ترجمة وتحرير نون بوست
خلال الأسابيع الأولى من تولي ترامب لمنصب الرئاسة في البيت الأبيض، أطلقت الإدارة الأمريكية الجديدة حملة دبلوماسية كانت قد فاجأت بعض المراقبين. وقد تجلى ذلك من خلال اللقاء الذي جمع بين ترامب والرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، يوم الاثنين الماضي في البيت الأبيض. وفي الاثناء، اعترف ترامب بأن السيسي “رجل عظيم”، ويعد ذلك تغيرا جذريا في سياسة الولايات المتحدة تجاه زعيم بارز في العالم العربي. والجدير بالذكر أن السيسي قد مُنع سابقا من زيارة واشنطن على خلفية التوترات التي نشبت بينه وبين الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، الذي لم يخف معارضته لنظام تمكن من الاستيلاء على السلطة بالقوة.
في الواقع، تعتبر زيارة الرئيس المصري إلى واشنطن الأولى من نوعها منذ الثورة المصرية في ميدان التحرير سنة 2011. وقد اعترف ترامب بدور السيسي في تحقيق الاستقرار في المنطقة، على الرغم من سياسته المنتهكة لحقوق الإنسان. إلى جانب ذلك، صرح ترامب، أن “الجميع ينبغي أن يعرف، أننا نؤيد الرئيس السيسي تأييدا كاملا، لقد قام هذا الشخص بعمل رائع في بلاده في وضع صعب للغاية”.
من جانب آخر، وبعد لقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، اغتنم ترامب هذه الزيارة لتشجيع المصالحة بين السيسي والملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، وذلك على إثر استضافته للأمير محمد بن سلمان، وزير الدفاع وولي ولي العهد السعودي، الذي لطالما عرف بكونه العقل المدبر خلف سياسة البلاد.
حسب مصادر دبلوماسية في تل أبيب، فمن المحتمل أن يحاول ترامب تنظيم مؤتمر للسلام في الشرق الأوسط في الصيف القادم، بالاعتماد على محور القاهرة-الرياض
الإدارة الأمريكية تخطط لإقامة مؤتمر إقليمي حول النزاع الإسرائيلي الفلسطيني هذا الصيف
في الحقيقة، تمكن مبعوث ترامب الخاص في الشرق الأوسط، اليهودي الأرثوذكسي جيسون غرينبلات، المسؤول عن المفاوضات الدولية، وخاصة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، من تجاوز بعض الحواجز وزيارة القدس ورام الله في مناسبتين. وبالتالي، أصبح غرينبلات مراقبا فعليا في مؤتمر قمة الجامعة العربية، الذي انعقد مؤخرا في منطقة البحر الميت بالأردن.
علاوة على ذلك، التقى ترامب، يوم أمس، الملك الأردني عبد الله الثاني للمرة الثانية على التوالي منذ تنصيبه. وبعد محادثة هاتفية مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي نفد صبره إزاء تأخير اللقاء مع الرئيس ترامب، تقررت زيارته للبيت الأبيض في شهر أيار/مايو القادم.
وحسب مصادر دبلوماسية في تل أبيب، فمن المحتمل أن يحاول ترامب تنظيم مؤتمر للسلام في الشرق الأوسط في الصيف القادم، بالاعتماد على محور القاهرة-الرياض. ويتنزل ذلك في إطار إعادة إطلاق عمليات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فضلا عن تسريع التقارب بين إسرائيل والدول العربية السنية، علما وأن كلتا الدولتين متخوفتان، من التهديد الإرهابي العالمي من طرف النظام الإيراني.
تفاوضت إدارة ترامب والحكومة الإسرائيلية بخصوص سلسلة من القيود المفروضة على بناء المستوطنات في الضفة الغربية، ولكن تفاصيل هذه المفاوضات لم تنشر بشكل كامل
من جهة أخرى، تمكن مبعوثا ترامب من الحصول على الدعم العام لمبادرة السلام الإقليمية السرية التي سبق وأن أبرمها نتنياهو مع الولايات المتحدة الأمريكية. وفي السياق ذاته، صرح نتنياهو “لم أكن أتصور في حياتي أن تصبح بعض البلدان العربية من حلفائنا، بعد أن كانت عدونا الأول”. وفي الاثناء، اعتبر اللوبي الإسرائيلي في واشنطن، أن هذا الرهان الإقليمي، بمثابة “الطريق الوحيد للسلام”. وفي الوقت نفسه، وافقت حماس، الحركة الإسلامية التي تسيطر على غزة منذ سنة 2006، على البرنامج الأيديولوجي الجديد الذي من شأنه أن يدعم حل الدولتين.
