ترجمة وتحرير: نون بوست
فيما يلي سلسلة من البرقيات الصوتية التي أرسلها مراسل موندويس في غزة طارق حجاج يصف فيها الوضع الجاري في قطاع غزة.
يوم أمس، أصدرت منظمة الصحة العالمية بيانًا قالت فيه إن الإمدادات الطبية في جميع مستشفيات غزة بدأت تنفد. وفي الوقت نفسه، أصدر الدكتور أشرف القدرة، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة في غزة، بيانًا صحفيًا حذر فيه من أن الخدمات الصحية دخلت “مرحلة حرجة”، وأن الإمدادات والأدوات الطبية والوقود على وشك النفاد. وأضاف أن المستشفيات تعمل بكامل طاقتها، والمصابون يضطرون حاليا إلى الاستلقاء على الأرض.
إن الوضع في مستشفى الشفاء، المستشفى المركزي في غزة، دموي حيث تضطر النساء والأطفال وكبار السن، وحتى الشباب، إلى الاستلقاء على الأرض.
تنتشر شائعات في صفوف الفلسطينيين بأن مدينة الشيخ زويد المصرية ومناطق أخرى في سيناء قد استعدت مسبقًا لاستقبال اللاجئين
ذكرت محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة أنه خلال الساعات القليلة المقبلة ستتوقف المحطة عن العمل بشكل كامل بسبب نقص الوقود. وقد انقطعت الكهرباء بشكل شبه كامل في كل مكان في غزة، ما عدا الأماكن التي تضم مولدات تجارية، التي بدأ ينفد وقودها أيضًا.
وجه جيش الاحتلال رسائل تهديد لسكان الأبراج السكنية أمرهم فيها بإخلاء منازلهم في مجمعي الندى والعودة شمال قطاع غزة، اللذان يضمان نحو خمسين برجًا سكنيًّا، ويسكنهما الآلاف.
إن الوضع الإنساني في المنازل وفي مدارس الأونروا، حيث لجأ الكثيرون هربًا من القصف، كارثيّ. وتشهد المنازل اكتظاظا كبيرًا بسبب نزوح العائلات داخليًّا إلى منازل أقاربهم في مناطق يعتقدون أنها أبعد عن خط النار، ولكن لا يوجد مكان في غزة خارج خط النار. وقد أدى الازدحام في المنازل والمدارس إلى ظروف غير إنسانية، بما في ذلك الانتظار لمدة ساعة في الطوابير لاستخدام الحمامات.
وكانت ليلة 11 تشرين الأول/ أكتوبر دموية؛ إذ يبدو أن الصواريخ التي يستخدمها الاحتلال جديدة، ولم تستخدم في غزة من قبل. وقد لاحظنا أن هناك صواريخ تنفجر دون أن تصدر دويّا كبيرًّا، ولكنها تزعزع الأرض تحت أقدام الناس.
مخاوف من التطهير العرقي والنكبة الثانية
ويخشى الناس حاليًا من حدوث تطهير عرقي جماعي في قطاع غزة نحو مصر بعد أن قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن الفلسطينيين المتضررين من الغارات الجوية يمكنهم التوجّه إلى مصر. وبما أن الولايات المتحدة ومصر تعملان حاليًا على فتح “ممر إنساني” لدخول المساعدات إلى غزة، قال متحدث عسكري إسرائيلي آخر إن المدنيين قد يمرون عبر هذا الممر إلى مصر.
وقد أثارت هذه التصريحات مخاوف الفلسطينيين من اندلاع نكبة ثانية وتطهير عرقي شامل. وفي الوقت نفسه، تنتشر شائعات في صفوف الفلسطينيين بأن مدينة الشيخ زويد المصرية ومناطق أخرى في سيناء قد استعدت مسبقًا لاستقبال اللاجئين، وهو ما يقول كثيرون إنها خطة قديمة حان وقتها الآن.
وكما انتشرت شائعات تفيد بأن التطهير العرقي للفلسطينيين في مناطق سيناء سيتبعه إنشاء دولة فلسطينية على أنقاض قطاع غزة، حيث من المفترض أن تقوم مصر بتبادل الأراضي مع إسرائيل. ومع ذلك، لا تزال هذه الشائعات غير مؤكدة.
ولكن الأمر المؤكد هو أن المسؤولين الأمريكيين بدأوا في مناقشة إمكانية فرار آلاف العائلات والمدنيين إلى مصر عبر معبر رفح.
والجدير بالذكر أن معبر رفح قد استُهدف هذا الأسبوع بغارات جوية إسرائيلية من الجانب الفلسطيني، لكن رجال الإطفاء وفرق الدفاع المدني قاموا منذ ذلك الحين بإزالة الأنقاض من المنطقة وأعادوا فتح المعبر.
