كثُر الحديث عن انتهاك فيسبوك للخصوصية والتجسس على مستخدميه ولم يعد الأمر مثيرًا للدهشة، حيث انتشرت أخبار لا تحصى عن مراقبة فيسبوك لمستخدميه وبالتحديد سلوكهم وتحركاتهم على الشبكة العنكبوتية حتى أصبح الأمر جزءًا من المشاركة في العالم الاجتماعي، لكن ما المعلومات التي يجمعها فيسبوك عنا وماذا يستفيد من تخزينها وكيف يمكننا أن نتعرف ولو على جزء بسيط من آليتها؟
في دراسة تحليلية نشرت على موقع “بيزنيس إنسايدر” صرحت أن فيسبوك يستخدم أكثرمن 200 متتبع يوجد معظمهم على مواقع الإنترنت، وحسب إحصائية مستندة على هذه الدراسة، فإن متتبعات فيسبوك تخزن معلومات عن الزيارات التي يقوم بها المستخدمين لمختلف الروابط، بالإضافة إلى تتبع الإعجابات والتعليقات التي يضعها على محتويات المنشورات، وتفاصيل أخرى كالموقع الجغرافي للمتصفح وبأي زمان يوجد على الشبكة.
بعد أن يتتبع نشاط المستخدم على صفحات الإنترنت يأرشف هذه المعلومات ليحللها لاحقًا، لأهداف عديدة، البعض يرى أن هذه الخاصية انتهاك للخصوصية بشكل صارخ والبعض الآخر يرى أنها طريقة بريئة لأهداف تسويقية من خلال بيع هذه المعلومات للشركات التسويقية لتعرض لك ما تفضل أن تشاهده.
يقول الرئيس التنفيذي التقني لشركة الإعلانات الرقمية MEDIAMATH رولان كوتسولينو: “يفزع الناس من عمليات المراقبة، ويعتقدون أنه مستهدفون وتحت مراقبة دائمة، لا أحد يراقب أحد، أنا لا أعرف أي معلومات عنك، كل ما أعرفه أن هذه الأجهزة يتم استخدامها من قبل الشخص نفسه”، ويؤكد المؤسس للشركة أن عملهم لا ينتهك الخصوصية وأنهم يعتمدون على تحديد مكان الجهاز والسلوك الاجتماعي من خلال معرفة المواقع التي يتم تصفحها ومواعيد الزيارة، أما موضوع الإعلانات فمختلف لأنه يستهدف حساب شخص معين وليس جهازه.
تقول يويو من مركز كامبردج النفسي في لقاء صحفي: “يمكن لأجهزة الحاسوب أن تستنتج الصفات النفسية لدينا وأن تعمل على صنع آلات ذكية عاطفيًا ونفسيًا واجتماعيًا”، وأضافت يمكن للناس أن تستخدم هذه المعلومات في تحديد حدسها نحو شخص ما لأغراض التوظيف أو الترشيح لمنصب ما، إذ إنها معيار جيد في تقييم بعض الأشخاص.
عملية التجسس توسعت لتصل إلى ميكروفونات الهواتف
جدير بالذكر أن عدد الشركات التي تتبع النشاطات الاجتماعية مذهلة، فليس فيسبوك الموقع الوحيد الذي يعمل على نشر متتبعات له على الشبكة، محرك البحث “غوغل” ينضم للقائمة أيضًا ويبرر بأنها الطريقة الأنجح لتحديد اهتمامات مستخدميه وبالتالي تحديد الإعلانات التي تظهر لهم، تتبع هذه المواقع تحركاتنا عندما نزور موقع أو نتصفح صفحة ما، فإن COOKIES تتحمل على الجهاز، وعند زيارة موقع مختلف وحتى وإن كان لا علاقة له بالمنتج، فإنه سيعرض إعلانًا لك عما كنت تبحث عنه في الرابط الأول.
لا شك أيضًا أن شركة فيسبوك تعمل على التجسس على مستخدميها من خلال ميكروفون الهاتف الذكي، بمعنى آخر أنه يستمع للمحادثات التي يقوم بها الناس، هذا ما أفصحت عنه أستاذة في جامعة فلوريدا الأمريكية عندما لاحظت أنها كلما تحدثت مع أصدقائها عن منتج ما بجانب الهاتف ظهر إعلان له علاقة بما كانت تتحدث عنه، الأمر الذي جعلها تشك بأن عملية التجسس توسعت لتصل إلى ميكروفونات الهواتف، ردًا على هذا “التشكيك” أفصح فيسبوك بأن تطبيق المحادثات الخاص به يستمع بالفعل لمناقشات المستخدمين، لكنه لا يخزنها، ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة الإندبندنت، قال فيسبوك إن الهدف الوحيد من هذه الخاصية هو التعرف على اهتمامات المستخدم لاقتراح منشورات تلائم ميولهم.
