ترجمة حفصة جودة
وفقًا للبيانات المنشورة حديثًا، فقد توصل العلماء إلى جهاز طبي يتم ارتداؤه على الرأس ويقوم بتوصيل مجالات كهربائية من خلال فروة الرأس، مما يساعد على إطالة عمر المرضى الذين يعانون من أورام الدماغ القاتلة.
في دراسة شارك فيها عدة مراكز طبية كبيرة داخل الولايات المتحدة وخارجها، تم استخدام العلاج الجديد في معالجة الأورام منخفضة الكثافة في الأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم بـ”الورم الأرومي الدبقي” ويتلقون علاجًا كيميائيًا، هذا المجال الكهربائي قد يتسبب في منع انقسام الخلايا السرطانية ويتسبب في زوالها، وفقًا لما قاله روغر ستوب المحلل الرئيسي للدراسة وأستاذ أورام الأعصاب في كلية الطب بفينبرغ جامعة نورث ويسترن.
واعترف ستوب الذي يعمل على الجهاز منذ عدة سنوات، أن الجهاز أثار شكوكًا كبيرة لدى الخبراء في هذا المجال، ورغم أن البيانات الجديدة لم يتم عرضها على الخبراء الآخرين، فإن ستوب يؤمن بأن النتائج بالتأكيد لصالح البقاء على قيد الحياة.
تضمنت الدراسة التي قُدمت في الاجتماع السنوي للجمعية الأمريكية لأبحاث السرطان في واشنطن، مشاركة 695 مريضًا سجلوا في الفترة ما بين يوليو 2009 وحتى نوفمبر 2014، وجدت الدراسة أن متوسط البقاء على قيد الحياة للأشخاص الذين استخدموا الجهاز مع العلاج الكيميائي وصل إلى 21 شهرًا، مقارنة بـ16 شهرًا للأشخاص الذين استخدموا العلاج الكيميائي فقط.
يقول جورج دميتري أخصائي الأورام بمعهد “Dana-Farber” للسرطان وعضو لجنة “AACR” التي قبلت الدراسة وقدمت الملخص: “أعتقد أنه شيء رائع، لكن التحسن ما زال متواضعًا، اكتشاف علاج غير دوائي أمر ضروري نظرًا لأن مرضي الورم الدبقي يبقون على قيد الحياة بمتوسط 15 شهرًا بعد التشخيص، إنني أؤيد أي مساعدة إضافية لمواجهة هذا المرض القاتل”.
يرى بعض النقاد – وحتى بعض المؤيدين – أنه من الضروري أن يصمم ستوب التجربة بحيث يتم تطبيق علاج وهمي (دون استخدام المجال الكهربائي) على مجموعة من المرضى، للتأكد من أن هذه النتائج صحيحة، لكن ستوب أجابهم بأنه غير ممكن لأن المرضى سيكتشفون الفرق لأن الجهاز يسبب الإحساس بالحرارة في فروة الرأس، كما رفض اثنان من المتخصصين البارزين في سرطان الدماغ مناقشة الدراسة، وقالوا إنها لا تزال مشكوكًا فيها.
هذه التقنية يُطلق عليها اسم “أوبتون” من إنتاج شركة نوفوكيور، كانت النتائج المؤقتة لأول 315 مريضًا سجلوا في الدراسة قد نُشرت في مجلة “جاما”، مما دفع لجنة مستقلة للبيانات ومراقبة السلامة لأن توصي بإنهاء تلك التجربة بأسرع وقت ممكن حتى يتمكن المرضى من الحصول على الجهاز متى أردوا، أظهرت البيانات أن نحو 43% من المرضى تمكنوا من البقاء على قيد الحياة لمدة عامين عند استخدام الجهاز مع العلاج الكيميائي، مقابل 31% للذين استخدموا العلاج الكيميائي فقط، أما الأشخاص الذين تمكنوا من البقاء على قيد الحياة لمدة 5 أعوام كانت نسبتهم 13% (للجهاز مع العلاج الكيميائي) مقابل 5% (للعلاج الكيميائي فقط).
