تستكمل قطر مشروع تنويع مصادر دخلها واستثماراتها الأجنبية في بلدان العالم بهدف تقليل اعتمادها على النفط والغاز، فبعد الصفقات الأخيرة في بريطانيا، ينوي الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير قطر، التوجه إلى إثيوبيا، بعد غد الإثنين، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ تسلمه السلطة، بهدف “تعزيز الشراكة” بين البلدين.
11 اتفاقية تعاون بين قطر وإثيوبيا
تأتي هذه الزيارة بعد أقل من 4 أشهر من زيارة وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني لإثيوبيا، في مؤشر على مساعي تعزيز الشراكة بين البلدين، وقبل نحو 3 أشهر من الموعد المقرر لاكتمال سد النهضة في يوليو/ تموز المقبل، والذي من المتوقع أن يُحدث نموًا اقتصاديًا كبيرًا في إثيوبيا، يسهم في استقطاب استثمارات أجنبية إليها.
زيارة الأمير لا تُقرأ بشكل منفصل عمّا تقوم به قطر في المرحلة الماضية بل تتكامل مع عدة خطوات تسعى قطر من خلالها لتوسيع قاعدة استثماراتها الأجنبية في بلدان عدة حول العالم لتقليل الاعتماد على النفط والغاز وتحقيق رؤيتها في العام 2030، حيث توجهت نحو بريطانيا وروسيا وتونس ودول أخرى.
وحسب ما أكده المتحدث باسم الحكومة الإثيوبية “نيقيري لينشو” أن الزيارة المرتقبة لأمير دولة قطر والتي ستستغرق يومين ستعمل على توطيد العلاقات الإثيوبية – القطرية في كافة المجالات خاصة المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية، والسياحية، والثقافية.
تتكامل توجهات قطر نحو إثيوبيا مع عدة خطوات تسعى قطر من خلالها لتوسيع قاعدة استثماراتها الأجنبية في بلدان عدة حول العالم لتقليل الاعتماد على النفط والغاز وتحقيق رؤيتها في العام 2030.
في زيارة وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إلى إثيوبيا في ديسمبر/كانون الأول الماضي أعلن في مؤتمر صحافي، أن البلدين “وضعا خارطة طريق لترجمة البرامج المشتركة على أرض الواقع والدفع بعلاقاتهما إلى الأمام خصوصًا في مجالات الاستثمار والاقتصاد والسياحة والأمن”.
وتم توقيع 11 اتفاقية تعاون في مجالات اقتصادية في تلك الزيارة، تنوعت الاتفاقيات في قطاعات، السياحة، والاستثمار، والبنية التحتية، ودعم التقارب الثنائي بين رجال الأعمال والمال في البلدين، وسبل تعزيز التعاون في مجال السلم والأمن على المستويين الدولي والإقليمي من خلال عضوية إثيوبيا في مجلس الأمن 2017/ 2019.
ومن جهته وصف وزير الخارجية الإثيوبي علاقات بلاده مع قطر بأنها متينة وتاريخية، معربًا عن تطلع إثيوبيا لتعزيز الشراكة السياسية والاقتصادية والأمنية مع قطر، داعيًا رجال الأعمال القطريين للاستثمار في إثيوبيا.
لماذا انجذبت قطر نحو إثيوبيا؟
ليست قطر وحدها من تنجذب نحو قطر وتسعى لفرد استثمارات لها هناك، بل تشاركها كل من تركيا والسعودية والمغرب بهذا. فمع نهاية العام الماضي وفي خلال أسبوعين استقبلت إثيوبيا كل السعودية وتركيا وقطر ووقعت معها اتفاقات اقتصادية ضخمة مع الحكومة هناك.
