ترجمة وتحرير نون بوست
كان أحد الأطباء أول من بادر بتوثيق شهادته الحية، لفائدة صحيفة الإسبانيول، حيث صرح الطبيب حسام كارا، أنه “بمجرد وصولي إلى هناك، رأيت العديد من الجثث ملقاة على الرصيف. ونظرا لبشاعة المنظر، بقيت في حالة صدمة”. وذكر الطبيب أنه قد تحول إلى منطقة خان شيخون في سيارة إسعاف، بعد انتشار أخبار وقوع هجوم، تنسب مسؤوليته للأسد، الذي أودى بحياة المئات من الضحايا كما خلف العديد من الجرحى.
لم نكن نعلم أننا في مواجهة هجوم كيميائي، كما لم نكن نتوقع حدوث أمر مماثل. لذلك، لم ننتقل للمكان صحبة المعدات اللازمة. في مرحلة لاحقة، وعند اقترابنا من مسرح الجريمة، حذرونا عن طريق الإذاعة، وأخبرونا أن المدينة تعرضت إلى هجوم كيميائي
وفي هذا الصدد، أوضح الطبيب خلال مكالمته الهاتفية، أنه “في بداية الأمر، لم نكن نعلم أننا في مواجهة هجوم كيميائي، كما لم نكن نتوقع حدوث أمر مماثل. لذلك، لم ننتقل للمكان صحبة المعدات اللازمة. في مرحلة لاحقة، وعند اقترابنا من مسرح الجريمة، حذرونا عن طريق الإذاعة، وأخبرونا أن المدينة تعرضت إلى هجوم كيميائي”.
علاوة على ذلك، كشف الطبيب أنه فور وصوله لمكان الهجوم، بادر باصطحاب شخصين متضررين في سيارة الإسعاف، واتجه إلى المستشفى. وأضاف حسام كارا “لم نكن نعلم ما الذي يجب علينا القيام به، فقد كان الجميع في حاجة إلى المساعدة. بالإضافة إلى ذلك، كانت مئات الجثث الملقاة على الأرض، تتكدس على حافتي الشارع، في حين انتابت الجميع نوبات من الهلع والخوف”.
أما في المستشفى، فقد طغى على الأطباء الارتباك ولم يتمكنوا من السيطرة على الوضع. وفي هذا الإطار، أوضح حسام كارا أنه “عندما وصلت إلى المستشفى، فقدت السيطرة على نفسي… لقد كان الكثير من المواطنين على الأرض، وأغلبهم في حالة غثيان، في الوقت الذي كان فيه البعض الآخر من المصابين يتقيؤون. كما كان العديد منهم يعاني من صعوبات في التنفس”. وأردف كارا “لقد كان المستشفى مليئا بالمصابين، مما اضطر الأطباء إلى معالجة بعض المرضى على الأرصفة، قبالة المستشفى”.
اعترف الطبيب أنه وفي مرحلة ما أصبح يعاني، من نفس أعراض المرضى، حيث كشف أنه “شعر باختناق، وبألم شديد في جسمه. كما لم يتمكن من الرؤية بوضوح، وعانى من انخفاض شديد في ضغط الدم
من جهة أخرى، تطرق كارا للحديث عن أحد الجرحى الذين أشرف على علاجهم، وهي فتاة صغيرة تبلغ من العمر أربعة سنوات. وفي هذا الصدد أورد كارا أن “هذه الفتاة كانت تعيش في نفق تحت الأرض رفقة عائلتها، التي اتخذت من المكان ملجأ لحماية أفرادها من القصف والقنابل. ولكن الهجوم الأخير قضى على جميع أفراد العائلة المتكونة من تسعة أفراد، باستثناء هذه الفتاة الصغيرة التي نجت بأعجوبة”. وفي الأثناء، اعترف كارا أنه وفي مرحلة ما أصبح يعاني، من نفس أعراض المرضى، حيث كشف أنه “شعر باختناق، وبألم شديد في جسمه. كما لم يتمكن من الرؤية بوضوح، وعانى من انخفاض شديد في ضغط الدم”.
