المستقبل.. السؤال الذي يراود الكثير مننا يوميا.. كيف سيكون شكل المستقبل والتطورات التكنولوجية؟ هل ستظل السينما بشكلها الحالي؟ الذي وصل من التطور والتقدم لمراحل متقدمة بالفعل، أم ستحدث طفرة تنقل السينما لباب أبعد من أبواب الإبتكار والإبداع؟!
هل تتذكر متى كانت آخر مرة اشتريت فيها جريدة ورقية لتعرف الأخبار أو لتبحث عن حدث مهم؟ يبدو أن الإنسان بوجه عام قد تأثر بالتكنولوجيا الحديثة والدليل على ذلك اندثار صناعة الصحف المطبوعة واستبدالها بالصحافة الإلكترونية بشكل واضح وقوي جدا.
وجماهير المستهلكين للسلع سواء كانت سلع مادية أو منتجات فنية لن ترضيهم أي صناعة تقليدية في المستقبل القريب فقد تحولت حياتهم كلها لتعامل يومي مع التليفونات الذكية والأجهزة المتطورة السريعة. لذلك فهم يتوقعون أن يقدم لهم منتج سينمائي على نفس النهج.
في المعرض الأخير لتجمع صناع السينما بأمريكا “سينما كون” -المعرض التجاري السنوي الذي يقام ليقوم كل منتج أفلام أو مالك إستديوهات بعرض أعماله السنوية والتحديات التي واجهته ونظرته المستقبلية لمجال صناعة السينما بنظرة تجارية بحته- كانت حالة إنكار الواقع مسيطرة على معظم مالكي الشركات ووصفوا الواقع بأنه “مزدهرا” جدا وشككوا في التقارير التي تهدد صناعتهم بالغزو التكنولوجي الذي لم يتم الاستعداد له بطريقة مناسبة وذهب البعض بوصف تلك التقارير بالتقارير المزيفة!
لمشاهدة هذه الصورة بنسختها التفاعلية اضغط هنا
الوحيد الذي تحلى بالشجاعة الكافية ليعلن أن واقع صناعة السينما في خطر بالفعل ويواجه تحديات كبيرة هو نائب الرئيس التنفيذي لشركة ديزني الشاب “دايف هوليز“. حيث قال هوليز” على الرغم من تفاخر الكثير مننا بالمكاسب التي حققتها التذاكر التي تم بيعها، إلا أننا أغفلنا عمدا أن نسبة المبيعات ثابتة منذ سنوات ولم تتغير!”
وأضاف “أن نسبة الحضور تقريبا لم يحدث بها أي نمو يذكر، ولا نستطيع مواجهة الأنشطة التي تحدث من مستخدمي الإنترنت، إن ما تقولونه هو اضطراب وخلل في الشخصية” موجها حديثه إلى حشد من صناع السينما الذين ظلوا صامتين لا يستطيع أي منهم الرد على كلامه!
إن مفهوم الواقع والصورة الطبيعة قد اختلف عند الجيل الجديد، لم تعد الصورة ذات البعد الواحد ترضيهم فبعد وجود السينما ثلاثية الأبعاد وحتى سباعية الأبعاد والمؤثرات فالجيل الجديد يريد مزيدا من التطور، ولهذا بدأت بعض شركات الإنتاج بالاستعانة بمتخصصين في المؤثرات البصرية ومحاولة إنتاج عمل سينمائي بخاصية الـ 360 درجة، حيث يكون المشاهد هو المتحكم في زاوية الرؤية ومسار الأحداث!
الصراع الآن قائم بين صناع السينما الشباب الشغوفين بأي تطور تكنولوجي وبين المحاربين القدامى في مجال صناعة السينما فهم غير مقتنعين أن كل هذه الاستديوهات والمدن الإعلامية ستختفي وسيحل بدلا منها مجموعة من الأجهزة تستطيع أن تصنع مؤثرات بصرية بالكاد لا يستطيع أحد أن يلاحظ الفرق بينها وبين الواقع، وتستطيع دمج الممثلين بواقع افتراضي يرضي متطلبات الجمهور الشاب الجديد.
هل تريد مشاهدة عينة مما يطالب به الجمهور الحديث؟
إذا عليك أن تشاهد هذا الفيديو. 8 دقائق تقريبا تحكي قصة حقيقية لفتاة اكتشفت صدفة أن جدها بليونير بعد أن توفي وسمعت الخبر في الأخبار. الفيديو تفاعلي بحيث يجب عليك تتبع الصوت لتذهب للشخص الذي يتحدث ويجب عليك أن تبحث بنفسك عن خط سير الكاميرا لتواكب تصوير الأحداث، بعد مشاهدتك للفيديو وتفاعلك معه بهذه الطريقة بحيث أصبحت أنت جزء من الأحداث، هل سترضيك الطرق التقليدية الكلاسيكية القديمة في تصوير الأفلام السينمائية؟!
هل ترضى بعد ما استخدمت أجهزة التليفونات الذكية بكل تلك الخواص والمميزات أن تعود وتستخدم تليفونك القديم الذي لا يتمتع بأي ميزة حديثة؟
الواقع يجعلك تتوقع أن غزو التكنولوجيا لعالم السينما قادم لا محالة شئنا أم أبينا، تطلعات الجيل الجديد ستجعل الأمر واقعا.. لن يذهب الشباب للسينما بالقدر الذي كان يحدث في الماضي بعد أن أصبحت مواقع الأفلام تعرض الفيلم بعد نزوله في دور العرض بأسابيع قليلة بغض النظر عن المواقع التي تعرض الأفلام بطريقة قانونية أو المواقع التي تقوم بسرقتها.
والواقع أيضا يجعلك تتوقع أن عند حدوث ذلك لن يصبح للسينما العربية أي موقع في خريطة الأعمال السينمائية العالمية نظرا لأن العالم العربي لا يمتلك الأموال الكافية لصناعة ضخمة ومتطورة مثل هذه الصناعة ولا يمتلك شركات تهتم بالأمر إلا شركات قليلة تعد على أصابع اليد الواحدة وطبعا كلها شركات لشباب صغير، أخر عمل عربي كان بتقنيه الأنيميشن كان فيلم بلال من إنتاج شركة “باراجون ستوديوز” بدبي.
الواقع الذي يتمثل في الجرائد الورقية المندثرة أصبح شبح مرعب يسيطر على جميع الصناعات المهددة بغزو التكنولوجيا وأدواتها الحديثة، والمشاهدين أو المستخدمين الحاليين لا يتمتعون بالوفاء والتمسك بالأشياء الكلاسيكية مثل الجماهير القديمة، إما أن تلبي طلباتهم أو سيبحثون عن البديل.
أعتقد أننا نعيش الآن بالفعل مرحلة تبديل جلد صناعة السينما والتطور سيحدث سريعا جدا ربما من الموسم القادم، فلنستعد لعالم جديد تماما من المؤثرات البصرية والمرئية التي ستجعلنا ندمن مشاهدتها مثلما ندمن أي تطور تكنولوجي جديد.