على مدى عقود طويلة، استطاعت لعبة كرة القدم تبوء صدارة الرياضات الأكثر شعبيةً على مستوى العالم، بفضل ما أظهرته من وجه جميل راق، يحمل من المتعة والفن والإثارة أضعاف ما تحمله بقية الرياضات.
ولكن، كما للقمر وجهٌ مظلمٌ قاتم، للكرة أيضًا وجهٌ مظلمٌ قبيح، سنتعرف على بعض ملامحه من خلال المقال التالي، الذي يستعرض أشهر 10 أحداث شهدها تاريخ كرة القدم، من مؤامرات وتواطؤات وفضائح رشى وفساد وتلاعب، وحوادث أخرى شوهت الوجه الجميل الناصع للساحرة المستديرة:
10- تواطؤ أبطال العالم
تشكيلة المنتخب المغربي في كأس العالم 1998
ربما اعتبرها البعض ضربًا من التعاطف مع الضحية الذي لم يكن سوى منتخبنا العربي المغربي، ولكن ملابسات القصة تثبت بأن التواطؤ كان موجودًا بالفعل، وكيف لا؟ ومنتخب النرويج المغمور تحول فجأةً إلى بعبع استطاع هزيمة أبطال العالم في 5 دقائق!
حدثت الواقعة في نهائيات كأس العالم التي استضافتها فرنسا عام 1998، حيث وقع المغرب في مجموعة واحدة مع البرازيل والنرويج وإسكتلندا، وكان يكفيها تحقيق الفوز في مباراة الجولة الأخيرة أمام إسكتلندا، لضمان ترشحها إلى الدور الثاني، بشرط عدم فوز النرويج على البرازيل في المباراة التي تقام في الوقت ذاته، وقد كانت الأمور تسير كما اشتهاها المغاربة، حيث كانوا متقدمين بثلاثية بيضاء، في الوقت الذي كانت فيه النرويج متأخرةً بهدف حتى ما قبل النهاية بـ12 دقيقة، حين قرر أبطال العالم البرازيليون إهداء التأهل لغريمهم المغمور، الذي سجل هدفين في غضون 5 دقائق، ليرافقهم إلى الدور الثاني على حساب المنتخب المغربي المصعوق.
9- خطة الكوندور
الديكتاتور الأرجنتيني فيديلا توج منتخب بلاده بكأس العالم
كانت المنافسة على أشدها بين الأرجنتين المضيفة وغريمتها الأزلية البرازيل، من أجل الفوز بصدارة المجموعة التي كانت تضم معهما منتخبي بولندا والبيرو، ضمن نهائيات كأس العالم عام 1978، وقد أنهت البرازيل مبارياتها محققةً فوزين وتعادلًا واحدًا، مع فارق أهداف مريح بلغ 4 أهداف، قبل أن تلعب الأرجنتين مباراتها الأخيرة أمام البيرو، والتي انتهى شوطها الأول بتقدم أصحاب الضيافة بهدف وحيد، لم يكن كافيًا بطبيعة الحال لتحقيقها الصدارة، ولكن ما حصل خلال الشوط الثاني غير المعطيات، حيث سمح البيروفيون للأرجنتينيين بتسجيل 5 أهداف، مكنتهم من اعتلاء صدارة المجموعة والتأهل إلى المباراة النهائية للمونديال.
وقد قيل بأن لاعبي البيرو تلقوا رشى بين شوطي المباراة لتسهيل الأمر، وقيل بأنهم تعرضوا لتهديدات بالقتل، والمتهم في الحالتين كان النظام الأرجنتيني الحاكم آنذاك، بقيادة الديكتاتور خورخي فيديلا، الملقب بالكوندور، والذي يُعزى إليه الفضل في فوز الأرجنتين بلقبها العالمي الأول!
8- مؤامرة خيخون
حدثت خلال كأس العالم الذي أقيم في إسبانيا عام 1982، وكان مسرحها ملعب مولينون بمدينة خيخون، الذي استضاف المباراة الأخيرة في المجموعة بين منتخبي ألمانيا الغربية والنمسا، والتي كانت عيون نجوم منتخب الجزائر شاخصةً عليها، بعد أن أنهوا مبارياتهم في المجموعة بتحقيق فوزٍ غالٍ على تشيلي، أضافوه إلى انتصارهم الافتتاحي التاريخي على ألمانيا، حيث كانت جميع النتائج المحتملة في المباراة الأخيرة تؤدي لتأهلهم، عدا فوز الألمان بفارق هدف واحد، وهو ما حدث فعلًا في المباراة، حيث سجل الألمان هدفًا في الدقيقة العاشرة، ثم تعاون الفريقان على استهلاك الوقت بشكل سافر، انتظارًا لنهاية المباراة بالنتيجة التي خدمت مصالحهما معًا، وضربت بمبادئ الروح الرياضية واللعب النظيف عرض الحائط!