وما زال هناك العشرات، وربما المئات، من المدنيين عالقين تحت أنقاض الغارات الجوية الإسرائيلية. وقد تم انتشال عائلة بأكملها من تحت الأنقاض، وظهرت أنباء أخرى عن دفن عائلة بأكملها وموتها بهذه الطريقة شمال غزة. وقد أعلنت وزارة الصحة مقتل ما لا يقل عن عشرة من الطواقم الطبية، بالإضافة إلى عشرات الصحفيين، الذين تم استهدافهم عمدًا.
وخلال الساعات القصيرة جدًا من اليوم التي أتمكن فيها من الوصول إلى الإنترنت، يبدو تصفح منصات التواصل الاجتماعي وكأنك تتجول في مقبرة. ينعي الجميع أحبائهم، وقد فقد الجميع عزيزٕا استشهد في الغارات. رأيتُ رجلًا كتب أن والدته وزوجته وأطفاله الأربعة وأخته وأطفالها، قتلوا جميعًا في غارة جوية نجا منها هو فقط، ورأيتُ صورًا لأطفال بأطراف مقطوعة في المستشفيات.
وذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن 338 ألف شخص نزحوا داخليًّا داخل قطاع غزة. وتمت تدمير أكثر من 22.850 وحدة سكنية بشكل كامل، وفي بيان آخر، أفادت وزارة الصحة أن وحدات الأسرّة في وحدات العناية المركزة في مستشفى الشفاء والمستشفيات الأخرى وصلت إلى طاقتها الاستيعابية القصوى، ولا يوجد المزيد من الأسرّة لاستيعاب أي من الإصابات الجديدة التي لا تعد ولا تحصى والتي لا تزال تتدفق إلى المستشفيات. وذكرت الوزارة أن عدد المصابين يفوق بكثير قدرة المستشفى على علاجهم.
تأتي أخبار عاجلة مفادها أن المؤسسات الإخبارية في قطاع غزة أوقفت عملياتها بشكل كامل بسبب نقص الوقود الذي يستخدم لتشغيل الكهرباء والوصول إلى الإنترنت.
وقد بدأت حركة حماس حاليًا في مخاطبة إخوانها الفلسطينيين في الضفة الغربية، ودعوتهم إلى اتخاذ إجراءات لدعم غزة. وقال حسام بدران، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، في بيان، إن الضفة الغربية هي الساحة الأكثر قدرة على الدفاع عن غزة، وهي أهم من المساعدات الخارجية.
وصرّح قائلا “أدعو أهلنا في الضفة الغربية إلى التحرك، لأن كل يوم تأخير يُعد بمثابة فرصة للاحتلال الإسرائيلي لقتل المزيد من أبناء شعبنا”. كما دعا كل من يملك السلاح، سواء كانوا يشغلون مناصب رسمية، أو منتمين إلى خلايا المقاومة، إلى التحرك الفوري في الضفة الغربية.
ولكن الناس في حالة من الصدمة ويسيطر عليهم الرعب في منازلهم. وقال الكثيرون على منصات التواصل الاجتماعي إنه لا يوجد شيء أصعب من قراءة اسم أخيك في عنوان الأخبار العاجلة على شاشة التلفزيون أو سماعه عبر الراديو – لأن العائلات تشتتت، وذهب كل شخص إلى مكان مختلف.
الناس في غزة لا يعتقدون أن إسرائيل تشن هذه الحرب بمفردها، بل هم على يقين من أن هذه الحرب يخوضها عدد من الدول القوية مثل بريطانيا والولايات المتحدة وإيطاليا
لقد أصابت الغارات الجوية في غزة الجامعات والمدارس والمساجد والمستشفيات والمؤسسات المدنية ومنظمات حقوق الإنسان والمؤسسات الإخبارية. وداخل مستشفى الشفاء، يتم وضع الجثث بجوار بعضها البعض عارية بسبب نقص أكياس الجثث وعدم توفر مساحة في ثلاجات المشرحة.
وهذه المرة، لا تستهدف الغارات الجوية المنازل أو الأشخاص فق، بل تستهدف أحياء ومناطق سكنية بأكملها. وفي هذه الحرب، لا نسمع عن وفاة فرد واحد من العائلة، وإنما نسمع عن وفاة عائلات بأكملها، لقد قُتلت عائلات بأكملها جراء الغارات الجوية.
والآن تأتي أخبار عاجلة مفادها أن المؤسسات الإخبارية في قطاع غزة أوقفت عملياتها بشكل كامل بسبب نقص الوقود الذي يستخدم لتشغيل الكهرباء والوصول إلى الإنترنت.
ومن المهم أن نلاحظ أن الناس في غزة لا يعتقدون أن إسرائيل تشن هذه الحرب بمفردها. وهم على يقين من أن هذه الحرب يخوضها عدد من الدول القوية مثل بريطانيا والولايات المتحدة وإيطاليا والعديد من الدول الأوروبية الأخرى التي تدعم إسرائيل بشكل واضح وتزودها بالسلاح لمحاربة غزة. وقد أفاد آخر تقرير للضحايا بأن حصيلة الضحايا بلغت 1354 شهيدًا و6049 جريحًا.
الموقع: موندويس