كيف يمكن التخلص من تتبع هذه المواقع لنا؟
يمكن للأشخاص الذين يرفضون أن تتم مراقبتهم بأي شكل ما أن يقوموا بعدة خطوات تعمل على وقايتهم من الخضوع للمراقبة، من إحدى هذه الطرق استخدام أسماء مختلفة عند تسجيل عملية الدخول حتى تتجنب التأكيد على هويتك وملكيتك لجهاز معين، لذلك ينصح بالتغيير المستمر لعناوين البريد الإلكتروني حتى تتجنب مثل هذه التتبعات، بالإضافة إلى استخدام برامج أخرى تساعد على إخفاء الهوية مثل بلر أو أدد تشويسيز.
بشأن منع التجسس على المحادثات، يمكن إغلاق مكبر الصوت من إعدادت الهاتف والضغط على كلمة الخصوصية، وبهذه الخطوة تمنع فيسبوك من الاستماع إلى المحادثات، ولن يستطيع فيسبوك تفعيل هذه الخاصية إلا إذا أراد المستخدم.
كيف يحلل فيسبوك معلوماتنا؟
هنا يأتي دور خوارزميات فيسبوك التي تجمع البيانات بشكل مرتب وتسلسلي لتحللها من خلال صياغة الإعجابات التي تضعها على بعض المحتويات وعن طريق التفاعلات على بعض المنشورات وهذا كافٍ لتبدأ برسم ملامح شخصيتك، عن طريق ملحق لمتصفح بيانات شخصية SELFIE DATA يمكن أن تعرف ماذا فعلت ومتى، وبشكل أكثر تفصيلًا فإنك سترى سجل نشاطاتك الذي يحتوي على كل المنشورات التي قمت بالإعجاب بها أو التعليق عليها، كل الروابط التي قمت بالضغط عليها وكل ما قمت بطباعته حتى وإن كان يحمل خاصية الخصوصية، سيعرض لك أيضًا ما تصفحته بشكل متكرر ومع أي من الأصدقاء كنت أكثر تفاعلاً.
هذه التفاصيل المدهشة تعرفنا بمدى دقة المعلومات التي يجمعها عنا فيسبوك، إذ إنه لجأ إلى علم النفس الاجتماعي ليفهم ملامح شخصيتك بصورة مقربة وقد لا يعرفها عنك أقرب المقربين منك
المثير للدهشة أن فيسبوك يحلل شخصيتك بشكل علمي وتفصيلي، وذلك بناء على نظرية السمات الخمسة وهم:
– الانفتاح: أي أنه يقيس درجة فضول الشخص ورغبته للاكتشاف واستعداده لسماع الجديد والغريب، بالمقابل يقيس إن كان متحفظًا وثابتًا.
– الوعي أو الضمير: في هذا المحور يقيس مدى تنظيم هذا الشخص والتزامه بالتعليمات والواجبات والفروض.
– الاختلاط: يقيس درجة اندماج وانخرط هذا الشخص في المجتمع، هذا أيضًا متعلق بدرجة ثقة الشخص بنفسه وفعاليته ونشاطه.
– التوافق: يحدد فيسبوك عن طريقه مدى ثقتك بالآخرين وحبك لمساعدتهم.
– الانفعال العاطفي: يصيغ حالتك النفسية وما تشعر به من اضطرابات نفسية كالقلق والتوتر والراحة.
(الصورة من مقال منشور على موقع إنفو تايمز حول ما يعرفه عنا موقع فيسبوك)
هذه التفاصيل المدهشة تعرفنا بمدى دقة المعلومات التي يجمعها عنا فيسبوك، إذ إنه لجأ إلى علم النفس الاجتماعي ليفهم ملامح شخصيتك بصورة مقربة وقد لا يعرفها عنك أقرب المقربين منك.
من خلال هذه السمات الخمسة يدرس فيسبوك اتجاهاتك الدينية والسياسية ويرسم توقعات بخصوص برنامجك الصحي ومتوسط نفقاتك أيضًا، بشكل أكثر توضيحًا فإنه يصيغ بيانات توقعية عن إن كان لديك اشتراك في نادٍ رياضي مثلًا وإن كنت تهتم بالبيئة أو أنك تفكر بفتح مشروعك الخاص في المستقبل.
لكن هذه المعلومات ليست ما يذهل بالفعل، يقول بعض الخبراء إن هذا الملحق SELFIE DATA الذي يعرض لنا كيف يحلل فيسبوك شخصياتنا ما هو إلا قليل من الكثير وما خفي كان أعظم.
لتجربة هذا الملحق الرجاء الضغط هنا.