7- المدرب المرتشي
المدرب الإنجليزي سام ألارديس
في أحدث حلقات سلسلة الفساد التي عرفتها الكرة العالمية، قامت صحيفة (ديلي تلغراف) الإنجليزية بنصب كمين معد بإتقان، أوقعت من خلاله مدرب المنتخب الإنجليزي سام ألارديس في شر أعماله، حين أرسلت مراسلين من قبلها للتفاوض مع المنتخب الوطني الإنجليزي، من أجل تزويدهم بطرق للالتفاف على قواعد انتقال بعض اللاعبين، مقابل رشوة مقدارها 400 ألف جنيه إسترليني، قبضها المدرب الملقب بـ(بيغ سام) من المراسلين الذين ادعوا بأنهم وكلاء اللاعبين، وجرى تصوير الوقائع بالفيديو، وقامت الصحيفة بتسليم الأدلة إلى الاتحاد الإنجليزي والشرطة، مدعيةً بأن لديها أدلةً أخرى على تورط 8 مدربين آخرين بالتهمة ذاتها!
وقد أسفرت تلك الحادثة التي جرت في 27 من سبتمبر عام 2016، عن إقالة ألارديس من تدريب منتخب الأسود الـ3، بعد 67 يومًا فقط من تعيينه، إضافةً إلى تغريمه بدفع غرامة مالية كبيرة.
6- فضيحة نادي مارسيليا
مارسيليا تُوج بلقب الشامبيونز ليغ عام 1993
كان نادي المدينة الفرنسية العريق يعيش أحلى أيامه، عقب تتويجه بلقب دوري أبطال أوروبا لعام 1993، للمرة الأولى في تاريخ الأندية الفرنسية، بعد فوزه في النهائي على ميلان الإيطالي، إضافةً إلى فوزه بلقب الدوري الفرنسي، عندما ظهرت أقاويل عن تورط رئيسه (بيرنارد تابي)، بدفع رشوة مقابل تسهيل فوز فريقه على نادي فالنسيان في آخر مباريات الدوري، وهو ما أثبتته التحقيقات فعلًا، ليعاقب النادي بتجريده من لقب الدوري الفرنسي وإسقاطه إلى الدرجة الثانية، فضلًا عن قرار جنائي بسجن رئيس النادي مدة 6 أشهر.
كما حُرم النادي الفرنسي من الدفاع عن لقبه في الشامبيونز ليغ، وحرم حتى من لعب مبارتي السوبر الأوروبية والإنتركونتيننتال، دون أن يتم تجريده من لقب دوري أبطال أوروبا، رغم مطالبات مسؤولي نادي ميلان الإيطالي بذلك، وخاصةً بعد ظهور بعض الأقاويل غير المثبتة، عن تعاطي عدد من لاعبي مارسيليا المنشطات قبل خوضهم المباراة النهائية للشامبيونز ليغ.
5- فضيحة توتونيرو
النجم الإيطالي باولو روسي ضمن المتورطين بفضيحة توتونيرو
(Totonero) وتعني بالإيطالية: الرهان تحت الأرض، كان عنوان الفضيحة الأولى التي عصفت بالكرة الإيطالية، والتي بدأت مطلع عام 1980، بتوارد أنباء عن تورط عدد من اللاعبين ومسؤولي الأندية في رهانات غير شرعية، قاموا بموجبها بالتلاعب بنتائج بعض مباريات الدوري الإيطالي، وقد أثبتت التحقيقات إدانتهم فعلًا، وأخذت العدالة مجراها بإعلان هبوط ناديي ميلان ولاتسيو إلى الدرجة الثانية، إضافةً إلى إيقاف المسؤولين واللاعبين المتورطين، حيث طال الإيقاف عددًا من كبار لاعبي المنتخب الإيطالي الأول، كالمهاجم الشهير باولو روسي، وحارس المرمى إنريكو ألبيرتوزي، إضافةً إلى رئيس نادي ميلان فيليس كولومبو.
4- فضيحة الكالتشيو بولي
لوسيانو موجي رئيس نادي يوفنتوس بطل فضيحة الكالتشيو بولي
إذا كانت (توتونيرو) هي الأقدم بين فضائح الفساد في إيطاليا، فإن (Calciopoli) أو (أقطاب الدوري الإيطالي) هي الأشهر والأكبر فيها، فقد طالت تهم الفساد والتلاعب أبرز أقطاب الكرة الإيطالية، نادي يوفنتوس، الذي كان الخاسر الأكبر في القضية، إذ جُرد من لقبي الدوري الإيطالي لعامي 2005 و2006، فضلًا عن إسقاطه إلى الدرجة الثانية، بعد ثبوت تورط رئيسه لوشيانو موجي بتهم تتعلق بترتيب النتائج واختيار الحكام، بالتعاون مع رئيس لجنة الحكام في الدوري الإيطالي، والذي أظهرت التحقيقات تورطه مع عدد من مسؤولي أندية أخرى كميلان وفيورنتينا ولاتسيو وريجينا، الذين اكتُفي بخصم نقاط من رصيدهم في الموسم التالي، مع إيقاف مسؤوليهم المتورطين عن العمل.
