تتواصل المظاهرات الداعمة لفلسطين والمقاومة، والمنددة بجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين العزّل في قطاع غزة والضفة الغربية وباقي فلسطين المحتلة، في أغلب دول العالم، رغم البروباغندا الإعلامية التي تمارسها دولة الاحتلال الإسرائيلي مدعومة بإعلام الغرب وسياسييه.
أغلب هذه المظاهرات كانت حاشدة وقياسية، وبعثت رسائل دعم معنوية مهمة للمقاومة وعموم الفلسطينيين خاصة أهالي غزة، مفادها أن شعوب العالم معهم وتساندهم في قضيتهم وحقهم المشروع في العيش بسلام بعيدًا عن الاحتلال الإسرائيلي.
ما يشد الانتباه في هذه الفاعليات الشعبية التي جابت أنحاء عدة من العالم، تلك المظاهرات التي عرفتها دول المغرب العربي، فمنذ انطلاق العدوان الإسرائيلي على غزة لم تتوقف المسيرات الشعبية الحاشدة المساندة للقضية الفلسطينية.
فضلًا عن هذه المظاهرات، نُظمت فاعليات شعبية بإسناد رسمي لجمع التبرعات لأهلنا في فلسطين المحتلة، ما يؤكد الالتزام الشعبي الكبير في دول المغرب العربي بدعم قضيتهم المركزية الأولى وهي القضية الفلسطينية.
مظاهرات متواصلة في تونس
تشهد الساحة التونسية حالة تضامن كبيرة مع القضية الفلسطينية، إذ يتواصل تنظيم تظاهرات مساندة لفلسطين من جانب أحزاب وتلاميذ وطلاب وعمال، فأمس الأحد نظمت جبهة الخلاص التونسية المعارضة مسيرة تضامنية شارك فيها آلاف من أنصارها، نصرةً للشعب الفلسطيني.
ردد المتظاهرون شعارات من قبيل “الشعب يريد تحرير فلسطين” و”غزة غزة رمز العزة” و”أوفياء أوفياء لدماء الشهداء”، مؤكدين أن حق الفلسطينيين في أرضهم لا يسقط بالتقادم، ولا سبيل لاسترداد الحقوق إلا بالمقاومة.
ويوم الجمعة، تظاهر آلاف التونسيين أيضًا في شارع “الحبيب بورقيبة” بقلب العاصمة تنديدًا بالاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة، بناءً على دعوة الاتحاد العام التونسي للطلبة، فقد دعا الاتحاد الطلابي في بيان إلى “تلبية دعوة المقاومة في جعل يوم الجمعة يوم زحف نحو الحدود ونصرة للقضية من كل الأمة العربية الإسلامية”.
كما شهدت مختلف الجامعات والكليات والمدارس والإعداديات في تونس مسيرات طلابية دعمًا للمقاومة الفلسطينية، وخصصت المؤسسات التربوية والجامعية حيزًا زمنيًا للتعريف بالقضية الفلسطينية وسبل دعمها وأهمية ذلك، فيما رفعت جميع المؤسسات التربوية التونسية العلم الفلسطيني وحيّته إلى جانب العلم التونسي، وبُث النشيدان الوطنيان التونسي والفلسطيني.
قبلها بيوم خرج مئات المتظاهرين وسط العاصمة أيضًا في مسيرة حاشدة، تعبيرًا عن غضبهم من جرائم الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، جراء القصف الإسرائيلي الكثيف على منازل المدنيين العزّل في القطاع.
وشارك في هذه المظاهرة ممثلون عن الاتحاد العام التونسي للشغل والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين والهيئة الوطنية للمحامين التونسيين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وأكدوا جميعًا مواصلة دعم فلسطين والتنديد بالمجتمع الدولي المنحاز إلى الحركة الصهيونية التي تغتصب حقوق الفلسطينيين، وفق تعبير نقيب الصحفيين التونسيين زياد دبار.
ورفع المتظاهرون الأعلام الفلسطينية، وهتفوا بشعارات داعمة لفلسطين، كما رفعوا صور المهندس التونسي محمد الزواري، مهندس طائرات حركة حماس المسيرة، التي يتم استخدامها من المقاومة لضرب مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية.