حيث زار وزير الزراعية السعودي عبد الرحمن الفضلي أديس أبابا، بحث مع مسؤولين أثيوبيين التعاون في مجالات عدة منها الاستثمار الزراعي، وبعدها بأسبوع زار وفد سعودي ترأسه أحمد الخطيب، وزير صندوق التنمية السعودي ومستشار الملك سلمان أديس أبابا وسد النهضة، وضم الوفد ممثلي كبرى المؤسسات السعودية، مثل شركة أرامكو عملاق النفط وشركة الكهرباء السعودية ومؤسسة التجمعات الصناعة. وأكد الوزير وقتها أن السعودية ترغب في العمل في إثيوبيا في المجالات الاستثمارية المختلفة. ويُذكر أن السعودية تعد ثاني أكبر المستثمرين في إثيوبيا بحجم استثمارات تقدر بنحو 5 مليارات دولار وبواقع 294 مشروع استثماري في مجالات متنوعة.
ومن ثم جاءت زيارة وزير الخارجية القطري والتي تم خلالها توقيع نحو 11 اتفاقية اقتصادية، وبعدها جاءت زيارة تركيا التي تم خلالها توقيع 5 اتفاقيات اقتصادية خاصة في مجال الطاقة الكهربائية والمشروعات المتوسطة والصغيرة ورافق وزير الاقتصاد التركي نهاد زيبكجي إلى أديس أبابا وفدًا ضم 100 من رجال الأعمال الأتراك. وتبلغ الاستثمارات التركية هناك 2.5 مليارات دولار ويوجد نحو 350 شركة تركية عاملة في مجالات مختلفة في إثيوبيا. وهناك أيضًا شراكات واتفاقيات اقتصادية عقدتها إثيوبيا مع دول أخرى مثل المغرب والجزائر والكويت والإمارات والهند والصين وغيرها من الدول.
دلالات التدفق العربي والأجنبي للاستثمار في إثيوبيا تقوم على سياسات الحكومة الإثيوبية لتشجيع الاستثمار والفرص الاستثمارية التي توفرها إثيوبيا
مما لا شك فيه أن التدفق العربي والأجنبي للاستثمار في إثيوبيا له دلالات، وهذه الدلالة ليست جديدة، فالبلاد لديها فرص استثمارية كبيرة بفضل ما تحتويه من موارد هامة، ولكن الجديد هو السياسات والتسهيلات الحكومية المشجعة لجذب الاستثمارات من جهة مع ما فيها من عمالة رخيضة وضريبة منخفصة وتفضلات في الأسواق الأفريقية والغربية، وحالة الاستقرار الموجودة والتي تفيد بالدرجة الأولى المناخ الاستثماري في البلاد.
أثناء زيارة رئيس وزراء إثيوبيا هيلي ماريام ديسالين للعاصمة الرياض نهاية 2016
إذن الفرص الاستثمارية المتوفرة في إثيوبيا، مثلت فرصة ثمينة للدول التي تبحث عن فرص استثمارية حيث صنفت إثيوبيا من أكثر البلدان نموًا في العالم إذ يتجاوز معدل النمو فيها 10% ويناهز عدد سكانها نحو 65 مليون نسمة.
ولديها مساحات شاسعة من الأراضي القابلة للزراعة، وسيتم تشغيل سد النهضة في الفترة القريبة المقبلة، والسد سيفيد في توليد الطاقة الكهربائية من خلال محطات الطاقة الكهرومائية وبيع الكهرباء إلى السودان ومصر وغيرها. كما حظيت خلال الفترة الماضية بمناخ سياسي مستقر، ولديها كمية هائلة من المواد الخام والعمالة الرخيصة.
صُنفت إثيوبيا من أكثر البلدان نموًا في العالم إذ يتجاوز معدل النمو فيها 10%
بالإضافة لذلك التسهيلات التي تقدمها الحكومة الإثيوبية للمستثمرين والتفضيلات التي حصلت عليها البلاد من قبل أوروبا من معاملة تفضيلية للتصدير إلى الأسواق الأوروبية، ويمكن للدول المستثمرة فيها الحصول على فرصة تسويق لـ 23 بلدًا أفريقيًا، والتصدير إلى الأسواق الأميركية بموجب نظام الأفضليات المعمم. وعليه فإن قطر سعت خلال الفترة الماضية ولا تزال، للمنافسة في نيل جزء من الاستثمارات المتوفرة في إثيوبيا كغيرها من الدول العربية والأجنبية.