الجدير ذكره أن فضائح الفساد في إيطاليا ظهرت مجددًا عام 2011، بتورط عدد من لاعبي دوري الدرجة الثانية بترتيب نتائج بعض المباريات، لتخدم مصالح مكاتب المراهنات التي يعملون لصالحها!
3- فساد الفيفا
تم إيقاف بلاتر وبلاتيني عن مزاولة أي نشاط يتعلق بكرة القدم لمدة 8 سنوات إثر فضيحة فساد الفيفا
أضخم تهم الفساد وأشدها وقعًا على محبي كرة القدم في العالم، كان مسرحها مقر الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا”، الكائن في مدينة زيوريخ السويسرية، وتم اكتشاف خيوطها اعتبارًا من شهر مايو لعام 2015، حين ألقت السلطات السويسرية القبض على 7 مسؤولين رفيعي المستوى في الفيفا، بينهم نائب رئيس المنظمة جيفري ويب، وذلك بموجب تحقيقات كان يجريها القضاء الأمريكي بشأن نزاهة عملية التصويت على اختيار الدول المضيفة لنهائيات كأس العالم.
وقد امتدت التحقيقات وتوسعت لتشمل تجاوزات أخرى جرى اكتشافها، أظهرت تورط رئيس هرم منظمة الفيفا سيب بلاتر، والسكرتير العام للمنظمة جيروم فالكة، ورئيس الاتحاد الأوروبي للعبة ميشيل بلاتيني، وعدد آخر من كبار مسؤولي الفيفا، بتهم مختلفة تدور حول تلقي رشى ومدفوعات غير شرعية، وإساءة استخدام السلطة، وإهدار المال العام، لتنتهي القضية بإيقاف المتورطين عن مزاولة أي نشاط يتعلق بكرة القدم، حيث أُوقف بلاتر وبلاتيني مدة 8 سنوات!
2- مأساة إسكوبار
هدف إسكوبار الذي دفع حياته ثمنًا له!
هل تعلمون من هو اللاعب الذي دفع حياته ثمنًا لهدف سجله بالخطأ؟ إنه مدافع منتخب كولومبيا أندريس إسكوبار، الذي قاده سوء حظه إلى تسجيل هدف غير مقصود في مرمى منتخب بلاده كولومبيا، خلال مباراتها الحاسمة في نهائيات كأس العالم عام 1994، أمام منتخب الولايات المتحدة المضيفة، مما أدى لهزيمة المنتخب ووداعه كأس العالم من الدور الأول، بعدما كان مرشحًا للعب الأدوار الأولى في البطولة.
وبعد عودته إلى بلاده بـ10 أيام، أقدمت إحدى عصابات تجارة المخدرات الكولومبية، على اغتياله بـ12 رصاصةً في الرأس، في أثناء خروجه من أحد المقاصف في مدينة ميدلين، بدعوى تسببه بخسارتهم مبلغًا ماليًا كبيرًا في المراهنات نتيجة هدفه المشؤوم، ليصبح اللاعب الكولومبي المسكين أشهر ضحايا لعبة كرة القدم عبر تاريخها!
1- حرب كرة القدم!
أسفرت حرب كرة القدم بين السلفادور وهندوراس عن سقوط أكثر من 3000 ضحية بين مدني وعسكري
أن تتسبب مباراة كرة قدم بنشوب حرب بين بلدين، فذلك أمرٌ أقرب إلى الخيال! ولكن ذلك ما حدث فعلًا قبل نحو 48 عامًا، عندما تسببت مباراة منتخبي السلفادور وهندوراس، في تصفيات مونديال المكسيك 1970، بنشوب حرب بين الدولتين الجارتين ذهب ضحيتها آلاف الضحايا!
بدأت القصة حين انتهت المباراة الفاصلة بفوز منتخب السلفادور ووداع الهندوراس مشوار التصفيات، لتخرج الجماهير الهندوراسية الغاضبة في مظاهرات حاشدة، جابت شوارع المدن الرئيسية، وصبت جام غضبها على بعض الأقليات من ذوي الأصول السلفادورية، حيث قاموا بإيذائهم وطردهم من بيوتهم، مما حدا بالسلطات السلفادورية إلى طرد سفير الدولة الجارة، ومن ثم إعلان الحرب عليها صباح يوم 14 من يوليو عام 1969، واستمرت الأعمال القتالية مدة 4 أيام تقريبًا، لذا سميت بحرب الـ100 ساعة، قبل أن تنجح الجهود الديبلوماسية الدولية في إيقافها، بعدما أسفرت عن سقوط أكثر من 3000 ضحية بين مدني وعسكري، إضافةً لآلاف المصابين والمشردين والمتضررين ماديًا، ليسجل التاريخ تلك الحرب الغريبة، كواحدة من أسوأ الأحداث التي ارتبطت بكرة القدم.