أسفر تفجيران متتابعان في كنيستين مصريتين في محافظتي الغربية والإسكندرية عن مصرع ما لا يقل عن 46 شخصًا وأكثر من 100 جريح، وقع التفجير الأول في كنيسة مار جرجس بمدينة طنطا عاصمة محافظة الغربية على بعد أمتار من مباني مديرية الأمن ومبنى الأمن الوطني بواسطة عبوة ناسفة مزروعة داخل الكنيسة، وعقب فترة زمنية وجيزة وقع انفجار آخر بمحيط الكنيسة المرقسية بالإسكندرية ولكن بواسطة شخص يرتدي حزام ناسف، وقد أعلن تنظيم ولاية سيناء التابع لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” عن مسؤوليته عن التفجيرين عبر وسائل إعلامه الخاصة.
وجاءت التفاصيل كالآتي:
شهدت كنيسة مار جرجس بمدينة طنطا (93 كم شمال العاصمة القاهرة) صباح اليوم، الأحد، انفجارًا نجم عن زرع عبوة ناسفة في الصف اﻷول من الكنيسة خلال قداس مسيحي أحد السعف أو “الشعانين”، وهو الأحد السابع والأخير من الصوم الكبير الذي يسبق عيد الفصح أو القيامة عند المسيحيين.
أودى التفجير بحياة العشرات وأسفر عن جرح مثلهم، فيما تضاربت أرقام الضحايا الدقيقة عقب وقوع الحادث، إلا أن أحدث التصريحات الصادرة من وزارة الصحة المصرية على لسان محمد شرشر وكيل وزارة الصحة في الغربية تقول أن عدد ضحايا تفجير كنيسة مار جرجس في طنطا ارتفع إلى 30 قتيلًا، و أكثر من 71 مصابًا.
ونقلت وكالة رويترز شهادة إحدى المتواجدات داخل الكنيسة، وتدعى فيفيان، والتي قالت: “إن النيران الناجمة عن الانفجار ملأت الكنيسة كما انبعث الدخان وسقطت أجزاء من القاعة وتناثرت أشلاء الضحايا الذين كانوا يجلسون في الصفين الأول والثاني من المقاعد”.
وأضافت في اتصال هاتفي مع رويترز: “أثناء الصلاة حدث انفجار شديد جدًا، النار ملأت المكان والدخان كذلك، حالات الإصابة صعبة جدًا، رأيت أحشاء مصابين ورأيت مصابين سيقانهم مقطوعة بالكامل، أشلاء الجالسين ملأت المكان”.
سيارات الإسعاف في محيط تفجير كنيسة طنطا
وعلى صعيد آخر في الإسكندرية وقع انفجار بمحيط الكنيسة المرقسية بالإسكندرية، وجارى حصر الضحايا حسب وزارة الصحة المصرية التي قالت أن أعداد الضحايا وصلت إلى 18 وفيات وأكثر من 40 مصاب، إذ قالت الوزارة فى بيان منذ قليل، إنه تم الدفع بسيارات الإسعاف إلى مكان الحادث، لنقل المصابين وإسعافهم، وكان البابا تواضروس الثاني أدى قدّاس أحد الشعانين في الكنيسة المرقسية التي شهد محيطها الانفجار، وقد نقلت وسائل إعلام مصرية شهادات تفيد أن أحد اﻷشخاص فجر نفسه بعد توقيفه من قبل أمن الكنيسة المرقسية، ما أدى إلى سقوط ضابطين وأمين شرطة بين القتلى في تفجير الكنيسة بالإسكندرية حسب وزارة الداخلية المصرية
#مصر | مشاهد أولية للحظة تفجير الانتحاري نفسه أمام كنيسة المرقسية في #الإسكندرية بعد فشله في العبور إلى الداخل pic.twitter.com/Pf9GR6rNDV
— نون بوست (@NoonPost) April 9, 2017
فيديو يظهر اللحظات الأخيرة قبل وقوع انفجار داخل كنيسة مار جرجس بطنطا
وقد أوضح متحدث باسم وزارة الصحة المصرية فيما يخص تفجير كنيسة طنطا أن عددًا من حالات الوفاة نُقلت إلى المستشفى الجامعي، وعدد آخر إلى مستشفى المنشاوي العام، مضيفًا أنه تم نقل عدد من المصابين إلى هذه المستشفيات بالإضافة إلى مستشفى المواساة والأمريكان، فيما خرجت 13 حالة تحسن بعد تلقيهم العلاج اللازم، بينما تستمر أكثر من 58 حالة في تلقي الرعاية الطبية اللازمة.