يشتمل “أوبتون” على عدة مكونات: فهناك المولد الذي يمكن توصيله بالكهرباء أو يعمل بالبطارية، هذا المولد ينتج مجالاً كهربائيًا ينتقل عبر الأسلاك إلى 4 بقع لاصقة على فروة رأس المريض الحليقة، تحتوي كل بقعة على 9 أقراص كهربائية، هذا المجال الكهربائي الذي يتم إرساله يغير اتجاهه بشكل سريع، يفترض ستوب أن هذه السرعة تقوض انقسام الخلايا السرطانية لكنها لا تؤثر على الخلايا السليمة.
وافقت إدارة الغذاء والدواء بشكل مبدأي على الجهاز في عام 2011 لمعالجة مرضى الورم الدبقي الذين عاد إليهم المرض بعد العلاج الكيميائي، وفي عام 2015 وافقت الإداراة على استخدام الجهاز مع المرضى الجدد في أثناء تلّقي العلاج الكيميائي، وفقًا للبيانات المؤقتة الناتجة عن التجربة الثانية، لكن الإدارة لاحظت أن هذا العلاج لم يكن شافيًا لكنه أدى إلى زيادة فترة البقاء على قيد الحياة لعدة أشهر أخرى.
لا يزال الباحثون غير متأكدين من كيفية عمل الجهاز، حيث يقول باتريك وين مدير معهد “Dana-Farber” للسرطان والذي لم يشارك في التجربة: “هذه الطريقة مثيرة للجدل”، لكنه يتوقع أن تتناقص الشكوك نظرًا لنتائج البيانات الإيجابية الجديدة.
تم تشخيص جيسيكا موريس – مدير عام علاقات عامة 53 عامًا – بالورم الدبقي قبل عام عندما أصباتها أزمة مرضية في أثناء المشي مع أصدقائها، خضعت موريس للجراحة والإشعاع والعلاج الكيميائي والعلاح المناعي، وبدأت في استخدام “أوبتون” في شهر مايو الماضي، كانت الشركة قد أوصتها بارتدائه لمدة 18 ساعة في اليوم وكانت موريس عادة ما تضيف عدة ساعات.
تقول موريس إنها تغير البقع اللاصقة عدة مرات في الأسبوع وتحلق رأسها، ولأن هذه الأشياء تبدو غريبة فهي ترتدي وشاحًا، وتضيف أنها لا تشعر بأي آثار جانبية سوى أن رأسها يصبح دافئًا بعض الشيء، تأمل موريس أن تستمر هذه الفترة لأكبر وقت ممكن وبعدها سوف تبحث عن العلاج السريري المناسب.
يقول أندرو لاسمان مدير قسم الأورام العصبية بجامعة كولومبيا والذي يحقق في هذا الجهاز إنه سمع عنه لأول مرة منذ سنوات وحينها قال: “ما هذا الشيء، هل هذه مزحة؟”، أما الآن فهو يعتقد أن هذه الطريقة سوف تبقى لفترة، ويضيف: “لا أعتقد أنها خيال علمي، كما أن النتائج تبدو جيدة رغم أن التحسنات تدريجية وليست علاجية”.
يقول لاسمان أيضًا إن 5% فقط من بين 10% من مرضاه وافقوا على استخدام الجهاز، وأحد أهم الأسباب هو أنه لا يمكن إخفاؤه، بالنسبة لبعض المرضى فإنهم يقولون: “نحن فخورون لأننا نحارب السرطان”، أما الآخرون يقولون: “لا نرغب في أن يعرف الناس ما نمر به، نحن نفضل العلاج بالحقن أو الحبوب وأن نشعر بالخصوصية”.
كما أن تكلفة الجهاز التي تصل إلى 21 ألف دولار في الشهر تعتبر باهظة بشدة، ولا يقوم برنامج الرعاية الصحية بتغطيتها، كما أن بعض شركات التأمين لا توافق أيضًا على تغطيتها، تقول آشلي كوردوفا نائب رئيس شركة نوفوكيور للعلاقات المالية والاستثمارية إن الشركة لديها برامج مساعدة مالية لضمان حصول الأشخاص على الجهاز عندما يُوصف لهم.
المصدر: واشنطون بوست