ترجمة وتحرير نون بوست
هنالك روايتان متضاربتان في أسواق المال وبورصة وول ستريت حول شركة سناب، وهي الشركة المالكة لتطبيق التواصل الإجتماعي الشهير “سناب شات”. تدور خلافات كبيرة حول حقيقة أداء هذا الاسم الذي بات الأكثر شعبية في عالم التواصل الاجتماعي، والذي قامت الشركة المالكة له بإدراج أسهمها في البورصة منذ حوالي شهر. فهل هو فعلا ابتكار جديد ينتظر أن ينافس الأسماء العملاقة على غرار فيسبوك وغوغل؟ أم أنه مجرد موقع آخر تمت المبالغة في تقدير قيمته، على غرار موقع تويتر، وسيواجه صعوبة في الحفاظ على مستخدميه حتى يجني أموالا كثيرة؟
في الواقع، تشير توقعات جديدة صدرت في بورصة وول ستريت إلى أن شركة “سناب” تعاني في الوقت الحالي من صعوبات في منافسة تويتر على صعيد المداخيل المالية.
خسائر كبيرة
سيمثل تكبد سناب لخسارة تقدر بثلاثة مليار دولار في سنة 2017 سبعة أضعاف ما يتوقع أن يخسره تويتر خلال هذه السنة
تشير أغلب التوقعات والتحليلات في بورصة وول ستريت إلى أن سناب في طريقها لتكبد خسائر تفوق الملياري دولار هذه السنة. وقد حذرت مؤسسة نيدهام أن خسائر شركة سناب قد تصل إلى أكثر من ثلاثة مليار دولار في سنة 2017. وقد تلي ذلك أيضا خسائر جديدة بحوالي واحد مليار دولار في السنة المقبلة، ثم 400 مليون دولار في سنة 2019.
من جهة أخرى، سيمثل تكبد سناب لخسارة تقدر بثلاثة مليار دولار في سنة 2017 سبعة أضعاف ما يتوقع أن يخسره تويتر خلال هذه السنة. وما يزيد الأمور تعقيدا بالنسبة لشركة سناب هو أنها في طريقها لتحقيق خسائر تفوق ضعف ما خسرته شركة أمازون في سنة واحدة منذ تأسيسها. أما بالمقارنة مع فيسبوك، فإن هذه الشركة المملوكة من قبل مارك زوكربيرغ لم تحقق أية خسائر مالية منذ إدراجها في البورصة في سنة 2012.
الانتظار سيطول
على الرغم من التوقعات بتحقيق شركة “سناب” لنمو سريع، وإحكامها لقبضتها على مستخدمي الإنترنت من الشباب والمراهقين، وهي بالضبط الفئة التي تستهدفها الشركات التجارية بدعاياتها، إلا أن سناب لن تبدأ على الأرجح بجني الأرباح قبل مطلع سنة 2020 في أفضل الحالات.
بالإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من أن الشركة تمتلك قاعدة واسعة من الحرفاء الأوفياء والمولعين بتطبيق سناب شات، فإنها لا تمتلك إلى حد الآن خطة واضحة وفعالة لتحويل هذا النجاح إلى أرباح مالية، وهي نفس المشكلة التي يواجهها تويتر أيضا.
خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من سنة 2016، حققت شركة سناب معدل أرباح يعادل 2.15 دولار للمستخدم الواحد، في منطقة شمال القارة الأمريكية
حول هذا الموضوع، قال المحلل المالي علي مغربي في صحيفة مورنينغ ستار: “نحن لسنا متأكدين من أن شركة سناب ستنجح في جني الأرباح من وراء هؤلاء المستخدمين، بطريقة تجعل مداخيلها تفوق المصاريف وبالتالي تحقق فوائض عن رأس المال خلال السنوات العشر المقبلة”.
خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من سنة 2016، حققت شركة سناب معدل أرباح يعادل 2.15 دولار للمستخدم الواحد، في منطقة شمال القارة الأمريكية. أما في خارج هذه المنطقة، فإنها تحتاج لوقت طويل وعمل كثير لتحقيق هذه النتائج، ويمكن ملاحظة مدى محدودية هذه الأرباح من خلال مقارنتها بأرباح تويتر التي بلغت في نفس المنطقة وخلال نفس الفترة 12.67 دولارا للمستخدم الواحد، ومرابيح فيسبوك التي بلغت 24.61 دولارا عن كل مستخدم.
بينما يعشق مستعملو الإنترنت نشر صورهم الشخصية ومقاطع الفيديو ومشاركتها مع أصدقائهم عبر تطبيق سناب شات، فإن المشكل يكمن في أنهم لا يتفاعلون بشكل جيد مع المقاطع الترويجية والدعايات التي تظهر لهم، وقد بينت دراسة أجرتها مؤسسة ميزوهو سيكوري أن 64 بالمائة من مستخدمي سناب شات نادرا ما يضغطون على إحدى المربعات الدعائية، وأن ستة بالمائة منهم فقط يعتقدون أن هذه العروض الترويجية مهمة ومغرية بالنسبة لهم.