من المفارقات التي أثارت الدهشة بين الجمهور أن قوات الشرطة قد تلقّت بلاغًا سابقًا في الـ 29 من مارس الماضي، يُفيد وجود قنبلة داخل الكنيسة نفسها التي حدث بها تفجير اليوم، وقد تمكّن خبراء المفرقعات والحماية المدنية من تفكيكها دون خسائر بشرية أو مادية
فيما أكد محافظ الغربية اللواء أحمد ضيف في تصريحات أدلى بها للتلفزيون المصري أن الانفجار حدث داخل الكنيسة أثناء الصلاة، كما أضافت مصادر أمنية أخرى لوسائل الإعلام أن أن التفجير وقع من داخل الكنيسة، وتقوم قوات الحماية المدنية والمفرقعات التابعة لوزارة الداخلية بتمشيط موقع الحادث. هذا ولم يصدر أي يصدر بيان رسمي حول التفجير، ولم تعلن أية جهة مسؤوليتها عنه حتى الساعة.
وعلى صعيد النيابة العامة، صرح بيان النائب العام المصري، نبيل صادق، إنه أمر بانتقال أعضاء النيابة العامة إلى موقع الحادث لإجراء التحقيقات الفورية، هذا ودعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مجلس الدفاع الوطني للانعقاد اليوم لمناقشة الحادث وتداعياته. كما أمر النائب العام المصري بالتحفظ على كاميرات المراقبة داخل كنيسة طنطا وخارجها.
#مصر | #فيديو غضب مواطنيين أقباط من مدير أمن الغربية المقال ومحاولات التعدي عليه بالضرب داخل كنيسة #مار_جرجس بـ #طنطا pic.twitter.com/Ii7OrvOS2G
— نون بوست (@NoonPost) April 9, 2017
وفي أول رد فعل حكومي تنفيذي على حادث تفجير كنيسة طنطا صدر قرار من وزير الداخلية المصري بإقالة اللواء حسام الدين خليفة مدير أمن الغربية وعدد من قيادات الأمن الوطني على خلفية تفجير كنيسة مار جرجس
شجب وإدانات
من جانبه، أصدر البابا فرانسيس الثاني، بابا الفاتيكان، بيانًا أدان فيه الحادث، حسبما نقل التليفزيون المصري، إذ يأتي الانفجار قبل 10 أيام من زيارة سيقوم بها بابا الفاتيكان لمصر في 28 و29 أبريل/ نيسان الجاري.
كما أدان مفتي الجمهورية شوقي علام، وأمين عام جامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، الحادث، وأصدر الأزهر بيانًا أدان فيه التفجير، جاء فيه إن: “هؤلاء الأبرياء الذين راحوا ضحية الغدر والخيانة، عصم الله دماءهم من فوق 7 سماوات، وأن هذا الحادث الأليم تعرَّى عن كل معاني الإنسانية والحضارة”، وأكد الأزهر تضامنه مع الكنيسة المصرية فيما أسماه “مواجهة الإرهاب”.
عدد ضحايا تفجير كنيسة مار جرجس في طنطا ارتفع إلى 25 قتيلًا، و71 مصابًا
سياقات الحادث
هذا التفجير هو الثاني الذي تشهده كنيسة مصرية خلال الشهور الستة اﻷخيرة، بعد تفجير الكنيسة البطرسية في القاهرة في 11 ديسمبر الماضي، داخل قاعة الصلاة بالكنيسة، الملاصقة للكاتدرائية المرقسية بالعباسية (وسط العاصمة) أثناء صلاة القداس ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات.
حادث تفجير الكنيسة البطرسية
وقد أعلن تنظيم “ولاية سيناء” التابع لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في تسجيل مصور مسؤوليته عن تفجير الكنيسة البطرسية، متعهدًا فيه باستمرار استهدافه للمسيحيين، وبالفعل جاء تبني التنظيم للتفجير الأول بالتزامن مع حملة استهدفت تهجير المسيحيين في شمال سيناء، ما تسبب في نزوح المئات من اﻷسر المسيحية إلى محافظات أخرى.
وعلى صعيد مدينة طنطا التي شهدت مطلع الشهر الجاري، وقوع تفجير قرب مركز تدريب الشرطة بمدخل المدينة طنطا، ما أسفر عن مقتل أمين شرطة، وإصابة 15 شخصًا، بينهم حالات حرجة، فيما أعلن تنظيم مسلح يُطلق على نفسه “لواء الثورة” مسؤوليته عن التفجير.
هذا التفجير هو الثاني الذي تشهده كنيسة مصرية خلال الشهور الستة اﻷخيرة
جدير بالذكر ومن المفارقات التي أثارت الدهشة بين الجمهور أن قوات الشرطة قد تلقّت بلاغًا سابقًا في الـ 29 من مارس الماضي، يُفيد وجود قنبلة داخل الكنيسة نفسها التي حدث بها تفجير اليوم، وقد تمكّن خبراء المفرقعات والحماية المدنية من تفكيكها دون خسائر بشرية أو مادية، وعلى الرغم من ذلك وقع تفجير اليوم عبر نفس الأسلوب بعبوة زُرعت داخل الكنيسة مرة أخرى، لكن هذه المرة نجح المنفذون في تفجيرها، وهو ما أثار غضب البعض تجاه مسؤولية الأمن الذي تجاهل تأمين الكنيسة رغم معرفتهم مسبقًا بمحاولة استهدافها.