تقدر حصيلة الهجوم الكيميائي في شمال سوري، بحوالي 80 ضحية
في ظل هذه الظروف المأساوية، أورد كارا أن “المستشفيات تفتقر بالكامل إلى الأدوية الضرورية، كما أنها لم تكن على استعداد لاستقبال ضحايا هجوم كيميائي. في بداية الأمر، نقل إلى المستشفى حوالي 30 ضحية، أين لاقوا حتفهم هناك. كما استقبل المستشفى حوالي 150 متضررا من الهجوم. في واقع الأمر، استهدف القصف منذ بدايته منطقة مأهولة بالمدنيين، وهو ما نتج عنه هذا العدد المهول من الضحايا”.
لا يزال في المستشفى أكثر من 100 شخص في حاجة إلى البقاء تحت المراقبة. وفي الوقت ذاته، لا بد من تمكين هذه المجموعة من جهاز طبي لمساعدتهم على عملية التنفس
في الواقع، تم نقل الأشخاص الذين كانوا يعانون من أعراض حادة إلى المستشفيات في مدينة إدلب، فضلا عن المستشفيات الواقعة على الحدود مع تركيا، في باب الهوى. وفي هذا الصدد، أقر الدكتور عقبة جادو، الذي يعمل في مستشفى باب الهوى، والذي أشرف على معالجة المتضررين من الهجوم الكيميائي، أنه “لا يزال في المستشفى أكثر من 100 شخص في حاجة إلى البقاء تحت المراقبة. وفي الوقت ذاته، لا بد من تمكين هذه المجموعة من جهاز طبي لمساعدتهم على عملية التنفس، هذا إلى جانب أدوية أخرى”.
وفي السياق نفسه، أضاف الدكتور عقبة أنه “على خلفية الهجوم الكيميائي، سجلت إصابات في صفوف الأطباء والممرضين الذين كانوا يرافقون المرضى في سيارات الإسعاف. وفي الوقت الحالي، تتلقى هذه المجموعة العلاج في المستشفيات التركية، نظرا لأنهم يشكون من الأعراض نفسها التي ظهرت على الضحايا الذين تعرضوا للهجوم الكيميائي بشكل مباشر”.
من جانب آخر، أوضح الدكتور عقبة أن “المستشفيات الموجودة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في إدلب، قد تضرروا بشدة بسبب تواتر قصف النظام السوري وحلفاءه لها. وبالتالي، أصبحوا غير قادرين إلا على تقديم الرعاية الطبية الطارئة”. وأضاف عقبة، أنه “وبعد التفجير الكيميائي الأخير، أصبح الكثير من هذه المستشفيات يفتقر إلى الكهرباء؛ الأمر الذي اضطرها إلى إرسال الحالات الأكثر خطورة إلى تركيا”.
قبل التفجير الكيميائي بيومين، تعرض مستشفى معرة النعمان، في محافظة إدلب، إلى القصف
من ناحية أخرى، أشار المصدر ذاته إلى أنه وقبل التفجير الكيميائي بيومين، تعرض مستشفى معرة النعمان، في محافظة إدلب، إلى القصف. وفي رسالة نصية أرسلها إلى الصحيفة، كتب الدكتور عقبة أن “النظام السوري يعمد دائما إلى تفجير المستشفيات الواقعة في المناطق التي تقع تحت سيطرة المعارضة، حتى لا يجد جرحاهم من يهب”.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور عقبة، أنه “في بداية الأمر كنا نعتقد أنه تفجير مثل غيره من الهجمات؛ إذ أن التفجيرات أصبحت جزءا من حياتنا اليومية منذ ستة سنوات. ولنفس هذا السبب، خرج عدد من السكان لاستكشاف حقيقة ما يحدث. في واقع الأمر، تضرر عدد كبير من المدنيين في هذه الواقعة ولكن بصفة متفاوتة…”.