بالتزامن مع هذه المظاهرات، نُظمت في تونس فعاليات شعبية لجمع التبرعات، ويقود هذه الحملات الهلال الأحمر التونسي الذي أعلن قبل أسبوع انطلاق حملة تبرع وطنية لجمع المساعدات المالية والعينية من أغذية وأغطية وملابس وتجهيزات ومستلزمات ومواد طبية وأدوية ومولدات كهربائية ومستلزمات نقل الدم لفائدة الأجهزة الصحية التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني والشعب الفلسطيني.
انتشرت بالمناسبة العديد من الخيمات في مناطق مختلفة من تونس لجمع هذه التبرعات، وكانت تونس قد أعلنت، أمس الأحد، إرسال طائرة عسكرية محملة بـ12 طنًا من المساعدات الطبية والصحية لفائدة الشعب الفلسطيني، على أن يتم مواصلة تنظيم رحلات جوية أخرى في الفترة القادمة، في إطار وقوف تونس الثابت وغير المشروط إلى جانب الشعب الفلسطيني الأبيّ.
رغم المنع.. الجزائريون يتظاهرون دعمًا لفلسطين
منع النظام الجزائري التظاهر في البلاد مهما كانت الأسباب منذ أكثر من سنتين خشية التظاهر ضده والتنديد بفشله في إدارة حكم أكبر دولة عربية، إلا أن ذلك لم يمنع الجزائريين من التظاهر نصرة للفلسطينيين، وإن كان بأعداد “بسيطة” مقارنة بباقي دول المغرب.
وتظاهر الجزائريون في العاصمة، يوم الجمعة، وسط تعزيزات أمنية مشددة، وردد المتظاهرون هتافات من قبيل “فلسطين الشهداء” و”افتحوا الحدود”، وكانت مجموعة من الأحزاب السياسية في البلاد قد دعت لتمكين الجزائريين من التعبير في الفضاءات العامة دون تقييد.
دائمًا ما يعبّر النظام الجزائري الحاكم عن دعمه “اللامشروط” للقضية الفلسطينية إلا أن خوفه من فتح أبواب التظاهر لعموم الجزائريين، دفعه لتقييد المسيرات الداعمة لفلسطين، ما أثار استنكار العديد من الأطراف الفاعلة في البلاد.
بالتزامن مع هذه المظاهرات، أعلن الاتحاد الجزائري لكرة القدم، أمس الأحد، استضافة كل مباريات المنتخب الفلسطيني في تصفيات بطولتي كأس العالم 2026 وآسيا 2027 وتحمل كل التكاليف المتعلقة بهذه الأحداث الرياضية، بتوجيه من السلطات العليا في البلاد وبناءً على طلب من رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، جبريل الرجوب.
المظاهرة الأبرز في المغرب
أبرز المظاهرات كانت في المملكة المغربية، فرغم التطبيع الرسمي قبل سنتين ومحاولات الكيان الإسرائيلي إضعاف الرابط بين المملكة وفلسطين، أبى المغاربة إلا أن يسجلوا تضامنهم الواسع ودعمهم المطلق للفلسطينيين.
وشهدت العاصمة الرباط، أمس الأحد، تظاهر آلاف المغاربة في مسيرة شعبية هي الأكبر في منطقة المغرب العربي، حيث ملأ المتظاهرون الشوارع المجاورة لمقر البرلمان وساحة باب الأحد رافعين العلم الفلسطيني، بدعوة من الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع ومجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين.
وردد المتظاهرون شعارات منددة بانتهاكات الإسرائيليين بحق الفلسطينيين وداعمة للمقاومة، مثل “حماس ليست إرهابية، إسرائيل إرهابية” و”غزة رمز العزة”، كما طالب المتظاهرون بإلغاء اتفاقيات التطبيع بين الرباط وتل أبيب.
ضمن هذه المظاهرة برزت صورة القائد العام لكتائب عز الدين القسام محمد الضيف، فضلًا عن صورة المقاوم المغربي الراحل عبد الكريم الخطابي، في دلالة على حمل البطلين لنفس القضية والهدف وهو تحرير الأراضي المحتلة من المستعمر.
قبل ذلك تم تنظيم 81 تظاهرة احتجاجية بـ52 مدينة مغربية، نصرة لـ”طوفان الأقصى” ورفضًا للمجازر الوحشية المرتكبة في حق الأبرياء الفلسطينيين، وفق “الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة” (غير حكومية)، ورفع المتظاهرون شعارات تشيد بإنجازات المقاومة في مواجهتها لـ”إسرائيل”، كما نددوا بانتهاكات الأخيرة واستهدافها للمدنيين والأطفال في عدوانها على قطاع غزة.