آمال كبيرة
تتميز أسواق المال بأن كل اهتمامها ينصب على مستقبل الشركات، وليس على أدائها في الوقت الحالي. وإلى حد الآن يبدو أن المستثمرين على الأقل لا ينتابهم الذعر، إذ أن السهم الواحد لهذه الشركة، الذي تم تقديره بحوالي 17 دولار في أول إدراج له في البورصة، ارتفع لاحقا إلى 24 دولار، إلا أنه شهد مؤخرا انخفاضا طفيفا ليصل سعر السهم الواحد إلى 22 دولار.
في الأثناء، يبدو الخبراء الماليين مرتابين بشأن مستقبل هذه الأسهم، إذ كشفت وكالة بلومبيرغ أنه من بين 33 محللا ومستشارا ماليا قاموا بدراسة وضعية شركة سناب، نصح 12 منهم فقط بشراء أسهم هذه الشركة، فيما نصح 15 آخرون بالتريث قليلا، بينما رأى الستة الآخرون أن مالكي الأسهم في هذه الشركة عليهم بيعها بأسرع وقت.
من المتوقع أن يتضاعف سوق الدعاية في الهواتف الجوالة ثلاث مرات، لترتفع قيمته من 66 مليار دولار في 2016 إلى 196 مليار دولار في 2020
لكن تبقى هذه الأرقام التي حققتها شركة سناب شات أفضل حالا من أرقام شركة تويتر، التي جاء رأي الخبراء فيها أكثر تشاؤما، حيث بلغ عدد المستشارين الذين نصحوا زبائنهم ببيع أسهمهم في هذه الشركة والتخلص منها ثلاث مرات عدد من نصحوا بشراء هذه الأسهم.
ما سر هذا التفاؤل رغم الصعوبات المالية؟
في الحقيقة، يستعمل تطبيق سناب شات حوالي 158 مليون شخص حول العالم، يلجون إليه حوالي 18 مرة يوميا ويقضون قرابة النصف ساعة، وهو ما يعني أنه لا يزال يتمتع بشعبية جارفة. وبالتالي، ستضمن لها هذه الشعبية الواضحة في المستقبل حصة أكبر من كعكة العائدات المالية للدعاية الرقمية، وهو ما يعتقده أغلب الملاحظين.
في هذا الصدد، أصدرت مؤسسة جيفريز للأبحاث تقريرا حول وضعية سناب شات جاء فيه: “على المستوى العالمي، من المتوقع أن يتضاعف سوق الدعاية في الهواتف الجوالة ثلاث مرات، لترتفع قيمته من 66 مليار دولار في 2016 إلى 196 مليار دولار في 2020. ويبدو تطبيق سناب شات يعدّ واحدا من التطبيقات التي ستتمتع بقاعدة جماهيرية كبيرة وارتباط كبير بمستخدميه، بفضل خصائصه ومميزاته البسيطة والممتعة، وهوما يعني أن الشركة المالكة لهذا التطبيق قد تنمو بشكل سريع.
وحول نفس الموضوع كتب الصحفي براين وايت، الذي يعتقد أن الشباب الذين ولدوا في مطلع الألفية الجديدة سيظلون أوفياء لسناب شات: “نحن لن نكون متفاجئين لرؤية موقع جديد يقلد سناب شات، كما حصل مع شركة آبل في بداياتها، إذ أن شركة سناب أيضا ابتكرت أفكارا جديدة وجذابة وهي بصدد النجاح في تحقيق أهدافها”.
يؤكد المدافعون عن تطبيق سناب شات أن الشركة ستواصل ابتكار طرق جديدة لجذب المستخدمين وإقناعهم بمواصلة استعمال التطبيق
من جهتهم، يؤكد المدافعون عن تطبيق سناب شات أن الشركة ستواصل ابتكار طرق جديدة لجذب المستخدمين وإقناعهم بمواصلة استعمال التطبيق، خاصة وأن بعض الأفكار التي اعتمدت عليها شركات أخرى من باب التقليد، على غرار الدمج بين فيسبوك وأنستغرام، لم تلق رواجا كبيرا. في المقابل، كانت شركة سناب، تنوي تحقيق أرباحا هامة في مطلع العقد القادم، فإنه سيتوجب عليها زيادة عدد مستخدميها بشكل كبير.
وتتوقع مؤسسة كوين، التي نصحت حرفاءها بشراء أسهم سناب، أن عدد المستخدمين اليومي لتطبيق سناب شات سوف يتضاعف أكثر من مرتين ليصل إلى حوالي 380 مليون بحلول سنة 2022. في المقابل، تراجع عدد مستخدمي تويتر الذي يشهد صعوبات بعد أن كان قد حقق صعودا سريعا في البداية كموقع لنشر الآراء والتغريدات القصيرة، قبل أن يتوقف نموه بشكل واضح.
أما بالنسبة لشركة سناب، فإنها إذا لم تثبت قدرتها على النجاح في وقت قريب، فإن المستثمرين في ول ستريت لن يعلقوا عليها آمال كبيرة. ففي مطلع سنة 2015، كان حوالي نصف المحللين الماليين المهتمين بشركة تويتر متفائلين بشأن مستقبل أسهم هذه الشركة، وذلك بحسب وكالة بلومبيرغ، والآن لا يزال 13 بالمائة فقط منهم يتمسكون بموقفهم المتفائل.
المصدر: موقع تايم