الدول نتيجة تغير الموارد الطبيعية مثل الأرصدة السمكية، هذه الهجرات الجماعية التي تحدث في جميع أنحاء العالم قد تؤدي إلى تضخم التغير المناخي، فعلى سبيل المثال ينمو الغطاء النباتي الداكن ليحل محل حقول الثلج العاكسة للشمس في القطب الشمالي.
يقول الخبراء في تحليلهم المنشور في مجلة journal Science: “بقاء الجنس البشري في المجتمعات الحضرية والريفية يعتمد على الأحياء الأخرى على سطح الأرض، سوف يدفع تغير المناخ إلى إعادة توزيع الأحياء عالميًا على الأرض”.
هذه الهجرة الجماعية للأنواع هي الأكبر منذ 25 ألف عام – منذ العصر الجليدي الأخير – ويقول العلماء الذين يمثلون أكثر من 40 مؤسسة حول العالم: “هذا التغيير سوف يخلف وراءه فائزين وخاسرين، مما يعيد تشكيل الرفاهية الإنسانية بشكل جذري، ومن المحتمل أن يؤدي إلى صراع كبير، فالمجتمع البشري لم يقدر بعد الآثار المترتبة على إعادة توزيع الأنواع بشكل غير مسبوق على الأرض بما في ذلك الجنس البشري”.
تغير المناخ أدى إلى انتقال البعوض إلى مناطق جديدة لا يملك فيها الأشخاص مناعة ضده
التغير المناخي الذي تسببه انبعاثات الغازات الدفيئة (التي يسببها الإنسان) لا تؤدي فقط إلى ارتفاع درجات الحرارة، لكنها تؤدي إلى زيادة مستوى سطح البحر وحموضة المحيطات، وتجعل الجو قاسيًا حيث يصبح حدوث الجفاف والفيضانات أمرًا متكررًا، كل هذه العوامل تجبر الكثير من الأنواع على الهجرة من أجل البقاء، يقول البروفيسور غريتا بيكل من جامعة تسمانيا بأستراليا والمؤلف الرئيسي للتحليل الجديد: “تتحرك الأنواع البحرية إلى القطب الشمالي بمعدل 17 كم في العقد، بينما تتحرك الأنواع البحرية بمعدل 72 كم في العقد”.
هناك العديد من الأمثلة الموثقة لهجرة الأنواع نتيجة الاحتباس الحراري العالمي وهناك أيضًا بعض الأمثلة التي تدل على الانقراض، لكن البروفيسور بيكا يقول: “تشرح دراستنا كيف تؤثر هذه التغييرات على النظم الأيكولوجية والصحة البشرية والثقافة فيما يتعلق بهذا الأمر”.
من أكثر الأشياء التي تؤثر مباشرة على الإنسان هجرة الحشرات التي تنقل الأمراض، مثل انتقال البعوض الذي ينقل الملاريا إلى أماكن جديدة لأنها دافئة، هذه المناطق الجديدة يملك الناس فيها حصانة ضعيفة ضد المرض، هناك أيضًا مثال آخر ينتشر في شمال أوروبا وأمريكا الشمالية وهو هجرة حيوانات القراد الذي ينقل مرض اللايم، فقد شهدت المملكة المتحدة انتشار المرض عشرت أضعاف المرات منذ عام 2001، عندما أصبح الشتاء أكثر اعتدالاً.
سوف يتأثر أيضًا إنتاج الغذاء لأن بعض المحاصيل يجب نقلها إلى مناطق أكثر برودة لتظل على قيد الحياة مثل القهوة والتي تحتاج في زراعتها إلى مناطق أعلى وأكثر برودة، الأمر الذي يسبب اضطرابًا عميقًا في الصناعة العالمية، يؤدي ذلك أيضًا إلى انتقال آفات المحاصيل وبالتالي انتقال الحيوانات التي تفترسهم مثل الحشرات والطيور والضفادع والثدييات.
هناك بعض الموارد الأخرى التي ستتأثر أيضًا، فثلث الأراضي المستخدمة للغابات في أوروبا سوف تصبح غير مناسبة لزراعة الأشجار ذات الأخشاب القيمة خلال العقود المقبلة، كما أن الأرصدة السمكية المهمة سوف تنتقل إلى القطبين بحثًا عن مياه أكثر برودة، فسمك الماكريل الذي يتم صيده في آيسلاندا قد قفز من 1700 طن في عام 2006 إلى 120 ألف طن في عام 2010، مما تسبب في “حرب الماكريل” مع جيرانهم الذين امتلكوا هذه الأسماك سابقًا في مياههم.
كما أن الفوائد التي تعود على البشرية من توزيع هذه الأنواع والنظم الأيكولوجية المعقدة التي نعيش فيها أصبحت في خطر، فعلى سبيل المثال، هجرة أشجار المنجروف جنوبًا نحو أستراليا وجنوب الولايات المتحدة يعني أن الحماية من العواصف سوف تختفي من بعض الأماكن.
انتقال الحيوانات والنباتات إلى مناطق جديدة قد يؤدي أحيانًا إلى تغيرات جذرية، فهذه المناطق لم تتطور بعد لاستقبال وافدين ولا تمتلك دفاعات طبيعية، ففي أستراليا تتعرض غابات عشب البحر للتدمير نتيجة هجوم الأسماك الاستوائية والتي تأكل منها مما يهدد تجارة سرطان البحر الصخري المهمة.
أشجار المنجروف تهاجر نحو القطبين في أستراليا وجنوب الولايات المتحدة
حذر العلماء من نتائج هذه التأثيرات والتي قد تؤدي إلى تفاقم التغير المناخي، فقد انتشرت خنفساء اللحاء في غابات نصف الكرة الشمالي وتقوم بمهاجمة الأشجار التي أصبحت ضعيفة نتيجة الحر والجفاف، مما يؤدي إلى انتشار الكثير من الآفات وموت الأشجار، كما يؤدي أيضًا إلى توفير الوقود وبالتالي انتشار حرائق الغابات وانطلاق المزيد من ثاني أكسيد الكربون الذي يرفع من حرارة الأرض.
تقول ناتالي بيترولي بمعهد “ZSL” لعلم الحيوان في المملكة المتحدة وأحد أعضاء فريق التحليل: “لا يجب أن يهتم علماء البيولوجيا فقط بتغير المناخ الذي يؤدي إلى انتقال الأنواع، يجب أن يشعر الجميع بالقلق حيال الأمر، فالعالم بأكلمه ليس مستعدًا بشكل كاف للتعامل مع مجموعة القضايا الناشئة عن انتقال الأنواع محليًا وعالميًا”، وأضافت أيضًا أن خطط التعامل مع التغير المناخي يجب أن تضع هذه القضايا في اعتبارها، ويمكن للجميع أن يلعبوا دورًا في جمع البيانات بشأن انتقال الأنواع، فمثلاً يستطيع المواطنين التبليغ عند رؤية أنواع جديدة في المنطقة، وهناك خطط جديدة قد أُنشئت بالفعل.
المصدر: الغارديان