تضامن واسع في موريتانيا
بدورها، شهدت موريتانيا طيلة الأسبوع الماضي فعاليات شعبية مساندة للفلسطينيين، وتركزت المظاهرات في العاصمة نواكشوط، وكانت أبرزها يوم الثلاثاء الماضي، ودعت لهذه المظاهرة كل الأحزاب السياسية في البلاد من المعارضة والموالاة (21 حزبًا)، وأبرزها أحزاب “الإنصاف” الحاكم و”التجمع الوطني للإصلاح والتنمية” و”اتحاد قوى التقدم” المعارض.
كما شهدت جامعة نواكشوط بمختلف كلياتها تظاهرات كثيرة تضامنًا مع الشعب الفلسطيني، ودعت الأحزاب السياسية إلى “التعبئة الشاملة والمستمرة لنصرة الشعب الفلسطيني والوقوف معه بكل الوسائل الممكنة”، مؤكدة دعمها الثابت للشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان الإسرائيلي.
بالتزامن مع ذلك، أطلق “الرباط الوطني لنصرة الشعب الفلسطيني بموريتانيا” (هيئة غير حكومية)، حملة تبرع شعبية لإغاثة الشعب الفلسطيني، كما نظم عدد من كبار الشعراء قصائد ومقاطع شعرية داعمة لعملية “طوفان الأقصى”.
مظاهره داعمه لي أهلنا في غزة فلسطين🇵🇸🙏في العاصمه الليبية🇱🇾طرابلس🇱🇾
🇵🇸🇵🇸🇵🇸🇵🇸🇵🇸✌️✌️#طرابلس_ليبيا pic.twitter.com/OK0LjtUsJL— Naden🇱🇾❤️🇵🇸✌️ (@NadoooNaden) October 10, 2023
كما دعت نقابات التعليم بموريتانيا كافة – وعددها 19 نقابة – الحكومة إلى إدراج القضية الفلسطينية في المناهج التربوية الوطنية “ليتربى النشء على محوريتها ضمن القضايا الكبرى للأمة”، ودعت النقابات وسائل الإعلام الرسمية الموريتانية إلى تخصيص مساحة واسعة ضمن برامجها للقضية الفلسطينية، تكون على قدر الجريمة المرتكبة في حقها، وحجم تقادمها.
فلسطين حاضرة في ليبيا
لم تمنع الأزمات المتواصلة في ليبيا، الليبيين من الخروج في مظاهرات دعمًا للقضية الفلسطينية، حيث شهدت العاصمة طرابلس، وقفات احتجاجية دعمًا لعملية “طوفان الأقصى” التي بدأتها حركة “حماس” الفلسطينية فجر السبت الماضي، ضد الكيان الإسرائيلي.
كما شهدت مصراتة والزنتان والزاوية وطبرق مظاهرات مماثلة، وهتافات مساندة للقضية الفلسطينية مثل “فلسطين عربية لا مكان للصهيونية” و “الله أكبر حي الله كتائب القسام” و”القدس لنا الأقصى لنا والله بقوته معنا”، كما تم إضاءة أبراج “ذات العماد” الشهيرة في طرابلس بعلم فلسطين.
إجماع مغاربي
تحظى القضية الفلسطينية العادلة بإجماع شعوب المغرب العربي، فطالما عبرت شعوب هذه الدول عن دعمها اللامشروط للفلسطينيين، معتبرين القضية الفلسطينية قضيتهم المركزية، عكس توجهات الحكام في كثير من الأحيان.
لا تفوت شعوب المغرب أي فرصة للتعبير عن انتصارها للمقاومة ووقوفها الدائم معها في مواجهتها لكيان الاحتلال الإسرائيلي وغطرسته المتواصلة بدعم غربي، فالغرب منح الضوء الأخضر للإسرائيليين لممارسة عدوانهم ضد الفلسطينيين.
تاريخيًا تعتبر دول المغرب العربي من أبرز داعمي فلسطين، إذ احتضنت القضية الفلسطينية مباشرة بعد الاستقلال، واستقبلت أفواج المتدربين الفلسطينيين، وقدمت الدعم السياسي والعسكري والمالي، وفتحت أبوابها أمام الفلسطينيين للعمل والدراسة والتدريب والنشاط والمؤتمرات.