في غضون ذلك، تفاوضت إدارة ترامب والحكومة الإسرائيلية بخصوص سلسلة من القيود المفروضة على بناء المستوطنات في الضفة الغربية، ولكن تفاصيل هذه المفاوضات لم تنشر بشكل كامل. والجدير بالذكر أن نتنياهو قد وافق خلال جلسة مجلس الوزراء، على هذا القرار الذي من شأنه أن يدفع إسرائيل إلى تقديم تنازلات لترامب، باعتباره “الحليف الرئيسي للدولة اليهودية”. على الصعيد ذاته، طالب الرئيس الأمريكي رئيس الوزراء الإسرائيلي بالموافقة على بوادر حسن النية تجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية، وذلك في محاولة لدعم الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
يأمل ترامب بأن يضطلع السيسي بدور فاعل وأكثر نشاطا في عملية التفاوض بين الإسرائيليين والفلسطينيين
علاوة على ذلك، تقدم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للولايات المتحدة الأمريكية بثلاثة مطالب؛ التمس زيادة في حجم المساعدات المالية للبلاد التي تعاني من صعوبات داخلية جمة، فضلا عن زيادة المساعدات العسكرية، لتكثيف مكافحة الإرهاب في سيناء؛ حيث يتمركز أكثر من 1000 مقاتل تابعين لتنظيم الدولة. في حين ناشد السيسي ترامب أن يقوم بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية.
والجدير بالذكر أن إدارة أوباما قد أخذت تتقرب إلى القاهرة بعد سنة من تولي السيسي الحكم بالقوة، بعد الإطاحة بالإسلاميين. ولكن القيادات السنية، وبعض القادة السياسيين الإسرائيليين، يصرون على أن التاريخ سيذكر أوباما على أنه حليف لجماعة الإخوان المسلمين، فضلا عن تعزيزه لمكانة إيران بغية دعم الاتفاق النووي.
في المقابل، يأمل ترامب بأن يضطلع السيسي بدور فاعل وأكثر نشاطا في عملية التفاوض بين الإسرائيليين والفلسطينيين. كما يعتزم، في الوقت ذاته، منع مصر التي تمثل ربع سكان العالم العربي وتحظى بنفوذ كبير في منطقة الشرق الأوسط، من التقرب إلى روسيا وإيران.
مروان البرغوثي يستعد للبدء بالإضراب عن الطعام
يسعى البرغوثي إلى تنصيب نفسه كوريث للرئيس محمود عباس، البالغ من العمر 82 سنة
على صعيد آخر، يستعد السجين الفلسطيني، مروان البرغوثي، للدخول في إضراب عن الطعام، من المنتظر أن يباشره يوم 17 نيسان/إبريل الحالي. كما أنه من المتوقع أن ينضم إليه حوالي ثلاثة آلاف أسير فلسطيني من حركة فتح. بشكل عام، تعتبر هذه التحركات نوعا من التحدي للحكومة الإسرائيلية، وحركة احتجاجية على العراقيل التي تواجه عملية التفاوض من أجل التوصل إلى حل سلام. فضلا عن ذلك، تهدف هذه الخطوة إلى الوقوف في وجه تنامي حركة بناء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية.
في الوقت نفسه، يسعى البرغوثي إلى تنصيب نفسه كوريث للرئيس محمود عباس، البالغ من العمر 82 سنة. وعلى الرغم من الحكم ضده بالسجن مدى الحياة، وسجنه تحت حراسة مشددة في سجن هداريم، احتج البرغوثي ضد قرار عباس الأخير الذي يقضي باستبعاد العديد من السياسيين المقربين منه، من قائمة فتح.
أعلن أسرى حركة حماس الذين يشاركون البرغوثي السجن نفسه، أنهم سيدخلون في إضراب عن الطعام، بينما لم يقرر سجناء الحركة نفسها في سجون أخرى مساندة الإضراب من عدمه، في انتظار أوامر قادتهم، التي لم تصدر بع
والجدير بالذكر أن تقسيم أسرى فتح وإسلاميي حماس داخل السجون الإسرائيلية يتم بشكل منظم بين العديد من الزنزانات، التي يشرف على كل مجموعة منها متحدث رسمي. ويكلف هذا الشخص بالتواصل مباشرة مع السلطات في السجن. إجمالا، يقدر عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، بحوالي خمسة آلاف أسير. وقد ارتفع عدد السجناء الفلسطينيين في الفترة الأخيرة، وذلك على خلفية موجة ما يعرف “بهجمات السكاكين”، والدهس بالسيارات، التي انطلقت أواخر سنة 2015.
وفي هذا الصدد، أعلن أسرى حركة حماس الذين يشاركون البرغوثي السجن نفسه، أنهم سيدخلون في إضراب عن الطعام، بينما لم يقرر سجناء الحركة نفسها في سجون أخرى مساندة الإضراب من عدمه، في انتظار أوامر قادتهم، التي لم تصدر بعد. أما في إسرائيل، فقد تولدت مخاوف من أن يقود الإضراب الذي يتزعمه مروان البرغوثي، الذي يتميز بشخصية كاريزماتية، إلى موجة عنف أخرى. بالإضافة إلى ذلك، تؤثر قضية الأسرى بشكل عميق في العائلات الفلسطينية، وتعتبر من أكثر القضايا الحساسة لديهم.
المصدر: لافانغوارديا