لم يعد الأطفال القاطنون في أوروبا بمنأى عن الاستغلال الجنسي، فقد أصبحت القارة العجوز مركزًا رئيسيًا في العالم للصور ومقاطع الفيديو المتعلقة بالإساءة الجنسية للأطفال، حسب التقرير السنوي لمؤسسة “إنترنت ووتش فاونديشن” لمراقبة المحتوى على الإنترنت لسنة 2016، بعد أن كانت أمريكا الشمالية المركز الأهم في العالم.
متفوقة على أمريكا الشمالية
بعد أن كان نحو 57 %من صفحات الإنترنت التي تنشر محتوى مسيئًا تعمل من أمريكا الشمالية، وفقًا للأرقام الصادرة عن مؤسسة “إنترنت ووتش فاونديشن“ لسنة 2015، تغيرت المعطيات خلال السنة الماضية لتنخفض هذه النسبة إلى 37%، وأصبح أغلب المحتوى المسيء الآن ينشر من أوروبا بنسبة 60%.
وبيّن التقرير أن تلك المواقع في أمريكا الشمالية انخفضت بنسبة 20% خلال 2016، بينما ارتفعت بنسبة 19% في أوروبا، ولفت التقرير إلى أن ما نسبته 53% من الأطفال الموجودين في تلك المواقع أعمارهم 10 سنوات فأقل.
هذا التحول يمكن أن يعكس العمل الكبير الذي تقوم به الصناعة الأمريكية لمعالجة المشكلة
ووفقًا للتقرير الصادر عن المؤسسة فإن نحو 34 ألفًا و212 صفحة إلكترونية تعرض محتوى مسيئًا في أوروبا، بما في ذلك روسيا وتركيا، ووصل عدد البلاغات التي تلقاها المركز سنة 2016 إلى 8.2 مليون بلاغ، مقابل 4.4 مليون سنة 2015 وفي عام 2017 تلقى المركز حتى الآن أكثر من مليوني بلاغ.
وأوضح الرئيس التنفيذي لمؤسسة مراقبة الإنترنت التي تهدف إلى إنهاء صور الاعتداءات الجنسية على الأطفال من شبكة الانترنت، وجعل الفضاء الافتراضي أكثر أمانًا للجميع، سوزي هارجريفز، أن هذا التحول يمكن أن يعكس العمل الكبير الذي تقوم به الصناعة الأمريكية لمعالجة المشكلة التي أجبرت المجرمين على البحث في مكان آخر عن الجهات التي تسمح لهم بتحميل ومشاركة المحتوى.
ارتفاع عدد المواقع في أوروبا
ويعمل عدد كبير من مزودي خدمات الإنترنت في أمريكا على تحديد المحتوى الذي يمثّل استغلالاً جنسيًا للأطفال من أجل إزالته مباشرة حال التعرف عليه والإبلاغ عنه للمؤسسات المختصة في هذا الشأن، حسب ما تنصّ عليه القوانين الأمريكية، وتتضمن جرائم استغلال الأطفال إباحيًا تحميل وجمع وتوزيع مواد الإباحة التي يظهر فيها الأطفال، كما تتضمن مشاهد للاعتداء على الأطفال.
رغم تراجعها، تبقى نسبة الاستغلال الجنسي للأطفال في الولايات المتحدة الأمريكية كبيرة
ومكّنت هذه الإجراءات الأمريكية الجديدة من التعرف إلى صور الضحايا وإلغائها بسرعة أكبر وتعطيل القدرة على نشر صور استغلال جنسي لقاصرين معروفة سابقًا عبر الإنترنت، ومع ذلك تبقى نسبة الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت هناك مرتفعة.
هولندا الأولى عالميًا
التقرير الصادر حديثًا، كشف أيضًا أنّ أكثر مواقع الإنترنت ذات محتويات متعلقة بالاستغلال الجنسي للأطفال حول العالم موجودة في هولندا، وأكد أن هولندا تتصدر بلدان العالم في عدد المواقع ذات المحتوى المذكور بنسبة 37%، تليها الولايات المتحدة بنسبة 22%، ثم كندا 15%، وفرنسا 11% وروسيا 7%.
اتفقت شركات الإنترنت العملاقة في أغسطس سنة 2015، على مشروع يرمي إلى مواجهة نشر صور إباحية للأطفال عبر المواقع الإلكترونية
وتشير الدراسات إلى أن جرائم استدراج الأطفال عبر مواقع الإنترنت تتم عن طريق برامج المحادثات والبريد الإلكتروني وشبكات التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية، كذلك وعبر إنتاج مواد إباحية للأطفال ونشرها وعرضها وتداولها وتصفحها وتعريض الطفل لمشاهدة هذه المواد الإباحية عبر الإنترنت ووسائل التقنية.
مساع كبيرة للحد من هذه الظاهرة
واتفقت شركات الإنترنت العملاقة “فيس بوك” و”غوغل” و”مايكروسوفت” و”تويتر” و”ياهو!” في أغسطس سنة 2015، على مشروع يرمي إلى مواجهة نشر صور إباحية للأطفال عبر المواقع الإلكترونية، وذلك بالاعتماد على نظام يسمح بالتعرف على الصور الجنسية للأطفال ووقفها، عبر وضع “علامة رقمية” عليها ما سيسمح للشركات المتعاونة في هذا المشروع بمعرفة وجودها وإعاقة إمكان وصول مستخدمي الإنترنت إليها.