من جهته، كشف الناشط سعد عبد الله، أنه صدم عند وصوله إلى موقع الحادثة، حيث أقر أنه “لم يسبق له أن رأى مشهدا مثل ذلك المنظر المروع؛ إذ كان الشارع مليئا بالشهداء والجرحى. كانت الجثث تنتشر في كل ركن وفي كل مكان. وفي الاثناء، كان أكثر من 100 شخص يعانون من الشعور بالغثيان، بينما كان البعض الآخر يعاني من نوبات من الهلع”.
الهجوم قد ألحق أضرارا جسيمة بمجموعة كبيرة من الأشخاص، وبما أن الكثيرين لم يكونوا على وعي بأن هناك هجوم كيميائي، تنقل العديد منهم إلى موقع الهجوم لمساعدة الضحايا
وفي السياق ذاته، أفاد الناشط أن “الهجوم قد ألحق أضرارا جسيمة بمجموعة كبيرة من الأشخاص، وبما أن الكثيرين لم يكونوا على وعي بأن هناك هجوم كيميائي، تنقل العديد منهم إلى موقع الهجوم لمساعدة الضحايا. علاوة على ذلك، طالت تأثيرات الهجوم الفتاك، حتى الأشخاص الموجودين في منازلهم”.
أكدت تركيا أن الضحايا قد تعرضوا لهجوم باستخدام غاز السارين
أقر أحد شهود العيان أنه خلال نقله لبعض الجرحى إلى مستشفى الرحمان، أخذت تظهر عليه الأعراض ذاتها التي كان يعاني منها ضحايا الهجوم. وفي الأثناء، كشف نفس المصدر أنه عند وصولهم إلى المستشفى “لم يكن بحوزة الطاقم الطبي أدوية كافية لمعالجة جل المرضى. ولم يكن بإمكانهم سوى تقديم الأتروبين والأكسجين للأطفال الصغار ونزع ملابسهم”.
من موقعه، أكد مصور وكالة فرانس براس، عمر حاج قدور، في حوار هاتفي مع صحيفة الإسبانيول، “في مستشفى الرحمان، رأيت فقط جثثا ملقاة من حولي، لقد كان المرضى يشكون من ألم شديد وهم يحتضنون الأرض في المستشفى. وقد راعني منظر جثة امرأة تبلغ من العمر 21 سنة، كان يعلو وجهها لون أصفر وذلك بسبب آثار الغاز”.
النظام السوري قد عمد إلى قصف المستشفى الوحيد الذي يمكنه تقديم الرعاية الطبية الطارئة، أي مستشفى الرحمن
وتجدر الإشارة إلى أن النظام السوري قد عمد إلى قصف المستشفى الوحيد الذي يمكنه تقديم الرعاية الطبية الطارئة، أي مستشفى الرحمان. وقد أكد المصور هذه المعلومة، حيث أقر أنه “في البداية سمعنا صوت انفجار. ثم سقطت قنبلة فوق مخزن المستشفى والثانية بالقرب منه. لقد دمر أكثر من 60 بالمائة من المستشفى”. فضلا عن ذلك، أكد عمر حاج قدور أن القنابل استهدفت أيضا مقر أصحاب القبعات البيضاء، قرب المستشفى.
من جهة أخرى، نقل المصور مشهد أب كان يحمل بين ذراعيه، ابنته الصغيرة التي لم تتجاوز سن السنة والنصف، حيث سارع إلى المستشفى قصد معالجتها. وفي هذا السياق، أورد عمر حاج قدور أنه “فجأة، توقفت الفتاة عن التنفس. رفض الأب التسليم بحقيقة وفاة ابنته، وقد حاول إقناع الأطباء أن بعض الأشخاص المتضررين من الهجمات الكيميائيةيتوقفون عن التنفس لفترة طويلة ثم يعودون إلى الحياة… وطلب منهم أن يبذلوا قصارى جهدهم لإنقاذ حياتها”. وفي نهاية المطاف قبل الأطباء باقتراحه، وبقي الأب قابعا في المستشفى على أمل أن تعود ابنته إلى الحياة…
الصحيفة: الإسبانيول